و كأن الحروف سُلبت منها عنوة ، شعرت فجأة و كأنها أصبحت بكماء يحطمها فقط كما يشاء .. غير مسموح لها بالصراخ حتى ! ، أصبحت منكسرة كـ شظايا الزجاج المنثورة على الأرض ، هزت رأسها نافية بهستيرية و كأنها ترفض التصديق لواقع بات يؤذيها ، تقدمت له بعض خطوا لتقول بنبرة شبه باكية :
- ليه ؟ ليه يا رعد ؟!
برغم تأثره بنبرتها تلك ولكنه أمسكها من منكبيها و هو يصيح بإحتجاج :
- عشان حد غيري شاف شعرك ، حد غيري شاف جسمك يا توليب ، حد غيري ، حد غيري باس مراتي ..! أنتِ عارفة ده بيقطع فيا أزاي ، فكرة أن في أتنين حاولوا يغتصبوكي ... أنا أول مرة أبقى عاجز بالطريقة دي ! اول مرة معرفش أحمي مراتي الإحساس دة وحش أوي ، و المشكلة أنك بعدها بتعيشي حياتك عادي ، أنتِ كان عندك حق لما قولتي ان قربنا من بعد بيضعفنا ..!أصبحت في حالة يرثى لها حرفياً ، هو أناني لأبعد حد ، يفكر بنفسه فقط ، حركت شفتيها لتهمس :
- انت أناني يا رعد ، اناني أوي .. مفكرتش فيا طيب ؟ مفركتش أني يموت كل مـ حد يقرب مني غيرك .. مفركتش أني كنت هنتحر من شوية لو الزبالة دة قربلي ، حرام عليك .. كل اللي في دماغك أن مراتك حد غيرك شاف جسمها ؟ يعني دة كل اللي يهمك ، طب ونفسية مراتك ؟ مش في حساباتك ؟تصلبت تعابيره و لم يفكر بكلامها أبداً ، هواجسه فقط من تسيطر عليه ! ، حدجها و هو يقول بغلظة :
- خلصنا يا توليب متمثليش ! أنتِ هتعملي فيها الست الشريفة ؟ أنا مسافر و مش عايز أشوفك تاني ، بقيت بستحقرك ...!!!!و كأنه ضربها بصاعقة أوقف حواسها ،أنفرجت بوجهها المحتقن :
- أمشي يا رعد ، أمشي انا اللي مش عايزة أشوف وشك أمشي ، مش عايزة أشوف وشك أرجوك متنزلش من نظري أكتر من كدة أطلع برا ...قالت و هي تدفعه بعيداً ليدفعا هو من كتفيها بالحائط الصلب ورائها لترتطم به و هي تتآوه بألم ، و كأن الرحمة نُزعت من قلبة ليقول بنبرات مغلولة :
- أنا همشي و ده من هنا ورايح هيبقى بيتك مش هتعيشي مع حد تاني فاهمة ! متقلقيش مش هاجي أنا اصلاً مبقتش عايز اشوفك !***
و كأنه أنتشل روحها من جسدها ليأخذها معه ، تلبستها حالة من الجنون الهيستيري عندما ذهب من القصر ، أخذت تصرخ و لأول مرة تشعر بمرارة هزيمتها ! هدمت كل شئ بالقصر لتصعد لغرفته راكضه و هي ترمقها بعدائية شديدة ، و أخذت بقلب مفروط تكسر بها وهي تمسك بذلك العطر الموضوع على "التسريحة" لتقذفه بالحائط ليتحول لشظايا زجاج منبعثة منها تلك رائحة العطر حتى باتت تخنقها ، سقطت على الارض ثم دخلت في وصلة بكاء وصراخ يلين الحجر وهي تضرب الارض بيديها و كأن جنت ! و لِمَ لا ! فهي حقاً جنت ! ، كلماته تتردد في أذنها مسبية لها أختناق غير طبيعي ، نهضت و هي تترنح في سيرها ممسكة برأسها بضعف ، بحثت عن تلك السموم التي كان يتجرعها رعد !!! وجدت كيس بلاستيكي صغير مملوء بمسحوق أبيض سام لتضعه على الكومود أمامها حتى قربت أنفها منه بتلذذ ...!!