"Ch 23"

1.1K 121 126
                                    


قبل عامان تقريباً ، كنت جالساً كأي طفل يمسك بمجلة والدته و يحدق فيها مبتسماً .. كنت أجلس أمازح أمي ، كانت هي رقيقة عفوية و لطيفة جداً .. نظرت لها فمنحتني ابتسامتها باللحظة التي تقدم رجل منها و انحني يطبع قبلة علي جبينها ، أبعدت نظري خجلاً و أنا أصرخ بتذمر :
" ليس أمامي يا أبي! "

فضحك المعني و الذي لم يكن سوى سميث و هو يناظر امي :
" اخبرتك لهذا أكره الاطفال ."

فابتسمت أمي له قائلة و هي تبعثر شعري الاسود :
" دائماً تقول ما يعكس أفكارك و معتقداتك يا سميث ، هذا الصبي ابنك بالنهاية ."

فغمز المعني و هو ينظر للصبي :
" لهذا أحبه .. صحيح لُو ؟ "

أومأ الصبي بابتسامة متسعة :
" أجل أجل يا أبي .. لا تتأخر ."

لم أكن أعلم لما طلبت منه عدم التأخير بعمله ، كنت أنا وأمي ماتيلدا نعرف أنه يعمل كمحقق بالشرطة بعد أن تطوع لها هو و العم آريان سراً .. تركتني أمي أتابع قرائتي للمجلة ، كنا نعيش بعيداً عن جدي بمنزل لطيف و دافئ ، يغمرني والداي بالحب و الدفء الي أن هذا اليوم غير معتقداتي بل محى تلك الذكريات الدافئة !

حين كنت غافي عما حولي و مندمجاً برؤيتي لصور المجلة المختلفة انتفض جسدي تزامناً مع حدوث ضجة عنيفة بالشقة ، و صراخ أمي يعلو قبل أن تدلف للغرفة مغلقةً إياها و هي تعدو نحوي ، و قبل أن أستفسر وجدتها تدفعني داخل الخزانة و هي تهمس لي بجزع و دموعها تكاد تذرفها :
" لا تخرج .. مهما حدث لا تخرج .. إختبئ جيداً و لا تصدر صوتاً .."

طرق الباب بقوة ففتح باللحظة التي أغلقت الخزانة عليّ بشئ من السرعة و هي تتراجع غير عالمة أني أرى ما يحدث من الفجوة بين بابيّ الخزانة !

ارتفعت صوت صفعة قوية جعلت أمي تسقط أرضاً تحت نظري المتسع ، خائف من أن أخرج و لكن كيف عساي رؤيتها تتأذي أمامي؟!

صفعة أخرى أخذتها أمي بعد أن شتمت أحد الاشخاص فلم أتمالك نفسي و أنا ألقي بكلام أمي عرض الحائط و أخرج مقتحماً جمعهم ، اقتربت من أمي و انا أصرخ بدموع خائفة :
" أمي ! .. لا تؤذوها أرجوكم! "

لكني وجدتها نهرتني و هي تتمسك بي بخوف :
" لما خرجت يا لوان ؟! "

قهقهات ارتفعت من أحدهم فنظرت نحو الرجال و اتسعت عيناي و انا ابتسم بحماقة لرؤية جدي الذي كان يضحك من بينهم ، حاولت الابتعاد عن أمي و انا أصرخ دون أن أعلم أنه المعني بخوف أمي :
" جدي ، أتيت لتبعدهم عنا صحيح ؟!"

 قلوب يعانقها الألم "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن