بينما كان الصغير واقفًا حركت الرياح الباردة ملابس حداده، المكونة من قميص وسترة سوداء وبنطال طويل من لون السترة نفسه، يحدق بقزحيتيه بصدمةٍ ومن دون أي تعبير، فقط نظرة فارغة، لا يزال يتكرر مشهد الدفن بعقله حيث يرى التابوت الأسود الذي يتواجد به جده ينزل في الحفرة ببطء، شبح الموت يسلبه جده مثلما أخذ منه جدته -حسب ما فهمه- كان قد مسح دموعه قبل دقائق
نظر للسماء ينتظر حول الليل ليرى نجمة جده مع نجمة جدته.
بعد انتهاء الجنازة ألقى نظرة على زوج عمه، التي كانت تبكي، أمسكت بمنديل ومسحت دمعة ساقطة من عينها العسلية.تعجب ان فرانس لم يبكِ، كان جالسًا على أحد المقاعد بصمت طوال الوقت مخفضًا رأسه؛ حيث تغطي خصلات شعره الذهبية ملامح وجهه.
خطا خطوة ليقترب منه لكن ما منعه وأجفله صوت عمه الحاد والآمر له قائلًا: لا تقترب منه، لا شأن لك به، يجب أن يتعلم ألّا يبكي أو يخفض رأسه هكذا؛ هو من عائلة بورفورت.
التفت إليه الصغير ليراه وراءه واقفًا باستقامةٍ ولا كأن الذي توفي والده، ولا يوجد أي تأثر على ملامح وجهه، وعيناه الزرقاوان كأنهما بحر هادئ.
بينما يتوجه الكبير نحو صغيره الأشقر أخفض رأسه وتساقطت خصل شعره، قرَّب أذن ابنه فهمس بعدة كلمات جعلت ابنه يرفع رأسه بسرعة وملامحه مُلئت رعبًا، أومأ إيجابًا.
حدث هذا أمام نوا، انزعج من طريقة معاملة عمه لفرانس، ولكن لا يجب عليه أن يتدخل، تقهقر نوا متجهًا نحو غرفته ليفرغ حزنه عبر الرسم كعادته؛ فهو فقد اليوم مثاله الأعلى (جده) الذي جعل الجميع يخضعون له ويحترمونه، هو يريد أن يصبح مثله؛ لذلك سيبقي وصايا جده في عقله وذاكرته والتي كان يسمعها عندما يتكلم جده مع والده وعمته، وسيذهب ليكتبها ويعلقها على مكتبه، هذا ما فكر به الصغير وهو متجه نحو غرفته.
________________________
في غرفة التمريض.
من التصغير أن يسموها غرفة؛ فهي مجهزة بكل شيء، كأنها مشفى مصغر موجود بالقصر، هذه الغرفة بحجم جناح كامل، بيضاء اللون، وكل شيء منظم ومرتب، رائحة المعقمات قوية ومنتشرة بشكل خانق.جلست أوليفيا على أحد المقاعد بانزعاجٍ، أمامها ممرضة ترتدي معطفها الأبيض وتحته ثوب أسود بسيط، شكلت شعرها البني الداكن على شكل ذيل حصان، قالت بصوتها الأنثوي الرقيق -المعاكس لصوت أوليفيا العالي والصاخب-: مدِّي يدك اليسرى، آنسة أوليفيا.
فعلت المعنية بعد أن فكَّت زر الكم وكشفت عن عضدها الأيسر لتخرج الممرضة رباطًا مطاطيًا وتلفه حول عضدها، أخرجت الإبرة من غلافها، وغرست الإبرة قليلًا وبدأت بسحب الدم، نظرت أوليفيا إلى القرمزي الذي يخرج منها، كانت قد اعتادت الأمر.
بعد أن انتهت الممرضة من عملها وضعت لاصقة طبية على الجرح.
وبعد مدة ليست بالقليل نظرت للساعة وجدتها الرابعة مساءاً.
أنت تقرأ
صدمة استفاقة
Khoa học viễn tưởngأوليفيا مراهقةٌ عصفت بها مشقات الحياة فتتولى رعاية ابن أخيها نوا، بصوتها العذب تناديه صغيري وتوليه كل اهتمامها وحنانها وتلبي احتياجاته. كيف سيسر يهما مركب الحياة؟ فهما يواجهان جشع البشر وسوداوية قلوبهم، فتفرق دروبهما وينهتي بهما الأمر في أما...