الفصل الرابع.

1K 72 10
                                    

سيلينا:

كُنت فى الحافلة المسائية التى تَعود إلى المَدينة فقد عَلِمت أن هُناك حافلات تأتى إلى الريف فى أوقاتٍ مُحددة حتى تَقِل الناس للمدينة و العَكسُ صحيح،

كان غريباً أمر هذا الشاب، فلماذا يَعيش مُنعزلاً عن المَدينة ؟ أفهمُ أن العيش فى الريف هادئ و لكن لِشخصٍ يَعتنى بِطفلة فإن المَدينة سَتُيسر عليه حياته بِكَثير ، من الممكن أن زوجتهُ كانت تُحب هذا البيت لِذلك لم يُرد أن يَتركه،

نَفضتُ أفكارى عن أمر الشاب فكان لدى أمورٌ تَخصُنى يجب أن أهتم بِها فماذا عن جَدتى؟ لا يجب أن أتركها وحيدة خاصةً فى بلدٍ جديدة لا نعلم عنها شيئاً حتى إن سُمِحَ لى أن تَأتى مَعى و أنا اُجالس الطفلة فَلَيس من اللائق أن أكون عبئاً على أحد بِهذا الشكل فبالنِهاية أنا مُجرد جَليسة أطفال.

******

اليوم الأول مع سيلينا
١٩٨٢/٩/١

تَقف بِجانب الفتاة الصَغيرة التى بدى على ملامِحها أثر البُكاء، عينانِ مُنتفختان و خدين أصابهما لونٌ طفيف من الحِمرة، مُمسكةً بيدها الصغيرة مُحاولةً مُواساتِها، كادت سيلينا أن تَنجح بِمحاولتها كما فعلت فى أول لقاء بَينها وهو التَصرف مع إيلينا كالبالغين قائلة أن أباها سَيُغادر قليلاً إلى عملهِ ثُم يَعود لتومأ لها الصغيرة بِرضا و لكن كأية طِفل لم تَتَماسك الصَغيرة برؤية والدها وهو يَهُم بالرحيل لِتنهمر عِبراتها وهى تَمُد يَديها إليه ليحملها،

عِندما أتت سيلينا رأت الشاب بوجهٍ بارد لم تَرهُ فى المرة السابقة كانت تُناظره بِحيرة من وقتٍ لأخر ظناً مِنها أنه سَيزيل قِناع البُرود من وَجهه عندما يُودع إبنته لكنه أدهشها عندما لم يُبدى أية مشاعر على الإطلاق بل كان يَشرع بالرَحيل حتى أوقفه صوت إيلينا وهو على بابِ المنزل لم يَكن صوت بُكائها المُتسبب بِوقوفه بل الكلمة التى سَمِعها للمرةِ الأولى مُختلطةً بالبُكاء،

"ب....ب..بابا"

تَوسعت حدقتا عين سيلينا التى كانت تَعلم أنها كَلِمَتُها الأولى ناهيك عن قلقها أن يَعود فَتُظن الصغيرة أنه سيأخذها معه أما الأخر فكان مُتجمداً بِمكانه كأولِ مرةِ رآى خُطواتُها الأولى لكنه تجاهل الأمر،

و بِهذا غادر مُغلقاً الباب ورائه لِتحملها الأخرى بِحنان لكن لم يَتَوقف من شهقات الصغيرة الصامتة.

******

تَحتضن سيلينا الفتاة الصغيرة بِكلتى يَديها حتى لا تستيقظ بِنوبةِ بُكاء أخرى و لكنها كانت ثقيلةً على جَسَدِها النَحيل لِتجلس على الأريكة فَتحركت التى فى حِضنها و حاجِبيها مُقطبين مُصدرةً صوتاً مُتعباً،

 𝙀𝙡𝙚𝙣𝙖 𝙩𝙝𝙚 𝙪𝙣𝙠𝙣𝙤𝙬𝙣ᵇᵉᶠᵒʳᵉ ᵛᵒˡᵈᵉᵐᵒʳᵗ ʳᵉᵗᵘʳⁿˢحيث تعيش القصص. اكتشف الآن