{ chapter VI } part I

39 5 2
                                    




{ chapter VI } PART I

{ الفصل السادس }

في خبايا ذلك العالم المظلم, عالم الفقر, الظلم, وعدم وجود أمان, ينتصف تلك الحارة قصرٌ كبير, قصر لطالما تَمنى كلُ من يَمر بجانبه الدخول فيه, أو حتى أن يُصبح خادماً من خدمه, فقد كان القصر يُرى من بعيد إذ أن هناك سوراً عظيماً يُقفل ذلك الجمال, لديه حرسٌ من جميع الجهات سواء أكانت فوقاً أم على الأرض, فالناس لم يرو غير علّيّة القصر, التي كان ينتصفها بلكون كبير, يخرج منه شتى أنواع النباتات, فكان نبات مسك المدينه  يتدلى من البلكون متبختراً بجماله, وبجانبه توجد زهور الكورديا القرمزية, التي كانت تتناغم مع لون نبته المسك, ثم على أبواب البلكون يوجد نباتات كثيرة تلتف حول أسوار البلكون فقد كان هناك نباتات الغشوة, التي كان لونها بنيًا لكن مفرحاً, وتتموه معها نبته الراستا التي كانت تتميز بلونها الوردي الفاقع.

لقد كان البلكون خاطفاً للأنفاس, وبابه كان يغطيه ستارةٌ من الشيفون الذي غالباً ما يطير للخارج بفعل الرياح, لم يعرف الناس يوماً من يمتلك تلك الغرفة, ولكنها عَبقتهم دون رؤيتها.

لقد كان فوق تلك الغرفة قبةٌ كبيرةٌ, وكان القصر مليئاً بالنوافذ الطويلة, التي كان يُغطي كلٌ منها ستارةٌ لتستر من فيها, لقد كان القصر, وبلا أي مبالغة بديع الجمال, ولكن لم يعرف أَحدٌ يوما من يعيش هناك, فالمعلومه الوحيدة التي كانت لدى الشعب, أن هناك سلطانً وغداً يعيش هناك يُدعى ( قلزون ).

(2)

إستيقظت قمر على صوت الخادمة وهي توقظ بها, نهضت من على فراشها وهي تبتسم, ثم ذهبت لمرآتها الطويلة التي كانت تأخذ الجدار بأكمله, قطبت حاجبيها وقالت لنفسها معاتبة:-

- أهذا شكل أميرةٍ يا قمر؟ يا إلهي

ثم مسكت مشطها الكريستالي الشفاف الذي كان موضوعاً على طرزبيزتها الذهبيه, ومشطت به شعرها المموج الأسود, لقد كانت تُمشطه وهي تنظر في المرآه لنفسها غير راضيةٍ عن شكلها. إقتربت قمر من المرآه ثم تأففت من حظها العثر وقالت بكل سخط:-

- لا أصدق أنها ستأتيني اليوم, اخخ, ولقد خرجت البثرة, كم أكره هذه الحبه المقرفه التي تخرج أسفل فمي.

ثم إبتعدت عن مرآتها وقد كانت قد إنتهت من تمشيط شعرها وربطه في ذيل حصان, لقد كانت الأميرة قمر بديعة الجمال, فقد كانت تملك تلك العيون الكبيرة, التي لطالما وقع في حبها الكثيرون, وتملك رموشاً كثيرة, وكأنها قد وضعت الكثير من الكُحل عليهن, لقد كانت رشوفاً ذات أنف أفطس, ومع أنها لم تكن بذاك الطول, إلا أنها كانت تجذب الرجال أكثر من أُختيها الأخريات, كما أنها لم تُفكر يوماً في إعطاءِ نفسها لإحد, فهي إمرأه, تكتفي بذاتها, كما أنها كانت عيّطموساً, غيلماً, ولا تسمح لإحد بأن يجرحها, فهي كانت تكتفي بجلوسها في غرفتها, وقراءة كتابها المفضل, فهي لا تُحب أن تختلط مع عائلتها, كما وأنها تسعَد مع كُتبها وهواجسها اكثر من فرحها بأهلها الذين ما إن جلست معهم فتحوا سيرة الزواج, لهذا فهي كانت تُحب أن تتجنب كل تلك الرسميات بجلوسها في غرفتها, غرفتها التي تُطل على شكل الحارة شكلها الحزين والذي يدعو للبكاء, فهي قد طلبت خصيصاً تلك الغرفة, المطلة على أحوال الناس, فهي لا تُحب أن ترى تلك المناظر, ومع ذلك فهي تُجبر نفسها لكي  لا تنسى أنها مثلهم, إنسان, ولكي لا تغتر بما عندها, فوالدتها ووالدها قد أعمتهم النقود والبذخ, لكنها كانت دوماً تريد أن يشعر الناس الذين في الحارة بفرحة أهلها بالنقود, لكنها ليست المتصرفة فيهم لذا تجلس قمر كل ليلة, بعد أن يدخل الجميع إلى بيوتهم, تجلس في بلكونتها الحزينه, التي عليها شتى أنواع النباتات, فتأخذ كأس الشاي المخصص لها, وتأخذ روايتها الأخرى لإنها أنهت الأولى, وتذهب لتستمتع بالهدوء, وبالرياح اللطيفة التي تُداعب صفحات كتابها الثقيل, ثم تخلد للنوم حينما تَرضى عن قرائتها.

Releasedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن