الفصل الرابع من حلم

3.9K 166 4
                                    

الفصل الرابع من سقر عشقي (( حلم )) $

ظلتا الصديقتان يتحدثان كثيراً و يضحكان
أن جنة قادرة على إنتزاع الضحكات من أعماقها و إخراجها من قلبها بحرية و إنطلاق
وقفت جنة و هى تقول
- هو أحنا هنفضل قاعدين فى الأوضة تعالى ننزل الجنينة نقعد فى الهوا
ثم جذبتها من يديها و هى تكمل بمرح
- أنا مش عارفة إزاى يكون عندكم جنينة حلوة كده و تفضلي قاعدة في الأوضة يا كئيبة يا عدوة الفرحة ده لو أنا ممكن أبات فيها
لتضحك حلم بصوت عالى و سعادة حقاً جنة الوحيدة التى تخرجها مما هى فيه دون أدنى مجهود منها بطبيعتها المرحة و روحها الطيبة
توجهوا إلى الحديقة الخلفية بعد أن وضعت الزهور فى إناء مميز و خبئت باقى الأغراض فى إحدى أدراجها حتى لا يراها أحد فلن تتوقف أختيها عن محاولة إقناعها بالموافقة على الأقتران براغب
جلست على الأريكة الخشبية و جلست جوارها جنة وعقصت قدميها و هى تقول
- إبن عمك ده عبقرى .. عامل المكان ده تقعدوا فيه براحتكم و كمان محدش يشوفكم فيه و حاجة كده قمر
نظرت إليها حلم و هى تتذكر ذلك الوقت الذى ظل راغب يعمل فى ذلك المكان المخصص لهم و لمدة أسبوع كامل بعد أن أحضر كل الأدوات الذى أراد كان يرفض أقتراب أى شخص من المكان حتى أنه وضع مظلة كبيرة حتى لا يراه أحد من النافذة ... و حين أنتهى توجه إليها هى و طلب منها أن تأتى معه و حين رفضت ذهبت معها عائشة ليصدما الأثنان من جمال المكان و روعته و الخصوصية القوية به دون أن يشوه المظهر المميز للحديقة
- فعلاً المكان حلو أوى و بحب أقعد فيه .. رغم
ولم تكمل كلماتها و هى ترفع عيونها إلى نافذة غرفته المفتوحة دائماً لتنظر إليها جنة بعدم فهم و قالت
- رغم أيه ؟
نظرت إليها حلم و أبتسمت إبتسامة صغيرة و هى تقول
- بطلى فضول
لتضحك جنة بمرح و قالت بمشاغبة و هى تداعبها بحاجبيها
- مبقاش جنة لو مكنتش فضولية
لتضحك حلم من جديد بصوت عالي ... مر الوقت بين الصديقتان فى مرح و كانت رقيه و نوار يقفان عند باب المطبخ الخلفى يتابعان ما يحدث حتى قالت نوار
- أكثر واحدة بتخرج حلم من عزلتها و الحالة النفسية السيئة إللى هى فيها
لتقول رقيه ببعض الشرود غير منتبهَّ لكلماتها و تأثيرها على نوار
- لولا أن راغب بيحب حلم و لسه شايف منها أمل كنت خطبت جنة ليه هى دى البنت إللى تفرحه و تسعده بجد
تجمعت الدموع فى عيون نوار و لم تعلق على تلك الكلمات .. لكنها تحركت خطوتان حتى تصعد إلى غرفتها لتجد غسان يقف هناك ينظر إليها باعتذار عن كلمات والدته التى ضايقته رغم تفهمه لموقف أمه و خوفها على إبنها الذى كاد يكمل عامه الثلاثين بعد عدة أيام .. أكملت سيرها و وقفت أمامه و هى تقول
- حمدالله على السلامة ... رجعت بدرى النهارده
قبل جبينها و هو يستنشق رحيقها المميز و الذى يتغلل إلى روحه يربت على قلبه المحمل بالأثم و الذنب
أقتربت رقيه من وقفتهم و هى تقول
- أطلع شوف راغب .. و خليه ينزل عمك هيصحى كمان شويا و أنت عارف إللى بيحصل كل مره
نظر إلى نوار التى نظرت أرضاً ثم نظر إلى والدته بلوم لتقول رقيه بهدوء بعد أن أقتربت عدة خطوات من نوار و ربتت على كتفها بحنان
- يا بنتى أنتى و أخواتك البنات عندى زى بناتى و غلاوتكم من غلاوة ولادى الثلاثة أنتوا عندى ولاد دلال الله يرحمها مش ولاد أحمد
ثم أبتسمت بتشجيع و هى تكمل كلماتها
- أطلعى بقى مع جوزك ساعديه علشان يغير هدومه بسرعة و صحوا راغب و أنزلوا بسرعة
غادرت نوار مع زوجها فى نفس اللحظة التى علا فيها صوت هاتف المنزل
توجهت رقيه إليه و جلست على الأريكة الكبيرة التى تجاوره و وضعت قدم فوق الأخرى و أجابت .. ليصلها صوت يوسف الذى أبلغها بأنهم سيتأخرون اليوم .. فلدى عائشة عملية ولاده متعثرة و هو أيضاً لديه عملية قلب مفتوح لطفل لصغير
أغلقت الهاتف و هى تدعوا لهم و لأولادها جميعاً بصلاح الحال و الرزق الحلال و الذرية الصالحة
********************
كان بركات يجلس فى غرفته يفكر بهم .. ماذا فعل بحياته حتى يكون له ولد كأحمد بكل ما يقوم به من أعمال مشينة و سيئة .. بماذا أذنب و بماذا أخطئ معه .. و كيف يكون أخطئ و ما قام به معه قام به مع أخيه الأكبر .. و ها هو مصطفى إبن يفتخر به و أب جيد و زوج رائع و رجل أعمال مميز
بماذا أخطئ حتى يقتل ولده زوجته .. ويجعل فتياته يخجلن من كونه والدهم .. لا تستطيع إحداهم أن تنظر فى عينية براحة و أمان .. دائماً هناك لوم ظاهر فى عيونهم .. لوم عن ذلك اليوم الذى طلب منهم أن يتناسوا أن والدهم هو من قتل والدتهم .. و ليس هذا فقط سكوته أمام أفعاله المخجلة .. وما كان يكترفه من أخطاء تجاه والدتهم و أيضاً تجاههم و هو يتنقل من إمرأه لأخرى و من حانه لأخرى .. و يعود يومياً يخرج غضبه فى والدتهم المسكينه حتى ماتت من تأثير ضرباته المتكررة و التى لا تحمل أدنى رحمه
وضع رأسه بين يديه بهم و هو يقول
- لا حول و لا قوة إلا بالله .. حسبى الله و نعم الوكيل .. حسبى الله و نعم الوكيل
**************************
أستيقظ أحمد و هو يآن بألم فرأسه سينفجر من كثرة الصداع يشعر و كأنه كان يجلس داخل إحدى تلك السماعات الكبيرة الخاصة بالأفراح
أعتدل جالساً و هو يتذكر حسن و جمال حسن و رقة حسن و هى بين ذراعية أنه يتمنى ألا يعود إلى واقع عائلته و بيت العائلة و بناته
لا يريد مفارقة أحضانها و مفارقة كلماتها المعسولة .. التى تشعره بقيمته و أهميته خاصة حين تجلس جواره تسمعه تلك الكلمات الرقيقة عن كونه رجل أحلامها و كم هو غالي و مهم و بداخلها حب كبير له و كم تتمني أن تكون جواره و أسفل قدميه طوال حياتها ... في حين لا يرى من أهله و لا يسمع منهم سوى الكلمات الجارحة و اللوم و العتاب و أنه دائماً أقل من أخيه الذى ينال دائماً ما يسحتقه و يأخذ دائماً منه ما يريده
هو الإبن الذى يمسك كل أعمال العائلة ... يتزوج من الفتاة التي يحبها و تنجب له الصبيان و هو لا يستطيع العمل و لا يتحمل و أيضاً تزوج دلال صديقة رقيه فتاة بسيطة من عائلة بسيطة و متوسطة الجمال أيضاً و لم تنجب له إلا البنات
نفخ الهواء بضيق و رفع عنه العطاء و غادر السرير
ليدلف إلى الحمام يأخذ حمام دافئ يبعد عنه الإرهاق و التعب و غادر الحمام يلف وسطه السفلي بشرشف الحمام وقف أمام مرأة طاولة الزينة و بداء فى ترتيب خصلات شعره المبلله و هو ينظر إلى تلك العلامة الزرقاء أسفل عنقه و أبتسم بمشاغبة و هو يمسك هاتفه يتصل بها
و حين أجابته قال سريعاً
- وحشتينى أوى يا قلب أحمد
أبتسم و مازالت يديه تداعب خصلاته المبلله و قال
- أكيد يا قلبى هجيلك النهارده .. بس عايزك تسربى عدنان بقى عايز أبات معاكى كام يوم
صمت لثواني ثم قال
- و لا أقولك أيه رأيك نسافر يومين كده الغردقة و لا الساحل حتى
أتسعت إبتسامته و قال سريعاً
- خلاص أستنى منى تليفون النهارده بس جهزى شنطتك
ثم أرسل إليها قبله و هو يقول
- سلامى يا قلبي
و أغلق الهاتف و توجه إلى الخزانه و أخرج ملابسه ثم بداء فى ترتيب حقيبته و وضعها فى إحدى جوانب الغرفة ثم أتصل بأحد معارفه و رتب معه الأمر
ثم توجه إلى باب غرفته و أغلقها بالمفتاح و توجه إلى سريره يتمدد عليه باسترخاء فهو يعلم جيداً ما سيحدث الأن
طرقات على الباب و صوت أحد أبناء أخيه يطلب منه الإنضمام إلى الطعام و رغم أنهم لا يكونوا جادين فى ذلك الطلب إلا أنهم لا يتوقفون عنه و رغم أنه يرفض كل مره إلا أنهم أيضاً لا يتوقفون
ليس عليه سوى أن ينتظر أنتهائهم و ذهاب كل منهم إلى غرفته و سيغادر و يرتاح منهم قليلاً
******************************
كانت تتابع كل مأشراتها الحيوية .. حالتها ليست بخير و ضغطها مرتفع .. و هى تشعر بأرهاق شديد و لا تستطيع المغامرة بحياة المريضة و طفلها لذلك أتصلت بزميل لها ليحضر معها تلك الولاده .. حتى تقلل من حجم مخاطر خطئها و هى فى تلك الحالة
كان يوسف ينتظرها بالخارج حين أتصلت به و أخبرته بما تشعر و أنها بحاجة لوجوده .. فاتصل بالبيت يخبرهم أنهم سيتأخرون و لكنه أيضاً لم يرد أن يقلقهم .. لكنه يتابع حركاتها و قلبه يشعر بالخوف و القلق و التوتر .. كانت تشرح لزميلها حالة المريضة بالكامل و كل ما يقلقها و لكنه شعر بها .. أنها وصلت إلى نهاية تحملها لما هى فيه فأقترب منها سريعاً وضمها بين ذراعيه لتغمض عينيها باستسلام لذلك الدوار الذى لم تعد تتحمله
حملها سريعاً و توجه بها إلى غرفة الكشف و لحق بهم زميلها و بداء فى فحصها بشكل سريع و يوسف يقف خلفه يكاد القلق يفتك به
حتى أعتدل الطبيب و نظر إلى يوسف و قال
- مبروك يا دكتور يوسف .. دكتور عائشة حامل

سقر عشقي (( جحيم الفراق )) بقلمى ساره مجدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن