المقدمة

4.3K 67 1
                                    

مقدمة:
*****

تناقضاتُ

هنالك خمس دقائق لكي اطمئن عليكِ قليلاً
و أشكو إليكِ همومي قليلاً، وأشتُم فيها الزمان قليلاً
هنالك خمس دقائق بها تقلبين حياتي قليلاً
قولي قولي قولي قولي قولي
ماذا تسمين هذا التشدد؟
هذا التمزق، هذا العذاب الطويلا
وكيف تكون الخيانة حلاً؟ وكيف يكون النفاق جميلاً؟
أحبك حين أكون حبيب سواكِ
ويعثر دوماً لساني فأهتف بإسمك حين أنادي عليها
وأشعر أني أخون الحقيقة
حين أقارن بين حنيني إليكِ وبين حنيني إليها
فماذا تسمين هذا؟ انفصاماً؟
سقوطاً، هروباً، ضياعاً، دماراً، جنوناً؟

***

إنكمشت على نفسها في أقصى الغرفة.... تستمع لرنين الهاتف، تمنع نفسها بمشقة ألا تجري صوبه و ترفعه.... لتسمع نبرة صوته التي اشتاقت لها حد الموت.....

أرجعت رأسها تسترخي، وصوتهما يعلو ..... يطلب من المتصل أن يترك الرسالة بعد سماع الصفارة.... ... الذي لم تتجرأ يوما أن تستبدله... كان الرابط الوحيد المتبقي لها مع الماضي الجميل... كانَا في أقصَى سعادتهما و في أعلى مراتب عشقهما... في قرارة نفسها، تعلم جيدّاً لما أبقته .... لأنها تسعَى لمعاقبة و محاسبة نفسها و جلدها في كل يومٍ مئات المرآت و هي تسمع صوت ضحكاتهما في مستقبل رسائل كانت في يومٍ ما ستكون لهما معاً...
واحد إثنان..... ثلاثة.... لتشهق بلوعة..... تمنع الغصة التي تستحكم حنجرتها من أن تتحول لفيضٍ من الدموع..... أغلقت عيونها، تتخيل صورته و خشونة صوته ذو النبرة الرجولية، ممزوجة بلمسة حزينة أظهرها سكره الواضح.... تنطلق في المكان، لتنطلق معها قشعريرة سرت على طول عمودها الفقري
" اليوم أيضاً ناديتها باسمك..... في أقصى انغماسي في كرمها ناديتها بأكثر إسمٍ أمقته.... "
ضحك بحزنٍ و صخبٍ.... ليسكت فجأة كما بدأ فجأة
" ستتساءلين كيف أحبه و أمقته في نفس الوقت.... ستعتبرينه هوسا... أو انفصاما.....أسمكِ ككل شئ بك... لطالما تساءلت لماذا أعشقك..... و أكرهك في نفس الوقت.... أتعلمين؟!.." سكت حتَى اعتقدت أنه ينتظر إجابتها ...ليكمل بهسٍ حزينٍ ...جعلها تتساءل ما الذي اقترفته في حقه " ... عندما أكون في حضرة أجمل النساء و أفتنهن....دائما ما أتذكر تقاسيم وجهك البريئة.... و أُقارنها بكِ....لم تكوني جميلةً و لا جذابة، لكن لمعة البراءة في عيونك أسرتني.... فجعلتني عبداً لها...."
دموعهما انطلقت في نفس اللحظة....و كأنها انتظرت الإذن لها..... منه.
" أنا أتعذب.... طوال العام و كل يوم أحاول نسيانك بين أحضان امرأة مختلفة..... لا تعلمين كيف جعلتِ الخيانة سهلة لي كشربة ماءٍ و أنا الرجل الذي طالما كان الوفاء شعاري .... أي جبروتٍ أنتٍ حتَى زينتِ لروحي النفاق لأراه جميلاً و أتلذذ به كل ليلةٍ ..." سكت قليلا.... ليهمس بتوهان " أعيش في تناقضات.... كل ليلة أتمنى أن أجدك لأقبلك حتى أنسى نفسي بكِ..... ثم أقتلك لأنسى جرحك الغادر، كل يوم أجبن من طرق بابك و ألجم القوة في سحقك تحت عجلات سيارتي.... كل يوم أتخيل نفسي أرقص على دماءك....لأطلق عنان دموعي بعد ذلك.... أنا أكرهك و أنا أعشقك..... بنفس القوة و نفس الطريقة.... تمنيت لو لأحد الشعورين الغلبة.... لكي أتبعه و أرتاح.... لطالما تمنيت لو قلبي كان من صوان.....لأتراجع و أنا أتذكر أنك هناك....تقبعين خلف حناياه كما كنتِ دائما....فأنت طفلتي "

تمسكت بساقيها المثنية الباردة برودة البلاط ... تتحرك برتابة....لا تريد أن تتذكر طفولتهما معاً.....لا تريد أن تأخذها الذكريات إلى مراهقتهما و دفئ همساته....و هو يعدها أنه سيحافظ عليها.... إلى اليوم الذي ستصبح فيه ملكه.....حلاله.....كانت تنظر للساعة.... تتمنى أن تمر الدقائق الخمس....الثواني أصبحت بطيئة جداً.... تريده أن يتوقف عن جلدها أكثر... و يذكرها بليلة مرت منذ سنة كاملة.... تلك اللحظة التي استسلمت لنزوة لتخونه..... و منذ تلك الليلة و لسعات الذنب تكويها.
-"هل تعلمين؟!"
همس بخفوت..... ليسكت بضُعفٍ قاتلٍ لرجولته... يستجمع قوته.... للبوح، ليستطرد بغصة استحمكت قلبه لسنة دون أن تأبى مفارقته " هل تعلمين... أنني كنتُ أبحث عنكِ في كل واحدةٍ أصادفها.... عاشرتُ أجمل النساء و أفتنهن... لكنك دائما ما تمرين على بالي....كحمامةٍ...لكنك لم تكوني تحملين السلام لنفسي... كنتِ تزورينني لتذكرين أنها مجرد وهمٍ منك.... كنتُ أبحثُ عن أصغر تفاصيلكِ فيهن.... " رفع عيونه..... غير بعيد للغرفة أمامه...." و عندما اخترتها.... كانت النقيض عنك.... مشرقة كأشعة شمس ربيعٍ....." سكت يفكر بها....لوهلة فقط قبل أن تغزو أفكاره الأخرى... " أكرهها لأنها ليست أنتِ و أحبها لأنها نقيضكُ... جعلتني أحتقر نفسي....و أنا أنظر لإنعكاس صورتي في مقتليها..... يملؤها الحزن و الآلام.....و الأقسى التفهم و الإحتواء... كانت تبقى.... ولم تتركني....لكنني أوجعها مرةً أخرى و أنا أقارنها بكِ...." مسح عيونه بكم قميصه.....و صدره العاري يرتفع و ينزل بوتيرة عنيفة " أنا أسمع نشيجها الآن و هي تبكيني.....بينما أنا أَبْكيكِ..... كرجلٍ حقير سَفكتِ دماء رجولته و مازال يحن إليك.... أكرهك و أحبك لأنكِ أنتِ.....و أحبها و أكرهها لأنها ليست أنتِ.. " ضحك بسخرية محملة بألم...." هل تفهمينني لأنني لم أعد أفهم نفسي..... كيف أؤمن أنني أخونك معها....بينما العكس هو ما يحدث... "

ضرب قلبه بعنف.... ليعم الصمت....إلا من نشيجها....و تنفسه الهادر.

تنظر للساعة الرقمية أمامها..... التي تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل و اربعة وخمسون دقيقة و عشرة ثواني.... لم يتبقى إلا أقل من دقيقة..... كانت تدعو أن تمر الثواني.... وعيونها مغلقة تستمع لتنفسه القوي المضطرب....و تتخيل هيأته.... عيونه حمراء من الغضب....و شعره الذي استطال، و لحيته المخيفة..... و اسوداد ملابسه و كأن بطرده لها .....كانت نهايةً لكل شئ مبهج في حياته.....
الثانية 56....57..... 58....
-" أنا أكرهكِ....و أكره نفسي بسببكِ"
...59 لتنتهي الخمس دقائق.....وتستند بعنف و راحة لانتهائها... للحائط خلفها..... و دموعها تجري كالأنهار...مستنفدة كمحكومٍ نُطقَ أخيراً بتاريخ إعدامه.

رفع عيونه حيث الشبح الأشقر يستند بضعف على باب الغرفة.... تنظر إليه بألم.... هيأتها المبعثرة، من عنف لمساته....و بطنها الكبيرة الظاهرة من تحت قميص نومها.... جعله يكره نفسه أكثر..... إقتربت منه بهدوء.... لتنزل على ركبتيها....تتلمس وجنته الغارقة بالدموع.... كانا ينظران لبعضهما..... في حوار صامت... لترفع ذراعه تسنده كي يقف....و بصعوبة أوصلته للسرير..... ليستدير مواليا إياها ظهره.....و يغرق في النوم...تحت لمسات راحة يدها على شعره...

اِستيقظ..... و أشعة الشمس تتخلل الشقوق بين الستائر، لتجعل آلام رأسه لا تطاق..... شتم بغضب....و الآلام
تكاد تُهشم رأسه....نهض بتثاقل يغلق الستائر بإحكام.....و عاد لمكانه في السرير الخالي إلا منه..... ليلمح رسالةً..... ضرب قلبه بعنفٍ....و هو يرفعها بأصابع مرتعشة... و اللّحظة التي يخشاها قد آن أوانها

" أنا آسفة......لم أعد أستطيع "












...

قراءة ممتعة..
يتبع...

تناقضات عشقك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن