الفصل الثاني

1K 50 12
                                    


انتهت جلستهم بعد مدة ما، ثم ما لبث أن عاد كل منهم إلى منزله عدا سفيان فقد طلب منه عمه البقاء معهما قليلا...
جلس اسماعيل بجوار ملك و كان سفيان جالسا بكرسى بجوار الفراش، فأدار أبوها دفة الحديث قائلا لها متظاهرا بالمرح:
ــ عايزك بقى تشدى حيلك كدا و تنجحى السنادى علشان هنسافر ألمانيا سوا ف الأجازة.
قطبت جبينها متسائلة باستغراب:
ــ ألمانيا مرة واحدة يا بابا؟!
لم يستطع أن يذكر لها السبب فأشار برأسه لسفيان لكى يتحدث بدلا عنه فأومأ له و وجه حديثه لها قائلا بجدية:
ــ احم..عمى هيحجزلك فى مستشفى كويسة جدا يا ملك فى ألمانيا علشان تعملى عملية إستئصال للورم اللى فى المخ...الدكتور قال إن العملية أفضل ليكى على الأقل هتترحمى شوية من الكيماوى...أى نعم هتكملى بجلسات كيماوى بعد العملية بس هتبقى لفترة مؤقتة..
راحت تدير عينيها بينه و بين أبيها ثم قالت بقلق:
ــ أنا بخاف من سيرة العمليات أوى...لا أنا مش هعمل عملية..
أحاط أبوها كتفيها بذراعه و باليد الأخرى أمسك كفها و قبله و هو يقول بحنو:
ــ حبيبتى أنا قلبى بيتقطع مع كل كلمة آه بتطلع منك...نفسى تعيشى حياتك زى كل البنات اللى فى سنك..و أنا عندى أمل فى ربنا إنه هيجعل العملية دى سبب فى شفاكى ان شاء الله.
ازدردت ريقها بتوتر ثم سألته بتردد:
ــ طيب مين اللى هيسافر معانا؟!
ــ أنا و انتى بس..
ــ بس؟!
تعجب أبوها من أمرها، و لكن سفيان قد فهم أنها لا تريد أن تسافر حتى لا تبتعد عنه، فاسترسل يسأل عمه:
ــ أنا مستعد أسافر معاكم يا عمى...كدا كدا هنكون ف الأجازة و هكون خلصت امتحاناتى أنا كمان.
هز رأسه بأسف مجيبا باعتذار:
ــ مش هينفع يا سفيان...انت عارف يبنى التذكرة بكام؟!..دا غير الإقامة و مصاريف الأكل و الشرب...أبوك كتر خيره هيشترى نصيبى فى محل القماش و هبيع الأرض بتاعة المرحومة، و الفلوس اللى هجمعها يدوب هتكفى العملية و مصاريفنا هناك بالعافية...خليك يابنى مع أبوك ساعده فى المحل هو محتاجك أكتر منى..
رد عليه بإصرار و حزم:
ــ لا يا عمى...أنا مش هسيب ملك فى ظرف زى دا...و انت مالكش دعوة بمصاريفى أنا هتصرف..
اجابه بجدية:
ــ يابنى الله يهديك قولتلك مش هينفع...ربنا وحده اللى يعلم هنقعد هناك قد إيه...و وجودك معانا لا هيقدم و لا هيأخر...يعنى مصاريف على الفاضى و خلاص...
تنهد بقلة حيلة و نظر لملك فوجدها مطرقة الرأس فى حزن و عيناها مغرورقة بالدموع، فسألها بشجن:
ــ ما تقولى حاجة لبابا يا ملك...انتى مش عايزاني أسافر معاكم و لا إيه؟!
رفعت رأسها و نظرت له بعشق جارف ثم قالت:
ــ أنا نفسى طبعا تسافر معانا...بس بابا معاه حق و كلامه كله مظبوط..ان شاء الله هنروح و نرجع بسرعة و مش هنلحق نوحشكوا...
قالت عبارتها الأخيرة و هى تبتسم بأمل، فأجابها بابتسامة مطمئنة:
ــ إن شاء الله هترجعى و هتنورى الدنيا كلها يا ملك (قلبى)..قال الكلمة الأخيرة فى نفسه و هو يطالعها بحب مختلط بلمحة من الحزن و الشجن، بينما هى اتسعت ابتسامتها و قالت بحماس:
ــ أنا بقيت كويسة دلوقتى الحمد لله...مش هنكمل درس الفيزيا بقى؟!
رد أبوها قائلا:
ــ ارتاحى يا حبيبتي دلوقتى و بكرة ان شاء الله اعملى اللى انتى عايزاه.
رد سفيان مؤيدا:
ــ عمى معاه حق...هعدى عليكى بكرة ان شاء الله بعد ما أخلص محاضراتى.
أومأت بالإيجاب و جلس قليلا يتحدثون فى أحاديث شتى ثم استأذن و انصرف إلى منزله...

ما لىَ لا أنساكِ (لـ/دعاء فؤاد) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن