الفصل الخامس عشر (( حلم ))

3.1K 144 13
                                    

الفصل الخامس عشر

كانت تشبه الاموات صامته لا تتحدث مع احد تشاهد ما يحدث حولها بصمت عيونها دائمًا تملئها الدموع و الانكسار ... كلمات حماتها الجارحه كلما اجتمعا و وقوف غسان امام والدته الذي يريد الامور تعقيدا يجعلها تشعر ان هناك شىء غامض فى الامر
لم تعد تحتمل و هى ترى اختها على تلك الحاله
اقتربت منها و جلست بجانبها على تلك الاريكه الخشبيه تحت تلك المظله الكبيره مكانها الثابت منذ اكثر من اسبوعان
مدت يدها تضعها على يد اختها المستريحه على الاريكه لتنظر اليها نوار بعيون خاويه كسيره يملئها الكثير من الخوف و الضياع لتقول عائشه بخوف حقيقي
- فى ايه يا نوار مالك يا حبيبتي ... قوليلي اللى تاعبك كده انا اختك و سرك انا خايفه عليكى بجد قوليلي كل اللى جواكي و سرك فى بير
انحدرت دموع نوار دون ان تستطيع التحكم بها  لتضمها عائشه بقوه و هى تقول بقلق حقيقي 
- مالك يا نوار فيكى ايه يا حبيبتي
لم تعد تحتمل اكثر من ذلك تريد ان يشاركها احد فيما تحمل داخل قلبها من خوف و ضياع
بدأت فى سرد كل ما حدث معها و يحدث و كلمات غسان و التحاليل و كل شىء تعيشه بمفردها و بصمت 
كانت عائشه تستمع اليها و هى تشعر بالزهول و الصدمه وقالت بعدم تصديق
- ليه غسان مش عايزني اكشف عليكى ... و ليه تروحوا لدكاتره تانيه غيري
كانت نوار فى حاله ضياع غير واعيه لكلمات اختها و لا حالتها لكن عائشه انتبهت من افكارها على حاله اختها لتعود تضمها من جديد بحنان و همست بحنان
- اهدي يا نوار اهدي انا جمبك و معاكى و مش هسيبك ابدا اهدي يا حبيبتي اهدي
مرت الدقائق و هم على نفس وضعهم حتى هدأت نوار تمامًا لتبعدها عائشه قليلا عن احضانها و حاوطت وجهها بيديها و نظرت الى عيونها بقوه و قالت
- نوار خلينا نتفق ان الكلام اللى حصل دلوقتي يفضل بينا بس اوعى تقولي لغسان ماشي
ظهرت علامات الرفض على وجه نوار لتقول عائشه سريعا
- خلينا بس ما نتكلمش فى اى حاجه دلوقتي و بعد فرح راغب نشوف هنعمل ايه ماشي
ظلت نوار تنظر اليها بصمت و لكنها اومئت بنعم لتقول عائشه من جديد
- نوار اوعى غسان يعرف انى عرفت حاجه ماشي
اومئت مرة اخرى بنعم وعيونها تتوسل اليها ان تساعدها لتعود عائشه لضمها من جديد و قلبها يتلوى الما عليها و تقول بصدق
- انا مش هسيبك ابدا ابدا و جمبك و معاكي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد مرور شهر وخلال تلك الفتره كان التحول الكبير فى معامله راغب لحلم من منتهى اللين و الحب لمنتهى القسوه و الاهانه اصبح يتعامل معها كما يتعامل مع باقى افراد العائله  ولكن بكثير من التجاهل و بطريقه الاوامر حتى موعد عرسه على جنه
كان يقف امام طاوله الزينه ينظر الى نفسه و هيئته ببدله العرس  و رغم المه و حزنه ان اليوم عرسه و العروس ليست حلم
و لكن ما ذنبها تلك الفتاه عليه ان يكون عادلا ان لا يظلمها ان لا يرى حلم بعينه القديمه خاصه و انه فى كل زياره لها يرى و بوضوح فرحتها و سعادتها به
و ايضا هناك داخل عيونها حب كبير و لولا خجلها و حيائها لصرخت بذلك الحب بصوت عالي كما قالت له ذات مره
- تعرف يا راغب انا عمري ما تخيلت انك تكون شايفني اصلا عمرك ما بصيت عليا و لو نظره واحده بس يمكن دى اكتر حاجه شدتني ليك تقيل كده و كاريزما
لم يستطع ان يجيب على كلماتها سوا بأبتسامه صغيره جعلت وجنتيها تتلون بحمره الخجل و هى تظن انه ينظر لها بحب
كل ما يحدث  يخلق بداخله سعاده كبيره و شهوه الانتقام التي تزداد بداخله و تتصاعد مع شعوره بحب صديقه حلم المقربه المحبوبه من الجميع الغارقه فى عشقه و تتمنى رضاه دائما  خاصه مع فرحه والدته بها بشكل كبير بسبب معامله جنه لها بحب و احترام و تقدير كبير ايضا دون ان تتخلى عن مرحها الذي يجعل الجميع يتعامل معها بسعاده و اظهارها لحبها له امام والدته التي تراها العوض و خير عوض
رغم الحزن الواضح فى عيون نوار و نظره اللوم فى عيون عائشه الا انهم لم يتحدثوا معه بلوم او عتاب
اغمض عينيه لثوان و هو يتذكر اخر مره نظر الى عيونها كان يتمني ان يرى داخلهم الحلم القديم  نظره حب و لو خاطفه
لكن كان يرى عيونها كمرأة زجاج خاويه من الاحساس   و المشاعر و كأنها جسد خالي من الروح خاصه و انه كان يعلم من جنه ان حلم معها فى كل خطوه تساعدها فى شراء اغراضها و قد حجزت لها فى اكبر مركز تجميل كهديه
النار تشتعل داخل قلبه تحرق روحه و لا يجد ما يطفئها
طرقات على باب غرفته ثم دخول اخويه بابتسامه واسعه و هم يغنون
- مبروك عليك يا معجباني يا غالي يا غالي عروستك الحلوه قمر بيلالي
ابتسم ابتسامه واسعه لكنها ابدا لم تصل الى عينيه ... كان يوسف يرى الحزن الساكن داخل عينيه و الذي يحاول بكل طاقته اخفائه عن الجميع
اقترب منه يوسف يعدل له ياقه البدله و هو يقول
- مبروك يا عريس ... جوازه العمر يا حبيبي .. و ربنا يسعدك
ربت راغب على كتف اخيه و هو يقول
- الله يبارك فيك يا حبيبي 
اقترب غسان و هو يقول ببعض المرح
- هتشرفنا النهارده و لا ايه النظام
ليضحك يوسف و راغب بصوت عالي و اقترب يوسف من غسان و هو يقول بمشاغبه
- يا ابني اديله من خبرتك ده بردوا اخوك الصغير 
ليقترب راغب منهم و هو يقول
- كل واحد يكفى نفسي و يحتفظ بنصايحه لنفسه مش محتاج حاجه منكم
- خبره انت و فاهم ... شكلك كنت بتلعب بديلك يا واد انت من ورانا
قال يوسف بشك و حاجب مرفوع لينظر اليه راغب بحاجب مرفوع ثم تركه و توجه  الى طاوله الزينه مره اخرى
لينظر كل من غسان و يوسف لبعضهما البعض بحزن رغم سعادتهم بزواج اخيهم الصغير الا ان البيت بأكمله يشعر بالتوتر و القلق و يخيم عليه الحزن المستتر
خاصه و هم يعرفون جيدا احساس اخوتها و يرون حزنهم رغم تماسك حلم و الذي يعلم الجميع انه كاذب 
انتهى راغب من التأكد من كامل مظهره ثم التفت الى اخويه الذان ينظران له بقلق و حزن يحاولن  اخفائه خلف تلك الابتسامه المتصنعه 
تحرك هو فى اتجاه الباب ليقول غسان بحيره
- لسه بدري يا ابني انت رايح فين دلوقتي ؟
نظر الي غسان و قال بأقرار
- رايح لجدي
شعر كل من يوسف و غسان بكم الالم الموجود داخل قلب اخيهم لكن ماذا بيدهم الان ... العند هو العامل المشترك الوحيد فى كل تلك الالام التى ترافق العائله منذ سنوات و ليسامح الله من كان السبب فى كل ذلك
~~~~~~~~~~~~~~
يجلس على الاريكه الكبيره ينظر اليها و هى تضع بعض من مساحيق التجميل التى تزيدها جمالًا دون مبالغه خاصه مع ذلك الفستان الاسود الذي يظهر جمالها على استحياء و داخل عينيه الكثير من قصص العشق و الحب الكبير الذي لم ينقص يوما بل يزيد مع الايام
كانت تتابع نظراته لها المعجبه و العاشقه و ذلك يجعلها تشعر بنفسها تلك الفتاه الصغيره التى كانت تنتظر حبيبها خلف نافذه غرفتها لتراه و هو يمر من اسفل منزلها مع اصدقائه ... و يرفع عينيه دون ان يلاحظه احد الى نافذتها و يبتسم ابتسامه صغيره
و لكن الان و رغم انها تكاد تقسم بحبه لها مازال كبير و قوي كما كان سابقا الا ان الحزن سكن عينيه .. و بدأت تشعر ان كتفيه قد تهدلا بسبب كثره الهموم و الحمل الثقيل الذي القي فوق عاتقه منذ سنوات و يدفع ثمنه الان هو و كل ابناء هذه العائله
نظرت الى عمق عينيها فى المرآه و هى تقول ببعض الضيق
(( راحت فين رقيه القديمه .. الرقيقه الى قلبها كان يساع الكل ... ايه القسوه اللى شيفاها جوه عنيا دى ... دى مش رقيه اللى انا اعرفها دى حد تاني )) خرجت من افكارها على صوته و هو يقول
- سرحانه فى ايه يا رقيه ؟
رفعت عيونها اليه و قالت
- ابدا مش مصدقه ان راغب اخيرا هيتجوز و يطمن قلبي عليه
اومىء بنعم و اكتست عينيه بالحزن لتترك ما بيدها و توجهت اليه و جلست بجانبه و هى تقول بقلق
- ايه يا مصطفي معقول فى يوم زي ده تكون مضايق كده
نظر اليها و قال
- اجلي اجابه اسئلتك دى لبعد الفرح يا رقه مش عايزين نتخانق
اخفضت عيونها ارضا و اخذت نفس عميق ثم قالت
- اتكلم يا مصطفى خرج كل اللى فى قلبك رقه هتسمعك بقلبها
ابتسم لها بحب ثم اخذ نفس عميق و اخرجه بهدوء ثم قال
- انا فرحان ان ابني هيتجوز و يستقر و يبني عيله لكن كمان صعبان عليا حلم ... الحزن اللى بتحاول تداريه انا حاسه و شايفه ... احنى شفناها و هى بتعاني بعد موت امها و محدش فينا اتحرك يحاول يساعدها ...ابويا و قراره ان احمد مايخدش جزائه على كل اللى حصل و استمراره فى تعذيب البنات نفسيا بتصرفاته الغلط و اهماله ... الصمت قدام كل اللى بيحصل ... هى غلطت فى حق راغب صحيح لكن هى كمان موجوعه ازاى احاسب طير مدبوح على انه غرقني بدمه
كانت تستمع اليه و بداخلها احساسان مختلفان ... احساس يؤيد كلماته و يرى صحتها و احساس اخر يرى مصلحه اولادها فقط احساس اناني تعلم لكن ماذا تفعل فى قلب الام الذي لا يرى سوا مصلحه ابنائها فقط
اكمل مصطفى كلماته
- احمد غلط لكن احنى كمان مشاركينه الغلط ... كلنا بندبح فيهم بدون رحمه من غير ما نحس او واعين مش عارف بس كلنا راكبنا الذنب من ساسنا لراسنا
لم تعقب على كلماته و لم تجد ما تقوله  فهى وعدته ان تستمع اليه بقلب رقه لا بعقل رقيه
وقف على قدميه يقول بقلق اكبر
- اصلا احمد فين ... من يوم اللى حصل و هو مختفي و محدش عارف عنه حاجه ... رغم ان بعده راحه للجميع الا انى قلقان عليه و غيابه ده مخوفني
وقفت هى الاخرى و وضعت يديها على كتفه و قالت بأقرار
- هو مش قال انه مع اصحابه ... ده ماخفش على بنته اللى وقعت قدام عنيه من على السلم تخاف  انت عليه ليه يا مصطفي
- للاسف اخويا الوحيد يا رقيه
اجابها بصوت مختنق و عيون يملئها الحزن ثم  توجه الى الحمام الخاص بالغرفه و اغلق الباب خلفه .... ظلت هى تنظر الى الباب المغلق ثم نفخت الهواء ببعض الضيق ....  قررت الذهاب الى غرفه عائشه حتى تساعدها اذا احتاجت المساعده فى ارتداء ملابسها فهى حقا قلقه عليها بشده تلاحظ شرودها المستمر و صمتها ايضا و لا تعلم ما بها
~~~~~~~~~~~~~~
وقف امام باب غرفه جده يمسك بمقبض الباب يحاول ان يتغلب على ذلك الاحساس القوي بالغضب
الذي يتصاعد بداخله يجعله يرغب فى الركض خارج اسوار ذلك البيت و عدم العوده من جديد ان يلقى كل ذلك الالم و الوجع خلف ظهره و يأخذها معه و من الممكن  ان يضربها بشىء قوى على راسها حتى تنسى كل ما مضى و كان و تبدء من جديد معه بصفحه بيضاء خاليه من كل ذلك الوجع
خرج من افكاره و هو يأخذ نفس عميق حتى يبعد تلك الافكار التى تنهش روحه و قلبه و طرق الباب ثم فتحه  و دلف ينظر الى جده الذي اصبح لا حول له و لا قوه يجلس على سريره دون حركه
اقترب راغب من السرير ... و جلس جواره صامت لعده ثوان ثم قال بابتسامه ساخره
- النهارده فرحى يا جدي ... بس مش حلم لا  ... انا هتجوز صحبتها
صمت لثوان ثم قال و الدموع تتجمع فى عينيه
- النهارده المفروض اموت قلبي القديم و احط مكانه قلب جديد يحب جنه ... علشان مبقاش خاين و جبان هى ملهاش ذنب فى كل اللى بيحصل ده 
نظر الي جده و قال ببعض العصبيه
- بس قولي اعمل كده ازاى ... ما انت خلتنا كلنا نتعامل بزراير من غير احساس و لا مشاعر قولى ازاى اشيل حلم من جوه قلبي و احط مكانها جنه
رفع راسه للاعلي و هو يقول
- جنه اللى بتتمنى ليا الرضا ارضا بتتمني انها تسعدني و تفرحني بتتمني نظره حب و رضا قولي اعمل ايه ؟
قال اخر كلماته بصوت عالي و الدموع تنحدر من عينيه يشاركه جده بدموعه غير قادر على قول اى شىء و لا مساعده حفيده ... و كيف يساعده و هو فى تلك الحاله و من الاساس هو سبب كل ذلك العذاب هو المذنب الكبير
ظل راغب ينظر اليه يشاهد معالم الحسره و الالم ترتسم بوضوح على ملامحه الذي ترك الزمن عليها علاماته دون رحمه و الدموع تسيل فوقها مثل المياه التى تسيل فوق شقوق الارض العطشه
اغمض راغب عينيه لعده ثوان ثم فتحهم و مسح دموعه ثم اقترب من جده يمسح عنه دموعه ثم قبل راسه و قال
- ادعيلي مظلمش جنه ... ادعي ربنا يرحمنا من اللعنه اللى حلت علينا كلنا وسلسال الظلم و الغدر يقف بقا
اعتدل فى وقفته و ظلت عيونه متعلقه بعيون جده لعده ثوان ثم غادر الغرفه فلم يعد هناك ما يقال
حين اغلق راغب الباب ظل واقف امام الباب يصله صوت بكاء جده بصوت عالي لينظر الى الباب و قال بهمس
- ابكي يا جدي يمكن دموعك دى تشفعلك عند ربنا
ثم تحرك عائدا الى غرفته عليه ان يهدء حتى يستطيع الذهاب اليها
ضحك بسخريه ... ان حلم معها سوف يذهب الى مركز التجميل ليأخذ زوجته و يرى حبيبته القديمه و يالا سخريه القدر
~~~~~~~~~~~~~~~~
- عارفه يا حلم انا النهارده عامله مفاجئه لراغب بس يارب تعجبه
كانت تستمع لصديقتها و على وجهها ابتسامه مرسومه بحرفيه صحيح وجهها يبتسم لكن قلبها يبكى دون توقف بدل الدموع ينذف دماء حاره
لتكمل جنه كلماتها غير منتبهه لحال صديقتها التى تستطيع اخفاء ما بداخلها بجداره
- مفاجئه لما نروح و مفاجئه فى القاعه بس قوليلي يا حلم راغب فرفوش كده و مرح و لا دمه تقيل و منشي
- منشي ؟!
سالتها حلم باندهاش لتقول جنه بجديه
- ايوه يا بنتي يعنى بدله فى نفسه و لا فاكك كده و مرح
لتضحك حلم بصوت عالي و كأنها تصرخ صرخه الموت ثم قالت
- لا مش بدله فى نفسه و لا منشي مرح و فريش و كاجول كمان
لتصفق جنه كطفل صغير  ثم قالت  ببعض القلق
- تفتكري راغب بيحبني يا حلم ؟
نظرت حلم اليها ببعض التوتر و القلق لتكمل جنه كلماتها
- انا بحبه اوى يا حلم و نفسي يكون هو كمان بيحبني و لو نص حبي ليه .. تعرفي انا مستعده اعمل اى حاجه و كل حاجه فى الدنيا علشان يكون سعيد و فرحان
كانت حلم تستمع لكلماتها التى تنزل على قلبها و كأنها ماء الاسيد تحرقه دون رحمه لم تستطع ان ترفع عيونها اليها  و كانت جنه سارحه فى احلامها الورديه لتكمل بأبتسامه حالمه
- حتى لو مش بيحبني بس اكيد طالما طلب يتجوزني يبقا على الاقل معجب و لهان و ده كفايه الباقي بقا عليا انا
اومئت حلم بنعم ثم قالت بصوت مختنق
- فعلا كفايه ... و انت اكيد هتسعديه
اخرجت زفير حار ثم قالت
- انا بس هطلع اعمل تليفون و ارجع على طول
اومئت جنه بنعم ثم نظرت الى الفتاه التى تقوم بتزينها
- انا عايزه ابقا قمر علشان اعجب عريسي
لتضحك الفتاه و هى تقول
- من عيوني ... انت اصلا قمر
~~~~~~~~~~~
تجلس فى مكان بعيد عن العيون تبكى بصمت دون ان يشعر بها احد ... فلا احد يرى دموعها و لا يرى حرقه قلبها و لا احد يشعر بما داخلها
هذا ما جنته من افعالها و عليها تحمله بمفردها
~~~~~~~~~~~~
- عائشه بقالى شويه بكلمك و انت سرحانه و مش بتردي
قالت رقيه كلماتها و هى تهز عائشه التى نظرت اليها باندهاش و كأنه لا استوعب وجود حماتها جوارها 
و قبل ان تجيبها دخلت نوار و هى تقول
- عائشه شوفى الحلق شابك فى ايه ودني وجعتني
وقفت صامته تنظر الى حماتها التي نظرت ارضا ببعض الضيق
ان علاقتها بنوار اصبحت سيئه جدا اذا كانت قاطعت حلم و لم تعد تتحدث معها الا انها لا تفوت مره ترى فيها نوار الا و هى تسمعها حديث سيىء عن عدم انجابها حتى الان و ذلك يزيد كلما  وقف غسان امامها بتحدي يخبرها انه لا يريد من الدنيا سوا زوجته فتزيد هى من حديثها السىء لها و تقوم بتجريحها اكثر و اكثر
ظل الموقف ثابت لعده ثوان حتى وقفت رقيه على قدميها و اقتربت من نوار و بدأت فى ابعاد الحلق من اذن نوار ثم فكت تشابكه من فستانها و مدت يدها به لنوار  التى اخذته بصمت ثم تحركت حتى تغادر الغرفه لتقول رقيه سريعا
- نوار 
وقفت نوار مكانها و نظرت اليها بصمت لتقول رقيه بأبتسامه صغيره
- الفستان ده يليق عليه  طرحه موجوده عندي هروح اجبها ليكي على ما انت تساعدي اختك اللى بتحب جديد دى و طول الوقت سرحانه
اومئت نوار بنعم مع ابتسامه صغيره لتغادر رقيه الغرفه لتقترب نوار من اختها و جلست جوارها لتبتسم عائشه و هى تقول
- يوسف مجنني عاملي نفسه مراهق و ورد و دباديب و رسايل على الفون مش قادره اقولك ... تفتكري يكون بيخوني يا نوار
لتضحك نوار بصوت عالي لتشعر عائشه ببعض الراحه و هى ترى الابتسامه ترتسم على وجه اختها من جديد رغم شحوبه و ذبوله
- يوسف يخونك انت ليه اتجنن ... و بعدين يوسف بيحبك جدا و ابدا ابدا عمره ما يفكر فى واحده تانيه خصوصًا و انت اهو هتجيبي ليه بيبي يفرح بيه
صمتت عائشه غير قادره على قول اى شىء انكسار اختها يجعلها تتألم بشده
تكره كونها حامل و اختها قد حرمت من تلك النعمه نظرت اليها نوار و قالت بتوتر
- ربنا يكملك على خير يا حبيبتي و الله انا فرحانه ليكى من قلبي و عمري ما حسدتك او غيرت منك او
لتضع عائشه يديها على فم اختها توقف سيل كلماتها و قالت بابتسامه صغيره
- عارفه يا نوار ... و ابني ابنك يا حبيبتي هو هيلاقي احن منك و لا ام حلوه و طعمه كده
لتضمها نوار بقوه و الدموع تغرق وجهها بحرقه قلب أمرأه تشتاق ان تحمل داخل احشائها طفل من الرجل التى احبته بصدق طفل يحمل صفاتها و صفات والده طفل يسعد حياتها و ينيرها بجمال ابتسامته و ضحكاته التى تخطف القلب و الروح
~~~~~~~~~~~~~~
وصل الجميع الى تلك القاعه الكبيره و الذي سيقام  بها حفل زفاف اصغر شباب عائله بركات
كان جميع اهل البلده موجودين فى ذلك العرس 
كان مصطفي يقف يستقبل المعازيم بابتسامه وقوره لكن عقله سارح فى والده الذي دلف اليه قبل ان يغادر المنزل ليجد داخل عينيه شىء ما لم يفهمه .. كأنه اراد ان يقول شىء ما و ذلك زاد الالم و احساس الذنب داخل مصطفي
جعله لا يستطيع الشعور بالسعاده بفرح ابنه و زواجه 
خاصه كلما وقعت عينيه على عائشه و نوار الذان يجلسان فى مكانهم و كأنهم اغراب يمسكون ايدي بعضهم بعضا عيونهم على باب القاعه ينتظرون ضلعهم الثالث حتى يضموه بين ضلوعهم يحمونها حتى من نفسها و مما سيحدث

سقر عشقي (( جحيم الفراق )) بقلمى ساره مجدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن