شؤون صغيرة

2.8K 69 1
                                    

شؤون صغيرة

***

شؤون صغيرة تمر بها أنت دون التفاتِ
تساوي لديّ حياتي جميع حياتي
حوادث قد لا تثير اهتمامك أعمّر منها قصور
و أحيا عليها شهور، و أغزل منها حكايا كثيرة
وألف سماء وألف جزيرة.
شؤون صغيرة

***

دخل للمنزل و همستها ترافقه.... "أنت الوحيد الذي لديه القوة لتدميري ...و قد فعلت" ليتجه للمطبخ...يريد شيئًا قويًّا.... يُنسيه تلك النظرة المدمرة التي لمحها بعيونها... فتح الخزانة العلوية حيث يحتفظ بالقنينة البنية اللون بعيداً عن أنظار فلك، أحاطها بأصابعه ينظر إليها بتركيز... آخر شئ توقع أن يُذكره بها... كم كانت تكره رائحة أنفاسه وهو يعود في الشهور الماضية... لكنها استحملته و لم تتوقف يومًا عن الإعتناء به... حتى في أشهرها الأولى من الحمل...حيث كان من حقها أن تتذمر ليعتني هو بها...لكنها لم تفعل... دائماً ما تساءل مالذي يُبقيها بجانبه... وهو الجلف، المتحجر القلب خصوصا معها...كانت تُذكره دومًا أنها بقيتْ معه حين تخلت عنه الأخرى... أنها تحملته حين لم يتحمل حتى نفسه.... تجعله يُحس بالغضب لأنه مدينٌ لها.... الشخص الوحيد الذي يدين لها كانت هي...وهذا يجعله يريد أذيتها.

-" مالذي تفعله قاسم؟!"
تساءل وهو يميل القنينة ليتمايل السائل المغري له.... فتحها بسرعة ليرفعها عاليا... لكن يده تسمرت وهو يتذكر همستها " ما الذي أعنيه لك قاسم... لا شئ... أحاول أن أتذكر مجرد ذكرى بسيطة.... بسيطة جدا هي كل ما أحتاجه لأحارب نفسي من أجلك... لكن لم أجد..." ضحكة استهزاءها من نفسها قتلته و هي تستطرد " حتى أنك تُفضل قنينة الخمر علي"

اغمض عيونه.... يحاول تذكر المرارة التي كانت تنطق بها ملامحها.... و هو يرفع القنينة و يسكب محتواها... يتذكرها جالسة فوق كرسي المرحاض... يدها الرقيقة جدا بين يديه الخشنة يعتني بها، يحس بتحديقها يطول كل ملامحه.. دون أن يستطيع رفع عيونه نحوها... لا يستطيع أن يواجه عيونها هذه المرة.... كان خجلًا مما فعله قبل اسبوعين..

التفت للفوضى التي تُحيط به... حاول تذكر آخر مرة كان منزله البسيط الصغير بهذه الفوضى... حاول وكل ما يلامس ذكراه رائحة العود التي يعبق بها في يوم الجمعة... و رائحة اللافندر أو الخزامى في الأيام الأخرى... أغلق عيونه يُحاول إبعاد رائحة أخرى علقت بخياشيمه... رائحة مسكرة رغم رقتها... تلك التي تشبع به منذ أسبوعين، عندما عاد ليجدها ككل مرة يعود مخمورا تنتظره.... لم يكن غائبًا عن وعيه كاملا كعادته هذه المرة.... عقله مازال يقظًا وهو ينهال من رحيقها.... كانت عذبة ككل مرة...
فتح عيونه بقوة يطرد ذكراها الذي أصبحت فجأة تؤرقه... ما الذي تغير قاسم؟! كيف أصبح كل تفكيرك يقودك إليها...و منذ أيامٍ فقط كنت ترجو حب الأخرى؟!

في تلك الليلة... أيقظته بقوة من نشوة وجوده بين أحضانها....ينظر إليها بدون فهمٍ...مالذي اقترفه ليُطرد من جنتها... ليفتح عيونه باتساع و يُدرك فداحة ما ارتكبه... أراد أن يُمسك بيدها.... أن يترجاها أن تسمعه....لم يكن يقصد.... الطريقة التي قبلته بها، كان الترياق الذي جعل آخر استوطان الأخرى يُغادره....و كأنها اقتلعت آخر أثر لورمٍ متفشي في جسده....لينهكه.... و قد تعب و أراد أن يرتاح.... و راحته في فلك.... ذلك الحضن الذي لا قرارة له.... النقطة التي أنارت حياته.

تناقضات عشقك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن