الفصل السادس عشر

860 17 1
                                    

و كأن الحروف سُلبت منها عنوة ، شعرت فجأة و كأنها أصبحت بكماء يحطمها فقط كما يشاء .. غير مسموح لها بالصراخ حتى ! ، أصبحت منكسرة كـ شظايا الزجاج المنثورة على الأرض ، هزت رأسها نافية بهستيرية و كأنها ترفض التصديق لواقع بات يؤذيها ، تقدمت له بعض خطوا لتقول بنبرة شبه باكية :

- ليه ؟ ليه يا رعد ؟!

برغم تأثره بنبرتها تلك ولكنه أمسكها من منكبيها و هو يصيح بإحتجاج :
- عشان حد غيري شاف شعرك ، حد غيري شاف جسمك يا توليب ، حد غيري ، حد غيري باس مراتي ..! أنتِ عارفة ده بيقطع فيا أزاي ، فكرة أن في أتنين حاولوا يغتصبوكي ... أنا أول مرة أبقى عاجز بالطريقة دي ! اول مرة معرفش أحمي مراتي الإحساس دة وحش أوي ، و المشكلة أنك بعدها بتعيشي حياتك عادي ، أنتِ كان عندك حق لما قولتي ان قربنا من بعد بيضعفنا ..!

أصبحت في حالة يرثى لها حرفياً ، هو أناني لأبعد حد ، يفكر بنفسه فقط ، حركت شفتيها لتهمس :
- انت أناني يا رعد ، اناني أوي .. مفكرتش فيا طيب ؟ مفركتش أني يموت كل مـ حد يقرب مني غيرك .. مفركتش أني كنت هنتحر من شوية لو الزبالة دة قربلي ، حرام عليك .. كل اللي في دماغك أن مراتك حد غيرك شاف جسمها ؟ يعني دة كل اللي يهمك ، طب ونفسية مراتك ؟ مش في حساباتك ؟

تصلبت تعابيره و لم يفكر بكلامها أبداً ، هواجسه فقط من تسيطر عليه ! ، حدجها و هو يقول بغلظة :
- خلصنا يا توليب متمثليش ! أنتِ هتعملي فيها الست الشريفة ؟ أنا مسافر و مش عايز أشوفك تاني ، بقيت بستحقرك ...!!!!

و كأنه ضربها بصاعقة أوقف حواسها ،أنفرجت بوجهها المحتقن :
- أمشي يا رعد ، أمشي انا اللي مش عايزة أشوف وشك أمشي ، مش عايزة أشوف وشك أرجوك متنزلش من نظري أكتر من كدة أطلع برا ...

قالت و هي تدفعه بعيداً ليدفعا هو من كتفيها بالحائط الصلب ورائها لترتطم به و هي تتآوه بألم ، و كأن الرحمة نُزعت من قلبة ليقول بنبرات مغلولة :
- أنا همشي و ده من هنا ورايح هيبقى بيتك مش هتعيشي مع حد تاني فاهمة ! متقلقيش مش هاجي أنا اصلاً مبقتش عايز اشوفك !

***
و كأنه أنتشل روحها من جسدها ليأخذها معه ، تلبستها حالة من الجنون الهيستيري عندما ذهب من القصر ، أخذت تصرخ و لأول مرة تشعر بمرارة هزيمتها ! هدمت كل شئ بالقصر لتصعد لغرفته راكضه و هي ترمقها بعدائية شديدة ، و أخذت بقلب مفروط تكسر بها وهي تمسك بذلك العطر الموضوع على "التسريحة" لتقذفه بالحائط ليتحول لشظايا زجاج منبعثة منها تلك رائحة العطر حتى باتت تخنقها ، سقطت على الارض ثم دخلت في وصلة بكاء وصراخ يلين الحجر وهي تضرب الارض بيديها و كأن جنت ! و لِمَ لا ! فهي حقاً جنت ! ، كلماته تتردد في أذنها مسبية لها أختناق غير طبيعي ، نهضت و هي تترنح في سيرها ممسكة برأسها بضعف ، بحثت عن تلك السموم التي كان يتجرعها رعد !!! وجدت كيس بلاستيكي صغير مملوء بمسحوق أبيض سام لتضعه على الكومود أمامها حتى قربت أنفها منه بتلذذ ...!!

أنتِ أدماني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن