الطيف العشرون
=====
_اريد أن أرى أولادي!
أخيراً يسمع ريان صوتها بعد أيام طويلة من الصمت قضتها هنا في المشفى ..
ليتفحص ملامحها بقلق والحزن يخنق خشونة صوته:
_فدوى! ألا تدركين ما أخبرتكِ به؟! لا تصدقين؟!
عيناها زجاجيتان ترمقانه بهذه النظرة الشفافة التي تبدو وكأنها تعبره دون أن تراه ..
يزعمون أنها نجت من الحادث ..أحقاً نجت؟!
جسدها لا يزال يصرخ بآلام تتجاهلها ..
وروحها هي الأخرى تصرخ بآلام أشد ..
وحده لسانها لا يقوى على الصراخ !
قضت نواميس الطبيعة أن الحزين حقا لا يتكلم !
العاشق يتكلم..الغاضب يتكلم..السعيد يتكلم ..
إنما وحده الحزن يخرسنا !
كفه القبيح يمتد بحناجرنا منتزعا منا الحروف ..
يغتصب من فرشاتنا الألوان ..
ويلقينا تائهين أمام بوابات مدينة لا تعترف بالخرس!
الا تبا لهذا اللعين الذي يسلبنا حتى القدرة على البوح ..
بالله دع لي حرفا او بعض حرف ..
شظايا الجرح توشك أن تنال من الصدور المغلقة !
_هل تسمعينني؟!
تعود لترمقه بهذه النظرة الشفافة دون أن ترد ..
فقط دموعها تنهمر كأنها تنبع من بئر لا يجف !
دموعها صامتة مثلها ..مصدومة مثلها ..ضعيفة مثلها ..
وخائنة مثله!
يطلق زفرة مشتعلة وهو ينتقل جوارها على الفراش ليقول بنفس النبرة المختنقة :
_أعرف أن الصدمة كبيرة على كلينا ..لكن ..يجب أن تتماسكي وتستعيدي عافيتك بسرعة ..الطبيب صرح لك بالخروج كما أن ظروفنا المادية لا تسمح ببقائك هنا في المشفى طويلاً!
تلتفت نحوه برأسها لتتفحص ملامحه عبر هذا القرب ..
عبارته لم تصدمها وهي تفضح أكثر ما يفكر فيه !
الظروف المادية!
أنفاسه معبقة برائحة الخيانة..
مصبوغة بلون الدم ..
حامضة بمذاق الخذلان ..
قلبها يلعنه ..
روحها تلعنه ..
كل ذرة من جسد -كان يوماً له- يلعنه ..
لكن شفتيها تبقيان مطبقتين ..
حارسين أمينين على حزن لا تسعه الدنيا كلها !
_فدوى ! لا تنظري إليّ هكذا ! قولي أي شيء!
يقولها بنبرة حادة وهو يخشى الاستسلام لشعوره بالذنب من جديد ..
لن يقوى على جلد نفسه أكثر !
تغادر الفراش كأنما تمنحه مراده ..
جسدها الواهن يترنح مكانه فيسندها لكنها تدفعه عنها بأنامل صارت تشمئز من لمساته ..
لا يلومها !
هو الآخر صار يأنف من لمسها !
بعض المحن يؤلف بين القلوب وبعضها يبذر الشوك في طريق العفو فلا يعود إليه سبيل !
أنت تقرأ
من يعيد قوس قزح الجزءالثاني لسلسلة وهل للرماد حياة(ماسةوشيطان) لـنرمين نحمدالله
ChickLit_لن تقنعني ببرودك هذا.... تحت الرماد نار أكاد احسها تلفحني بلهيبها.... فأتسعت إبتسامته القاسية موازية لصرخة أدهشتها وهي ترأه يغرس"سيجارته"المشتعلة في معصمه لتتجمد ملامحه بألم بدأ كأنه اعتاده... قبل أن يتصبب جبينه بعرق خفيف وهو يتناول مطفأة سجائره...