الفصل السادس
بعد عدة ايام
تجلس بتوتر جوار امها المتأففة ... لا تنكر ان بعد حوار ابيها الاخير و انفجاره بها تجنبت امها الكلام معها و تلميحها للعودة الى لطفى لكن نظراتها كلها اتهام انها تسببت في مشكلة بينها و بين والدها ... لكنها تجاهلت نظراتها و غضبها المستتر منها.
فقط تطمئن على نتائج التحاليل و تبدأ في البحث عن عمل كي تهرب من كل هذه الضغوط.
تعالى صوت الممرضة باسمها لتقوم واقفة و تجذب امها.
جلست امام مدحت الذي قال ببشاشة : اهلا يا انسة تهاني ... ازي حضرتك يا حجة.
اجابت والدتها : بخير يا دكتور الحمد لله ... ثم اخذت التحاليل من تهاني ووضعتها امامه و قالت : ها يا دكتور طمنا الله يكرمك مش ناقصة وجع قلب عليها كفاية اللي هي فيه.
تناول المغلف بمهنية و نظر فيه ثم اغلقه و قال : زي ما توقعت الانميا نسبتها عالية و فيه نقص حديد ... كمان فيه نسبة سيولة في الدم ... و املاح في البول ... و نقص في فيتامين دال.
شهقت امها ووضعت يدها على صدرها و قالت : يالهوي كل ده مرة واحدة.
ابتسم و قال مهدئا لها : متقلقيش يا حجة كلها حاجات بسيطة لو اتعالجت صح و اغلب بنات مصر بتعاني من الاعراض دي لانهم مش بيهتموا بصحتهم.
ثم نظر لتهاني و قال : الفترة الجاية محتاجة تهتمي بالأكل شوية ... اي اكل فيه حديد زي البتنجان ... كبدة ... عسل اسود ... بنجر و تشربي مية كتير على قد ما تقدري.
ممنوع تاخدي اسبرين نهائي لانه بيزود السيولة.
اخذ يكتب بكلمات غير مفهومه بالروشته ثم ناولها اياها و قال : دي ادوية هنستمر عليها الفترة دي.
ثم اشار لاحدهم و قال : ده لمدة اسبوع لوقف النزيف.
و الباقي فيتامينات تستمري عليها شهر و نرجع نحلل صورة دم كاملة اما الفي دروب هنستمر عليه عشان فيتامين دال و نحلل كل شهرين عشان نشوف النسبة وصلت لاية.
اومأت و تناولت منه الروشتة و هي تقول : شكرا يا دكتور تعبنا حضرتك.
قال بهدوء و رزانة : مفيش تعب و لا حاجة ده واجبي.
قامت تساعد امها على النهوض بينما هو يقول : صحيح يا حجة بما انك عارفة اغلب بنات المنطقة و ظروفهم ... الممرضة بتاعتي في العيادة هتمشي اخر الشهر عشان هتتجوز و كنت عايز حد مكانها ... لو تعرفي حد مناسب يبقى يا ريت تخدميني.
فكرت سريعا هو طبيب مهذب و محترم و يعاملهما باحترام فلما لا تعمل معه تهاني ستكون مطمئتة عليها فلن يتطاول عليها او يتحرش بها فقالت سريعا : اه طبعا يا دكتور ... تهاني اهي مش وراها حاجة و ابو تهاني من يومين قالها تنزل تدور على شغل تسلي بيه وقتها بدل حبسة البيت.
ابتسم مدحت ففكرته نجحت ... فهو تعمد عرض الامر على امها لا على تهاني لتأتي الموافقة منها و لا تعترض.
يشعر ببعض المسؤلية تجاة تهاني برغم عدم وجود اي صفة تسمح له بذلك ... لكن يشعر بها منكسرة و نظراتها الحزينة تجعله يرغب بمساعدتها بأي طريقة ... لهذا فكر فيها بمجرد معرفته لرغبة حنان لترك العمل.
نظر لتهاني و قال : انتِ خريجة اية يا تهاني !! احمر وجهها خجلا من الموقف ... تخاف ان تكون غير مناسبة و يُحرج من رفضها بسبب والدتها ... قالت بصوت منخفض : انا بكالوريوس تجارة جامعة القاهرة.
قال بتعجب : ماشاء الله طب مفيش شغلانة ليكي بالمؤهل بتاعك انا كنت فاكر انك معهد مش خريجة تجارة.
ابتسمت بحرج و قالت : حضرتك عارف ظروف البلد و اي شغلانه محتاجة واسطة و لغة و انا معنديش الاتنين للاسف.
اومأ متفهم و قال : خلاص انتظرك بعد عشر ايام عشان حنان تفهمك الشغل قبل ما تمشي و يارب يعجبك لحد ما تلاقي حاجة تناسب طموحك.
و هكذا انتهى اللقاء على وعد بلقاء اخر بعد عدة ايام.
أنت تقرأ
مصابيح فى حنايا الروح الجزء الثانى من سلسلة طعم البيوت
Romanceقالوا في الشدائد لا يبقى الا الرجال قالوا في الفرصة لا يقتنصها الا الاذكياء قالوا في المواجهة لا يدخلها الا الواثقون قالوا في الحب لا يخضع الا العشاق قالوا في الرغبة لا يصمد الا الأتقياء قالوا في المحنة لا يستمر الا الاقوياء وقالوا في الروح لا تظلم...