البارت الثالث عشر

1.9K 68 28
                                    

لمياء
صحيت من النوم على صوت الرعد والمطر ، فتحت عيوني وما لقيت سلطان عندي ، رفعت راسي و كانوا كلهم عند المخيم قاعدين يجمعون الاغراض ، نزلت من السياره و لميت الفروة حول جسمي ، كان الجو بارد بس الحمدالله الهواء كان ساكن.
رحت عند رشاش ، كان قاعد ورافع راسه للسماء.
"صباح الخير"
"هلا"
ناظر لي وابتسم.
"رايحين مكان؟"
"ايه"
"وين؟"
"بتعرفين لا وصلنا"
يليل يالغموض ، لفيت على الباقين وكنت ادور اي شغل بشغل فيه نفسي ، دورت على سلطان لقيته يجمع الاغراض اللي داخل الخيام.
"صباح الخير"
لف علي و وقف بسرعه و هو مبتسم.
"يالله حيهم ، ها شلون النومه تحت المطر؟"
"تجنن"
"محتاجه شيء؟"
قالها ثم قرب مني.
ابعدت شوي عنه ولفيت راسي اناظر اذا احد لاحظنا.
"لا..لا..عادي"
جاء سلطان بيتكلم لكن دخل مصلح فجاءه.
"اخلص علينا انت ورانا شغل ، وانتي امشي معي"
"على وين؟"
مشا مصلح ولا رد على سؤال سلطان ، الله يستر منه ومن نفسيته.
رحت عنده و لقيته عند السياره واقف يدخن.
"امشي ، رشاش يقول اشتري من السوق اغراض قبل نروح للمكان الجاي"
ركبت السيارة وانا متحمسه ، حلو ، بقدر اشتري مكياج و ملابس جديدة ، وممكن اقدر اشتري جزمه جديدة بعد اللي عندي خلاص صارت حتى تألم رجولي.
ركب مصلح بعدي ، شغل السيارة واشتغل المسجل وكانت اغنية امس ، احلى ليلة بحياتي.
ناظر لي مصلح وهو معصب ، صراحه مدري هو معصب ولا مروق صرت ما افرق بين الاثنين.
"هذا لك صح؟"
"ايه لي"
جيت بطلع الكاسيت من المسجل لكن سبقني عليه مصلح ، خذاه و قعد يناظر له ويبتسم.
"كنت احب وحده عندنا في الحاره اول ، كانت تحب محمد عبده وتسمع له دايم"
قالها وهو مبتسم بشويش ، ابتسمت له خفت يعصب زياده ، اخليه مروق احسن لي ، يصير اتسوق وانا مرتاحه.
"ادري اني قاسي عليك كثير ، بس تراه كله حماية لك ، وعلى اللي صار بالمستشفى ، لو اني اظهرت اهتمامي بك لفهد كان من زمان ماسكينا و قاصين روسنا"
اعطاني الكاسيت وانا مصدومه من اللي يصير ، مصلح تكلم معي بطريقة طبيعية زي اي انسان طبيعي.
"ليش انت كذا؟"
قلتها وانا مستغربه واناظر للطريق.
"كذا شلون يعني؟"
قال لي وهو يناظرني ثم يرجع يناظر للطريق.
"مرات تصير طيب و تتكلم معاي عادي ومرات ما تنطاق وبالموت اتكلم معاك كم حرف"
ضحك بشويش.
"غصباً عني مو بيدي ، هذا طبعي"
"تصدق عاد.."
لفيت عليه ثم تكلمت.
"تذكرني كثير في فهد ، متقلب المزاج ما ادري وش يبي اختبص لا تكلمت معه ما ادري وش نواياه و وش اللي يبيه مني"
"ما شبهتيني الا في ذا الرخمه"
ناظرت له وانا مصدومه ثم ضحكت.
"والله مسكين يحسب بيخوفنا"
"خلاص عاد ترا عطيتك وجه محد يسب اخوي الا انا"
"من زينه عاد"
حسيت بشويه راحه لما تكلم معاي مصلح بشكل طبيعي ودعيت انه يبقى كذا للأبد.
وصلنا عند سوق كبير ، اكبر من القرية اللي قبل ، لكن كان شكله غريب وكأنه معزول.
وقف مصلح وقال انزلي ، نزلنا و قعد يمشي مصلح بين ممرات السوق وانا و وراه ، مرينا عند كشك صغير كانت تبيع علب مكياج ، مسكت يد مصلح بلفت انتباهه لي ، لف علي بنظرة تساؤل.
"شف هنا فيه مكياج ، معك فلوس بشتري لو شوي"
"موب اللحين خلينا نخلص شغلنا ثم نرجع لها"
سكتت وتركت يده لكن رجع ومسك يدي وبقوه ومشا ، ناظرت يدينا مع بعض ، يده مره اكبر من يد سلطان بكثير ، ومصدومه انها انعم من يد سلطان.
طولنا واحنا نمشي الين وصلنا لمحل صغير حق عود و بخور.
"اسمعي ادخلي قبلي كنك بتشترين شيء و دوري في المحل—"
"تبيني اسرق ماني بسارقه شيء تكفى لا تدخلني—"
"يا بنت الحلال خليني اكمل ثم قاطعيني ، دوري في المكان لين تشوفيني خلصت من المحل اطلعي بس مو وراي علطول عشان ما تشك"
"مين تشك؟"
"اسكتي وسوي اللي قلت لك عليه"
دخل هو و خذيت شوي ودخلت بعده ، كانت ريحه البخور تفتح النفس و المكان مرتب على انه صغير وعلى قد حاله ، شفت مصلح واقف عند اللي تبيع و فجاءه دخل عندها وباس راسها و هي ضمته ، ناظرني مصلح على جنب و لف ، شفته يعطيها فلوس و قطعه ذهب وهي كأنها تحاول ترفضها.
قعدت ادور في المحل شوي ثم شفت مصلح طلع ، اخذت لي شوي ثم طلعت وراه و شفته ركب السيارة و كان معصب ، الله يستر.
ركبت بشويش و سكرت الباب وقعدت ، ظلينا ساكتين لفتره شوي طويله ثم سمعته يتكلم.
"هذي اختي الكبيرة منيرة"
ثم رجع سكت ، جيت برد عليه ورجع تكلم وسكتت.
"هي اللي ربتني انا واخواني كلهم ، امي توفت يوم كنا صغار"
"الله يرحمها"
سمعته يتنهد ، لفيت عليه لقيت شويه دموع تنزل من عيونه ، لفيت راسي علطول ما بغيته يحس اني شفته في هالحال.
حسيت قلبي من داخل بينفجر ، كسر خاطري الصراحه ، ما توقعته بيتأثر هالكثر ، كل ما افكر في مصلح افكر في شخص جاف منعدم المشاعر فلما اقابله في هالحاله شعور غريب يجتاحني من داخل.
مر كل شيء بسرعه و ما حسيت بنفسي وكأن حزن مصلح انتقل لي زي الفيروس ، كأني كنت مغمضه طول الوقت وفتحت عيوني لقيت الوقت ليل و في حضني و في السيارة ورا اكياس مليانه اغراض ، خلصنا تسوق وانا ما حسيت.
لفيت على مصلح ولقيته شاد يدينه على الطاره ، حسيت ابي اسوي شيء ، يمكن اندم عليه بعدين لكن ما يهم ، بيفيده بعد اللي صار.
"مصلح"
لف علي ثم رجع لف على الطريق.
"وقف السيارة"
"ليه؟"
"بس وقف السيارة بسرعه!"
"لا تصارخين علامك انتي!"
"وقف السيارة اخلص"
هد السرعه و وقف السيارة و ناظرني ، نزلت الاكياس اللي بحضني و ابعدت المرتبة الصغيرة اللي بيننا ، قريت منه و حضنته بقوه ، حسيت فيه وكأنه فز بخفه ، وكأن جلده مستغرب هالجسم الغريب اللي قاعد يضمه وقاعد يحاول يبعده ، حضنته بأقوى ما عندي وهو ساكت وما اسمع الا انفاسه على رقبتي.
"ابعدي عني"
"لا"
حطيت يدي على راسه من ورا و قعدت امسح عليه ، تنهد هو و بعدها بدقايق سمعته يشهق بصوت خفيف جداً ، انا يالله سمعته.
"ما كان مفروض تقابلها بالطريقة هذي ، انا متاكده انها فخوره فيك وما زعلت منك ولا راح تزعل"
"ادري"
ابعدت عنه بشويش ابي اتكلم معاه ، لكن رجع ضمني بقوه ، و قام يمسح على شعري.
"ليتك ما قصيتيه"
"اقدر البس باروكه"
"ماهي نفس شعرك الحقيقي"
جاتني قشعريرة لما حسيت بانفاسه على رقبتي و شفته مسك شعري وقرب منه.
قرب من شعري وكأنه استنشق رائحه شعري كلها ، ضحكت على حركته الغريبة المفاجئة.
"عاد ريحة شعري اليوم نار و غبار الله يعينك"
ابعد عني ومسك خدي.
"والله لو ريحتك ريحه خروف انها بتبقى في بالي و ببتسم كل ما تذكرتها"
ضحكت و حسيت بتوتر منه.
"يمه مو متعوده عليك كذا ارجع صارخ علي و هاوشني افضل"
ضحك و هو يناظرني.
شغل السيارة وسكت وقعد يناظر قدام والسيارة لا زالت واقفه.
"مصلح"
"تكفين....لا تعلمينهم عن اللي صار ، خصوصاً رشاش ، لو سألك ليه تأخرتوا قولي من ثياب مهل"
"ما عليك ما بعلم احد"
ناظرني وابتسم ثم حرك السيارة و مشينا.
طولنا واحنا ماشين وشكله المكان الجديد بعيد مره ، قلت لمصلح بنام و اذا وصلنا يصحيني.
نمت وانا جسمي متكسر و عظامي احسها يبيلها ترميم من الألم ، على ان الرمل في البر ناعم والنوم عليه مباشره مريح ، لكن الفرش حقت رشاش تكسر الظهر.
حسيت بشخص يهز كتفي و يناديني ، فتحت عيوني ولقيت عمر ، عدلت جلستي و عدلت طرحتي وقمت.
"صح النوم ، ليتك ما نمتي خربتي وقتك ، يله انزلي"
حسيت بأنوار على وجهي و نزلت شفت بيت صغير دور واحد لكنه كبير ، كانوا موقفين سياراتهم في الحوش من كبره.
نزلت وأنا مذهوله ، شفت واحد يتكلم مع رشاش و مصلح ويضحك.
"راعي البيت؟"
هز راسه عمر
"ايه ، لا تخافين ما بيبلغ علينا ، و دفع له رشاش زود عشان يضمن سكوته"
شفته لاحظني يوم قربت من عندهم.
"هلا والله بالاميره النائمه ، كان ودي انك تنامين فوق في غرفتك"
"غرفتي؟"
"ايه غرفتك ، لك غرفه وحمام لحالك وصاله لحالك بعد بس امريني يا بعد قلبي"
"اقول احترم نفسك وثمن كلامك"
"شفت سلطان طلع من البيت وهو معصب حتى ما ناظرني.
مسكني عمر مع يدي و مشينا داخل ، شفتهم مزينيين الصاله و حاطين ورد ابيض و الدرج بعد عليه ورد.
"الله! كل هذا استقبال لنا ولا عشاننا دافعين له"
ضحكت و لفيت على عمر لقيته منزل راسه ، تلاشت ضحكتي شوي شوي ، وصلنا غرفتي لقيتها واسعه وكبيره ، استانست فيها و تركت يد عمر و رحت اجرب السرير.
"ما تدري قد ايش اشتقت لنومه السرير"
"ريحي و ارتاحي نحتاجك مصحصحه اليوم"
"انا مصحصحه اللحين ليه وش فيه؟"
شفت سلطان دخلت و تسند على الباب.
"عمر اطلع ابكلم لمياء"
طلع عمر بدون ولا حرف.
حسيت قلبي ينغزني ، ما عاشرت العصابه لفتره طويله لكن اللي قاعدين يسوونه مو من عادتهم ، فيه شيء غريب.
"صاير شيء يا سلطان؟"
لاحظت اني ما قابلت مهل وطاح قلبي في الارض.
"مهل فيه شيء؟!"
وقفت من السرير وقربت من سلطان ومسكت يدينه ، ان صار في مهل شيء ما ادري ايش بيصير في سلطان.
"لا مهل طيب معليه ، طلع يجيب شويه اغراض هو وقحص"
ارتحت وابتسمت له.
"اجل شفيكم غريبين كذا كنكم اول مره تشوفوني"
"اقعدي اول"
قعدت على السرير و قعد قدامي على كرسي.
"اسمعي ، رشاش قالي انا اقولك بما اني للحين مو راضي عن اللي بيصير ولا هو عاجبني ابداً"
"وشو يا سلطان ترا بديت تخوفني"
"انتي عارفه ان سرقه البنك بتكون بعد بكرا.."
"ايه"
"زين ، بالبدايه كنا نبيك تجين معانا ، لكن تغيرت الخطه اللحين"
"ماشاء الله متى تغيرت!"
"يوم كنتي انتي ومصلح في السوق ، قالنا رشاش دامنا نقدر نأمن هالبيت نخليك تقعدين فيه ، فهد ممكن يكون هناك و اذا شافك ما ندري وش بيصير"
"ورشاش الذكي ناسي اللي صار في المستشفى ، ناسي ان فهد شافني معكم خلاص"
فجاءه طلع من جيبه صوره و عطاني اياها ، كانت اغرب صوره في الدنيا اشوف فيها دم و وشخص ممدد على الارض.
"وش اللي قاعده اشوفه بالضبط؟"
"رشاش لفّق موتك وارسل هالصوره و معاها شهاده الوفاء لفهد واهلك—"
"يعني انا بالنسبه لهم ميته خلاص"
قلتها ببرود.
"لمياء"
قرب مني سلطان ومسك يدي ، ناظرت فيه و حضنته فجاءه.
انصدم هو لكن حضنني بشويش وكأنه خايف انكسر اذا حط يده علي.
"والله اني خايفه يا سلطان ، ما ابي اموت"
"سم الله عليك ، ما راح تموتين وانا حي"
حسيت الحضن طوّل و خفت سلطان توتر وابعدت عنه ، مع اني ما كنت ابي ابعد ابد ، حضنه يحسسني بالامان وان الدنيا وما فيها ما تقدر تضرني.
ابعد عني واستأذن انه يطلع يروح يكلم رشاش.
قعدت في الغرفة شوي ثم دخلت علي خدامه معها اغراضي ، سلمت و حطت الاغراض طلعت.
حسيت ان حياتي القديمة رجعت شوي ، مو كل شيء رجع لكن اشياء بسيطه بتخليني انجو من هالفتره الصعبه.
طليت مع الشباك وشفت الشارع مزدحم و الناس تتسوق واستانست ، على ان البيت بسيط و دور واحد لكن مساحته واسعه و كبير ، احسن شيء ان الحوش كبير ، اذا امطرت بيصير مكاني المفضل.

خطة "ب"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن