برغم خلافاتنا(١)
برغم برغم خلافاتنا
برغم جميع قراراتنا بأن لا نعود
برغم الجفاء، برغم البرود
برغم انطفاء ابتساماتنا، برغم انقطاع خطاباتنا
فثمة سرٌّ خفي، يوحد ما بين أقدارنا
ويرفض كل اتهاماتنا
برغم خريف علاقاتنا، برغم النزيف بأعماقنا
و اصرارانا على وضع حدٍّ لمأساتنا بأي ثمن
برغم جميع إدّعائاتنا بأنيَ لن، وأنّكِ لن
فإني أشُك بإمكاننا
فنحن برغم خلافاتنا، ضعيفان في وجه أقدارانا
شبيهان في كل أطوارنا
دفاترنا، لون أوراقنا، وشكل يدينا و أفكارنا
وحتى نقوش ستاراتنا وحتى اختيار أسطواناتنا
دليل عميق على أننا رفيقا مصير
رفيقا طريق، برغم جميع حماقاتنا!****
تكاد تتجمد من البرد في الزقاق الضيق المظلم، بجانب منزل قاسم....و عمود الإنارة القريب ينطفئ ليُعاود الإشتغال في الثانية الأخرَى، فيُضفي على المكان الهادئ في هذا الوقت هالةَ أفلام الرعب الكلاسيكية القديمة.... تحضن طفلتها بقوة...تستمد منها الشجاعة، أصوات القطط الشاردة تصلها، تتقاتل بعنفٍ و تُطلق أصوات شبيهة بضحكات لسفاحٍ مهووس... الأشهر الطويلة التي مرت، وحيدة...منبوذة و الأكثر مجرمة في حق نفسها و طفلتها...علمتها أن تتقاتل بضراوة... لتعيش يجب أن تستغل الفرص...فلا مكان للضعيف... لكن غصبًا عنها....الرعب تسلل لقلبها و هي تتخيل مواجهة قاسم.... كانت أصعب مما تخيلت يومًا.... في السابق كانت تُخطط أن تُقابله لكي تطلب منه ان يُسامحها....لم تتخيل يومًا أنه سيكون الشخص الأول و الأخير الذي ترجو مساعدته...
منذ ساعتين و هي تنتظر قدومه....رجليها تيبست، بالكاد تُحس بأصابع رجليها من برد المحيط القريب...و أخيراً.
تنفست الصعداء و هي تسمع هدير سيارته القديمة و المألوف لها.... و كثيرًا ما أوصلها بها للجامعة....نفضت الذكريات التي تظهر لها سعيدة...وبعيدة على أن تكون عاشتها يوماً ...تحققت من طفلتها المستغرقة في النوم.... هانئة لا تحمل هم الثواني القادمة.... تمنت سيرين لو تستطيع أن تعود لهذه الأشهر من حياتها....ستكون الآن بين أحضان والدتها....تنعم بالدفئ....نظرت لملامح طفلتها....و كأنها تراها في هذا الظلام الحالك....جميلة جدا... كي تكون نتيجة غلطة و استهثار...تنفست بعمق....ثم اتجهت لباب منزله... تعلم أن فعلتها لا تُغتفر....و لن تلومه إن طردها.... لكنها يقينةٌ أنه لن يفعلها، تعرفه جدا لتعرف أن الطيبة و الجود المتجدرين فيه... لن يسمحا له بطردها...
للمرة الخامسة ترفع يدها...لتخفضها مجدداً... الثقة السابقة تُغادرها شيئًا فشئًا... لتحل مكانها خوفُ من المجهول... كيف ستتصرف إن طردها...!!
تململ طفلتها جعلها تضغط على جرس الباب...دون أن تُدرك حقًّا إن ضغطت بشكلٍ كافٍ ليسمعه... أصابعها ترتجف من البرد....و الخوف.
فُتح الباب... ليظهر خلفه بهيئته الضخمة...الإنارة خلفه زادته ضخامة....ابتلعت ريقها و هو يتعرف على ملامحها.... أحست بجسده يتيبس و هو ينظر إليها... نظرات تحولت من الصدمة إلى الإحتقار، أنزلت عيونها، ليتبع مسارها....و تسقط على اللفة بين ذراعيها.... ليزداد تنفسه أكثر حدة...
أنت تقرأ
تناقضات عشقك(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المتألقة ملاك علي حقوق الملكية محفوظة للمبدعة ملاك علي