الجزء الحادي والعشرون (الأخير)

1.8K 69 12
                                    


"ملل"

صرخ أوجون بعدما رمى هاتفه الذي ملّ منه لإمساكه له طوال الساعة الماضية، بعد انتهاء اختباراته يشعر بفراغ كبير، نظر لأوليفير الجالس على هاتفه بملل هو الآخر وابتسم بخبث ثم جلس جواره وتكلم بأدب: أوليفير هل تشعر بالملل؟

نظر له أوليفير بطرف عينه بشك: من أين نزلت عليك هذه النظرات والأدب المفاجئ؟ لا بد أن هناك مصيبة خلفها.

- ما هذا الكلام أوليفير؟ أردت أن نتسلى وحسب.

- قل ما تريده وأرِحني.

- ادخل مساحتك.

قالها بابتسامة بريئة محاولًا إقناع أوليفير الذي رفض بشدة: انقلع لا أضمن متى أخرج منها هذه المرة، المرة الماضية استيقظت لأجد أمامي اختباري رياضيات وفيزياء بعد أسبوع وأنا لم أذاكر منذ شهرين، لا أعرف حتى كيف نجحت.

- إنها عطلة أوليفير أرجوك لن تعطلك عن شيء هيا هيا.

- كيف تضمن خروجي منها؟

- لا عليك أظن أنني وجدت بعض الطرق، سنجربها الوقت مناسب، لا جامعة، لا عمل، لا شيء.

تنهد أوليفير باستسلام بعد ترجي أوجون له وهز رأسه بالموافقة: سأعد الطعام وأدخلها، لا أريد أن آكل طعامًا محروقًا.

-أحسنت أحسنت بعد غد سيأتي دانيل وزاك وهما سيطبخان لذا أعد طعامًا يكفي ليومين وأنا أتدبر الباقي.

هز أوليفير رأسه بيأس وذهب لإعداد الطعام وبعدما انتهى وضعه في الثلاجة ليدخل غرفته ويبدأ محاولة الدخول في مساحته لإرضاء أوجون، لا يزال يخجل قليلًا لكنه اعتاد الأمر فأصدقاؤه يجبرونه على الدخول فيها أحيانًا لإنهم يشتاقون لأولي الصغير كما يقولون له، من الواضح أن أمنية يوم ميلاد زاك تحققت.

"أولي هل أدخل؟" 

لم يسمع أوجون جوابًا فتردد بالدخول مع أن أوليفير تأخر لذا فتح الباب ببطء كي لا يزعجه في حال لم يدخل مساحته بعد، يعرف أنه لا يحب أن يراه أحد وهو يحاول الدخول فيها فالأمر محرج في نظره، وهم يحترمون رغبته جميعًا كون ذلك يسمح لهم في النهاية برؤية أولي الصغير.

"أولي؟" 

نادى أوجون ثانية وهو يبحث في الغرفة حتى سمع ضجة تصدر من الحمام فطرق الباب: أولي أنت هنا؟

- أوذون! أولي يلب بالماء. (أوجون! أولي يلعب بالماء)

فتح الباب بسرعة وتوسعت عيناه بعدما رأى أرض الحمام مليئة بالماء الذي يسيل من الحوض الذي كان أوليفير قد دخله يلعب بالماء: ما الذي فعلته! لقد بللت نفسك أولي لا يجوز هذا.

- أولي آثف لن ييدها. (أولي آسف لن يعيدها)

قالها بحزن طفولي وهو ينزل رأسه ويمط شفته السفلى فابتسم أوجون واقترب منه ثم ربت على رأسه: لا بأس صغيري أسامحك، المرة القادمة إذا أردت اللعب بالماء أخبرني حسنًا؟

أومأ أوليفير ثم ابتسم ببراءة ونطق: هل تلب مع أولي؟ (هل تلعب مع أولي)

- بالطبع!

أحضر أوجون بعض البطات المطاطية كما وقد ملأ الحوض بفقاعات الصابون ليعج المكان بضحكات أوليفير الطفولية وأوجون الذي يضحك لضحكه اللطيف، لقد تخطى ذكرياته أخيرًا، كان قويًا كفاية ليفعلها لكنه احتاج شخصًا يستند عليه، لذا كانوا جواره دومًا.

تعافى أوليفير أخيرًا من جروحه، جروح الماضي، وجرح أخته، تخطى الأمر ولا يريد إعادة التفكير به فقد اقتنع أنه لا فائدة لذلك، سيعيش حاضره ويتطلع لمستقبله وحسب، لن ينظر للماضي إلا لأخذ العبرة. اقتربت علاقتهم أكثر وأكثر كأنهم عائلة بالضبط، عائلة مكونة من خمسة أفراد كما يقولون، فهم يحسبون أولي الصغير فردًا منفصلًا حتى بات أوليفير يشك أنهم يحبونه أكثر منه، الأمر معقد بشكل كبير لإنهما نفس الشخص لكن لا ينكر سعادته عند حديثهم عن أولي الصغير في كثير من الأحيان، إنه شعور غريب، كأنهم يحبونك مرتين، لكنه لا ينفي حقيقة جمال ولطافة الشعور.

عرف أنهم ساعدوا أولي الصغير أيضًا على تخطي عقدته من المشي والظلام وهو ممتن لهم حقًا فقد عالجوه، عالجوا روحه وشفيت ندوب قلبه أخيرًا بفضلهم، بفضل عائلته الجديدة المكونة من خمسة أفراد، ولو أنه يرفض أحيانًا الفرد الخامس لكنه يحبه كما يحبونه فهو جزء منه في النهاية، هو سبب ما هو عليه الآن، هو سبب تقرب عائلتهم أكثر، هو سبب شفائه وهو سبب الدفء الذي يشعر به الآن، هو ممتن له حقًا، أكثر مما تخيل أن يفعل في أي يوم من الأيام، كان سعيدًا بشكل سري لإنه طفلهم الكبير كما يسمونه، ولو أنه أبدى انزعاجه من اللقب لكنه قريب لقلبه، وجدًا.

-انتهت-

.

.

.

بارت ليلي أخير.. مترددة أنزله وحاسة بمشاعر غريبة مختلطة، الرواية قريبة لقلبي وجدًا وحزينة لإنهاءها بنفس القدر الي سعيدة فيه.

في كلمة ختام بعد شوي رح أتكلم فيها بأريحية أكثر، أتمنى إنه النهاية كانت مرضية إلكم، عدلتها كتير فعليًا وصياغة الكلام في النهاية كانت صعبة لكن الحمدلله راضية عن الي وصلتله.

طفلنا الكبيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن