و كأي أُم أخذت تبكي على رحيل أبنتها ،
أمسكت بيداها تستعطفها محاولة سبر
أغوار عقلها :
- يا بنتي قوليلي ايه اللي خلاكي عايزة
تسافري بس ؟أحتفظت بجمود صفحات وجهها و هي
تقول :
- يا ماما مـ أنا قولتلك انهم عايزني هناك
لشغل ..أنسابت عبراتها قائلة بلوم :
- يعني هو الشغل أهم مني ؟ دي حتى
أول مرة تسافري فجأة كدة ..تنهدت و قد داهمتها ما قد حدث لها في
هذا الوقت البسيط و ما حدث منذ أن
قابلته ..أحضرت حقيبة سفرها لتضعها جانب باب
المنزل لتمسك بهاتفها تتفحصه ..
أنتصبت في مكانها تقرأ الخبر بعدم
تصديقٍ .. أعادت قراءة الخبر مرةً أخرى
لربما تتوهم ..قرأته بصوتٍ واضح و بنبرة مصدومة :
- وفاة صاحب أكبر شركة مقاولات منذ
بضع ساعات ..***
لم تنساب دمعة واحدة منها ، يداها أسفل
ذقنها تنظر أمامها بشرود ، لم تسمع
صيحات والدتها و من حولها .. فقط تسمع
و ترى شريط ذكرياتها مع أبيها يمر أمامها
.. تذكرت كيف كانت مدللته الصغرى ..دار في ذهنها الكثير من ذكرياتهما سوياً
***
فتاةتبدو بعمر الخمس سنوات بخصلات
فحمية مموجة تنساب علي
ظهرها تُهرول ناحية أبيها و الذي يقرفص
بدوره فاتحاً لها ذراعيه لتتوسد أحضانه ..
ربت على ظهرها لتبتعد قائلة ببراءة
طفولية تحاوط كفيه بيديها الصغيرتان :
- بابا أنت مش هتسيبني أبداً صح ؟حاوط وجهها بكفية قائلاً بحنو ابوي :
- عمري يا حبيبتي ..عقدت حاجبيه و كنست كتفيها للأسفل
قائلة بامتعاض طفولي :
- ماما بتضربني يا بابا .. ضربتني جامد
و أنا مش عملت حاجه والله ..زفر بحدة على تلك الأمرأة التي لن تكف
عن مضايقة أبنته ..
نهض بعيداً عنها تاركاً إياها منشغلة بألعابها
ليذهب لمديحة و التي
كانت تشتعل غضباً ، هدر بها منفعلاً :
- هو أنا مش قولتلك متضربيهاش يا
مديحة ؟ حرام عليكي دي مكملتش لسة
خمس سنين !