البارت 30

1.6K 57 1
                                    

                                   
                                         

الطيف الثلاثون
=====

                     

*برتقالي*
=======
مدي بساطي واملئي أكوابي
وانسي العتاب فقد نسيت عتابي
عيناك يا بغداد منذ طفولتي
شمسان نائمتان في أهدابي

                     

يغمض يحيى عينيه أمام قبر الرجل والكلمات تقفز لرأسه لا يدري من أين طفت.. إنما تكتسحه بعمق معانيها..

                     

لا تنكري وجهي فأنتِ حبيبتي
وورود مائدتي وكأس شرابي
بغداد.. جئتكِ كالسفينة متعباً..
أخفي جراحاتي وراء ثيابي..
أنا ذلك البحار ينفق عمره
في البحث عن حب وعن أحبابِ
ماذا سأكتب عنكِ يا فيروزتي
فهواكِ لا يكفيه ألف كتابِ!
تلتوي شفتاه بابتسامة مريرة مع نهاية كلمات (قباني) في رأسه فيشعر وكأنه هو من كتبها!!

                     

هاقد عاد السندباد لأرضه وكم ودّ لو عاد منتصراً بقوة نفسه لا مرغماً بوجع فقد!!

                     

عيناه تحيدان نحو قبر الرجل من جديد فيود لو كان يملك القوة لينتزعه منه..
ليخبره أنه عاد.. أنه أخيراً يملك القوة ليواجه..
لكنه هو لم يعد موجوداً!

                     

_لماذا الآن بالذات؟! كنت أريد أن أفهم!!

                     

يصرخ بها داخله فتحتجز شفتاه صرخاته وهو يمد كفيه بعجز نحو شاهد القبر..
قبل أن يحيد ببصره نحو القبر المجاور للرجل الذي عاش عمره يحمل اسمه زوراً..
فلا يعرف حقاً أيهما أبوه!
من ألقى النطفة الحرام.. أم من رباه وكبره ومنحه اسمه!؟!
أي جحيم هذا؟!
أي جحيم!!!
يشعر بكف إلياس على كتفه فيرفع إليه عينيه الغاضبتين.. والدامعتين ليغمغم بخفوت عاجز :
_كنت أحتاج أن أفهم.. لعلي كنت أسامح ولو أن الخيانة لا تغتفر.. لعلي كنت أتفهم ولو أن الغدر لا يُبرر ..أو على الأقل لعلي كنت أعرف ولو أن العلم هنا لن ينفع.. لماذا؟! لماذا؟!! لماذا رحل وآخر عهدي به هو انتقامي منه؟! لماذا غادر بهذه الطريقة كأنه لآخر لحظة يصر أن يحرمني حقي في هويتي؟! أنا عدت يا إلياس.. عدت لوطني وبيتي في معجزة ظننتني لن أشهدها ما حييت.. عدت.. عدت لكنه هو.. هو لن يعود!

                     

تدمع عينا إلياس بفيض شعوره في هذه اللحظة بين حزنه الطبيعي على شقيقه وتعاطفه مع يحيى الذي يكاد يفقد عقله منذ سمع الخبر..
لكنه يتمالك نفسه بقوة تليق به ليشد على عضدي يحيى بقوة غارساً نظراته القوية في عينيه :
_يعلم الله كم يشق عليّ قولها.. لكن.. لعلها شارة القدر كي تطوي هذه الصفحة بأسرها.. هو - سامحه الله- قد رحل حاملاً وزر خطيئته فلماذا تعيش أنت تحملها؟! انسَ يا يحيى.. انسَ!

من يعيد قوس قزح الجزءالثاني  لسلسلة وهل للرماد حياة(ماسةوشيطان) لـنرمين نحمداللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن