الفصل الثامن عشر

133 7 0
                                    

❤️الفصل الثامن عشر❤️
💃يولاندا الغجرية💃
❤️بقلم بشرى أبو غيدا❤️

Bouchra Abou Ghaida

كانت تبكي بحرقة وجسدها يرتجف والدموع تغرق وجهها وهى تحمل بيدها قطعة الزجاج المكسورة وتقربها من رسغها ببطء وتردد بيأس :
يولاندا : اليوم لازم يخلص هالعذاب، ما فيني عيش وقلبي موجوع، اليوم رح إرتاح ونام بدون دموع وقهر.
ثم ما لبثت أن أصابها دوار شديد لتقع بقوة مرتطمة بالأرض، وبعد لحظات بدأت بقعة الدماء بالإتساع والإتساع وأغمضت يولاندا عيناها.

أغلقت نازلي باب جناح رفعت وإبتسامة خافتة إرتسمت على شفتيها وتقدمت بخطوات هادئة نحو غرفتها، إلتقت بإبتسام المهرولة إلى جناح يولاندا بعد سماع صوت تحطم وصراخ يولاندا، اوقفتها نازلي قائلة.
نازلي : لوين؟
إبتسام بصوت لاهث : بدي إتطمن على مدام  يولاندا،  سمعت صوت شي إنكسر  ، و أمرني  رفعت بيك إتطمن عليها كل شوي.
صاحت بها نازلي بغضب :
نازلي  :روحي على شغلك يلا، هيدا إللي كان ناقصني تتركوا شغلكن وتوقفوا حرس لهالرقاصة، نزلي لتحت وأوعى شوف صورة وجك بهالطابق  اليوم، يلا إنزلي .
إبتسام بخفوت : حاضر مدام .
عادت إبتسام أدراجها والقلق يتآكلها وهي تنظر للخلف، إلى أن إنتفضت على صوت نازلي الغاضب.
نازلي : بسرعة .
لتطوي الدرج نزولا بخطوات سريعة من الخوف.
إتطمأنت نازلي لنزول إبتسام واردفت.
نازلي : معقول خليكي تفوتي لعندها هلق، تركيها  تقطع شرايينها بترتاح وبتريحنا.
ثم تابعت السير إلى غرفتها بغرور وثقة وسعادة داخلية لا توصف.
منذ وصول رفعت ووالده إلى منزل صافي وهو يشعر بوخزة مؤلمة في صدره يعلم سببها جيدا ، ولا يتراءى له سوى صورة يولاندا الباكية العاتبة
فكان يجلس كمن يتوسد الجمر من شدة القلق والحزن . وقد بان الإرتباك والقلق عليه، وصل رجل الدين ورفعت لا يطيق صبرا كي ينهي الأمر بسرعة ويعود ليرى حبيبته.
بدأ رجل الدين بمحاضرته ليقاطعه رفعت قائلا.
رفعت : لو سمحت خلص بسرعة، ما في  داعي لهالمقدمات.
اومأ رجل الدين موافقا، وطلب البطاقات، أخرجها رفعت من جيبه وأعطاه إياها كما فعل والده، همس كاظم له.
كاظم : شو باك رفعت؟ ليه قلقان ومتوتر هيك؟
رفعت : ما بعرف حاسس  وكأنو صخرة كبيرة  فوق صدري، ما قادر إتنفس منيح ، حاسس إنو صاير ليولاندا شي مش منيح .
كاظم : ما حكيت  معها قبل ما تيجي .
رفعت : لا ،ما كان في وقت.
كاظم :رفعت إهدا ، بينكتب الكتاب وبترجع لعندها وبتحكي معها، وهي رح تتفهم.
تم عقد القران، وخطّ رفعت إمضاءه بسرعة ،ثم وقف بسرعة وقال لوالده.
رفعت : بابا إتفق انت ورشاد بيك على كل شي، وما تتركه قبل ما تنحل كل الأمور ، والأفضل تحددوا يوم العرس بسرعة حد أقصى اسبوع ، أنا رايح شوف  يولاندا، رح روح  بالسيارة وانت رجاع مع سهيل بالعرباية .
اومأ كاظم برأسه وأردف.
كاظم : ماشي إبني، سوق على مهلك وما تسرع.
رفعت : ماشي بابا.
خرج مسرعا، وقاد سيارته بسرعة وقد وصل بخمس دقائق رغم أن المسافة تحتاج إلى خمسة عشرة دقيقة.
نزل من السيارة دون أن يركنها في مكانها المخصص تاركا المفاتيح داخلها وكأن قلبه ينبئه أنه إن تأخر أكثر لن يجد يولاندا ,أسرع بخطواته إلى الأعلى فتح باب الجناح وهو ينادي.
رفعت : يولاندا، يولاندا.
تقدّم نحو غرفة النوم، تسمرت قدماه مكانهما وهو يراها مسجاة على الأرض وقطع الزجاج حولها ، وبقعة دماء تفترش الأرض بجانبها، صرخ بإسمها بصوت خرج من أعماقه ولأول مرة تنحدر دموعه على وجنتيه وقد أسرع نحوها.
رفعت : يولانداااااااااااا.
رفع رأسها بين يديه محيطا وجهها بكفيه.
رفعت : يولاندا حبيبتي شو عملتِ بحالك ؟ يولانداااا فيقي .
حاول أن يجعلها تفيق من إغماءها ولكنها كانت بعالم آخر فحملها مهرولا بها إلى سيارته وأراحها على المقعد الخلفي بيدين مرتجفتين ثم انطلق بها نحو المشفى وقلبه يكاد يتوقف خوفا عليها ، كان يراقبها في مرآته الأمامية وهو يقود بسرعة جنونية ويهتف قائلاً :
 
رفعت : تحملي حبيبتي، رح نوصل، ببوس إيدك تحملي، كرمالي . رح تكوني  بخير ما رح تتركيني، ما تعمليها  يولاندا، ما تعمليها .
اخذ يضرب بقبضتيه على المقود وهو يلعن اللحظة التي تركها بها وذهب إلى قصر رشاد.
رفعت : ما كان لازم  أتركك وروح ، كان لازم إبقى ، أنا السبب انا السبب، يا الله بترجاك  إحميها ولا تحرمني منها .
وصل إلى المستشفى،يولاندا الغجرية بقلم بشرى أبو غيدا حيث خرج الممرضين من قسم الطوارئ بسبب صوت الفرامل القوي الذي أصدرته السيارة وصوت الابواق المتلاحقة، نزل بسرعة وحملها إلى الداخل، ووضعها على السرير النقال الذي جلبه احد الممرضين وسارعوا بها إلى غرفة المعالجة، حاول الدخول وراء الطبيب لكنه منع، ليقف هناك أمام الباب مصدوما بلا حراك ، لا يعلم كم مر من الوقت وهو على هذه الحال إلى أن أعادته للواقع يدا تهزه بقوة ونداءا بدا له بعيداً ثم اخذ يسمعه بوضوح شيئاً فشيئا فأفاق من ذهوله على صوت والده وهو يسأله :
كاظم : رفعت شو عم تعمل هون ؟
نظر لوالده بذهن مشوش. رأى كاظم الدماء التي تلوث ثياب ويدي رفعت  وقد دبَّ الرعب في قلبه، وقد أردف بخوف .
كاظم : من شو هالدم إللي  على إيديك؟ إنت مجروح ؟عملت حادث ؟
رفع رفعت يديه أمام وجهه ليرى دماء يولاندا قد غطَت  يديه، اخذ ينظر إليهم، إنه دمها، حبيبته نزفت الدماء. إستفاق على الحقيقة البشعة حبيبته في الداخل بخطر ولا يعرف عنها شيئا.
كاظم : رفعت إحكي إبني؟ من مين هالدم ؟
رفعت بحزن : هيدا دم يولاندا.
بهتت ملامح كاظم وأردف.
كاظم : شو ؟ شو بها يولاندا؟ شو صابها؟
رفعت : ما بعرف، ما بعرف، لقيتها واقعة على الأرض والدم حواليها، ما بعرف شو إللي صار ، هياها جوا،  وتأخروا كثير .
أمسك كاظم بمرفق رفعت وأخده إلى أحد المقاعد اجلسه وجلس بجانبه،.
كاظم : روق وما تخاف رح تكون منيحة ، يولاندا قوية.
رفعت : يولاندا حاولت ....
لم يكمل كلامه وقد خرج الطبيب من عندها، أسرع نحوه رفعت.
رفعت : كيف حالها؟ عمول معروف طمني عنها .
الطبيب : إتطمن إن شاء الله رح تكون بخير، الحمد لله الجروح مش بالشريان الرئيسي, خيطناها بس محتاجين وحدة دم، بدل الدم إللي نزفته.
رفعت :خود كل دمي  ، المهم تصير منيحة .
الطبيب : تفضل معي لناخذ عينة من دمك ونشوف إذا  كانت متطابقة.
ذهب رفعت مع الطبيب وقد تطابقت فئة دمه مع دم يولاندا، تمدد على السرير بجانب سريرها وهم يسحبون الدماء منه، وعيناه لا تفارقها، نظر لوجهها الذابل الذي تحول للون الأصفر وقد إنقبض قلبه لرؤيتها على هذا النحو وقد فقدت رونقها والحزن قد إرتسم على محياها .
رفعت : رح تصيري منيحة حبيبتي،بوعدك رجع  البسمة لوجهك ,بوعدك ما رح خلي الزعل يعرف طريق قلبك مرة تانية.
خرج بعد وقت ليس بقليل متقدما نحو والده الذي وقف والقلق حليفه.
كاظم : طمني كيفا ؟
رفعت : بعدها غايبة عن الوعي ،والدكتور سحب دم منها ليعملها فحوصات لنتطمن أكتر .
كاظم : الحمد لله.
رفعت : كيف عرفت إني هون ؟إتصلوا فيك من القصر أو رجعت بسرعة ؟
كاظم : لا  رشاد بيك وقع فجأة وقال الدكتور إنو تعرض لجلطة.
رفعت :وكيف حالته هلق ؟
كاظم : إن مرق أربع وعشرين ساعة على خير، بيطلع منها  بإذن الله، رح يبقى تحت المراقبة هون .
أتى الطبيب واردف بإبتسامة.
الطبيب : فاقت المدام، فيكن تفوتو تشوفوها.
دخل رفعت بلهفة متجها نحوها وخلفه والده.
رفعت : حبيبتي.
نظرت إليه بنظرات أصابت قلبه بحزن شديد، ثم نحت وجهها للجهة الأخرى. إقترب كاظم منها مقبلا جبينها مردفا.
كاظم : الحمد لله على سلامتك حبيبتي .
يولاندا : شكرا.

يولاندا الغجريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن