سعادة مشوهة

6.8K 304 126
                                    

يعد الحب في أغلب دول الوطن العربي  عار تخجل منه الفتاة لاسيما في العراق حيث أعيش وبالأخص في بغداد .. أصبح شيء مباح نتفاخر به ونحسد عليه..  أحياناً أفكر.. هل هذا تطور بالقيم؟ أم انحطاط؟.. ربما لم يكن الحب عار حين منعونا منه في الماضي.. ربما لأنهم كانوا يعرفون اننا لا نستطيع التعامل معه بصورة صحيحة.. السؤال هو.. من هم؟ من منعنا؟ ومن أباحه الان؟
أحدق به بخلسة من فوق صفحات كتابي بينما ها هو ذا مستلقٍ أمامي يطالع هاتفه بملل ويقرأ أخبار تافهة لن تثير فضولي ولن تصل لمستواي العقلي وثقافتي.. لطالما وجدته أقل مني بكل شيء ومختلف عني ومعي بكل شيء.. أنا مهووسة بالقراءة والادب بينما هو أستغرق معه معظم وقت مراسلتي له بتصحيح نصوص الكتابة وتعليمه الفرق بين الضاد والظاء أو تعليمه طريقة الكتابة الصحيحة لكلمة ما أو معناها..

لا يجيد لغة اخرى غير لغته الاصلية وبالكاد يكمل صفوفه بمعدل منخفض.. يهوى الرياضة بشغف مبالغ به بينما أنا بالكاد أعرف أن لكرة القدم أحد عشر لاعباً..
حين أحدثه عن روعة تولستوي في التعبير يأخذ فترة محدقاً بوجهي قبل أن يسألني ببلاهة: "هل هو من كتب مسلسل وادي الذئاب؟".. فغير هذا المسلسل -التافه بنظري- هو لا يجد أي مسلسل آخر يستحق الاعجاب..

-ريهام؟!

شد انتباهي صوته فأدركت أنه كان يحدق بوجهي كذلك دون أن أنتبه.. فقلت بجمود:

- نعم؟

- بكِ شيء؟

- لا.. لماذا؟

- أنتِ تحدقين بوجهي

- لا يعني هذا أن بالي معك.. أنا فقط شردتُ قليلاً

- بماذا؟

- لا أظن أنه علي التفسير لك أمير

رفع كتفيه بمعنى "لا تهتمي" ثم أردف:

- هذا سؤال منشور.. أردت أن أسألك ان كنتِ تعرفين جوابه

- وما هو؟

- من هو الكاتب الروسي الذي ألف رواية "الام"؟.. هل هو ديستــ..

قاطعته:

- مكسيم غوركي

-  شكراً

فقلت باستهزاء بينما يكتب الجواب وعيناي تعودان لمطالعة كلمات باولو كويلو:

- ماذا؟ هل أصبحت مثقفاً؟

وما سرعة غضبه وسهولة استفزازه!.. فمن دون أن أنظر اليه أدركت من زفيره الحاد قبل أن يجيبني أن وجهه تحول للأحمر والشريان الممتد على  جوار عنقه قد انتفخ:

- لستُ جاهلاً كما تريني ست ريهام!

قوسّت شفتاي للأسفل بمعنى "وما أدراني" وكأني غير مصدقة ما يقوله دون أن أرفع رأسي له مما سيثير استيائه أكثر مني فأكمل مدافعاً عن نفسه:

كلنا في الحب آثمونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن