الفصل الثامن والعشرون

762 18 1
                                    

كانت واثبة أمامه .. منذ خروج المأذون و هي لا تتحدث ..منذ أن أصبحت زوجته أمام العالم حتى بدت وكأن روحها خرجت من جسدها ، تحاول الصمود أمامه .. لم يبقى شئٍ لتخسره .. فـ لِمَ الخوف إذاً ؟


بينما هو أرتمست على شفتيه أبتسامة ليس بها ذرة من المرح .. أو الحياة ..
فقط أبتسامة تجسدت بها جميع أنواع الحقد و الكراهية ، أقترب صوبها بخطواتٍ هادئة ليُزيد الرعب الذي لم تكن تريد أظهاره على محياها ، تطلع إليها من رأسها حتى أخمص قدميها بطريقة أزعجتها و أخفاتها في آن واحد ، حاصرها بزاوية بالغرفة بذراعٍ والأخر كان يتلاعب بخصلاتها الناعمة .. رفع بصره إليها ليردف قائلاً بملامح هادئة :
- كنت مأجل الحقيقة دي للحظة دي .. عارفة ليه ؟ عشان اعرف أحسرك على اللي هيضيع منك دلوقتي يا حلا !!!

أنقبض قلبها برعب و كلماته الحاقدة تضرب روحها ، بدى صوتها مهزوزٍ و هي تقول :
- حقيقة أيه ؟!!

- أنا مالمستكيش ..!!
كان جامد الملامح و هو يقولها ، و كأنه لم يقذف بها بقنلة أودت بعقلها ..

و لولا ملامحه الجامدة لكانت جزمت أنه يمزح ، ماذا عن وجودها في فراشه ؟ ماذا عن بقعة الدماء ؟ وماذا عن رائحة عطره الذي كان على جسدها ؟ ماذا عن قلبها الذي يأن تواً ؟

بدأ بـ سرد كل شئ منذ بداية وقوعها بين ذراعيه ..

عند تلك اللحظة .. وسقوطها بين يداه أثر رعبها الذي كان هو السبب فبه حيث لم يتحمله قلبها ليقرر بأخذ قسطٍ من اللاوعي ..

حملها بين ذراعيه بملابسها الخفيفة رغم برودة الجو ، ليذهب بها نحو سيارته التي رُكنت بإحدى الردهات .. ثم ذهب بها نحو شقته ، كان البواب يطالعهم بشبه إمتعاض ولكن بالطبع لم يجرؤ على التحدث .. صعد بها "زين" عبر المصعد و يداه الباردتين ممسكين بها .. فتح المصعد بقدميه لينزلها و هو يساندها بـ يدٍ واحدة حتى لا تسقط .. و باليد الأخرى أخرج مفتاح الشقة ثم دس به في الباب .. عاد ليحملها مجدداً و هو يلج للداخل ، أغلق الباب بقدمه ليذهب بها نحو غرفته .. و برفقٍ وضعها على الفراش حتى لا تستيقظ ، جلس على طرف الفراش و قد علم بديهياً أن نومها ثقيل .. نزع عنها ملابسها بالكامل .. ثم نثر عطره على جسدها بعشوائية ، أمسك بعبوةٍ ليفرغ محتواها على الفراش والذي كان سائل باللون الأحمر يشبه الدماء ، دثرها بالغطاء ليتركها خارجاً من الغرفة ..

" عودة إلى الواقع "

و كأنه أمسك بسلسلةٍ حديدية ليربط بها لسانها ، أُنتشلت من ذلك العالم البغيض ، إلى جحيمه هو ، نظرت للصورة المعلقة أمامها .. و كأنها تُجبرها على تذكر كل شيٍ .. هي من الأساس لم تنساه ..

أنتِ أدماني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن