الفصل الرابع و العشرين

592 42 21
                                    

فى صباح يوم جديد انتظر كل من ملك و سفيان بزوغ فجره و اشراق شمسه بفارغ الصبر،
نزلت ملك إلى سلمى التى كانت تنتظرها أسفل المنزل و من ثم ركبتا سيارة أجرة إلى إحدى المولات الشهيرة لشراء فستان عقد القران و بعض الأغراض.
دخلتا العديد من محال الملابس النسائية علاوة على الأحذية و الحقائب الجلدية و أيضا محال الأحجبة.
بعد ساعات من التسوق جلستا بإحدى المقاعد المصطفة أمام المول و هما فى غاية الارهاق فقالت سلمى بتعب:
ــ الله يسامحك يا ملك...اه مش حاسة برجلى..لما كتب كتاب بس و دوختينى السبع دوخات، أومال فى الفرح هتعملى فيا ايه.
أخذت ملك نفسا عميقا و هى تدلك قدميها من فرط الألم ثم قالت:
ــ حقك عليا يا سلمى...عقبال لما اتعبلك فى الفرح يا رب...كان نفسى يكون ليا أخت أو حتى تكون ماما عايشة علشان تلف معايا و تفرحلى فى يوم زى دا.
تأثرت سلمى كثيرا بكلماتها حتى أدمعت عيناها، فجذبتها إلى حضنها و هى تربت على ظهرها بحنو قائلة:
ــ حبيبتى يا ملك...طاب ما أنا أختك بردو..و الله انا بقول الكلام دا بهزار و مش مضايقة خالص من اللف معاكى، بالعكس أنا فرحنالك جدا...لأن أنا مريت بسنين الفراق اللى انتى عيشتيها بعيد عن الإنسان اللى بحبه زيكم بالظبط، و عارفة معنى إن ربنا أخيرا يجمع شملكم فى الحلال و حاسة بالفرحة اللى انتى بتمرى بيها دلوقتي.
ابتعدت ملك عن حضنها و ابتسمت لها بود قائلة:
ــ حبيبتى يا سلمى...انتى طيبة اوى و ربنا يعلم أن بحبك قد ايه.
ــ طاب قومى بينا يلا نركب تاكسى و نروح بقى علشان نلحق نجهز لكتب الكتاب.
ــ حاضر.. يلا بينا.
نهضت سلمى و التقطت بعض الأكياس ثم وقفت ملك و انحنت لتحمل الأكياس الأخرى إلا أنها أسرعت بمسك رأسها عندما داهمها ألم شديد به، و استندت سريعا على سلمى التى ألقت الأكياس على الأرض مرة اخرى و قامت باسنادها جيدا قبل أن تسقط و قالت لها بهلع:
ــ مالك يا ملك...حاسة بإيه بس..ما انتى كنتى كويسة دلوقتي.
ردت ملك بهمس و صوت متعب بالكاد خرج منها:
ــ صداع...صداع جالى فجأة هيفرتك دماغى.
ارتعدت أوصال سلمى و سألتها بتوجس:
ــ هو الصداع دا جالك قبل كدا بعد العملية..
هزت رأسها بنفى قائلة:
ــ كان بيجيلى بعد ما فوقت من الغيبوبة علطول بس الدكاترة كانوا بيطمنونى و بيقولوا ان دى اعراض طبيعية بعد الغيبوبة، بس من ساعة ما خرجت من المستشفى و بقيت كويسة مجاليش أبدا.
ربتت على كتفها بمواساة قائلة بقلق خفى:
ــ متقلقيش يا حبيبتى...دا تلاقيه بس من الارهاق و قلة النوم...ان شاء الله خير.
جلست ملك بتعب و قالت بخفوت:
ــ أيوة أكيد...انا هقعد شوية لحد ما الصداع يخف و بعدين نركب و نمشى.
ردت سلمى بقلق:
ـــ طيب استنينى هروح لأقرب صيدلية أجيبلك حاجة للصداع و اشترى ازازة مية و أجيلك بسرعة.
أومأت ملك و هى مطرقة الرأس و لم تقوى على الحديث من فرط الألم، و تركتها سلمى و ذهبت..
عادت لها بعد عدة دقائق فوجدتها كما تركتها، فأعطت لها الأقراص المسكنة و الماء، و تناولتها ملك و انتظرتا قرابة النصف ساعة إلى أن هدأ ألم رأسها قليلا ثم استقلتا سيارة أجرة عائدتين إلى المنزل.
بمجرد أن وصلتا و ترجلتا من السيارة قالت ملك:
ــ أنا مش عارفة أشكرك ازاى يا سلمى على تعبك معايا...لولاكى مش عارفة كنت عملت ايه؟!
ابتسمت لها بود قائلة:
ــ متقوليش كدا يا حبيبتى احنا اخوات.
ازدردت ملك لعابها و هى تقول بتوتر:
ــ ممكن بس أطلب منك طلب.
ــ طبعا يا حبيبتى انتى تؤمرى.
ــ بلاش تقولي لـ سفيان على الصداع اللى جالى و أنا معاكى...مش عايزاه يقلق عليا فى يوم زى دا.
أمسكت كفها تضغط عليه برفق ثم قالت بجدية:
ــ متقلقيش يا ملك مش هقوله، بس لو اتكرر الصداع دا تانى لازم تكشفى...احنا ما صدقنا ان ربنا شفاكي من المرض الملعون دا.
هزت رأسها بايجاب قائلة:
ــ ان شاء الله هكشف...
أماءت برأسها نحو المنزل قائلة:
ــ طاب ادخلى يلا جهزى نفسك معادش قدامنا وقت كتير، و أنا هروح أغدى ريان و الولاد و هرجعلك تانى.
أومأت بابتسامة قائلة بامتنان:
ــ ماشى يا حبيبتى براحتك..شكرا مرة تانية يا سلمى.
ــ يا بنتى كتر الشكرانية بتقل المعرفة...
قلبت نبرتها للجدية مردفة:
ــ ثم مفيش شكر بين الاخوات و لا انتى مش معتبرانى أختك و لا ايه؟!
ــ ربنا يعلم أنا بحبك قد ايه...يلا روحي بقى علشان متتأخريش على ريان.
قبلتها من وجنتها ثم ودعتها و سارت إلى الجهة المقابلة حيث منزلها.

ما لىَ لا أنساكِ (لـ/دعاء فؤاد) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن