الفصل التاسع عشر

3.5K 147 14
                                    


الفصل التاسع عشر

بعد مرور شهر .
كانت أحوال البيت الكبير و الذي يضم كل عائلة بركات تزداد تعقيد و تزداد صعوبة .. كانت العلاقات بين حلم و رقيه مقطوعه تماماً
فى الأساس حلم لا تبقى فى المنزل كثيراً و لا أحد يعلم أين تذهب أو ماذا تفعل و حين سألتها عائشة أبتسمت لها بسعادة كبيرة و قالت
-متقلقيش عليا .. أنا زى الفل و مفيش أحلى من كده
تشعر عائشة بالقلق حقاً .. فبقائها فى السرير طوال الوقت يجعلها بعيده تماماً عن أختيها و رغم خوفها على حلم إلا أن نوار هى ما تشغل عقلها بالكامل وجهها الشاحب و شرودها طوال الوقت و غسان الصامت بشكل غريب.. لا يقوم بأى شيء تجاهها و كأنه لا يهتم من الأساس .. هو بالأساس لا يجد وقت حتى يرتاح من ضغط العمل و أيضاً من تصرفات والدته
لا يوجد أحد سعيد و يعيش فى عالم وردي سوى جنة فقط التى علمت منذ يومين أنها حامل .. الجميع كان يشعر بالاندهاش لكن رقيه كانت سعيدة بشكل مبالغ فيه و كأنها تقول القدر يقف بجانبها و ينصرها على بنات أحمد
بركات حالته الصحيه فى تدهور مستمر لا يتحسن خاصة مع إنقطاع أخبار أحمد .. وخصام حلم و راغب له .. و حديث مصطفى الغاضب دائماً من تصرفات رقيه مع الفتايات .. و حاله أولاده الغير مستقرة .. خاصة مع موقفها الأخير مع عائشة و الذي بسببه أصبح يوسف حاد فى حديثه معها فى كل ما يخص عائشة
********************
كانت جنة تجلس فى حديقة المنزل الكبير و خاصة فى ذلك المكان الذي صممه راغب بيديه من أجل حلم .. لكنه أصبح الأن مكان جنة المميز .. و تجلس بجانبها حلم كعادتهم منذ زمن طويل و على مدار سنوات صداقتهم
-من أكثر الحاجات إللى خلتني أوافق أتجوز إبن عمك بعيد عن أنى بحبه طبعاً هو أنى أفضل قاعدة فى المكان ده كل شوية و كل يوم
ضحكت حلم بصوت عالي و هى تقول ببعض المرح
-هو أنتِ يا بنتي مش ناويه تعقلي أبداً خلاص أنتِ هتبقي أم
وضعت جنة يديها فوق معدتها و قالت بأبتسامة واسعة
-اااااااه يا حلم أنا مش قادرة أصدق أنى شايله جوايا حته من راغب
صمتت لثواني ثم قالت بصدق
-تعرفي لو طلعت بنت هسميها حلم
-لأ
قالها راغب بصوت حاد و قاطع وهو يقف أمامهم ثم أكمل قائلاً و هو ينظر إلى حلم بغضب و حقد
-حلم لأ ... أنا مابحبش الأحلام .. أصلها خداعة و قاسية .. بنتى هسميها جنة علشان تكون جنتى أنا و بس و علشان أكون عايش فى جنة أمها و مالك الجنة بإيدى
كانت جنة تشعر بالاندهاش و الصدمه من موقفه و ردة فعله لكنها أبتسمت بسعادة و هى تقول
-يعنى لو ربنا رزقنا ببنت هتسميها جنة يا راغب ؟!
نظر إليها و إبتسم إبتسامة صغيرة و قال
-أيوه طبعاً علشان أبقى صاحب الجنتين
لتقف سريعاً تضمه بحنان و هى تريح رأسها فوق صدره تستمع إلى دقات قلبه المتسارعه تظنها من أجلها و لكنه بسبب نظرة البرود القاتله التى شاهدها فى عيون حلم قبل أن تغادر المكان بهدوء
لكنه لحق بها هو و جنة سريعاً حين وصل إليه صوت يوسف الغاضب بشده
حين دلفوا من باب البيت كان يوسف يقف أمام والدته ينظر إليها بتحفز عيونه شديدة الحمره يضم يديه بشده حتى أبيضت مفاصله
-أمي جوازي و حياتي أنا و عائشة خط أحمر مش مسموح لأي حد .. أى حد مهما كان أنه يدخل فيها .. ولا هقبل إنك تهيني مراتي و تتهميها بحاجات محصلتش
-هى محتاجه تعمل أيه أكتر من كده ... ما هى معصياك عليا و مخلياك تقف قدامي تزعق و تعلي صوتك على أمك .. أيه ناقص تاني
قاطعته رقيه و هى تجيبه بعصبيه و غضب شديد ... ليقترب هو خطوة واحدة و قال بصوت هادئ لكنه قوي
-أنتِ بتخسرينا يا أمي ... إللى أنتِ بتعمليه ده مش صح .. و أنتِ مصره عليه محدش من البنات بيتحداكي أنتِ إللى عايزة الحريقة تفضل قايده فى البيت
ثم تحرك ليغادر البيت سريعاً حين قابل راغب الذي يقف أمام باب البيت .. لينظر إليه ببعض الحقد والغضب ثم قال
-و أنت كمان مش صح .. عايش دور الضحيه و أنت الجاني و السياف .. بكره مش بعيد يا راغب .. و خليك فاكر كلامي
و تركه و غادر سريعاً بعد أن أهدى حلم نظرة صغيرة أومئت له بعدها بهدوء و تحركت إلى غرفتها تاركه الجميع دون إهتمام لنظراتهم الغاضبه و المصدومه
*************************
كانت نوار تجلس بجانب عائشة تحاول تهدئتها فصوت يوسف وصل إليها و هذا جعلها تشعر بالتوتر و القلق فحاولت أن تخفف عنها و تشغل عقلها بشيء آخر فقالت
-أنا عارفه إنك مش هتقدري تتحركي خالص الفترة دى .. لكن أنتِ بتفكري فى حل لموضوعي
أبتسمت عائشة إبتسامة صغيرة و قالت بأرهاق
-التحاليل بتاعتكم معاكي ؟
هزت نوار رأسها يميناً و يساراً ثم قالت
-بس هما مع غسان فى العربية تقريباً
أخذت عائشة نفس حتى تهدئ من ذلك الألم الذى تشعر به داخل قلبها و أسفل بطنها و أيضاً رأسها التي تكاد تنفجر من الألم .. ثم قالت
-عايزاكي تجبيهم من غير غسان ما يعرف أو ياخد باله
كانت نوار تنظر إليها ببلاهه و عدم فهم و ظهر على ملامحها القلق و التوتر لتقول عائشة موضحه
-لما ينام أبقى أنزلى خديهم من العربية .. و خبيهم و لما ينزل الصبح على الشغل جبيهم ليا علشان أشوفهم ماشي
أومئت نوار بنعم فى نفس اللحظة التى فتحت حلم باب الغرفة و هى تقول
-أنا جيت يا بشر ... مفيش ترحيب
ليبتسما الأثنان ببعض المرح لتكمل كلماتها و هى تغمز لعائشة
-يوسف فتح صمام أمان القنبله و أحنا حالياً مستنين الأنفجار الكبير
لتضحك عائشة بصوت عالى و هى تحاوط معدتها بحماية و قالت ببعض المرح
-إذاً هى الحرب
لتضحك حلم بصوت عالي حين قالت نوار
-الحرب قايمة من زمان بس كانت بارده .. دلوقتي النار عليت عليها شوية
لتعلوا ضحكات الثلاث فتايات.. وقد غاب عنهم ذلك الإحساس المؤلم الذى لم يشعروا بغيره من مده طويله و سكنت قلوبهم بعض الراحة و السعادة
***********************
ظلت حلم جوار عائشة حتى أقترب موعد عودة يوسف غادرت الغرفة بهدوء حتى لا توقظها من نومها بعد عناء طويل مع ألم رأسها لتجد يوسف أمامها
يستند على الحائط المجاور للباب وواضح على وجهه الإرهاق و التعب و عيونه شديدة الحمره
-مالك يا يوسف ؟ أنت كويس ؟ تعبان ؟
نظر إليها بعيون حائره .. لتشعر بقلق أكبر و خوف حقيقي غير منتبه لذلك الذى يقف فى آخر الرواق ينظر إليهم بحيره و هو يراهم يتحدثون و كأنهم يخططون لشيء ما و دون شعور منه شعر بالغيره و عدم الأرتياح
***************************
فى صباح اليوم التالي كانت حلم تستعد فى غرفتها للخروج ككل يوم حين سمعت صوت زوجة عمها تنادى على الجميع بصوت عالى لينقبض قلبها بخوف و خرجت سريعاً لتجد الصوت قادم من غرفة جدها كان الجميع يقف فى حاله ترقب يريدون معرفه ما حدث حتى أن عائشة غادرت غرفتها فلم تتحمل أن تبقى بها مع هذا الصوت الذي يقبض القلب .. و حين دلف راغب و خلفه جنة كان الموقف أشبه بتجمع بعض الأرواح المتألمه حول جثه هامده
قلوب ترتجف بخوف ... و عيون حائره تنظر إلى كل ما حولها بأندهاش و عدم فهم .. أقترب غسان خطوة واحدة من والده الذى يجلس منكس الرأس يحاوطها بكفيه و قال
-فى أيه يا بابا ؟ أيه إللى حصل ؟
ليصدر صوت من شاشة التلفاز المعلق على الحائط المقابل لسرير بركات .. لتشهق الفتايات بصوت عالى و هن يخبئن عيونهن عما يروه .. و جحظت عيون الشباب فى صدمه من النوع غير المتوقع .. و هم يرون ما يعرض أمامهم بصدمه لم و لن يتخليها أحد
باب الشالية الخاص بأحمد .. و الصالة الواسعة دراجات السلم الداخلى .. ثم باب غرفة النوم الأساسية .. و حين فتح الباب كان أحمد فى منتصف السرير هو و فتاة غاية فى الجمال و الحسن يمارسان الرذيلة و حين شعروا بمن دخل عليهم شهقت الفتاة بصوت عالى و بان الخوف جليا على وجه أحمد الذى كان يحاول أن يوارى جسده العاري من نظرات من أقتحم خلوتهم و عيونه تنطق بخوف لا أحد يستطيع وصفه
و بعد عدة لحظات .. وجدوا أحمد مقيد بحبال قوية فى صالة الشالية لا يرتدى شئ سوى ملابسه الداخلية و عيونه تحاوطها شريطة سوداء
ثم لقطه أخرى له و هو مقيد بسرير حديدي بلا ملابس تقريباً و رجل يقف عند نهاية السرير و الباقى فهموه جميعاً من اللقطات التى لحقت بتلك اللقطه وصوت أحمد الصارخ و الطالب للرحمه من خلف تلك الشاشة السوداء تماماً
أقترب راغب سريعاً و أغلق التلفاز و نظر إلى الجميع بصدمه .. ليرى يوسف يحاوط عائشة التى تخبئ وجهها فى صدره كحال نوار مع غسان ... جنة لم تحتمل وغادرت الغرفة سريعاً .. و رقيه كانت تعطى التلفاز ظهرها و مصطفى على نفس جلسته رأسه بين كفيه
توجهت عينيه مباشرة إلى حلم التى مازالت عينيها معلقة بشاشة التلفاز عيونها بها برود قاتل و حقد كبير ولكن أيضاً هناك راحة كبيرة و كأنها أخذت بثأرها منه أو أنتصرت فى حربها و أخيراً ظلت نظراته ثابته عليها حتى نظرت إليه بأبتسامة ساخره و تحركت لتغادر الغرفة حين سمعت صوت صرخات نوار المتتاليه لحقتها عائشة و رقيه ... و صوت عمها و هو ينادى على والده الذى لا يجيب و أصبح جثه هامده دون حراك تماماً

سقر عشقي (( جحيم الفراق )) بقلمى ساره مجدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن