الفصل السابع

96 2 0
                                    

الفصل السابع

بعد عدة ايام
كانت هدية تقف جوار هادي مبهورة مثل كل مرة تدخل بها غرفة التسجيل .
تنظر حولها بسعادة تتمنى ان يأتي اليوم الذي تسجل به اولى البوماتها ... خلال الفترة السابقة حضرت عدة مرات و كان معها بنفسه يتولى تدريبها و لأنها تأتي بميعاد مبكر فنادرا ما يتواجد أحد إلا عامل البوفيه و افراد الأمن و هادي الذي ينتظر خصيصا من أجلها .
مشاعر البهجة لاهتمامه الخاص بها تستولي عليها و قربه منها يربكها للغاية لكنها مستمتعة بهذا التقارب و هذا الاهتمام .
فرقع اصبعيه امام عينيها و قال : ايه ياهدهد اصحي كده و ركزي معايا .
نظرت له لتبتسم بإشراق وهي تتحرك بشقاوة و تقول ببساطة : كنت بحلم يا استاذ ... بحلم اني بسجل اول شريط و كله من الحان الملحن الكبير هادي الشريف ... أصلا مش هقدر اتعامل إلا معاك .
ضحكت و قالت : حتي بعد ما اتشهر و الكل عايز يلحن ليا هاقولهم لاااا مفيش غير الاستاذ .
ضحك ببهحة خالصة لا يشعر بها الا و هي معه على كلماتها البسيطة وتصرفاتها الغير مفتعلة .
قال بعد ان هدأت ضحكاته : ايه التواضع ده معقول هترضي اني انا اللي الحن اغانيكي ... مش مصدق نفسي !!!
ضحكت وقالت بغرور مصطنع : طبعا يا استاذ انت مش عارف قيمة نفسك ولا ايه !!
ابتسم و قال : طب يالا يا فنانة عشان نشتغل .
قالت و هي ترسم ملامح جدية مصطنعة : يالا يا استاذ عشان ورايا مواعيد مهمة.
ابتسم يتأمل ملامحها السعيدة و يفكر لماذا لا يتشارك معها ببعض الجنون ... او لنقل الحرية فقال بدون تفكير : ايه رأيك النهاردة نخليه يوم لينا ... ننسى التمارين شوية و نغني اي حاجة و كل حاجة تخطر على بالنا.
نظرت له بتفاجئ ما لبث ان تحول لنظرة مؤيدة لتقول بسعادة اول ما خطر ببالها .

منتش قد الحب يا قلبي ولا قد حكايته
ليه عايزني من دلوقتي احكيلك رواياته
مش كل كتاب يا قلبي بالحب يتقرا
وقولتك ميت مرة... انا قولتلك ميت مرة
انا لسه... انا لسه... انا لسه صغيرة

اما انت عليك يا قلبي شوية اسئلة
وكل سؤال بيخلق بالفكر مشكلة
عبلة وعنتر عملوم ايه علشان يقسى الحب عليهم
وحبيب ليلى اتجنن ليه وليه الدنيا غدرت بيهم
هو احنا قدهم ولا احنا زيهم
مش كل كتاب يقلبي بالحب يتقرا
وقولتلك ميت مرة... انا قولتلك ميت مرة
انا لسه... انا لسه... انا لسه صغيرة

بكرا يا قلبي تكبر والحب هتفهمه
من غير كلام عينيه هتشوفها بترسمو
وهتبتدي الحكاية من كلمة صغننة
حكاية جديدة خالص من تأليفي انا
يكتبها الشوق بليلة ونقراها بميت سنة
لكن الي بتسأل عنهم علشان تتعلم منهم
هو احنا قدهم ولا احنا زيهم
مش كل كتاب يا قلبي بالحب يتقرا.

وهكذا توالت الأغاني وتوالت اللحظات الفريدة التي تجمعهم وهو لأول مرة منذ عدة سنوات يشعر بأنه سعيد من قلبه بدون تصنع أو تمثيل فرض عليه لوجوده تحت دائرة الضوء .
بالدقائق السابقة شعر أنه هادي ... الشاب الطموح ... مهندس الصوت ... خريج الجامعة الامريكية ... شعر أنه هذا الفتى الذي لا يحمل هم لشكله الاجتماعي أو قلق لشهرته الواسعة .
مجرد شاب يفعل ما يريده بأي وقت بدون الخوف من مظهره الاجتماعي أو القلق من انطلاق اشاعة جديدة تطلق عليه كل عدة ايام .
وكل هذا بسببها ... بسبب بساطتها وانطلاقها... بسبب أنها تتعامل معه على أنه شخص عادي مثله مثلها بدون تملق أو تزلف له ... لهذا ينطلق معها يتكلم بحرية... يتصرف بطبيعية .
أخرجه من أفكاره صوت هاتفه بنغمة مخصصة فالتقطه سريعا غير مدرك لأنه كان يحدق بها بطريقة جعلت نبضات قلبها تتعالى حتى سمعها سكان المجرة ... جعلت وجهها القمحى يتحول للأحمر القاني ... جعلت افكارها تشطح لأماكن خطره ... بل في منتهى الخطورة ونست أو تناست أنها لا زالت صغيرة على الحب .
لم تكن تستمع لما يقول إلا أن كلمة واحدة جعلتها تلمس الأرض مرة اخرى بعد أن كادت تلمس السحاب .
يتلاعب هادي بالقلم في يده و قال : حاضر يا حبيبتي هاجيبلك اللي إنتِ عيزاه و مش هتأخر عليكي ... ضحكة عالية و قال : ايه الطمع ده يا سمسمة و لما اسهر معاكي مين يجي الاستديو و يشوف الشغل بدالي .
لحظات من الصمت و قال : عيوني هأجل اي شغل النهاردة عشانك ... كفاية ان النهاردة عيد ميلاد القمر بتاعي .
و هكذا انهى المكالمة ببساطة غير مدرك لأخرى كانت و رغما عنها تركت لمشاعرها العنان لتكتشف انها تسرعت و أخطأت
لتعتذر بعدة كلمات مبهمة تحت نظراته المتعجبة من انقلاب حالها .
اليوم التالي

مصابيح فى حنايا الروح الجزء الثانى من سلسلة طعم البيوتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن