البارت 14

1.7K 58 4
                                    

                                   
                                         

الطيف الرابع عشر
=======
*أحمر*
======
_خالي ربيع خرج بالسلامة !!
هتاف هبة المنطلق بفرحتها يجتاح سمع يسرا وهي تقف في الفرن فيخفق قلبها بسعادة حقيقية وهتافات العمال من حولها بحمد الله تكاد تصم أذنيها ..

                     

_سيعود ..سيعودان ..سيعودون !

                     

تتمتم بها يسرا باشتياق تعجبت له في نفسها !!
اشتياق لربيع ..لابراهيم ..ولأولاد عمه ..كلهم..
كلهم افتقدتهم كأنما اختل توازن عالمها -الافتراضي- منذ رحلوا ..
لكن فرحتها يهزمها المزيد من هتاف هبة المنفعل:
_هم في طريقهم إلى هنا الآن ..جنة أخبرتني أنها ستوصلهم بنفسها مع زوجها .

                     

تشحب ملامحها كثيراً وهي تتراجع خطوة لا إرادياً للخلف ..

                     

_هاهم قد جاءوا !!

                     

لم تدرِ من أين أتى الهتاف لكنها وجدت أثر قصفه في صدرها !!
تسمع الجلبة حولها فتميز لوهلة سيارة فخمة تقترب وقد كان هذا آخر ما وعته قبل أن تغلق عينيها بقوة ..
كالنعامة تدفن وجهها في الرمل كي لا ترى الخطر وكأن هذا كافياً كي لا يلحق بها هو!!
وبقدر لهفتها للقاء ربيع وإبراهيم لم تشعر بخطواتها وهي تركض ركضاً عكس خطوات الجميع نحو الأعلى ..
نحو شقة هبة تحتمي بغرفتها ..
بفراشها ..
بغطائها الذي رفعته فوقها تستمد منه حماية وعيناها الزائغتان تراقبان باب الغرفة برعب ..
ورغماً عنها تستعيد كل لحظة خوف عاشتها في حياتها ..
الشريط طويل ..طويل ..
يبدو بطول العمر !!

                     

لكنها هذه المرة تملك هذا القبس من النور في صدرها ..
هذا الطيف الواعد من "قوس قزح" يتوهج ببطء وسط غيمات روحها ..
_يارب ! يارب!

                     

تهمس بها بخشية لأول وهلة ونفس الرهبة تمنعها من رفع رأسها لأعلى كأنها تشعر أنها لا تستحقها أو كأنها تخشى أن تصيبها صاعقة ..
لكن قلبها يأنس لها رويداً رويداً فترددها تباعاً ثم ترفع رأسها للأعلى هامسة بين دموعها :
_أنت تحبني ..لو كنت لا تحبني لما أوجدت لي الطريق هنا ..لا أعرف بما أدعوك ..لا أحفظ شيئاً مما يقولونه ..لكن ..اغفر لي ما مضى ..ولا تحرمني هذا المكان الذي يقربني إليك ..يارب ..يارب ..

                     

تكررها مرة خلف مرة وهي تشعر بالعجز ..
إنما -كذلك- بالقرب!!
مما وعته من كلام إبراهيم في الدرس ذاك اليوم أن الله يجيب المضطر إذا دعاه ..وهي الآن تشعر أنها في أشد لحظات حياتها خوفاً ..
ليس خوفاً من أن يفضح سرها فحسب ..
بل أن يجبروها أن تخرج من هنا ..
أن يخلعوا عنها عباءة "سمرا" التي لفتها بعد طول عري وبرد ..
ويعيدوها لثوب يسرا الذي لا يدفئ ولا يستر !

من يعيد قوس قزح الجزءالثاني  لسلسلة وهل للرماد حياة(ماسةوشيطان) لـنرمين نحمداللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن