لو لم تكوني في حياتي(١)

1.8K 51 0
                                    

ملاحظة صغيرة قبل البدء هذا الجزء السادس وليس الخامس الجزء الخامس يحمل عنوان برغم خلافاتنا(٢)


لو لم تكوني في حياتي (١)

لو لم تكوني أنتِ في حياتي
كنت اخترعت امرأة مثلك يا حبيبتي
قامتها جميلة طويلة كالسيف
وعينها صافية مثل سماء الصيف

كنت رسمت وجهها على الورق
كنت حفرت صوتها على الورق
كنت جعلت شعرها مزرعة من الحبق
وخصرها قصيدة وثغرها كأس عبق
وكفها حمامة تداعب الماء ولا تخشى الغرق
كنت سهرت ليلة بطولها
أصور ارتعاشة العقد وموسيقى الحلق

ساعتين وهو يراقبها.... جالسة على الكرسي قرب النافذة، تنظر للخارج، دون أن تأتي بأية حركة.... وهو كذلك، منذ أن سمع كلمات الممرضة " تُعاني من اكتئاب ما بعد الولادة "... جملة حددت حالة زوجته دون أن يفهم أي شئ مما تعنيه.... يريدها فقط أن تنظر للملاك الذي يحمله بين ذراعيه دون أن تكون له الرغبة بإطلاق سراحه...كيف لا تلمع عيونها ....و لا يتضخم قلبها لمرآها...شعورٌ فريد ما أحس به وهو يحمل "روح" للمرة الأولى بين ذراعيه....رهبة تختلط بنشوة وهو يجرب شعور الأبوة لأول مرة في حياته... أعاد نظراته حيث زوجته....جامدة في مكانها....و كأنها في جزيرةٍ معزولة لوحدها....تُحدق بجمودٍ للخارج من خلال النافذة... و كأنها تبحثُ عن شئٍ ولا تستطيع أن تُدركه....شئٌ غير ملموسٍ....بعيدً عن ال" روح" التي يحمل بين ذراعيه... كانت تبحث عن روحها هي....تلك التي انفطأت فجأة....لتُغرق صاحبتها في ظلام دامس!

الهوة السوداء العميقة لم تعد مريحة... لم تعد تمدها بالخدر الذي تحتاجه لتنسى كل شئ... بل أصبحت تهمس لها بكلمات تثير رعبها...أنها وحيدة... و كل ما يحدث لها تستحقه....مشاعر كثيرة تخالجها... أغلقت عيونها، تعصرهما من الدموع الحبيسة، علها تُفرغُ روحها من تلك النتانة التي تحتلها.... أحكمت إغلاق جفنيها بقوة ....ليشملها السواد أكثر، كانت وحيدة....وحيدة جداً.... تريد النوم رغم أنها تعلم أن الكوابيس تنتظرها....لكنها متعبة و تريد أن ترتاح...

كل ما يُحيطُ بها هو الظلام.... تلتفتُ حولها تبحثُ عن مخرجٍ لها من هذا النفق.... تجري حافية القدمين و الزجاج المتكسر ينغرسُ في قدميها دون أن تجد الفرصة لتتستكشف مدى الضرر الذي لحق بهما.... قلبها يكاد يتوقف من عنف ضرباته....و العرق البارد يتصبب من جسدها....خائفة حدّ الموت.... هدير قطارٍ أعلمها أنها على سكة حديدية.... فلابد أن هناك مخرجاً ما.... لكن المكان بدأ يضيق و يضيق وهدير القطار يزداد قُربًا.... أضواءه ساطعة تُعمي عيونها التي اعتادت الظلام....و سرعته المهولة تُهدد أن تُحيلها لأشلاء..... أغلقت عيونها تنتظر النهاية....تُريد فقط أن ترتاح و تبتعد عن هذا الخواء الذي يسكنها.... لم تُدرك بشاعة الموت وحيدة إلّا الآن...كانت تدعو... ألا تموت وحيدة... بكاء طفلة جعلها تفتح عيونها لتلتفت حيث الصوت الذي طغى على هدير القطار.... هناك في آخر النفق سطع القليل من الضوء.... كان كمنارةٍ لها.... بكاء الطفلة يزداد كلما زاد اقترابها....لكن القطار لم يمنحها الفرصة للنجاة....دعواتها لم تُستجب...و في ثانية كان يمر عليها.... ليُحولها لأشلاء و صرختها الأخيرة....يتردد صداها اقوى داخلها.... دون أن يسمعها آخر غيرها...لتفتح عيونها بسرعة... تُمرّرها حولها... تتلمس جانبيها ...مازالت في مكانها...و قاسم يحدق بها في فزعٍ.

تناقضات عشقك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن