الفصل الثالث و العشرون (الجزء الاول)

671 15 1
                                    

تهدل كتفي "إلهام" ما إن سمِعت جملته التي بددت كل الأمل الذي كان يسري بخلدها بينما هتفت هي بخفوت و هي تنظر له :

- عشان خاطري يابني .. صدقني مش هتعبها أنا بس عايزة أشوفها دقيقتين ..

لم يبدو عليه التأثر ، بل قال و لم تهتز عضلة فكه :
- تحبي أوصلك للبوابة ؟

أبتلعت إهانته الصريحة لتنكس رأسها و هي تبتعد بخطوات واهنة متجهة نحو الخارج ، و قد خرجت من القصر بأكمله بمقلتىّ أغرورقتا بالدموع ..

• • • •

و بعد شهرين ، كان يجلس محدقاً بالسماء بلونها الخلاب و النجوم التي تزين فراغها ، أطلق تنهيدة واهنة ، فـ منذ أن قام بطرد والدة توليب بطريقة غير مباشرة و الألم يأكله أكلاً ، بينما هو يرتدي قناع الجمود في معاملته لـ "توليب" و التي بدت غير عابئة بمعاملته أو هذا .. خارجياً فقط ..

أخرج لُفافة تبغ بنية اللون و هو ينفثها بذلك الجو البارد .. فقد شارف موسم الشتاء على القدوم ، لمحها من بعيد .. توحشت عيناه و هو ينهض و هو يرى خصلاتها منسدلة على ظهرها الهواء يتطايرهما ، ظل مكانه و هو يراها تقترب مطالعة ملامحه و التي زال عنها البرود ليحل محله غضب مخيف ، و ما إن إقتربت منه حتى غرز أصابعه في ذراعيها و هو يهزها بعنف قائلاً :
- أنتِ أزاي تخرجي كدة !!

أبعدت رأسها و هي واضعة يدها على صدره ، تأوهت بألم و هي تعلم أن مكان قبضته على ذراعيها سيترك كدمة زرقاء في الغد ، نظرت حولها و هي تقول بهدوء :
- مافيش حد هنا .. غيرك

أزدادت عيناه سوداوية و هو يقترب من وجهها بشدة ولم يرخى قبضته ليهمس أمام شفتيها بجنون :
- و لو حد من الحراس دخل و شافك دلوقتي ؟ أنتِ عارفة ممكن أعمل في أيه لو شاف شعرك ؟ هشيل عينه يا توليب.. هشيلها !!

زاغت نظراتها و هو يُحدق بشفتيها المرتجفة من البرودة التي عصفت بها و إزدادت مع كفيه الباردة .. شعرت أنه مُحق ربما لتتلعثم و هي تقول و مازال قربه يشكّل خطراً :
- طب .. طب أبعد عشان أروح ألبس الحجا ..

قاطعها و هو ينهال من شهد شفتيها بشوقٍ ، بينما "توليب" كانت تحت تأثيره الذي لا يُقاوم .. و هي قد حصلت على قبلتها الأولى ،سار تيار كهربي بعمودها الفقري ، و لكنها ظلت واقفة كتمثال الشمع عكس ما بداخلها تتلقى قبلاته المجنونة و التي لم تكُن بشفتيها فقط ، بل أنتقلت لكامل وجهها بقبلاتٍ متقطعة ..
خانتها قدميها حتى أنها كادت أن ستقط لولا ذراع قوية أمسكت بخصرها و الذراع الأخر أمسك به عنقها من الخلف لتزداد قبلاته .. لطفاً ، و لأول مرة يجتاحها ذلك الدفئ منذ الشهرين الذين مروا ، شهرين كانا تعامله به معها أكثر من جاف ، يفتقر إلى أيّ حنو ..

ماجد .. ماجد وذكرياتهما معاً جعلاها تضربه على صدره بأقوى ما عندها و هي تُحاول التملُص من بين يداه .. بينما هو دُهش من هجومها المفاجئ فـ هي و قبل ثانية كانت مستسلمة تماماً بين يداه .. و لكنه أبتعد بصدرٍ لاهث و هو يُحدق بمقلتيها اللتان إلتمعا بدموعٍ و هي تمسح بكف يداها فمها بعنف و عيناها تطلقان شراراً مختلط بدموعٍ و هي لا تصدق أنها للتو كادت أن تخُن ..ماجد !!!!

أنتِ أدماني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن