الفصل الحادي عشر من ونس

5.9K 113 5
                                    

الفصل الحادي عشر من ونس



دلفت إلى غرفة المكتب وبداخلها مشاعر مختلطه ... هل ستنتهي مهمتها  وتحقق ما تريد؟ ... هل ستجد ما تبحث عنه؟ إبتسمت بسعادة وهي  تغلق الباب خلفها وهي تضع أدوات التنظيف خلفه مباشرة حتى يعيق دخول أي شخص عليها لبضع ثوانِ تستطيع فيهم أخفاء ما تفعله ... وبشكل مباشر بدأت في البحث على ما تريد بدأت بأدراج ورفوف المكتبة .. وبين الكتب .. ثم أنتقلت إلى المكتب  ... وتلك الملفات الموجودة على سطحه ... ومع كل درج لا تجد فيه مبتغاها تشعر بالإحباط ... لكنها أستمرت في البحث .. عين على الباب ... وعين تبحث فيما أمامها ... فتحت الدرج الأخير وأخرجت منه تلك الأوراق والإحباط يتملكها ... أنها لم تصل لشيء حتى الأن وتشعر بحركه بالخارج وتخشى أن يدلف أديم أو نرمين قبل أن تصل لما تريد ... دقائق مرت وهي تبحث بعينيها بين الأوراق حتى وقعت عيونها على ذلك الملف لتبتسم بسعادة وهي تخرج الأوراق من الملف تطويها وتضعها في جيب بنطالها الخلفي ثم وبسرعة كبيرة أعادت كل شيء لمكانه وبدأت في التنظيف بالفعل لكن عقلها بدء بالفعل برسم صور مختلفة عما يسعده وما حضرت هنا من أجله .. صوره لأديم حين يكتشف حقيقتها وما قامت به وما سيحدث منذ تلك اللحظة... هل ما تريد تحقيقه يستحق أن تصبح خائنه في عينيه؟ ويستحق ذلك الجرح التي سوف تسببه له؟ خاصة وهي شعرت بأختلافه عن تلك الصوره المعروفه عن عائلته ... خاصة وهي تشعر بأنجذابه لها .. نفخت بضيق لكنها نفضت عن عقلها تلك الأفكار وهي تعيد على نفسها أهدافها و أحلامها التي ظلت لأيام وأيام تحلم بها وتخطط لها ... لترتسم على ملامحها معالم الإصرار والتحدي وبخطوات سريعه دارت في الغرفة حتى تنهي تنظيفها ... حتى ترحل من ذلك البيت وإلى الأبد
~~~~
تقف عند مقدمة المركب تنظر إلى المياه الصافيه أمامها والهواء يداعب خصلات شعرها الذهبي فيصنع منها هاله جذابه أمام عينيه العاشقة 
لم يستطع أن يظل بعيد عنها أكثر من ذلك ... أنهى حديثه مع قبطان المركب وأقترب منها بهدوء لكنه حين وقف خلفها قال ببعض المرح مازحًا
-حبيبتي روز أوعي ترمي نفسك من هنا ... أنا ما صدقت لقيتك.. ومش عايز أموت دلوقتي لسة مشبعتش منك
ألتفتت تنظر إليه وارتسمت إبتسامة مشاغبة تشبه إبتسامته وقالت بمرح مشابه
-متقلقش يا چاك أنا كمان ما صدقت لقيتك ومش هقدر أبعد عنك
حاوط كتفيها بذراعه ووقفا الأثنان ينظران إلى ذلك المنظر البديع أمام عيونهم ليقول حاتم من جديد
-عارفه يا سالي إني حلمت بكل لحظة معاكي هتكون إزاي كنت بفضل بالساعات أفكر فيكي وأوقات كتير مكنتش بقدر أنام من شوقي ليكي .. كان عندي أحلام كتير أوي نفسي أحققها معاكي
وصمت لثواني ثم أكمل بمشاغبة خاصه وهو يغمز لها
-ومنهم إننا نعمل زي جاك وروز في مشهد العربية
وضحك بصوت عالي حين لاحظ صدمتها لكنه بعد أن هدأت ضحكاته قال بصدق
-حقيقي يا سالي حلمت كتير بقربك .. وإني أعيش سعيد جوه قلبك .. وأحس بحبك ليا وأملك العالم بأمتلاكي ليكي وأمتلاك قلبك .. أنتِ حلم المراهقه والشباب .. وطموح راجل بيحبك بكل خليه فيه وكل نفس خارج من صدري بيردد أسمك .. وكل دقه في قلبي بتقول بحبك
أقتربت منه وحاوطت وجه بيديها وهي تقول بصدق والدموع في عينيها تشهد على كلماتها
-حاتم أنا هفضل طول عمري أعتذر لك وأعتذر لنفسي على عدم أحساسي بيك .. أعتذر على عمايا وسطحيتي ... على قصر نظري .. وعدم نضجي .. أنا أسفة يا حاتم .. أسفه يا حبيبي
-يا سالي أنا قدام كلمه حبيبي دي أنا أبيع عمري كله .. وأسلمك قلبي من غير قيد ولا شرط
قال بصدق وهو يحاوط جسدها بذراعيه لتخبئ وجهها في صدره وهي تهمس له بكلمات الحب والاعتذار ... لكنه أبتسم بشقاوة ... وبحركه سريعة سقط الأثنان في المياة .. وسط ضحكاته وصراخه بكونه يحبها .. وصرختها المتفاجئه مما قام به .. لكنهم ظلوا يلعبون في المياة والضحكة التي ترتسم في عيونهم تحكي قصص من العشق لن ينضب يومًا .. ووعود أن يظل الأثنان معًا مهما حدث .. فكل منهم وجد ضالته في تلك الحياة
...........................
-بس أنا مش موافقه على إللي حضرتك بتقوليه ده يا طنط شاهيناز .. وأصلا من أمتى التوكيل ده معمول لحضرتك
صرخت بها كاميليا ليقف طارق ينظر إليها بغضب وصدمه هل أخته أيضًا ستكون ضده؟ .. كذلك شاهيناز التي وقفت تقول بهدوء رغم ذلك الغضب الظاهر في عيونها
-أنتِ بتقولي أيه يا كاميليا؟ ومن أمتى أنتِ ليكي رأي أو بتعترضي على كلامي؟
لتدخل كاميليا إلى داخل الغرفة وهي تتجاهل كلمات شاهيناز ونظرات أخيها وقالت موجه حديثها للمحامي
-أنا عايزه ألغى التوكيل إللي معمول لشاهيناز هانم .. ومش موافقه على قرارها .. ولو حصل حاجه عكس إللي أنا قولته هقاضيك وهخرب بيتك
الصدمه ألجمت الجميع .. لكن كاميليا لم تتوقف بل أخرجت هاتفها وأتصلت بنرمين وأخبرتها بكل شيء وطلبت منها أخبار أديم بالأمر وسالي وحاتم أيضًا ... وخلال ثوانِ كان هاتف المحامي يعلوا رنينه بأسم أديم لتعود شاهيناز تجلس مكانها وكأنها فقدت كل قدراتها على الحركة أو الكلام كذلك طارق الذي كان يحلق في سمائه بين نجوم أحلامه ... سقط الأن في بئر سحيق ... لا ضوء فيه ولا أمل من النجاة ... حين أغلق المحامي الهاتف مع أديم قال بصوت ضعيف 
-أديم بيه قرر عمل جمعية عمومية بكرة وطالب من الكل الحضور وأولهم حضرتك يا شاهيناز هانم
لتغادر كاميليا بخطوات ثابته صاعده إلى غرفتها والغضب من تلك العائلة يزداد .. وكذلك المحامي لم يعد هناك داعي لبقائه فغادر الغرفة وهو يتمتم بسلام غير مفهوم ثم غادر القصر بأكملة  .. لكن طارق هو من صرخ بصوت عالي موجهًا حديثه إلى شاهيناز
-أنتِ ساكته ليه؟ هو خلاص كده .. سلمتي مبقاش عندك أي سلاح نواجه بيه أديم .. هتسبيه ينتصر.. ردي عليا خلاص كده .. ردي عليا ساكته ليه؟
كانت تنظر إليه بصدمه .. لكن صدمتها لم تجعلها قادرة على الكلام أو الرد على صرخات طارق المتكررة .. أنها خسرت كل شيء بالفعل .. خسرت مركزها وقوتها .. هل كل هذا بسبب أديم؟ .. بسبب خطأها القديم .. هل هي حقاً السبب في كل ما يحدث الأن؟ .. بسبب موافقتها ذلك اليوم .. ورضوخها لقرار سراج .... ظلت داخل دوامتها التي ترسم أمام عيونها ما حدث لها منذ زواجها من سراج .. سراج الصواف حلم كل الفتايات لكن ورغم معرفتها بكونه رجل متعدد العلاقات .. إلا أنها وافقت على الزواج منه ... ورغم تأخر الحمل إلا أنه لم يظهر لها أستيائه .. ولذلك ظلت صامته على خيانته المتكرره ...لكن أن تكتشف أن نتيجة خيانته لها .. طفل .. من حرام ..  "أديم"  التي قبلت أن تعطيه أسمها  وأن تصبح أمه حتى يظل الأمر في أطاره الشرعي أمام الناس... حفاظاً على سمعة العائلة ... ومن بعده رزقها الله بأبنتين لتشعر من داخلها بالرضا من كونها قبلت بأديم كأبن لها ... لكن للقدر دائماً رأي أخر ...ف ما حدث لنرمين .. والذي بسببه سقط سراج مصاب بجلطه قلبيه ... من كثرة لومه لنفسه بعد فترة قصيرة مات  .. فلقد أعتدى سراج على شرف فتاة وإبنته دفعت الثمن .. وطالها مثل ما طال تلك الفتاة ... هل عليها الأن أن تستمر في محاولاتها المستميته في الحفاظ على كيان تلك العائلة؟ .. أم عليها الأن أن ترحم نفسها وتترك كل شيء؟ .. هل عليها الأن أن تكشف كل الحقائق؟ .. وكل منهم يعرف حقيقته... أم تظل صامته ويرحل السر معها كما رحل مع سراج .. لكن إلى متى؟ 
.............................
تقف تتابع ما يحدث وهي لا تصدق ما حدث .. وكأن القدر يساعدها ... ويمهد لها طريق النجاح .. أن تلك المعلومات الجديدة سوف تفيدها حقًا .. أبتسمت بسعادة وهي تتابع ما يحدث وأجلت عودتها إلى المنزل حتى تحصل على كل المعلومات وتصبح الصوره كاملة دون نقصان .. ووقتها ستقوم بما جائت إلى هنا من أجله ... لكنها أيضًا تشعر بالشفقه على حال أديم الذي يظهر الغضب على كل ملامحه وأيضًا في كل حركاته
............................
الغضب يجعل الدماء تفور في عروقه ويود أن يذهب إلى القصر الأن حتى ينظر في وجه أمه ويصرخ بكل ما بداخله من ألم وحزن ... لماذا تفعل هذا به؟ لماذا يشعر دائمًا بكرهها له؟  .. نيران الحقد  التي تصر على أشعالها بين أفراد العائلة الأن تشتعل بداخله ... وطعم الخيانه مر علقم ولا يستطيع أديم إبتلاعه بسهولة
وكانت نرمين لا تقل عنه فجسدها ينتفض  .... وإحساس الخيانه يعود إليها من جديد .. الأن ومره أخرى يعود إليها نفس الشعور القديم.. العجز والضعف ... لماذا عليها أن تظل تتجرع نفس هذا الكأس مرارًا وتكرارًا؟ .. الذكرى المؤلمه تعود إليها من جديد .. وتتجسد أمام عينيها الأن وكأنها تحدث الأن بكل تفاصيلها
(كانت عائدة من مدرستها وككل يوم تسير نصف الطريق مع صديقتها وباقي الطريق تسيره بمفردها ... صحيح قد وضع والدها لها حارس شخصي بسبب رغبتها في السير ذهابًا وعوده من المدرسة ولا تحبز ركوب السيارة .. وهو لم يرغب في إحزانها فخصص ذلك الحارس من أجل تأمينها .. لكن اليوم لم تحضر صديقتها .. فقررت أن تقوم ببعض المغامره .. علها تشعر ببعض التجديد في حياتها .. وبعض النشاط .. متجاهله ذلك الحارس الذي يسير خلفها وكأنه ظلها .. وصلت إلى مكان قريب من المدرسة به حديقه كبيرة وزهور أشكالها غريبه لفتت نظرها من أول مره مرت عليه هي وصديقتها .. فوجدت في غياب صديقتها فرصه لدخول ذلك المكان وأكتشافه .. لذلك لم تشعر بقدميها وهي تخطوا إلى تلك الحديقة تتجول بين الذهور بسعادة .. تتصور مع تلك الزهرة .. وتنحنى تستنشق عبير زهرة أخرى ... تمسك بأوراق تلك الوردة تتحسس نعومتها ... وفجأة وجدت شخص ما يحاوطها من الخلف وكفه الكبير يكتم فمها ... وحملها وألقاها أرضًا لتصطدم رأسها بالأرض الصلبه .. وتبدء الرؤية بالتشوش ... ولم تشعر بشيء أخر سوا صوت بغيض يتغزل في محاسنها .. تشعر بالأشمئزاز والخوف ويده تنتهك حرمة جسدها البريء دون رحمه أو شفقه .. تود أن تصرخ أن تركض أن تبتعد .. لكنها لا تستطيع التحرك أو الأتيان بأي ردة فعل فجسدها بأكمله مخدر بألم وخوف وضعف طفله لم تكمل عامها السادس عشر  .. فقط دموعها هي ما تعبر عن حالتها ورفضها هي فقط صرخاتها المكتومه المرتده داخل صدرها خاصه .. أراد عقلها أن يرحمها مما تعاني فأخذها إلى عالم الظلام ومع ذلك كان هذا الشخص ينتظرها هناك أيضًا
صوت صرخات جعلتها تفتح عيونها بتثاقل ... عيون حمراء وشهقات ممتاليه تشوش وعدم أدراك لعده لحظات ثم أنتهى عقلها لحالتها لتصدر منها  صراخه عالية .. وأستمرت بالصراخ حتى لم يعد يصدر منها أي صوت .. صمت تام وفقط .. كل ما حصل بعد ذلك كان مجرد شعورها بأن الجميع يركض حولها .. أصوات مشاجرات وصراخ وأتهامات بمن المسؤل وصوت أمها تتهم والدها الذي ينتحب بجانبها وهي تخبرة .. بثمن خطأه الذي دفعته نرمين .. ثم صوت صرخات متتاليه لم تفهم منها شيء لكنها تعلم جيدًا أن هناك شيء خطير يحدث
بعد مرور أكثر من ثلاث شهور وبعد ما أستعادت جزء من وعيها رغم صمتها الدائم .. وأستسلامها لكل شيء .. علمت بأن والدها أصيب بجلطه من صدمته لما حدث معها وظل بالرعاية لمدة أسبوعين ... والأن هو بالبيت لكن تلك الجلطة قد أثرت على حركته والنطق .. ولا يفارق السرير وبعد مده قليله مات ... لم تستطع دخول إمتحاناتها  .. وكل من كان يسأل عنها يخبروهم بأنها قد سافرت إلى الخارج .. وظلت الأمور على هذا الوضع حتى بدأت تستعيد نفسها بمساعدة طبيبة نفسية ثقه .. وأتفق الجميع عن إخفاء الأمر ... وبعد عودتها إلى الحياة عرفت من والدتها أن طارق قد طلب يدها من والدها قبل وفاته وهو وافق خاصة مع تعهد طارق بحمايتها وأخبرتها بما قاله
-أنا عايز أتقدم لنرمين يا عمي .. أنا أولى حد بيها و أوعدك إني أحافظ عليها وأشيلها جوه عيني.
وهكذا أتفق الجميع بشكل ضمني أن نرمين لطارق ... لكن أجل الإعلان الرسمي أجل حتى تتخرج من الجامعة )
عادت من ذكرياتها وهي تأخذ نفس عميق علها توئد تلك الدموع وعلها تعود لوعيها علها تستطيع التفكير في حل وتساعد أديم فيما سيحدث غدًا لكن كل ذلك كثير عليها هي لا تحتمل
...........................
عاد فيصل إلى بيته وهو سعيد بشدة اليوم أخذ عده خطوات مثمره من أجل شركته .. ومن الغد سوف يتم أفتتاح الشركة بشكل رسمي وبها طاقم عمل مميز  .. جلس على الأريكة التي تأخذ حيز كبير في صالة منزله الجديد أمام التلفاز .. أشعل التلفاز حتى يكسر ذلك الصمت الذي يملئ المكان  .. وخلع حذائه وهو يمسك هاتفه ويتصل بشخص ما وحين وصل إليه صوت محدثه قال بهدوء
-مساء الخير يا باشمهندس.. كنت عايز أبدء الحمله إللي أتفقت معاك عليها من النهاردة لو ينفع
صمت ثواني ثم قال
-أكيد هبعتلك الفلوس على محفظتك الإلكترونيه حالاً
صمت مره أخرى وأبتسم ثم قال
-تمام جدًا .. شكرًا يا باشمهندس.
أغلق الهاتف وأسترخى بهدوء وهو يتذكر كل من قام بتعينهم اليوم في شركته ... إن لفظ شركته وحده يثير بداخله الكثير من مشاعر الفرح والسعادة .. لكن تلك الفتاة "كاميليا" ... قفزت إلى مخيلته ... أنها فتاة غريبة .. ذات كبرياء وعزة نفس .. شعر أنها تشبه حبيبته التي يفتقدها كثيرًا أنها تشببها في طريقة حديثها وهيئتها وذلك الشموخ المتأصل في تكوينها .. أم أن قلبه أشتاق إليها بشدة ف منذ أكثر من خمس سنوات لم يراها  ... لا يعلم ماذا عليه أن يفعل عله ينول وصالها ... هل يتجرء ويطلبها من أديم مباشرة؟ وهل سيوافق عليه أم أنه سيغلق فقط أبواب الأمل بداخل قلبه؟ .. نفخ الهواء ببعض الضيق ثم وقف ليتوجه إلى الحمام حتى يتوضئ ويصلي ... وليدعوا الله أن يوفقه ويدله على الصواب
........................
وقفت أمامة وقالت بتوتر وقلق
-هتعمل أيه يا أبيه؟ تفتكر الموضوع ده هيوصل لأيه؟
نظر إليها وهو يعلم جيدًا ما يدور داخل عقلها ... يلاحظ إرتعاش جسدها .. ويدها التي تنتفض بجانبها عيونها التي تلمع بها الدموع .. وصوتها الذي يرتعش خوفًا ... ليضمها إلى صدره بحنان وهو يقول بما لا يشعر به
-متقلقيش مفيش حاجة هتحصل ما أنتِ عارفه شاهيناز هانم وتصرفاتها .. كل حاجة هتبقى كويسة متخافيش.
ثم أبعدها عن حضنه وقال بابتسامة لم تصل لعينيه بعد أن قبل جبينها
-أدخلي نامي وأرتاحي يا نرمين ومتقلقيش من حاجة طول ما أنا جمبك ... وعلشان كمان بكره تكوني بكامل تركيزك وتقدري تدعميني
أومأت بنعم ليربت على وجنتها وهو يقول
-يلا أدخلي أرتاحي .. وسبيني أحاول أوصل لعصافير الحب إللي قافلين تليفوناتهم دول
أبتسمت أبتسامة صغيرة وهي تومئ بنعم من جديد وتحركت في أتجاه غرفتها ليعاود هو الإتصال بحاتم للمره الذي لم يعرف عددها يأتيه نفس الرد "الهاتف المطلوب مغلقًا أوخارج نطاق الخدمة"  ... في نفس اللحظه التي خرجت فيها ونس من المطبخ تقول بتردد
-حضرتك عايز مني حاجه يا أديم بيه .. ولا أقدر أروح
نظر إليها بأندهاش وصدمة ... ثم نظر إلى ساعته وقال
-أنتِ لسة مروحتيش لحد دلوقتي .. الوقت أتأخر أوي
أبتسمت أبتسامة مهزوزة وهي تقول
-مفيش مشكلة لسة بدري .. بعد إذنك
وتحركت نحو الباب ليقول هو بصوت ضعيف
-ونس
ألتفتت تنظر إليه بأستفهام ليقول هو برجاء
-ممكن تقعدي معايا شويه ... عايز أتكلم مع حد ومش عارف أوصل لحاتم ومليش صحاب
ظلت تنظر إليه بصمت لعده ثواني ... ثم أومأت بنعم .. ليشير لها على الأريكة حتى تجلس .. تحركت خطوتان وجلست بهدوء ليجلس هو جوارها واستند بذراعيه فوق ساقية واحنى رأسه بهم ... أحترمت صمته خاصه وهي تشعر بألم قوي داخل قلبها ولا تفهم سببه .... مرت عده دقائق وهو على نفس الحال ثم قال بهمس
-تعرفي أني بحسدك
قطبت جبينها بأندهاش وهي تنتبه إلى كلماته بتركيز وصدمه ... وهو لم يتأخر في باقي كلماته التي كانت تنتظرها بلهفه
-أيوه بحسدك .. صحيح حياتك صعبه .. ومش سهلة على بنت زيك لكن على الأقل أنت عارفه أساسك أولك وأخرك .. عارفه مين عدوك وبتحربيه بكل طاقتك لكن لما تبقي معصوبه العينين .. وفي وسط أهلك لكن مش عارفه الضربه هتيجي منين وإزاي ومين إللي هتخسرية لما تكتشفي خيانته .. إحساس صعب والأصعب منه أن الضربه فعلاً تيجي من أقرب حد ليكي ... أمك ... متخيله كم الوجع والضياع والأزمه إللي أنتِ بتوجهيها .. متخيلة كم العذاب
كانت تشعر بألم داخل قلبها ... قلبها يبكي من أجله لكن عيونها ظلت بلا معنى واضح رغم تعاطفها الشديد الظاهر في معالم وجهها وهو لم يكن يهتم بما يظهر على ملامحها .. أو بما تشعر به داخل قلبها .. هو كان غارق في أفكارة .. ووجعه .. لذلك أكمل كلماته
-من صغري وأنا عايش في صراع العيلة ومسؤلياتها ... ومكانتي إللي مينفعش بسببها يكون ليا أصحاب .. مينفعش تعمل ده .. مينفعش تكلم ده .. أنت هتبقى كبير عيلة الصواف ولازم تتصرف على الأساس ده .. أقعد عدل .. كل على حسب الإتيكيت .. مينفعش تقعد القعدة دي .. أنت أديم الصواف فاهم يعني أيه أديم الصواف
صمت يتجرع كاسات الألم مع تلك الذكريات التي كانت تقتله من الداخل بالبطيء ... كانت تتابع كل حركة من جسده .. لتقع عيونها على يديه الذي يضمها بقوه حتى أبيضت مفاصلها لتجد يدها تتمرد عليها وتقترب من يده تربت عليها بهدوء وحنان وقالت بصوت مختنق
-أهدى أرجوك .. بلاش تفتكر كل الحاجات المؤلمه دي
نظر إليها لتهولها هيئته .. عيون حمراء تلمع بدموع أبيه ترفض مغادرة مكانها ... ووجه محتقن عروقه نافره .. تشعر أنها تكاد تنفجر لتقول من جديد
-أرجوك أهدى يا أديم بيه
وكأنها قالت له أنفجر.. ليصرخ بها حتى أن نرمين غادرت غرفتها تنظر إليه بخوف
-متقوليش يا بيه .. أنا مش أحسن منك علشان تقوليلي يا بيه ... أنا أديم أديم وبس ... أنا مجرد لعبه خيوطها في أيد شاهيناز هانم السلحدار .. أنتِ حياتك ملكك لكن أنا لا ... يبقى إزاي أنتِ تقوليلي يا بيه ...
وأقترب منها خطوه وقال بألم
-أنتِ عارفه معنى أسمي يا ونس .. معناه الظاهر .. حتى وهما بيختاروا أسمى أختاروه علشان يكون مميز وواضح وظاهر للكل .. أختاروه علشان يليق على لقب عيلة الصواف ... أنا بس أداة علشان عيلة الصواف .. ف منين بتقوليلي يا بيه .
وأقترب منها خطوه أخرى وقال بألم
-عرفتي بقى إني لازم أحسدك.
أومأت بنعم حتى تجعله يهدء ... لكنه أقترب منها خطوه وقال برجاء
-أنا محتاجك يا ونس .. أرجوكي خليكي جمبي
لم تستطع أن تجيب بشيء .. لكن الصدمه أرتسمت على وجه نرمين حد الرعب ... وظل الموقف ثابت لعدة ثوانِ ظل تواصل العيون بين ونس وأديم دون أنقطاع حتى قال هو بصوت هامس
-عارف أنك مصدومه وخايفة .. ويمكن مش مصدقه.. لكن أنا بتكلم جد .. أنا محتاجك في حياتي
قالت له بهدوء لكن صوتها خرج مرتعش
-حضرتك منفعل بس .. والموقف إللي أنت فيه صدمك علشان كده بتقو....
-أنا بتكلم جد .. أنا من يوم ما شوفتك وأنا أتعلقت بيكي .. عيوني عشقتك .. روحي أرتاحت لقربك ..بفرح لما بشوفك وبطمن لما بسمع صوتك .. ونس أنا بحبك
قاطع سيل كلماتها وهو يقول بصوت عالي يغلفه الصدق والتوسل ... لترتسم الصدمة على ملامحها .. وشهقت نرمين بصوت عالي جعلته ينتبه لوقوفها ف ألتفت ينظر إليها ... ليتوتر الجو أكثر مما كان لتهمس ونس
-بعد إذن حضرتك أنا هروح
وغادرت سريعًا دون أن تسمح له بقول أي شيء أخر أو يجد الفرصه للقول من الأساس .. ليعود بنظره إلى نرمين التي ظلت تنظر إليه بعدم تصديق .. ثم دلفت إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوه أجفلته .. فاليوم بكل تفاصيله لم يعد يحتمل
.....................................
ظل يلقي بكل شيء في غرفته أرضا وصوت التكسير كان يملئ البيت بأكملة .. حتى صوت صرخاته بكلمات تحمل الكثير من الغضب والحقد والكره الواضح لأديم .. خاصه وهو يتصل بها وهي لا تجيب .. لماذا الأن أنه بحاجة للتحدث معها؟ .. أنه يريد أن يطمئن قلبه أن ما يريده سهل الوصول إليه .. أن حلمه مازال بين يديه ولن يرحل كما رحل عنه كل شيء .. لن يخسر هذه المره .. حتى وأن كتبت عليه الخسارة .. فلن يكون هناك فائز آخر والخسارة ستطول الجميع
.....................................
تشعر بالإختناق .. أن ذلك القصر أصبح يشعرها وكأنها داخل سجن بأسوار عالية .. مقيده به بقيود من حديد تخنقها وتجرحها بأستمرار
عليها أن تذهب من هنا .. لكن إلى أين؟ وكيف؟ ظلت صامته تحاول التفكير وجسدها ينتفض كل لحظة وأخرى مع صوت أخيها الصارخ بغضب ... أو مع صوت تكسير شيء ما .. وشعور بالخوف يتملكها .. وسؤال مهم يضرب ناقوص الخطر داخل عقلها .. هي فقط من وقفت أمام مخطته اليوم فهل سيطولها أذاه؟ .. أمسكت هاتفها تفكر بمن تتصل حتى يساعدها فيما تريد .. فجأة لمعت عيونها بفكره .. صحيح غريبه لكن ليس أمامها غيره .. رغم كل شيء هو الأن فقط من تستطيع اللجوء إليه
بحثت عن أسمه وضغطت أتصال ...  ليصلها صوت الجرس .. ثم صوته الرخيم يقول
-خير يا كاميليا

حملو تطبيق #كلمــات_سارة_مجدي  عليه كل جديد وكل رواياتي

‏http://play.google.com/store/apps/details?id=com.down.book.today.kalimat_sarah_magdy

سقر عشقي (( جحيم الفراق )) بقلمى ساره مجدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن