"Ch 7" ثبات

1.5K 141 70
                                    


يوماً مشرقاً تملئه شمس الصباح ، زقزقة العصافير و تغريدها كانت كموسيقى جميلة و ترنيمة عفوية تدخل لقلوب ساكني القرية ، منذ الصباح ينتشر أهلها كالنمل ليبدأوا بأعمال اليوم .

و بعيداً عن تلك الروح النشيطة التي سكنت أغلب أهالي القرية البسطاء ، كان الشمس قد غربت علي قلب ذاك العجوز الذي فضل البقاء في المنزل لرعاية إبنته ، داخله صراعات جمة تنسيه كل ما حوله ، لا يعرف كيف سيتصرف بشأنها ، لقد أخبره الطبيب أنها يجب أن تتهيأ لبدء العلاج إن أمكن حتي لا يتفاقم المرض و يفقدها .. لا يعلم ماذا يفعل و هو مجرد عامل بسيط بإحدي المزارع علي أطراف قريته ؟! و الاسوأ .. كيف يمكنه إخبارها خبر كهذا ؟!

انتفض يخرج من أفكاره علي يد وُضعت علي كتفه ليلتفت فيجدها أمامه .. تبسمت بوجهه برقتها ، رغم شحوب وجهها كانت مازالت فاتنة و جميلة ، جلست بقربه علي الاريكة لتخاطبه بهدوء :
" هيا أخبرني ما يشغل بالك أبي العزيز ؟ .. تبدو مرهق مشغول البال ! "

و أبعد عيناه عنها .. كيف سيخبرها بهذا الخبر و هو للان لا يصدقه ، كيف ستواجه صغيرته ذاك الخبر المفزع ؟!

" أبي .. "

نادته تضغط علي كتفه و كأنها تثبت عزيمته علي إخبارها و مالبثت أن أردفت بما يجول بخاطرها و خاطر والدها :
" أخبرك الطبيب خبر سئ ؟ .. أتخاف أن تخبرني ما وصلت إليه صحتي من سوء ؟ ..هه لا تقلق أبي فلست خائفة مما قد يحدث لي ."

نظر إليها لينطق بحزن :
" لكنكي قد تبتعدين صغيرتي .. كيف يمكنني رؤيتك ضعيفة تتألمين هكذا طوال الوقت ؟ .. كيف ؟! "

فاجئته بإبتسامتها الهادئة ثم أمالت رأسها تعانق خد والدها بكفها الدافئ قائلة :
" دائماً ما كنت تخبرني أن الله معنا ، و علينا الثقة بالله و الصبر علي المشقة ، فأين تركت صبرك يا والدي ؟ .. يجب أن نصبر علي الشدائد يا حبيبي ."

" و نعم بالله ، لكن يا صغيرتي .. طفلك .. "

قاطعته بتلك الابتسامة قائلة :
" لا بأس ، حتي لو غادرت فهو مع آريان .. رغم كل شئ فمازلت أحبه و أثق به .. "

صمتت قليلاً لتبعد وجهها عن أبيها تردف :
" .. و محاولته لإيجادي و أخذ صغيري هي بداية فقط لرغبته بالعودة أو إكمال حياته بوجود إبنه ، كما أنه يحب الاطفال ، دائماً ما أخبرني بذلك .. و ها قد علم بوجود طفل له فبالتأكيد سيحبه و يعتني به .. "

قاطعها بألم وهو يعانق كتفاها بكفيه و يحدق بعيناها المتلألأه :
" أنت تخفين أسفل تلك الابتسامة وجع لا نهاية له لكنك تكابرين يا ديفيا ! .. "

" أعلم لكني لن أقنط من رحمة الله يا أبي .. سأكون بخير لا تقلق .. فقط أخبرني بما هو مرضي كي أكون علي دراية ."

أنزل عيناه بحزن عميق ، قلبه يؤلمه عليها ، لكنه ممتن بثباتها و ثبات قلبها و إيمانها ، فيضطر لينطق :
" أخبرني الطبيب أنك بالمرحلة الثانية لسرطان الكبد ، كما يجب عليكي تلقي العلاج فوراً قبل تفاقمه أكثر و تدهور صحتك ."

 قلوب يعانقها الألم "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن