البارت الثالث

87 6 3
                                    

روُاَيِة غمّوُض اللَيِل

البارت الثالث

جعلت الرئيسة اروى تحمل الشوربة الساخنة وكانت اروى محمرة الخدين وعندما وصلت شعرت بدوار ثم فقدت وعيها واسقطت الوعاء وهو ساخن

( بعد خمس ساعات وكان الوقت قد تجاوز منتصف الليل )

استعادت اروي وعيها ولكن ليس بشكل كامل واخدت تفتح عينيها ولكن رؤيتها مشوشة فشاهدت شخصا ذو شعر فاتح اللون يقف عند طرف سريرها ، لكنها لم تراه جيدا ثم اغلقت عينيها وعاودت فتحها كان بالفعل يقف عند باب حجرتها ولكنها تستطع تمييزه ثم اغلقت عينيها ، فتحتها مجددا فلم تجد احد تحسست حرارتها ثم عادت للنوم

في اليوم التالي

استيقظت اروى على صوت الرئيسة: الساعة 11 الضهر ؛ انتي كنتي معفية من الشغل خمس ساعات على ما تتحسني
اروى : بجد! شكرا مش هنسالك المعروف ده
الرئيسة : انتي لازم تجهزي دلوقتي خدي حمام دافي ونبقى نتكلم بعدها
ثم خرجت
شعرت اروى بشعور غريب فقد كانت نبرة الرئيسة كما لو أنها تودعها !؟ فلم تخبرها كالأمس ان تستعد للعمل ، بات الشك يعصف بعقلها
ذهبت لتستحم وحاولت ان تتذكر ما الذي حدث قبل ان تفقد وعيها ؟؟ فشعرت بالقلق
بعد ان انتهت وجففت شعرها بالمنشفة فتحت مذكراتها وكتبت " انا اتعرضت امبارح للتنمر من شريف باشا الأخ الصغير واخوه تامر كمان جيه وكمله شغله ، بس انا لقيت حد طيب بينهم او يمكن انا بتخيل ده بسبب تعبي بس أظن انه اخوهم الكبير أيهم انا تعبت جامد وحرارتي عليت ووقعت امبارح من التعب ، بس اظن اني شوفت حد في اوضي في نص الليل او يمكن بتخيل بسبب الحرارة مش عارفة الصراحة " واغلقت مذكراتها
ونزلت إلى المطبخ لتناول طعام الإفطار وبعد أن انتهت دعتها الرئيسة إلي غرفة جديدة لم تراها من قبل
اروى: اي الأوضة دي يا رقية هانم
رقية ( الرئيسة ) كانت تشير إليها بالجلوس: دي الأوضة التأديبية للخدامات
بدأ الخوف يسري في كامل جسد اروى وأصبحت نظراتها جادة
رقية هانم: انا هدخل في صلب الموضوع على طول الحقيقة امبارح لما اغمى عليكي كنتي شايلة الشوربة وكانت سخنة جدا ووقعت على أجزاء من اسامة بيه
اروى وهي متفاجئة وخائفة في نفس الوقت: أي! طب هو جراله حاجة!؟
رقية هانم: الدكتور كشف عليه امبارح كانت حروقه سطحية نحمد ربنا انها جات على قد كده
اروى: الحمدلله
رقية هانم: بس علشان تبقي في وسط الموضوع انك تفضلي او تطردي يتوقف على قرار اسامة بيه ، عشان كده انتي ممكن تفضلي هنا يومين و بعدين تمشي او يمكن بعد كام لحظة اول ما يوصلني القرار انا هنفذه
حينها تذكرت اروى معاناتها مع الديون وانها سوف تفقد وظيفتها ايضا إن طردت
اروى بيأس : هعمل اي حاجة علشان يسامحني ؛ اوعدك
رقية هانم وهي على وشك المغادرة : بس متتأمليش انك تفضلي هنا في القصر كتير لأن اسامة بيه هو اكتر واحد في اخواته شر وعنف...........ثم غادرت
انفجرت اروى بالبكاء: هعمل اي دلوقتي!؟ كل حاجة انتهت بالبساطة دي !؟ يارب ساعدني
حاولت التماسك وذهبت بخطوات مثقلة فقد كانت يائسة كمن يمسك خيط رفيع فوق شمعة مضيئة
طرقت باب جناح السيد أسامة حينها فتحت الممرضة الخاصة بالقصر وكان هو يستلقي ع بطنه وهو عاري الصدر بالكامل
دخلت اروى بخطوات مثقلة وهي تشعر كما لو أنها تحمل جبلا من الهم على عاتقها
توقفت تماما عند رأس سريره واردفت : انت كويس يا اسامة بيه !؟
حينها أدار اسامة رأسه نحوها ثم نظر إليها بصمت نظرة مختلفة لم تراها اروى من قبل
شعرت كأن سوطاً ضرب روحها فلم تكن نظراته بشرية ابدا كانت تشعر بأنها تواجه وحشا ، تراجعت إلي الخلف قليلا ثم نظرت الي الأسفل فقد كانت تخشي نظرة عينيه
سحب اسامة قميصه من علي الرف الجانبي ولبسه ثم نهض يسير بأتجاه اروى ، شعرت بصعوبة في التنفس وكانت نبضات قلبها تتزايد بأقترابه منها فكل نبضة كانت تهز جسدها اكثر وأكثر؛ توقف تماما امامها وقام بأمساك رقبتها وشدها نحوه
ثم اردف بنبرة صوت هادئة ومخيفة للغاية : مين اللي قالك تعملي فيا كده هااااا !؟
اروى بصوت مخنوق وهي تحاول الأفلات من قبضته : م....محد.....محدش قا...قالي ، محدش قالي اعمل حاجة
حينها زاد اسامة من قوة قبضته بشكل اكبر من قبل: اكيد حد هو الي باعتك صح ؟ انطقي
امتلئت عيني اروى بالدموع وصوتها بدأ يختفي: ان.....انت بتوجعني
صرخ اسامة : ماهو ده إلي حسيت بيه لما وقعتي الشوربة السخنة عليا ، قولي مين اللي باعتك ؟
اخذت اظافر اسامة تغرز في رقبتها بعمق أكثر فأكثر ظلت تقاوم للحظات حتى لم تعد تتحمل وفقدت الوعي
حينها اردفت الممرضة: اسامة بيه ارجوك سيبها هتموت في ايدك
نظر اسامة الي الممرضة وقام برمي اروى على الأرض امسكت الممرضة بيد اروى للتأكد ان دقات قلبها ماتزال تنبض وانها على قيد الحياه
اسامة : طلعيها من هنا حااالااا
الممرضة : حااضر
وحملتها مع الممرضة الأخرى وتوجهوا بها إلي حجرتها
كان مازن يجلس في صالة الدور الثالث على كرسيه المتحرك وشاهد اروى وهي فاقدة للوعي محمولة بين يدي الممرضات ، ثم عاد ليقرأ كتابه الذي كان يحمله بين يديه حينها شاهدتها الرئيسة وتبعتهم
قاموا بوضعها ع السرير وكانت الرئيسة خلفهم
رقية هانم: أي الي حصلها مع اسامة بيه !؟
الممرضة: بصي لرقبتها
كانت اظافره باقيه وواضحة ع رقبتها
الممرضة: بس هي لسه عايشة انا اتأكدت بنفسي
امرتهم الرئيسة بالخروج وقامت بالرش القليل من الماء على وجه اروى
استيقظت اروى مفزوعة : نفسي انقطع .....(قالتها وهي شاحبة شحوب الأموات)
قامت الرئيسة بأحتضانها لتهدأ
رقية هانم وهي تربت على رأسها لتهدأ : يا بنتي لازم تقدمي استقالتك حالا قبل ما يفوت الأوان وإلا حياتك هتنتهي مقتولة ع ايد اسامة بيه زي ما عمل قبل كده مع واحدة منكم
حينها بدأت اروى تستوعب حقيقة وضعها انها وصلت إلي طريق مسدود ، خرجت الرئيسة وظلت أروى بمفردها ، هرعت اروى تبحث كالمجنونة عن هاتفها لكي تتصل برئيسة المجلة في مقرها الصحفي التي تعمل به
ظل الهاتف يرن ويرن دون ان يرفعه أحد ، ثم عاودت الأتصال على هاتفها المحمول وبعد لحظات ردت آمنة رضوان: في ايه!؟
اروى بصوت مخنوق باكي : انا كنت على وشك اني اموت من شوية ، انا شغلى انتهى في القصر الحقير ده ، انا معتش قادرة استحمل الناس المختلين عقليا دول
آمنة بنبرة جادة وحازمة : انا معرفش اي الي حصلك بس انا قولتلك قبل كده ان مفيش مجال للتراجع اتشجعي شوية
اروى: قولتلك عايزة امشي من هنا بأي طريقة ، انا هقدم استقالتي واخرج
آمنة: في حاجات كتير حصلت في الشغل مش عايزة اتقل عليكي بيها بس لازم تتمسكي بالسبق الصحفي بأي طريقة كانت ، وإلا مش هيكونلك مكان في عالم الصحافة ...هتطردي ....ثم اغلقت الخط
ذهبت اروى لتغسل وجهها وتفكر في حل ، شاهدت آثار الأظافر على رقبتها وشعرت برعب شديد
حاولت ان تتسلل بهدوء حتى لا تشعر بها اي من الخدم بخطوات خفيفة وسريعة نحو البوابة الرئيسية ونزلت على الدرج ، فقد كانت تفكر فى الهرب ولكنها ترغب برؤية مكان تخرج منه
بينما هي تجري في الحديقة كان اسامة يقف في شرفة جناحه وشاهد اروى وهي تبدو كما لو أنها تتأكد بأن لا احد يتبعها ، نزل اسامة مسرعاً نحوها فهو يعلم تفكر به من ملامح وجهها المضطربة والخائفة
بينما كانت اروى تنظر إلى البوابة شعرت بيد اسامة تجذب شعرها بقوة إلي الخلف وقد كانت الثالثة عصراً
قام بسحبها وجرها من شعرها ووضعها في غرفة زجاجية بالكامل خارجية وقام برميها في المنتصف : فكري بس بأنك تهربي وهتشوفي ابواب الجحيم اتفتحت ليكي على آخرها ، هقطعك وارمي لحمك لكلابي في القبو المهجور في آخر القصر
وقام بأغلاق الباب عليها واردف : اياكي تطلعي غير بأمر مني
ظلت اروى تسع ساعات بمفردها وحل الليل وبدأت تزداد برودة الجو
كانت تنتظر من النافذة اي شخص فقد كانت تشعر بالعطش
ظهر احدهم وبدأت تنادي بصوت منخفض : لو سمحت! هنا انا هنا
حينها اقترب وكان بدر الأبن الثالث في العائلة ؛ شعرت اروى بأنها ستجد من يجلب لها الماء أخيرا
اروى : لو سمحت يا باشا عايزة ميه مشربتش من الصبح
كل ما فعله بدر هو التحديق بها ثم غادر دون أن ينطق كلمة ، ظلت تنتظر اروى قرابة الربع ساعة تليها النصف ثم تليها الساعة ولم يأتي بدر غريب الأطوار حينها فقدت الأمل
واستلقت على الأرض البارد ترتجف فقد كانت جائعة وعاطشة وخائفة مما سوف يحدث لها
أغمضت عينيها وظلت تدعي ، وسمعت صوت خطوات خفيفة خلفها ثم شاهدت كأس من الماء يوضع امامها واردف بدر : اتمنى ان ده يكفيكي
حينها ادارت رأسها ولم تقوى ع النهوض مجددا ثم جثى بدر على ركبتيه واسندها عليه وقام بوضع الماء في فمها قليلاً فقد كانت شفتيها مزرقة من شده البرد ثم قام بوضع جاكيته عليها ونفخ في يدها بأنفاسه الدافئة لكى تسخن قليلا في ذلك الحين كان مازن ينظر لهما من نافذة جناحه في الدور الثالث

" نهاية البارت "
€: ماذا سيفعل اسامة بأروى يا ترى
€: وماذا سيفعل مازن بعدما رأى اخوه بدر مع اروى

هذا ما سنعرفه في البارت القدم انتظروني في رواية( غموض الليل )

الكاتبة : علياء الأطير

غموض منتصف الليل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن