تقدم أندري بخطوات ثابتة ووجَّه سؤاله نحو جوهانس الذي كانت بيده التقارير: ما الذي يحدث هنا وما سبب هذا؟أجابه جوهانس بهدوء وهو يتمعن في الأوراق التي بين يديه: إن فصيلة الدم التي تم نقلها مختلفة تمامًا عن فصيلة دم أوليفيا، وهذا الخطأ نادر الحدوث أو أنها محاولة اغتيال.
تغيرت ملامح وجه أندرياس ولاح الغضب عليها؛ فالاحداث المتسلسلة هذه تثبت بأن والده تعرض لأغتيال وشقيقته الآن تعرضت لنفس الشيء، شد قبضته على يده وسأل بنبرة تعاكس البركان الذي بداخله: ما هي فصيلة الدم الخاطئة؟
أتاه الجواب بسرعة من الواقف بجانبه: إنها (B-) من المستحيل حصول خطأ مثل هذا في بنوك الدم ، وممّا يؤكد لي أنها محاولة للاغتيال أن الـ(RH) مختلف، أي أن جرعة واحدة كاملة تعني موتًا أكيدًا، يا لها من طريقة نذلة وحقيرة، استخدام الطب والعلاج للقتل.
ازداد غضب أندرياس، هذا يعني أن الفاعل يعرف عادات أسرته جيدًا؛ إذن هناك خونة من الداخل، اتجهت أفكاره نحو أخيه ولكن كان تعبيره صادقًا؛ ربما يكون مزعجًا وأبلهَ ونذلًا ولكنه لن يصل إلى قتل أفراد أسرته، بعثر شعره الأسود الداكن بقوة وانزعاج ونطق بصوت باردٍ آمرًا من هو خلفه: إينزو، اذهب وتحقق من بنك الدم، أريد تقريرًا مفصلًا عن الأمر.
أجابه المعنيّ بسرعة ووضوح: حاضر سيدي.أتبعه جوهانس قائلًا للممرضة التي تقف بجانب أوليفيا: فلتذهبي معه لتحضري اكياس الدم من نوع (+A).
أجابت المعنية: حاضر سيدي، سنذهب الآن.سمع صوت خطوات خادمه مع الممرضة وهما يغادران بسرعة وصوت إغلاق الباب خلفهما.
توجه أندري نحو أخته وهو يشعر بفشله الثاني، شعور مرير وقاتل، يكره الفشل والآن يواجه فشلين متتالين وقاتلين.
جلس على الكرسي الخشبي جوار سريرها، فنظرت له بعينين فاترتين اختفى منهما الوهج الأخضر، وضع يده على شعرها، قالت بصوتها المجهد: أندري، إياك أن تترك نوا ينام بمفرده اليوم، إنه صعب على الأطفال أن يستوعبوا الأمر.
وضعت يدها على يده واردفت بضعف: أنا سأكون بخير اذهب الى نوا فهو يتحتاج اكثر مني.
نظره بعينيه الرماديتين لها بحنان فاهتمامها بأبنه عظيم، وهو مهما فعل لن يجد نفسه يرد جمليها بأعتناءه بابنه ومراعاته له وهي بعمر صغير.
وامسك يديها وطبطب عليها واردف بدوء يخفي قلقه عليها: فلترتاحي جيدا، ساذهب له.
ابتسمت وبعدئذٍ أغمضت عينيها بتعب؛ واجهت شبح الموت اليوم.
__________
بعد أن خرج من غرفة التمريض وأودع حياة أخته بيد رفيق عمره الذي يثق به ويثق بأنه لن يخذله، هو يعرفه منذ ثلاثة عقودٍ ولم يندم يومًا ما على ثقته.
أنت تقرأ
صدمة استفاقة
Science Fictionأوليفيا مراهقةٌ عصفت بها مشقات الحياة فتتولى رعاية ابن أخيها نوا، بصوتها العذب تناديه صغيري وتوليه كل اهتمامها وحنانها وتلبي احتياجاته. كيف سيسر يهما مركب الحياة؟ فهما يواجهان جشع البشر وسوداوية قلوبهم، فتفرق دروبهما وينهتي بهما الأمر في أما...