الفصل الأول

3.9K 79 2
                                    

الفصل الأول:

هي لا تُحس بصعوبة في التنفس....لا تُحس بكل الخناجر التي استمتع و هو يغرسها في قلبها لشهور؛ تنسل ببرودٍ و ببطئٍ قاتلٍ .... لا تشعر!.... خواءٌ فقط ما يملؤها... كفزاعة رُمت على قارعة الحقل بعدما استُهلكت ولم تعد صالحة...لتُبعد سرب الطيور.

وجع قلبها جعلها مخدرة... مخدرة الحواس و الأحاسيس، كيف استطاعت الصمود كل تلك الأشهر الباردة.؟!...و التي كان صقيعها ينخر عظامها، كيف ارتضت كرامتها أن تعيش في كنف رجلٍ اعتقدت أنه سيحتويها؟! .... لتكتشف أنه مجرد خراب، جدار متصدع آيلٍ للسقوط.... خدعها.... " مهلًا فلك....هل حقًّا خدعكِ؟!... ألم تكوني أنت من سعى إليه؟! سحرتك لمعة الحزن الممزوجة بالغضب الهادر في مقلتيه..."
قلبها أتى بردة فعلٍ و هي تتذكر أول مرة إلتقت عيونها الفاتحة...مع أخرى غامقة.... كانت شرارة حبٍّ لقلبها المراهق العذري....
لطالما تساءلت كيف سيكون زوجها؟! لكن الإجابة سرعان ما تقفز لعقلها....شبيهٌ بوالدها.... رئيس الإطفائيين، الرجل الكادح البريئ النظرة رغم تقدمه في العمر...الذي عاف النساء يوم دفن زوجته و ابنة عمه... لطالما فتنتها قصة حب والديها... ابنا العم اللذان غُصبا على الزواج... ليبتدآ أجمل قصة حب، بعد زواجهما، قصة جعلت قلبها يسلم من حب المراهقة و الشباب، لتنتظر فارسها أن يطلب ودها بورقة زواج، لتبدأ بخط حكايتها معه....حكاية ملؤها الحب و التفاني....الإحترام... و الكثير الكثير من التضحية .
ربما مكونات تعويذتها لم تكن بتلك القوة...فهي لم تكن والدتها و هو لم يكن والدها.
شتان بين قصة فلك و قاسم و قصة والديها...
كان يجب أن تُدرك أن ليس كل ما يتمناه المرء يُدركه... هناك ما يتمناه و يجد ما يستحق... و هي وجدت فعلًا ما تستحقه، عندما سلمت قلبها لرجل محطم... رجل أقل ما يقال عنه أنه عضوٌ فَسُدَ من الجسد.... فكان البتر مصيره.
و قد استحالت مثله تمامًا... أسبوعين مرا على اليوم الذي ودعته....حتى أنها لم تكن بتلك الجرأة لتودعه ناظرةً لعيونه... لتنطق سهم الراحة له و قلبها ينزف دمًا.
ودعته بقصاصة ورق...خطت بها دموعها كلمات مرتجفة، كلمات... مكونة جملة بسيطة .... فقط عاشق مثله و مثلها من يستطيع فك طلاسيمها، ليرى مدى قوتها، عنفها....و الأكثر مرارة كاتبها.

******

- " فلك... إبنتي الغذاء جاهز" خاطبها والدها بقلة حيلة
- "لا أحس بالجوع أبي... " همست تحاول مداراه حزنها عنه
- " يا ابنتي... إن لم يكن من أجلكِ... فمن أجل الذي في بطنك..." أجابها موبخاً

وضعت يدها على بطنها بقوة...كأن والدها قد ذكرها فجأة بوجوده...بوجود قطعةً منه داخلها.... أرخت قبضتها لتقول بألم
- " بعد قليل أبي....بعد قليل"
و رفعت اللحاف على نفسها...تريد أن تبقى لوحدها فقط..تحتاج لذلك جداً.

تركها لأحزانها... هو لا يعرف تعقيدات الحب...الذي لطالما جعله يرى بساطة الحياة....

انتظرت حتى أغلق والدها الباب... لتطلق العنان لدموعها... رفيقتها الوحيدة في هذه الأيام التي مرت.
تتذكر آخر ليلةٍ معه.... كانت تعلم أنها تصادف ذكرى اليوم الذي تركته به خطيبته... لم تهتم لصفارات الإنذار في عقلها... عقلها يُخبرها أن تبتعد لكن... قلبها كان ملتاعًا و هو يراه في اقصى مراحل ضعفه.

تناقضات عشقك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن