فَجر الثاني والعشرين من شباط، ساوثامبتون
إلى العزيزة ماري:أضناني الفتور، وأناخ على قلبي القنوط، أشعر بالكون يتلاشى من حولي، وأشعر بنفسي أتلاشى بين أصابعه الغليظةِ الفظّة. أستفقد وجه الكون البهيج الذي كنت أراه عبركِ، أستفقد ألحانكِ الصّافية المطمئنة، إذ كان الكون المهتاج يأوي تحت يديكِ حينما تحطّان على مفاتيح البيانو الفسيح، فأشعر بكِ وقتذاك تخلقين لغةً وحضارةً كاملةً من المشاعر، وأرغب عندها أن يصيبني الصّمم عن كل الأصوات، ويغمرني العمى عن كل الأشياء، كي تبقى موسيقاكِ هي الصوت الوحيد الذي تلتقطه أذنَيّ، ورؤيتكِ تعزفين هو الشيء الوحيد الذي تبصره عينَيّ. أنا تائهٌ وسط لَغط ذكرياتي وأصواتها المتداخلة، عالقٌ في قَعرها أفتّش عن صوتكِ المفقود ولحنكِ المعهود. اعزفي لي حتّى تفنى الأرض من تحتنا، وأغرقيني يا ماري إنّي أهوى الغرق فيكِ، أسمعيني الحياة في عزفكِ، إنّي أتوق كي أحيا...
ل. ف. هاينز.