الفصل العشرون

780 42 44
                                    

مازلنا بشقة ريان....
حيث يقف بذهوله بعدما ألقت عليه سلمى نظرة احتقار أفحمته و ذهبت، و ظل ينظر بأثرها الخالى بصدمة، يفكر فى أى وقتٍ أتت، و أى كلامٍ سمعت، و موقفها ذلك يرجع لِما سمعته، أم لما رأته بعينيها، أم للأمرين معا.
بعد برهة من الصدمة و التفكير، استدار لرأس الأفعى التى كانت تقف بغرور و ثقة و كأنها تخبره أنها قادرة على تخريب حياته التى يظن أنها ستكون أجمل و أسعد من حياته معها.
جذبها بعنف من شعرها المنسدل على ظهرها و هو يناظرها بشر قائلا بصوت حاد و نبرة عنيفة:
ــ مبسوطة يا مجرمة!!... انتى ربنا باعتك ليا لعنة...نفسى أعرف ايه الذنب اللى عملته و بتعاقب عليه بيكى!!
بينما هى تتأوه و تتلوى تحت يديه إلى أن استاطعت ابعاده عنها، ثم قالت بنبرة يملؤها الغل و الكره:
ــ خايف أوى على مشاعرها!!...عمرى ما حسيت انك بتحبنى و لو واحد فى المية من حبك ليها...انت ملكى أنا يا ريان..بتاعى لوحدى...انت فاهم!!
قبض على فكها بقسوة و ضغط عليه بغل و قال لها من بين أسنانه:
ــ انتى فاكرانى العربية اللى بابى جابهالك...انتى بتحلمى يا روح بابى...و غورى فى ستين داهية من هنا بدل ما أموتك بايدى.
أفلت فكها بعنف و هو يهدر بكلماته الأخيرة بغضب جامح و نبرة حادة اهتزت لها جدران الشقة.
بينما الأخرى ابتلعت ألم فكيها و نظرت له بغل، ثم قالت بنبرة باردة:
ــ مش قبل ما اخد تمن سكوتى..
نظر لها بجحوظ قائلا بترقب:
ــ سكوت ايه اللى انتى بتتكلمى عنه؟!
رمقته بنظرة متحدية قائلة:
ــ عشر تلاف جنيه تحولهم على حسابى حالا و إلا هقولها على كل حاجة تخص الحادثة و هقولها كمان إنى عملت كدا علشان نتجوز.
زادت وتيرة تنفسه و أخذ يهز رأسه بعدم تصديق، فقد جعلته يشعر بمدى حماقته أن أخبرها بذلك الأمر، و جعلته أيضا يدرك مدى دنائتها و خستها أن استغلت ذلك السر الذى أخفاه عنها كوسيلة لإبتزازه للحصول على أموال.
قال بهمس قاتل و هو لا يصدق ما وصل إليه تفكيرها الدنيئ:
ــ انتى وصلت بيكى الندالة و الحقارة للدرجة دى!!..انتى كل لحظة بتثبيتيلى إنك أسوأ قرار أخدته فى حياتى....انتى الخطيئة اللى هفضل أندم عليها عمرى كله و مش هسامح نفسى عليها أبدا.
طالعته بلامبالاة و كأن كلماته لم تؤثر بها و لم تُحرك بها ساكنا ثم قالت:
ــ الكلام دا كله مياكلش معايا...بابى اتحجز على أملاكه كلها، و الفلوس اللى فى حسابى كل يوم بتقل.....
و سرعان ما انقلبت ملامحها للأسى و المسكنة ثم تقدمت منه و استندت برأسها على كتفه و هى تقول بأسى اظهرته بنبرتها اللعوب:
ــ يعنى يرضيك مرات ريان إبراهيم البيزنس مان المحترم، تستلف من دا و دا، و تمد ايديها للناس..
أبعد رأسها عنه و هو يناظرها باحتقار قائلا:
ــ انا ماليش أى صلة بيكى و ميهمنيش اذا كنتى تستلفى و لا تشحتى حتى...دا اقل عقاب ممكن تواجهيه بعد بلاويكى السودا انتى و أبوكى...و اطلعى برا بالذوق بدل ما أجرجرك من شعرك اللى انتى فرحانة بيه دا و أرميكى على السلالم.
انتفخت أوداجها و احمر وجهها من الغضب ثم قالت بجمود:
ــ تمام... متبقاش تيجى تلومنى و تعيط لما العروسة تعرف الحقيقة....سلام.
استدارت لتغادر فجذبها من ذراعها بقسوة آلمتها و أخذ يهزها بعنف و هو يصيح بها بصوت منخفض نوعا ما:
ــ استنى عندك...هتفضلى طول عمرك حقيرة و أنانية..
ثم نفض ذراعها و قال بمقت و احتقار:
ــ استنينى هنا متتحركيش من مكانك.
تركها و هى تنظر فى أثره بابتسامة مغترة، ثم ذهب لغرفته و التقط هاتفه المحمول و عاد لها مرة أخرى ثم قال:
ــ ملينى رقم حسابك...
أومأت له ثم استخرجت بطاقتها الإئتمانية من حقيبة يدها و أعطتها له، ثم قام بتحويل المبلغ لحسابها عن طريق حسابه على إحدى مواقع تبادل الأموال عبر الانترنت، و أعاد لها البطاقة مرة أخرى، و عندما انتهى ناظرها باحتقار و هو يقول:
ــ حولتلك عشر تلاف...غورى بقى من هنا و مشوفش وشك تانى...و متحاوليش تكررى اللى انتى بتعمليه دا تانى...المرة دى كنت كريم معاكى و نفذتلك اللى انتى عايزاه، انما قسما بالله لو اتكررت لتشوفى أيام جحيم و هندمك على اللحظة اللى فكرتى تبتزينى... فيها انتى فاهمة؟!
أثار تهديده الصريح خوفها و قلقها نوعا ما و لكنها تظاهرت بعدم الاكتراث ثم طالعته بثقة و هى تقول:
ــ اوكى...هحاول.
جحظت عيناه من غاية وضاعتها و لم يشعر بحاله إلا و هو يقبض على ذراعها و يجرها خلفه إلى باب الشقة و هى تصرخ و تتأوه من طريقته العنيفة إلى أن فتح الباب و ألقى بها خارج الشقة و هو يصرخ بها:
ــ انتى انسانة حقيرة و ميشرفنيش تقعدى فى شقتى لحظة واحدة...برا و مشوفش وشك هنا تانى..
كادت أن ترد عليه إلا انه سبقها و صفع الباب بقوة فى وجهها، و صدره يعلو و يهبط من فرط الانفعال، فاستند على الباب من الداخل ينظم أنفاسه المتلاحقة قليلا قبل أن يواجه زوجته الجريحة.

ما لىَ لا أنساكِ (لـ/دعاء فؤاد) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن