الفصل الحادى عشر

108 3 0
                                    

الفصل الحادي عشر

يحاول الجلوس بهدوء ... مظهره الخارجي يؤكد أنه مطمئن هادئ البال ... بينما من داخله هناك الكثير من القلق ... التحفز ... الخوف .
يخشى أن يحتدم الصراع بينه وبين مجدي ويدفع ثمن صراعهما اخته وحبيبته .
لهذا سيحاول الاستماع لنصائح والدته وترك الاتفاق والكلام لها ولوالده ... محاولا تمالك اعصابه ... وعدم الانسياق لاستفزازات مجدي المقصودة .

بينما هي بالداخل قلقه بل مرتعبة من حدوث شجار أخر بين اخيها ومالك ...اسبوع وهي في مشاكل وشجارات مستمرة مع مجدي ووالداتها الرافضة لإصرارها على مالك لخوفها من أن يظلمها بسبب تصرفات اخيها العنيفة مع زوجته وأيضا لأنها ترى مالك شخصية قوية يصعب السيطرة عليه .
ضحكت بسخرية وكأن امها لم تتعلم من أخطائها بل تريدها أن تدير حياتها كما ادارتها امها وكأنها لا تعلم سبب ما جعل اخيها بهذه الصورة البشعة من العنف والضرب والسباب الدائم .
والدته ووالده هما السبب كما أنهما السبب في حبها لمالك لأنه ببساطة يمتلك كل ما افتقده والدهما رحمه الله .
مالك قوي الشخصية ... حازم ... قيادي ... مسيطر .
بعكس والدها الذي كانت تتحكم به امها لا يستطيع أخذ أي قرار بدون الرجوع لها ... لا يمكن اجراء أي خطوة تخص حياتهم إلا بعد إذن من امها ... فكانت النتيجة الحتمية لرفض مجدي ضعف والده عنفه الغير مبرر تجاه زوجته كأنه يخشى أن يكون صورة أخرى من والده فبالغ في شدته وفرض سيطرته سواء مع وفاء التي فرت هاربة من نفسيته المريضة أو مع رنا التي احبته وتتحمل عقدته في سبيل الحفاظ على وجودها معه .
بينما هي لن تتقبل هذا الوضع الشاذ في حياتها الزوجية فالزواج عندها مشاركة واحترام وتقبل لرأي الأخر .
لهذا كان هدفها أن يكون فارس احلامها وشريك حياتها مخالف لكل ما تربت عليه .
زفرت بتعب وهي تدعو الله أن يمر اليوم على خير ... فحتى الأن لم يحضر اخيها برغم تأكيد والدتها من حضوره ... وامها بالأساس تبحث عن أي سبب لرفض هذه الزيجة لهذا إن لم يحضر اخاها لن توافق امها على اتمام الأمر .
دخلت امها بغضب و قالت : اخوكي مش بيرد والناس برة بقالهم ربع ساعة ... اكدت عليه لو مش هيجي يبلغني عشان الغي المعاد من الأساس ... لكن زي طبعه بيحطني في وش المدفع ... يالا خلصينا وقومي قدمي العصير واقعدي معانا لحد ما نشوف الليلة دي هتخلص على ايه .
أومأت بصمت تام ونفذت أوامر امها وها هي تجلس وجها لوجه أمام مالك وبجواره والدته التي لا يبدو عليها الرضا التام ووالده الهادئ الصامت ... ابتسمت بتهكم يبدو أن الجميع رافض لزواجها من مالك إلا هي حتى مالك نفسه به بعض التردد الذي تقرأه من نظره عينيه وجلسته المتوترة وكلماته القليلة .
وهذا جعلها تتسأل هل الأمر يستحق كل هذا العناء أم أنها تتمسك بوهم الحب والسعادة المنتظرة .
خرجت من افكارها على صوت مالك الحازم وهو يقول : واضح إن مجدي مش ناوي يجي يا طنط فخلينا نتكلم عشان منعطلش حضرتك اكتر من كده ... أنا طلبت إيد سلمى من مجدي وطلبت منه يحدد معاد رسمي عشان يكون والدي ووالدتي معايا وحضرتك طبعا تكوني موجودة وتقولي طلباتك .
قالت بإصرار : بس مجدي اخوها الكبير وأنا مقدرش اخد قرار زي ده من غير موافقته .
قال بصبر محاولا الهدوء : طيب مجدي مجاش ومحترمش المعاد ده معناه ايه !!
قالت بتعنت : يبقى نحدد معاد تاني ونشوف .
قالت والدته وهي تقوم بعصبية : يالا يا مالك مش كفاية متحملين كل اللي بيعمله في رنا وكمان مش عاجبه عريس زيك لاخته .
قال مالك وهو يجذب امه للجلوس : أنا مش هتجوزه هو وموافقته أو رفضه مش فارقة معايا المهم رأي سلمى .... ثم نظر لها وقال : ولا رأيك ايه يا سلمى !!
قالت بشجاعة و جراءة : رأيي انت عارفه ... أنا موافقة وسواء مجدي جه أو لاء مش هيغير في رأيي أي حاجة .
قالت امها بعصبية : يعني ايه !! بدل ما تكبري اخوكي وتعززي نفسك تقولي الكلام الفارغ ده .
قال والده اخيرا بعد صمت طويل : سلمى عزيزة وهتفضل عزيزة علينا كفاية إنها شارية مالك وده يخلينا نشيلها على راسنا ... لكن احنا برضو بنفهم في الأصول وهنستنى مجدي يكلم مالك ويحدد معاد تاني عشان نتفق ونحدد معاد كتب الكتاب ....
لكن لو متكلمش وقتها ربنا يحلها من عنده .
وقام منهيا أي نقاش بينما باب المنزل يفتح ليدخل مجدي وهو غاضب ورنا خلفه تحاول تهدئته .
وقفت سلمى وقالت بعصبية : ايه اللي أخرك كل ده يا مجدي ... خلاص عمو وطنط كانوا ماشيين .
قال مكفهرا : متأخرتش كلها ساعة إلا ربع مش قصة يعني .
دخلت رنا تسلم على والدها ووالدتها وام زوجها بينما مجدي جلس بكبر وغرور وقال : خير ان شاء الله .
جلس مالك بهدوء بعد أن جذب رنا تجلس جواره : خير ... عايزين نتفق على معاد كتب الكتاب .
قال الأخر : على أساس إني موافق ولا ده أمر واقع يعني .
قال مالك : الأمر الواقع ده أسلوبك مش أسلوبي ....
أنا كلمتك في بيتك قبل كده واظن سلمى وضحت إنها موافقة يبقى ليه تضيع الوقت .
مغتاظ من أسلوب مالك ولن ينسى ابدا تدخله بحياته الزوجية ... غبي ألا يعلم أن الرجل يجب أن يفرض قوته وسيطرته حتى لا تتحكم به زوجته ويصبح بلا شخصية ولا أهمية لها ولأولادها ... لكن غدا سيتزوج ويفهم وينتهج نفس نهجه وإلا لن تستقيم الحياة ابدا ... كل خوفه أنه إذا رفض هذه الزيجة فإن رنا ستطلب الطلاق وتتمسك به خصوصا بعد انفجار رنا به بالأمس .
فالأول مرة منذ زواجه بها تصرخ وتعترض بل تهدد وتنذره إذا رفض مالك سترفع قضية خلع وتبتعد عنه نهائيا ، لهذا وبكل اسف هو مجبر على الحضور والموافقة فبرغم كل شيء هو يحبها ولا يستطيع الاستغناء عنها .
قال بعد لحظات من الصمت : طالما هي موافقة ومصرة عليك فأنا مش هاعترض وهاقول نفس اللي انت قلته وقت جوازي من رنا .... هي تتحمل نتيجة اختيارها واتمنى إنها متندمش .
ابتسم الاخر بتهكم وقال : لا متقلقش اكيد مش هتندم ربع الندم اللي رنا ندمته من جوازها منك .
نظر له يحاول عدم التهور والقيام للشجار معه فثورة رنا بالأمس تجعله يفكر بعقلانية ... هو لا يريد خسارتها فهي الوحيدة التي تفهمته وصبرت عليه برغم رغبة اهلها بالطلاق ... هي ادركت أن ما يفعله هو الصواب لا ينكر أنه احيانا يصبح عنيف إلى حدا ما لكن هن هكذا النساء يجب استخدام الشدة والعنف معهن حتى يلتزمن بحدودهن ... حتى لا تنعدم شخصيته تحت مسمى الحب أو التفاهم أو العصرية فهو ابدا لن يكون نسخة ثانية من والده ووحدها رنا من تفهمت دورها كزوجة له ليست مثل الغبية وفاء التي تشدقت بالكرامة والعنف الأسري وكل هذه الترهات .
وغدا عندما يتزوج اخيها المدلل سيتفهم جيدا وجوب استخدام الشدة وإلا سيكون معدوم الشخصية ليس له راي أو أهمية بمنزله ووقتها ستخلص من مشاداته معه بعد كل مشاجرة بينه و بين رنا .

مصابيح فى حنايا الروح الجزء الثانى من سلسلة طعم البيوتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن