الجزء الأول

10.2K 99 7
                                    

الجزء الأول
الحياة كلما سعيت إليها فرت من بين يديك كالقابض على حفنة ماء يهيئ له أنه مكلها وحينما يهم بفتح يده يجدها قد تسربت جميعها من بينها ولم يبقى منها سوى ما بلل كفاه فقط هكذا هى الحياة، لكن من عزف عنها وجدها تهرول ورائه وكلما زاد في عزوفه اسرعت خلفه أكثر، فكم منا من تمنى أن ينال أموال الدنيا جميعها فيضحى ويمسي وهو يحلم بذلك ويعمي الطمع عيونه فلا يرى رزقه ويبدأ بالنظر للآخرين في ارزقهم بل يصل به الحد لاستكثار رزقهم الذي منّا الله عليهم به لأنه يرى أنه أحق به منهم، ويبدأ في التحسر على حاله ويفقد لذة التنعم بما رزقه الله من عظيم نعمه، ومع ذلك يموت فقيرًا لأنه طلب الدنيا فقط من دون سعي ومن دون شكر الله على أنعمه الكثيرة، ومنا أيضًا من يسعى على رزقه بدون كللاً ولا مللاً ويحمد الله على أقل نعمه فيزيده الله من نعمة الحمد فهى اكبر نعمة قد منّا الله بها علينا وكما جاء في آيات القرآن في سورة يونس.
بسم الله الرحمن الرحيم ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)) صدق الله العظيم.

كان والد وعد بطلة قصتنا زاهدًا في الدنيا وعلم أبنتاه ذلك جيدًا؛ فخطت وعد على خطى والدها واصبح لها مثلا أعلى ورضيت بالقليل الذي قسمه الله لها؛ وبرغم تيسر الحالة المادية لمعظم عائلتها الإ أنها لم تلتفت ناحيتهم ولم تضعهم نصب أعينها بل وجهت نفسها وهيئت عقلها لتحقيق هدفها في الحياة وهو مساعدة والدتها في تربية شقيقتها وتحمل أعباء المسؤلية معها لتخطي أزمات الحياة بعد وفاة والدها، ذلك الرجل التقي الذي لم يورث عائلته سوى تقوى الله فهى خير ميراث يمكن أن يخلفه أحد ورائه.

أنتهت وعد من دراستها الثانوية واستعدت لدخول الجامعة فأختارت كلية التجارة للدراسة بها، كي تحذو حذو والدها فهو كان محاسب بأحد البنوك قبل أن يتوفاه الله، فأحبت أن تكون لوالدها خير خلف لخير سلف، ومضت بها الأيام إلى أن انتصف عامها الأول بالجامعة وهى أفضل مثال على الإلتزام وحسن الخلق من يراها يرى بها قصة كفاح قد غزلها والديها من كدهما وعرقهما لجعلها قدوة حسنة فتاة ملتزمة معتزة بنفسها تغدو للحياء ملكة متوجة.

في أحد الأيام جلست بكافية الجامعة تستريح من عناء محاضرة أنهتها لكي تستعد لأخرى بعد قليل، رفعت كوبها ترتشف مشروبها المفضل ( النسكافية) وجدت من جاء يجلس بجوارها بثقة وكأن بينهما سابق معرفة، فطالعته بنظراتها المحتدة وارسلت له تحذيرها المبطن بالصمت للمغادرة فورًا، لكنه أدعى البرود بل وأمسك قدحها بعد أن وضعته على الطاولة يرتشف منها بضع قطرات، فارتسم على وجهه الأمتعاض والنفور
الشاب: على فكرة النسكافية ده عايز سكر طعمه مر قوي
وعد بضيق : هو أنت مين سمحلك تقعد جنبي لأ وكمان بتشرب من المج بتاعي.

الشاب بغرور : مممم عندك حق نسيت أعرفك بنفسي وبرغم أني عارف أنك عرفاني بس مش مشكلة خليها زيادة للمعرفة أنا رامز السيوفي تقدري تقولي عني چان الجامعة معذب قلوب البنات أو حلم كل بنت هنا.

عهد الغادرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن