نصف الفصل الخامس والعشرون...
======
*أخضر*
======
_"الست عزة " ! حمداً لله على سلامتك !
يهتف بها بواب البناية حيث شقتها القديمة قبل زواجها من إيهاب فلا تجد القدرة -ولا الرغبة- لتتكلف ابتسامتها التقليدية قانعة ب"وجهها المهزوم" ..
فضول الرجل يتحول لبعض الشفقة وهو يميز حقيبتها الكبيرة التي احتلت خلفية السيارة مع صوتها الذي سمعه لأول مرة بهذا الانكسار :
_اصعد بها للأعلى .
يحوقل الرجل بصوت خفيض لكن صوته كان يدوي في أذنيها بما يشبه قرع الطبول ..يعيرها بالمزيد من الفشل ..
تتجه نحو مدخل البناية لتصعد الدرج نحو المصعد الذي فتحت بابه لتفاجأ بإحدى جاراتها تخرج منه ..
_عزة! مبارك زواجك ! لم تتسنّ لي فرصة تهنئتك حتى الآن ..اعذريني ..
لا تحب هذه المرأة ولا تظنها تحبها كذلك .. لهذا تصم أذنيها عن ثرثرة المرأة مكتفية برد تقليدي عبر إطراقة رأسها ..لكن نظرات الأخيرة تقع على الحقيبة التي حملها البواب فتهتف لها بدهشة :
_عدت بحقيبتك ؟! لماذا ؟! لم يمض على زواجك الكثير !! وأنا التي كنت عاتبة عليك لأنك لم تدعني إلى حفل زفافك ؟! لا بأس يا حبيبتي ..أنا رأيت الفيديو المنتشر على شبكات التواصل لحفل ليلة زفافك وما قالته شقيقتك !! يبدو أن الأمر ..يالله !! موقف صعب !!
شفقة المرأة الظاهرة تخفي شماتة تكاد تراها حتى وهي مطرقة الرأس هكذا لتردف الأخيرة بنفس النبرة :
_سمعت كذلك أن البرنامج خاصتك قد توقف وأنهم يعدون مذيعة بديلة لتقديمه ..قلت لنفسي حقاً ..المصائب لا تأتي فرادى) ..لكنني لم أصدق ..أين سيجدون مثلك ؟! البرنامج أصلاً كان ..
لكن عزة تقاطعها وهي تتقدم صامتة نحو المصعد لتضغط زر طابقها ثم تغلق الباب في وجهها بهدوء ظاهر ولا تزال مطرقة الرأس ..
كان يمكنها الرد بلباقة لا تنقصها تعلمتها عبر سنوات عملها لكنها كذلك زهدت التبرير ..زهدت التظاهر ..زهدت الكذب ..
فلتعترف بالهزيمة فحسب!
تغلق باب شقتها بعد دخولها لتستند عليه مطلقة تنهيدة ..
قبل أن تنحدر عليه لتستقر جالسة على الأرض !
كيف يمكن هكذا أن تشعر أنها عادت ..ولم تعد ؟!
هذا المكان تعرفه ..هذا الأثاث تعرفه ..كل قطعة فيه اشترتها في مناسبة ما لها معها ذكرى ..حتى الأرض تحت قدميها ..تكاد تعرفها ..
طالما كانت تحب الجلسة على الأرض زاعمة أنها تكفيها خوف السقوط ..فمالها الآن تشعر أنها تسقط حتى وهي جالسة ؟
أنت تقرأ
من يعيد قوس قزح الجزءالثاني لسلسلة وهل للرماد حياة(ماسةوشيطان) لـنرمين نحمدالله
Chick-Lit_لن تقنعني ببرودك هذا.... تحت الرماد نار أكاد احسها تلفحني بلهيبها.... فأتسعت إبتسامته القاسية موازية لصرخة أدهشتها وهي ترأه يغرس"سيجارته"المشتعلة في معصمه لتتجمد ملامحه بألم بدأ كأنه اعتاده... قبل أن يتصبب جبينه بعرق خفيف وهو يتناول مطفأة سجائره...