الجزء الثاني والثلاثون
طرق باب غرفتها عدة طرقات خفيفة قبل سماعه لصوتها الواهن يأذن له بالدخول، فتح الباب قليلًا ودخل ينظر لجسدها الواهن الذي بدا وكأنه يعانق الفراش بأريحية كبيرة حتى أن من يراها يظن أنها ظلت عمرًا لا تلامسه، حاولت الأعتدال حيث زحفت بنصف جسدها لأعلى قليلًا لكنه اسرع ناحيتها يطالبها بالأحتفاظ بوضعها بعدما رأى أجهادها وعلو صوت تنفسها من أقل حركة:- خليكِ مرتاحة يا طنط والف سلامة على حضرتك.
وكذلك اسرعت صديقتها مايسة تعيدها لوضعها الأول وتنثر الغطاء عليها جيدًا، ثم ربتت على كتفها بحنو:
- خليكِ مرتاحة يا حبيبتي دا جوز بنتك مش غريب دا أنتِ مش قادرة تصلبي حيلك.
أمأت لها بصمت وعلى ثغرها ابتسامة حانية.
- حاضر يا مايسة تسلميلي يا حبيبتي.
ثم ارجعت نظرها له وكأنها تترجاه بكتم سرها الدفين عن أبنتيها وأغلى ما لها في الحياة حتى لا تنغص عليهما رغد العيش الذي رزق به حديثًا بعدما رضيا بحالهما البسيط لطيلة حياتهما، لكن نظراته لها كانت عاتبة عليها لتحملها كل ذلك الألم في صمت لظنها أن ذلك أفضل لهم جميعًا، جلس بجوارها وأمسك يدها بيديه الاثنان يربت عليها بحنو ثم رفعها يقبلها بحب:
- الف سلامة ليكِ يا أمي، بس انا زعلان قوي من حضرتك، ليه تعملي كدا وتخبي عننا وتشيلي كل ده لوحدك وتسكتي حتى لو خايفة على وعد ونور يعرفوا كنتِ تقدري تقوليلي انا أو عمر واحنا هنتصرف ومتسبيش نفسك للمرض ينهشك جسمك ويضعفك كل مدى أكتر من الأول.
وكأن بكلماته الحانية التي ألقاها عليها أعطاها التصريح لأخراج كل ما بداخلها من خوف وحزن، وانفجرت عبراتها تسابق بعضها وتتزاحم للخروج بعدما ظلت حبيسة محجريهما كثيرًا تخفيهم وتخفي معهم ألمها، لم تحتملا صديقاتيها (مايسة، سوسن) الأمر وفضلتا الخروج من الغرفة وترك مساحة لهما يتحدثان بشكل شخصي علّه ينجح فيما فشلتا فيه من أقناعها بإجراء الجراحة في أسرع وقت كما طلب منها الطبيب قبل قليل، وبعدما انفراده بها راح يهدأها كي تتوقف عن البكاء، ونجح في ذلك بعدما استطاع تهدأتها قليلًا ثم بدأ في رحلة أقناعها لكنه وجدها عنيدة حد الجنون ومازالت تكابر وترفض الجراحة حتى ولو كلفها ذلك حياتها، لكنه لم يرضخ لعنادها وأصر عليها.
- شوفي يا امي مهما تحاولي خلاص مفيش فايدة ولا مفر انا أديت ألأذن للدكتور وخليته يبدأ في تحهيزك للعملية في أقرب وقت أن شاءالله، وخلي بالك لو رفضتي تعمليها ساعتها انا هعرف وعد ونور وهما هيعرفوا ازاي يقنعوكي، ها قولتي أيه.
طلبت منه مساعدتها في الأستلقاء على ظهر الفراش حتى يتثنى لها التحدث معه ومناقشته فيما تريد، وبعد أن أعتدلت ووضع لها الوسائد اللينة خلف ظهرها كي تستند عليها وتريحها في وضعية جلوس لا تأثر على ألم صدرها، بدأت تسرد عليه لما فعلت ذلك:
أنت تقرأ
عهد الغادر
Mistero / Thrillerالعهد كلمة منا من يستخف بها ومنا من يقدسها قدسية الحياة فلا يعاهد أحدكم أحداً بعهد أن لم يكن قادرا علي الوفاء به حتي لا يدمر بها حياة هذا الإنسان دونا أن يدري الاب عندما يعد الابن بشئ ويفشل في تحقيق وعدة بذلك يدمر القدوة والمثل الأعلى له والحبيب عند...