الفصل الرابع

147 3 0
                                    

الفصل الرابع

الاسكندرية
منزل رنا
تقدم له القهوة كما يحبها و جوارها عدة قطع من الكيك و هي تقول بحزن : يعني خلاص يا مالك هتسافر و تسيبني!!
نظر لها نظرة ذات مغزى و قال : لو عايزة تسيبي هنا و تيجي معايا انا مش هاقول لاء .
قالت بتهرب : و اسيب ماما و بابا لمين .
قال بتهكم : على اساس انك بتروحيلهم ... انتِ لو روحتي مرة في الشهر بنعمل احتفال بالمناسبة دي .
قالت بتخاذل : ماهي بتبقى ظروف يا مالك .
قال بانفعال : ظروف ايه و زفت ايه هو أنا عبيط ... ما كلنا عارفين انه مش بيسمح ليكي تزوريهم إلا بطلوع الروح وانتِ هتفضلي غبية سيباه يتحكم فيكي ... افتكري إن أهلك هما اللي باقين ليكي يا رنا و انتِ بتبيعي الغالي عشان الرخيص .
قالت بدفاع واهن : ماهو برضو جوزي و الدين بيقول لازم اسمع كلامه .
رد بغضب : و هو الدين بيقول انه يضربك و يهينك ... الدين بيقول انه ميصرفش على ابنه طول الفترة دي مليم واحد ... الدين بيقول انه يحرمك من أبوكي و أمك ... و الاهم من كل ده الدين بيقول انه ميصليش و يفتكر ربنا بس وقت ما يبقى عايز يذلك .
امتلأت عيناها بالدموع و هي تعلم جيدا صحة كلامه تعلم أنها ضعيفة ... متخاذلة ... غبية ... تشعر بالقرف من الإنسانة التي تحولت لها ... تتذكر من عدة سنوات مضت كيف كانت قوية و تحافظ على كرامتها و تحترم أنوثتها ... كيف كانت تتهم وفاء بالضعف و التخاذل لتنقلب الأدوار و تستطيع وفاء النجاة بنفسها بينما هي هنا عالقة بين كرامة مهانة و حب مشوه و أنوثة مدمرة لتتحول لكائن هش ضعيف الشخصية ... معدوم الإرادة خوفا من الفشل ... خوفا من الندم ... خوفا من الإبتعاد .... لتبتسم بمرارة داخلها ... ألم تفشل في بناء أسرة سعيدة ... ألم تندم على تصديقها انه سيتغير ... ألم تبتعد عن كل ماهو جميل لتستبدله بالقبح المحيط بها .
تنفست بعمق و قالت في محاولة لتغيير الموضوع : وسلمى!!! خلصت حكاياتك معاها على كده .
رد بتهكم : فارق معاكي أوي علاقتي بسلمى ... بصي يا رنا أنا بحبها و مش متخيل حياتي مع غيرها ... بس مقدرش أحط إيدي في إيد أخوها عشان أتجوزها ... مش هاقدر أنسى إن أخوها هو الشخص اللي دمر حياة اختي ... حتى لو أختي موافقة و راضية بده .
جادلت : انت كده بتظلمها .
قاطعها : و لو اتجوزتها هاظلمها أكتر و أكتر و كل خناقة بينكو هي هتدفع تمن جزء منها .
الحل الوحيد إني أبعد عن هنا و أنا مقدرش أطلب منها تسيب أمها و تقاطع أخوها و تبعد عن حياتها عشان تتجوزني .
ردت بامل : إديها حق الاختيار يا مالك .
رد بأسف : انتِ و هو اختارتو سياسة الأمر الواقع محدش فيكو فكر فينا و لا فكر ياخد رأينا ... يمكن هو اناني مش بيفكر إلا في نفسه ... لكن انتِ اختارتيه هو و نسيتي أخوكي و أخته و صحبتك و مفكرتيش غير في نفسك .
قالت ببكاء : مكنتش متخيلة انه بيكدب عليا .. كنت مصدقة انه هيتغير ... كنت مصدقة انه بيحبني و انه كان كده مع وفاء لمشاكل بينهم ... كنت غبية و عيشت نفسي في الوهم اللي بدفع تمنه دلوقتي .
قال بصراخ : و ايه اللي مانعك تطلقي و تعيشي بكرامتك ... لا معاكي منه طفل زي وفاء و لا اهلك رافضين طلاقك زي وفاء و لا محتاجة له ماديا زي وفاء اللي برغم كل ده عملت المستحيل عشان تتطلق .
ردت بانهيار : وفاء محبتوش لكن أنا حبيته .
قبض بيديه على ذراعيها و هزها بعنف : ده مش حب ده مرض ... وباء ... سرطان بينخر فيكي لحد ما هيسيبك من غير روح و لا قلب مجرد طيف بيمشي مش حاسس بحاجة .
أبعدت يده عنها و جلست بتهالك و انفجرت بالبكاء قائلة : عارفة كل ده و كل يوم اقوم اقول انهاردة اخر يوم معاه و على اخر اليوم انسى و اقول يمكن بكرة يكون احسن و يوم بيجر يوم لحد ما كرهت نفسي .
دلك جبهته بإعياء و التقط مفاتيحه و علبة سجائره و قال : يا ريتك تكرهيه هو زي ما عرف يخليكي تكرهي نفسك .

مصابيح فى حنايا الروح الجزء الثانى من سلسلة طعم البيوتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن