الطيف الثامن والثلاثون
======
_لماذا لم تخبرني أنك ستعود مبكراً من عملك؟! لم أعد طعاماً كافياً!
تهتف بها هيام بسخط لا تبالي بفظاظتها المعهودة وكلماتها تكون أول ما تستقبله به ليرد بخنوعه الظاهر:
_لا بأس.. سأتناول أي شيء.
يركض أولاده نحوه تباعاً فيعانقهم ب"ما بدا" حاراً ملهوفاً قبل أن يتوجه نحو غرفة نومه لتلحق به هيام..
تغلق باب الغرفة خلفهما فيبدأ في تبديل ملابسه لتهتف به بنفس النبرة الساخطة :
_كم مرة أخبرتك ألا تبدل ملابسك أمامي؟! هذا الوشم "المهبب" على ذراعك يكاد يجعلني أتقيأ! يركبني ألف عفريت عندما أراه!
ابتسامته الخانعة تنجح في اصطناع الخزي وهو يرتدي قميص منامته بسرعة قائلاً :
_لا تنسين الأمر أبداً! كان هذا منذ سنوات! خطيئة استغفرت عليها الله ولن أكررها! أخبرتك أنها كانت ليلة غريبة.. بعض زملائي في العمل من صحبة السوء - سامحهم الله- ذهبوا بي لذاك المكان بعدما تناولنا مشروباً عرفت بعدها أنه كان نوعاً من الخمور.. عندما أفقت لنفسي وجدتنا جميعاً قد رسمنا الوشوم على أذرعنا.
_لو كانت واحدة غيري لشكت في سلوكك لكن هكذا أنت طوال عمرك! أهبل! كلمة تذهبك وكلمة تأتي بك؟! ضحكوا عليك؟! سقوك "شيئاً أصفر"!؟! ماذا تركت للفتيات؟!
تقولها بتهكم فظ شابه الكثير من الاستهانة وهي تتناول قميصه الذي خلعه.. تعترف سراً أنها تخاف هذا الوشم منذ رأته على ذراعه أول مرة.. حتى أنها كانت تتحاشى لمسه في لحظاتهما الحميمة لكنها أبداً لن تجهر بها.. لهذا تردف بسخرية :
_ثعبان؟! لا أصدق أن واحداً مثلك يخاف من خياله يرسم على ذراعه ثعباناً؟! لكن يبدو أنهم عندما غيبوك عن وعيك أوهموك أن رسماً كهذا قد يزرع القوة فيك وأنت من خيبتك صدقتهم! مؤكدٌ أنهم جعلوك تدفع فيه "الشيء الفلاني"! ألم نكن أنا وأولادك أولى بتلك النقود؟!
فيبتسم بسماحة ظاهرة وهو يجلس على طرف الفراش قائلاً :
_المسامح كريم يا هيام! مرت سنوات على هذا الأمر وعجزت عن إزالته.. لماذا تتذكرينه الآن ؟! أم تراك تشعرين بالغيرة كلما ابتعدت عنك؟! تخافين أن أعيد الكرة فتجذبني صحبة سوء من جديد للنساء مثلاً؟!
فتصدر ضحكة مكتومة ساخرة وهي تهز شفتيها المضمومتين يمنة ويسرة بحركة ذات مغزى هاتفة :
_"اللي خدته القرعة "! بلا حسرة!
ثم تلطم وجهها بخفة مردفة:
_من يصدق أنك أخو راغب الأكبر؟! راغب الذي تهز خطوته الحي كله! وأنت الذي لا يكاد أحدهم يراك! بلا خيبة!
يصمت دون رد كعهده معها لتتناول سرواله الذي خلعه هاتفة :
_هات جوربك كي أغسلهم كلهم..
يناولها خاصته فتتشممه لتتمتم بامتعاض :
_جوربك رائحته نظيفة كأنك ارتديته لتوك.. كذلك ثيابك تخلو من رائحة العرق رغم طول ساعات عملك..
تلتمع عيناه لمعة مفاجئة كأنما ساءته ملاحظتها لكنها تبدو غافلة عن هذا وهي تردف بنفس الاستهانة الفظة :
_يبدو أن جسدك مثلك خامل كسول حتى عن العرق.
أنت تقرأ
من يعيد قوس قزح الجزءالثاني لسلسلة وهل للرماد حياة(ماسةوشيطان) لـنرمين نحمدالله
ChickLit_لن تقنعني ببرودك هذا.... تحت الرماد نار أكاد احسها تلفحني بلهيبها.... فأتسعت إبتسامته القاسية موازية لصرخة أدهشتها وهي ترأه يغرس"سيجارته"المشتعلة في معصمه لتتجمد ملامحه بألم بدأ كأنه اعتاده... قبل أن يتصبب جبينه بعرق خفيف وهو يتناول مطفأة سجائره...