٣-وعيد

4.2K 82 0
                                    

الفصل الثالث :
في كفر الشيخ...
كان أدم يجلس بين الرجال، بالمجلس المخصص لهم...و يكون بعيد نسبياً عن ملتقى النساء بالمنزل، لكي يضمن الخصوصية للكل.
أدم ترأس الجالسة بوقار و هدوء، معروف عنه عندما يكون يفكر في قرار هام ...من يراه الأن بجلبابه الرمادي المهندم،و العباءة السوداء من فوقه بحاشيتها الفضية، و فوق رأسه العمامة البيضاء الناصعة التي أظهرت سمرة بشرته بوضوح متناقض، لم يزيده سوى وسامة و جاذبية...يشعر بالخطر، خصتاً و تلك الهالة من القوة و الثقة تحيط به!
- قولت ايه يا أدم يابني؟ نتكل علي الله في الشروة دي؟
نظر له أدم بصمت للحظات، قبل أن يبتسم بثقة و هو يردف بنبرة هادئة باردة، لا تحمل أياً من مشاعره المكنونة بداخله في منأي عن الجميع.
- أنا مش موافق على الشروة دي يا عمي...الموضوع مش طبيعي و فيه حاجة مش سليمة.
قابله الجميع بنظرات شك و تفكير، قبل أن يتقدم أحدهم بالسؤال بحيرة.
- كيف يعني مش سليمة؟ ما الأوراق كلها اطلعنا عليها...و كمان الراجل باين عليه ابن حلال و مزنوق في الفلوس، و بصراحة كدة المصنع ده لقطة لأي حد بالمبلغ ده.
بعد أن انهي الرجل حديثه، صدرت همهمات موافقة من بعض الحضور...لكن أدم لم يقابل حديثه، سوى بشبه ابتسامة تحمل من السخرية ما يفوق المرح بين طياتها.
- ماهو إلى مش سليم هو المبلغ ده بالذات...كيف نصدق انه مصنع بالحجم ده، يرميه صحبه برخص التراب كدة...حتى لو محتاج فلوس زي ما بتقول ميعقلش التمن إلى وافق عليه ده أبداً!
بادر رجل أخر بالحديث مع أدم لإقناعه بالصفقة المربحة للجميع كما يأملون.
- يا بني ما ممكن يكون مضطر للبيع...بلاش نفرض سوء النية دايماً، خلينا نتكل علي الله..علشان منندمش بعدين لما حد غيرنا يلحق البيعة دي.
يطرق أدم بعصاه الخشبية الموروثة عن والده، بقوة علي الأرض...قبل أن ينتفض واقفاً و علي وجهه أمارات الحزم.
- أنا مش موافق على الصفقة دي...و إلي ضمنها أوي كدة، يروح يطلع من فلوسه و يشتريه...لكن أنا مش هخاطر بفلوس العيلة إلى مربوطة في رقابتي، و إلي مش عجبه قراري يعرفني...بس ميجليش ندمان بعدين.
أنهى حديثه ثم استئذن بالرحيل من الغرفة، ناهياً النقاش في ذلك الموضوع بعد الأن...و بقى الجميع صامتاً، لم يتجرأ أحدهم الإعتراض على قراره... فبالنهاية هو الذي بيده كل أعمالهم،و تجارتهم التى ربحت أكثر في عهده، و هكذا ربحت إرادة الكبير كما أشيع بين الجميع!
رحل الجميع من بعده بإذعان، ما بين مقتنع بقرار أدم، و البعض استسلم لقراره خوفاً من معارضته!

في مكان أخر بمحافظة كفر الشيخ...
- ايه؟ يعني رفض الصفقة؟ إزاي بس دانا مخلي الراجل يوافقه على أقل سعر، و كل الورق نظيف!
- ماهو السعر ده هو إلي خلاه يشك في الموضوع يا جمال...تقدر تقولي هتعمل ايه دلوقت و هتتصرف إزاي؟ كلنا كنا محضرين نفسينا علي أن الشغل الجديد هيطلع من المصنع ده، و متحمل بين بضايع الرشايدة.
- أاااخ لو كانت الصفقة خالت عليه...كنا عملنا أحلى شغل من وراه، و كان هو إلي هيكون في وش المدفع لو حصل أيتها حاجة.
- المهم دلوقت تفكر هتنقل الاسلحة إزاي بدون ما نلاقي لجان تفتيش بكل مكان...متنساش أن في ناس حبايبنا مستنين!
- عارف و أنا هدبر كل حاجة...المهم تفضل وسط العيلة و جنب أدم زي ظله، عشان ابقى عارف كل كبيرة و صغيرة جوا المجلس، و ربنا يوفقنا في شغلنا بقي.
ضحك كل من جمال و من يرافقه بإستمتاع، و عقل جمال لن يهدأ إلا عندما يسحق أدم بشدة...حتى يعتلي هو رئاسة المجلس و العائلة، كما يجب أن يكون... و ينتقم من أدم، الذي حرمه من سهام بنت عمه، و زوجها ذلك الفتى صديقه فضلاً عنه هو و جعله أضحوكة العائلة و الكفر كله!

امرأة بعثرت كياني🌹(سمر خالد) مـكتــملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن