-فلاش باك، قبل أكثر من عشرين سنة-
"أولي يمثي!" (أولي يمشي!)
قالها أوليفير وهو يصفق بيديه بسعادة طفولية عندما استطاع أن يخطو خطوة لوحده لأول مرة وأكمل يمشي لعند والديه كي يريهما إنجازه: ماما بابا أولي يمثي.
"بابا اندل أولي يمثي مثلتم" (بابا أنظر أولي يمشي مثلكم)
اقترب أوليفير من والده غير مستوعب لحالته أو ما يفعله بوالدته، فقد توازنه بشكل بديهي لطفل يمشي للمرة الأولى فاستند على الطاولة القريبة منه لكنه سقط وسقطت هي معه لتنكسر الزجاجة التي كانت فوقها.
كانت زجاجة من الكحول ووالده كان تحت تأثيرها وقد كان يضرب زوجته لكن أوليفير لم يستوعب ذلك وقتها، لحسن الحظ لم يحصل الكثير له فقط بعض الخدوش والجروح البسيطة، لكنه كطفل لم يتجاوز الثالثة ورأى بعض الدماء على جسده بالتأكيد بدأ بالبكاء، انتظر أحد والديه ليأتي لتهدئته ومساعدته لكنه تفاجأ بيد والده تقبض على ذراعه الصغيرة المجروحة بخشونة وترفعه بعنف ليصرخ في وجهه بكلمات لم يستوعبها كلها لصغر سنه، لكن على ما يبدو أبوه غاضب لكسره الزجاجة مع أنه لم يقصد ذلك.
بطبيعة الحال زاد بكاؤه بعدها ليرميه والده في غرفة مظلمة ويحبسه هناك متجاهلًا صراخ زوجته ومتناسيًا أن القابع في الغرفة الآن هو طفل بريء في الثانية من عمره وحسب، أغلق الباب بالمفتاح وخبأه معه ثم ضحك بسخرية وهو يرى زوجته تبكي مترجية إياه بأن يخرج طفلها من الغرفة، لم تصدق بأن قلبه لم يرق لصراخ طفله المرتعب وتركه هناك لفترة طويلة جدًا.
استمرت الأوضاع وازدادت سوءًا فترة ليست بقصيرة تأذت فيها نفسية أوليفير بشدة، أصبح يهاب المشي لارتباطه بذكريات سيئة جدًا بالنسبة له، كما وأصبح يخاف الظلام وطبعًا عانى من آثار التعنيف الذي تلقاه هو وأمه بسبب والده المدمن.
استطاعت والدته بعد فترة الهروب وأخذ طفلها معها، كانت تعرف بحملها لكنها لم تستطع التحمل أكثر وهي ترى طفلها يذبل أكثر وينهار يومًا بعد يوم، لم تتحمل أن ترى طفولته تتدمر أكثر أمامها، حاولت.. حاولت إنقاذه.. ولا تعرف إذا ما كانت قد نجحت..
-انتهى الفلاش باك، العودة للحاضر-
الصوت الوحيد الصادر من الغرفة هو أنين أوليفير الطفولي الذي يلي بكاءه في العادة، هي عادة لديه وحسب، توقف زاك عن المسح على شعره عندما أحس باختفاء شهقاته ثم رفع رأس أوليفير ليقابل وجهه وقال بحنان شديد: هل أنت بخير الآن صغيري؟
أومأ أوليفير بهدوء بعدما توقف عن الأنين لشعوره بالارتياح وفرك عينيه المحمرتين من البكاء بلطف ثم نظر للأسفل بحزن طفولي ولم يتكلم، شعر بيد دانيل تربت على شعره مخبرًا إياه بلطف أنه لا بأس إذا لم يتكلم الآن وأنه إذا ما استطاع الكلام فيما بعد عليه إخبارهم، وأخيرًا احتضنه أوجون بقوة وبدأ يدغدغه ويضحك معه لينسى ما حصل كما وقد قدم له بعض الحلوى وأعطاه دانيل الهدية التي أحضرها له، كان سيعطيه إياها على أي حال لكن يبدو أنه من الصعب معرفة ما حصل له في الماضي، ويبدو أنهم قد يستسلمون في هذا الأمر وحسب، عندما يخرج من مساحته سيحاولون سؤاله.
أنت تقرأ
طفلنا الكبير
Contoيسكن أوليفير مع ثلاثة من رفاقه وزملائه في الجامعة في نفس البيت يعيشون حياة عادية لطيفة، يتفاجأ أوليفير بخبر موت أخته الصغرى ويدخل في حالة اكتئاب لفترة. في يوم من الأيام يتفاجأون بتصرفات أوليفير وثيابه الغريبة، بكاؤه بعد شهر من الجمود، كيف سيتعامل أص...