الفصل الخامس
صباح اليوم التالي
تقلب في الورق بيدها لعلها تفهم اي شئ بينما أختها تجلس بهدوء و صمت على غير العادة و هذا شئ يقلقها كثيرا .
فمنذ انفجارها بها في العيد بعد أخر مواجهه لهما و هي صامتة و لا تحاول النقاش معها بأي شئ .
اما هي فتفكر بوضعها طوال الوقت ... فمنذ الطلاق و انقسم المنزل لحزبين ... والدها الوحيد الذي وثق بها من أول لحظة و يؤيدها تماما في قرارها ... أخوها كان في حالة تذبذب و بالبداية أوشك على قتلها أو دفنها حية إلا أن فاندام تدخل و أخذها بمنزله بعد عودتها من المستشفى .
بعدها علمت من ابتسام و نعمة ان فاندام وسلطان و الدكتور مدحت كان لهم الفضل بعد الله بإقناعه بخطأه و ان اللوم كله يقع على لطفي خصوصا بعد اثبات برائتها بشهادة طبية .
و باليوم التالي آتى أحمد لها و اعتذر منها و أعادها لمنزلها واعداً إياها بحمايتها بعد ان لقن لطفي درس لن ينساه أبدا .
قطع ذكرياتها صوت أختها الحانق : بتقري في ايه عايزة افهم ... حد ضحك عليكي و قالك انك دكتورة و انا معرفش .
رفعت نظرها قائلة : فيه تحاليل بتتفهم مش محتاجة دكتور ... محتاجة تشغيل مخ ... اهو بيقولك ان نسبة الهيموجلوبين مفروض تكون 12 أو اكتر و انا عندي 8 يعني فيه أنميا لكن الباقي الصراحة مش فاهمه منه اي حاجة .
ردت أمها من بعيد و هي متابعة للحوار : لازم طبعا يجيلك أنميا شاي و قهوة و سندوتش جبنة طول النهار هتيجي الدموية في وشك ازاي!!
قالت بحنق : هي كوباية قهوة الصبح مفيش غيرها و كوباية شاي بعد الغدا و بتغدى معاكو عادي يعني مش مبطلة أكل زي ما بتقولي .
قالت أختها : أكيد الدكتور هيكتبلك فيتامين ... هتروحي امتى!!
قلبت عينيها و قالت : لما ماما تفضى ... ما انتِ عارفة ممنوع انزل إلا وحد منكو معايا زي ما أكون لسه عيلة صغيرة .
قالت أمها : لا يا حبيبتي مش عيلة صغيرة بس الناس لسه منستش الفضيحة اللي حصلت و الكل عارف انك اطلقتي .
قالت تحية سريعاً : بس لسه في العدة مش يمكن ربنا يهدي سرهم و ترجع بيتها .
انتفضت واقفة و قالت بغضب : انتو ايه مش بتزهقوا ... رجوع مش هرجع و لو جاب نجمة من السما ... ثم نظرت لاختها و قالت : انتِ مفيش فايدة فيكي ... انتِ لو اتحطيتي مكاني و اتهان كرامتك و اتكسرتي يوم فرحك عمرك ما هترضي ترجعي و لو رجعتي تبقي عديمة الكرامه و تستهلي يضربك بالجزمة بعد كده .
ثم وضعت يدها في خصرها و قالت بتهديد : انا الكل بيشهد باخلاقي و بكرة اتجوز اللي احسن منه مية مرة.
ردت أمها بغضب و قالت : هو انتِ حد هيبص في وشك و أختك ربنا يسترها على جوازتها ... يا خوفي تعنسوا و تفضلوا في رقبتي أنا و أبوكو .
صفقت بكفيها بغضب و قالت : مفيش فايدة مهما اتكلم هتفضلو تتكلموا في نفس الكلام ...
أنا بقول أهو ... السيرة دي محدش يفتحها معايا تاني وإلا هاطفش و أسيب البيت عشان ابقى فضحتكوا بجد .
انفتح باب الشقة ليلتفت الجميع لوالد تهاني الذي ذهب للسوق لشراء مستلزمات البيت قبل ذهابه للعمل ... ملاء الصمت المتوتر المكان .
بينما هو يدخل بهدوء يحمل عدة أكياس مليئة بالفاكهه و الخضروات و قال : السلام عليكم ... ايه مالكو صوتكو جايب أخر الشارع .
قالت أمها بغضب : كله منك أنت فضلت تقوي فيها و تنشف دماغها و اهي العند واخدها و رافضة ترجع لجوزها .
اعطى تهاني الأكياس التي بيده و هو يربت على كتفها بهدوء ثم نظر لزوجته و قال بلهجة صارمة : مش كنا قفلنا السيرة دي يا ام أحمد و لا ايه ... لما ابقى أعجز عن اكلها وشربها هابقى اغصب عليها ترجع لجوزها ... انا مربتهاش هي و أختها و شقيت عمري كله عشان يجي واحد واطي زي ده يضربها و يخوض في سمعتنا على أخر الزمن ... من الأصل كانت غلطة اني وافقت عليه لولا زنك و كلامك الفاضي ... البنت معاها شهادة و مفيهاش عيب عشان أجوزها لواحد اقل منها في كل حاجة ... حتى التعليم مفلحش فيه ... بس هاقول ايه الله يسامحك و يهديكي .
ردت بغضب : يعني ده جزائي إني خايفة عليها اللي قدها معاهم بدل العيل اتنين و المثل بيقول ضل راجل و لا ضل حيطة .
قاطعها بعصبية : هي عندها 50 سنة عشان يبقى القطر فاتها دي مكملتش حتى ال 30 و بعدين المثل برضو بيقول قعدة الخزانة و لا جوازة الندامة .
ثم تحرك متجهه لحجرته وقال بلهجة قاطعة : كلام في الموضوع ده تاني مش عايز اسمعه ثم نظر لتهاني التي عادت من المطبخ و قال : و من بكرة لو عايزة تنزلي تشوفي شغل إنزلي مش هنفضل حابسينك العمر كله عشان معرفناش نختار ليكي واحد يصونك .
قاطعته أمها : طب نديله فرصة تانية .
انفجر فيها قائلا : انتِ بتفكري ازاي ... عايزة ترضي لبنتك الإهانة ازاي فهميني ... أول جوازنا مرة اتعصبت عليكي بسبب مشكلة في الشغل و زقيتك غصب عني ووقعتي ... وقتها غضبتي في بيت أبوكي شهر لحد ما رضيتي ترجعي ... زقه بسيطة و غضبتي شهر و بنتك تتضرب و تتهان و تتفضح و انتِ لسه عايزة تديه فرصة يا شيخة اتقي ربنا حرام عليكي .
شحب وجهها من كلامه حاولت الرد وتبرير موقفها بالخوف على ابنتها من آلسنة الناس التي لا ترحم حركت شفتيها لتوضح له لكنه رفع يده و قال بغضب تفاقم منها و لم يهتم بوجود بناته : كلمة زيادة يا ام أحمد و صدقيني هاتجنن و أعمل اللي عمله طليق بنتك و إبقي شوفي وقتها هترضي تكملي معايا و لا لاء وتركهن بين خوف و قلق و ... راحة
أنت تقرأ
مصابيح فى حنايا الروح الجزء الثانى من سلسلة طعم البيوت
Romanceقالوا في الشدائد لا يبقى الا الرجال قالوا في الفرصة لا يقتنصها الا الاذكياء قالوا في المواجهة لا يدخلها الا الواثقون قالوا في الحب لا يخضع الا العشاق قالوا في الرغبة لا يصمد الا الأتقياء قالوا في المحنة لا يستمر الا الاقوياء وقالوا في الروح لا تظلم...