الفصل الواحد و العشرون

11.1K 449 39
                                    

مرت ساعات الحفل عليهم كـ سبع سنوات مرت في غيابها بألم و اشتياق احتل كيان الجميع. تعلقت تلك الليلة المشؤمة بعقولهم كـ طابع قوي بقلم حبر رسم تفاصيلها بدقة علي ورقة بيضاء. كانوا معهم و لكن عيونهم عالقة بها و هي تقف جوار زوجها و ابنها شبح الماضي يعود من جديد.

عادوا إلي القصر و جلسوا جميعاً بالصالون كلا منهم شارد. الحنين باوصاله لتلك الأيام السعيدة! و السعيد برؤياها رغم قلقه! و الحزين لذكراها الميتة بقلوبهم و عادت تحييها! و المضطرب خائف من عودتها لـ كشف ما خبأه الزمن وراء الجدران من اقاويل و أحاديث رممتها بالخدع و الخبث و الخداع!..

كانت الجملة الحقيقية الغير مفهومة البتة "عـودة حورية".

تبادلوا النظرات بينهم بترقب و قلق بتساؤل أهي حورية حقاً؟!. أم مجرد تشابه!. فكما يقال بالعامية" يخلق من الشبه اربعين " ولكن ليس بهذه الدقة و كأنهما نسختان تشاطرتا نفس الوجه معاً  ليصبحا و كأنهم توأم من نفس رحم الأم.

تبادلت كلا من روفيدة و والدتها مها النظرات المضطربة الخائفة تجزم ان حورية عادت من الموت كي تنتقم منها و تذيقها عذاب ما عاشته علي مدار سنوات طويلة.

انتقل نديم ببصره تجاه قصي الذي بان عليه عدم صدمته برؤياها و كأنه يعلم بوجودها منذ فترة و لم يخبر أحد هذا ما فكر به لينهض نديم من مجلسه و يقف امام ابن عمه الأكبر بصلابة و قوة ابناء العائلة  .

نديم ببرود و سؤال ذا مغزي انتبه له الجميع: أنت كنت عارف إنها عايشة و خبيت علينا؟!.

قلب قصي عينيه ببرود و دار ببصره نحو الجميع ليجدهم يحدقون به بلهفة إلي الإجابة لكنه لم يجيب بل استمر بالصمت. نهض فريد من مكانه ووقف امامه ابنه يترجاه بعينيه مكررا سؤال ابن اخيه.

فريد متساءلا: جاوب يا قصي فعلا انت كنت عارف بوجودها و خبيت علينا؟! انت الوحيد اللي باين عليك مش مصدوم فينا.

تنهد قصي و رد: مش بالظبط يا بابا!.

قاطعه فريد يربط بين كل الأحداث الماضية: عشان كده كنت رافض ترجع القاهرة و عايش في إسكندرية و كنت فاكر إنك مش عايز ترجع القصر و قررت تاخد فترة بعيدة عننا.

الاشتياق و الحنين يسبر أغواره إلي ناحية أخري!. كل ما يراه الآن امام عينيه صورة حفيدته مع زوجها و طفلها بابتسامة واسعة. كانت بسمتها شعاع النور أشعل وهج النور سرعان ما انطفأ عندما عاملته كـ غريب.

ماذا كان ينتظر منها بعدما القوا بها خارج القصر بليلة شتاء عاصفة دون أي مأوي لها تستنجد به غيرهم. كان قاسياً عليها بل تحجر قلبه مغلفاً إياه بقسوة كانت توازي صلابة الحديد.

هتف فاروق بنبرة مترقبة:  آه و إلا لاء، هي؟!.

الإجابة هي حل اللغز و دمار شامل  ،  قال قصي بهدوء متنهدا: لاء مش هي يا فاروق بيه. دي ريحانة مش حفيدتك حورية.

أحرقنـي عشقـهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن