....................
آخر ما كان يتخيله أيان عندما أتى إلي هنا..أن ينتهي به الحال ثائر غاضب كأتون الجحيم ...وأن يكون رد فعله كما تعود معها منذ أن عرف جسده كيف يترجم مشاعره عبر التواصل بقبلة !
مصدوما مثلها تماما ..غارق في عالم فمها الخاص ..يرتشف بنهم يضمها إليه بحرقه ..تضيع حاجته في ديناميكيه الجسد المتآلف ...لا لم تكن مشاعره الصارخه ولا احتياجه مجرد رغبة جسديه ..بل كانت أشبه بعودة قلبه للحياة من موت اكلينيكى منذ اشهر ...برجوع رئتيه لإخراج وادخال الهواء ...لم يبالي بشهقتها العنيفه اعتراضاً ولا مقاومتها الباهته رفضاً ..بل عقله رغم تشتته كان يأمر يديه لضغطها أكثر فأكثر اليه ...فؤاده الذى يهدر بوحشية كان ينازع ما بين جرحه الغائر منها وما بين حب طفوله وعشق مراهقه ..وجحيم رجل لم يعرف من الحب يوماً سواها ... حبيبته هي حبيبته ولن تكن يوما لغيره .. رباااه ؛واعي تماما لتلك القبلة التى تحولت لوحشية لعنف بصخب يغمر العقل ليوقفه للحظات ...كان أيان يرغمها ان تعترف بأنها تريد ....بذلك التناغم والتجانس ...بتلك الكمياء التى يشعر بها كليهما رغم انفهم ..! يديها التى تقاومه استسلمت رأسها الذى يتحرك بهستيرية سكن وقدها الرقيق التصق بصدره ليحتويها كيانه ! ...مصدوم الى أى حد اشتاقها.. والى اي حد أرادها ..
كيف لها ان تخرج جنونه ناريته توحش عاطفته ..وقد عجز الجميع عن استفزازه يوماً ...كيف لتواصل واحد يعيد اليه كل فقدان سيطرة ..كل مشاعر متجمره سيطر عليها لأشهر ماضية ... لقد كان يضيع .. مشاعره الهائجة كانت تخرج غير منتظمة فاقدة الزمن والمكان وحتى نسى كليهما ان ما يعيشانه ما هو الا تلامس محرم ...
جسدها الذى انتفض يديها التى تركته مقاومة أياه كانت هي الأسرع في ادراك ما يفعلانه من ذنب لا يغتفر ..لم يعترض ولم يحاول فرض قواه ...افلتها فلم تبتعد ...وضعت جبهتها علي صدره ؛ جسدها بين ذراعيه يرتعش يرتض بطريقة مرعبة يده تحسست هدير قلبها المتعالى بصخب جعله مرغماً يتعاطف معها للحظات .. محبوس في تلك اللحظة في صراخ الحاجه في موجات الاشتياق حد الالم هبط وجهه ليغرق في شعرها الكثيف يدفن انفه هناك فيثمل أكثر وأكثر فيها يتلاشى شئ فشئ حد الوجع ...!
مشاعره المتقلبه ...ما بين ساخطه غاضبة وحاقده...ثم تتحول بتلك الطريقة لمجرد ملامسه بينهم ..لتصبح هشة ضعيفه ... تذيب صلابة توهمها في نفسه ... كانت تصدمه .. أغمض أيان عينيه اكثر وأكثر محاول ان يسيطر على ذلك الوحش الكامن بداخله ..فيفشل عندما ارتفعت يديها المرتعشه تضعها علي نبض قلبه الصاخب مباشرة ... فأصابه الجزع ان تدرك كما الماضى ..مدى ضعفه فيها .. وكأن نار أمسكت في قلبه اخيراً مفجره حمم بركانية تتصاعد بدخان اسود قاتم لتخشى على ذلك الجزء العاشق فتخنقه مرسلة اياه لغيبوبة ... صرخت رانيا بألم عندما اصطدم ظهرها بحرف المكتب ورائها .. نظر اليها أيان بعينى مشوشة ...بعجز يراقب ويعلم انه أذاها دون ان يقصد ..لم يكن الاذى من ردت فعله التلقائية فقط لدفعها بل لتعديه السافر عليها وهو من دفعها .. لآخر كما ادعت .. ولكن لم يتخيل يوما انها قادره علي فعلها ..انحنت بوجع تدفن وجهها في كفيها تبكى بنحيب مؤلم تبينه من جسدها الذى يهتز بتقطع ..رغم انه عاد لتلك الواجهة القاسية اقترب يجلس على ركبتيه امامها يزيح شعرها المتهدل خلف اذنيها يمسك بذقنها مرغمها علي النظر اليه ...
" أنا أسف "! أشار
لم تتوقف دموع الالم في عينيها حتى وهي تنظر اليه بعينين متوسعتين مذهولتين ..لم تعرف حتى انها كانت ترفع اناملها تشير مثله بضعف :-" انا التى تعتذر منك ...انا من سببت الاذى لكلينا ..ولكنى لم اقصد ابدا الافتراق عنك لم أتخيّله يا أيان .."
أغمض أيان عينيه للحظة ويده ترتفع تمسك بأناملها ..يمنعها من الإكمال ثم رفع جفنيه ببطء وهو يفلتها ويشير :-" لم اعتذر عن هذا ... مازلت حاقد عليك لا استطيع الغفران او تقبلك في حياتى "!
المرارة انتشرت في خلاياها بكل قسوه وهي تسال بتخبط يخالطه العجز :-" أخبرنى فقط ماذا قد افعل لاجعلك تمنحنا فرصة لنحيا ! ... أرشدنى يا أيان لخلق تلك المعجزة لتعيدنى اليك !"
اشار أيان والمرارة تطفر علي ملامح وجهه :-" لا شئ يمكنك فعله قد يصلح ما كان ... خيبت املى فيك كانت سقطة مدوية ..لا قومه منها ابدا ...."
ابتلعت ريقها بحرقة ثم قالت بيأس :-" لماذا اتيت الى اذن ..كيف سمحت لنفسك بإجتياحى بقسوة بمنحنى انفاس للحياة ثم تسحبهم منى هكذا سريعا بوحشية ملقينى في الجحيم مرة اخرى "
كفيه حاوطت وجنتيها لدقائق ..ينظر لها بتلك العينين الخضراوين الحنونتين والقاسيتين ولأول مرة كانت تشعر رانيا بالعجز لتقرأه لتفهم ذلك الصراع العنيف الدائر في دواخل نفسه ؟!
انفصل مرة اخرى عنها مسيطراً رويداً رويدا ثم اشار بصدق مستسلم :-" لا أعرف ...لماذا أتيت ؛ واعتذاري كان على تهورى لتقبيلك " أنامله بقيت هناك على فمه
بينما هى رغم وجهها الذى عاد اليه تورده ... كانت عينيها تضرب بها المثل في القهر والالم الساكن فيهما كأنهما اصبحا موطنهم فيها ..!
استطاعت ان تنطق بشفتين مرتعشتين وكأن تذكيره عاد اليها طعم الحياة التى تذوقتها معه لدقائق :-" لقد اخبرتنى يوماً ان بداخلك كلمات مبعثره ...بينما انا أخبرك الان بل أستعطفك لتلملم كلى المبعثر !؟ " دونك أنا كلمة بحروف منقوصة ...روح بنبض خافت يبهت بتتابع ...قلب أشلاء لمرآه لحكاية امرأة ممزقه .. دونك انا همسه ضائعه في موج ثائر ..فهل اعدتنى اليك ؟!"
كانت كل خلاياه عديمة التفكير تصرخ بأحتضانها اليه ولكن غصة قلبه المؤلمه تمنعه كرامته الذبيحه تصرخ فيه مطالبه بالقصاص ... لم يكن قصاص انتقام ..بل رد الكيل بالعدل !
أغمض عينيه للحظة مبعد ملامحها عن مرماهم ثم أشار :-" خذلانى منك يعادل وطن كامل قدمت كل ما استطيع لبنائه ووعدنى هو بالحماية وفِي لحظة سقانى الغدر ملقينى بعيدا عن حدوده ... بسببك اصبحت ادور في حلقة مفرغه ابحث عن الاسباب لفعلتك ..أحاول أن أتفهم حجتك ..لأجدها تجرحنى في صميمى رانيا ... حتى وان خفت على هذا الطفل الذى يشبهنى ..كيف أستطيع أن أتقبل أنكِ لن تستطيعى حماية جزء منى ومنك ...الحب قوة رانيا يمنح
ارداة لاتقهر ولا تهتز ... "
كانت تنظر اليه ...لم تتكلم لم ترد ولم تبدى اي ردت فعل بل عاد ذلك الضعف والهشاشة لتدب فيها ..فتقتله ؟ ليس تعاطف وإنما تسليم رايات بأنها لن يتغير فيها شئ يوماً "
وقف اخيراً معتدلاً بقامته يوقفها معه يدفن انامله الطويلة في خصلات شعرها جبهته لامست جبهتها لثوان دقائق او حتى زمن لم يدرك احدهم مداه ...ثم ابتعد اخيراً تركها هناك تضم نفسها لنفسها مرتجفه ....كله تصلب بالقسوة وهو يشير :-" قد اكون انا المخطئ انا من تجنيَّت عليك ...يجب ان أعترف بأنك لم تحبينى يوماً بل كل شئ كان وهم غزلته لنفسى بنفسى"
وكأن أنفاسها توقفت ..عينيها تماثل الزجاج جمود .. يديها تهدلت الى جانبيها علامة علي الاستسلام ...إحتاج ايان لجيوش كاملة من السيطرة علي الذات .. ليتحرك بعيدا عنها .. عاد بظهره للوراء يشير بيديه بابتسامة ساخرة قاسية :-" وحتى أنهى حربى الداخليه بك ..قاتل معضلتى فيك .. لن أسمح لآخر بأن يقترب حتى منك ..وقتها فقط ...سأسمح لذلك الوحش الاخرس الذى يرعب الناس مبتعدين عنه عازلين أحبائهم عن طريقه ..أن يتجلي على حقيقته قاتلك وقاتله !"
تركها في ذهولها في تبعثرها في جمودها ...ثم فتح الباب بثبات شديد خارج منه و مغلقه ورائه ..
.................................
كان يشدها وراء ظهره جاررها خلفه كف يدها المتكورة لم تتوقف عن ضربه بعنف وهي تصرخ فيه بغضب :-" توقف يا أحمق ؛ الى أين تأخذنى "
لم يلتفت إليها وهو يقول بلا ببرود :-" أوفى بدين قديم ؟!"
زمجرت وهى تقول من بين أسنانها :-" عن أى وعد تتحدث ..وما تلك الرائحه البشعة ..بل ماهو هذا المكان المريب ؟!"
لم يتوقف أركان عن تقدمه وهو يخترق تلك النباتات القصبية والمحلية المترامية على الجانبين ..بينما يرد ساخراً :-" أبنت الزينى ؟! وماذا أتوقع منك ...الا تعرفي ملاحات الانفوشى يا فتاه ؟!"
تورد وجه ديالا خجلاً وغضباً ..وقبضتها تمنحه ضربه اخرى بعنف جعلته يزمجر غاضباً وهو يلتفت اليها يجذبها أمامه ...وقال بنبرة شرسة مرعبه :-" أقسم بالله يا ديالا ان يدك امتدت عليّ مرة أخرى لاي سبب إن كان ..لأكسرها لك"!
عاندته متحديه اياه وهي تضرب بكفها علي يده التى تحيط معصمها وقالت بشراسة مماثلة :-" همجى ! تقصد مثلما فعلت مع شهاب!"
وبدل ان يتصاعد غضبه ارتخت ملامحه بطريقة عجيبه ..حدق فيها لثوان بهدوء ثم ما لبث ان قال بنبره رخيمة :-" أستفزازى لن يصل بك لشئ ...لانى أعرفك ..أحفظك يا ديالا كما خطوط يدى انت لن تجرأي يوماً ان تسمحى لأحدهم بأخذ حق واحد أملكه وحدى "!
النظرة المظلمة التى احتلت عينيها أحزنته ..وهي تقول بجمود :-" تلك مشكلتك .. وكارثتى انك اعتقدت انى صك ملكية متاح لك في اي وقت وزمان ...متناسى انى مجرد بشر قد يأتى عليه اليوم الذى يقول فيه طفح الكيل ...وانا اكتفيت من وهب روحى اليك "
لم يتردد ان ينحنى بجذعه حتى لامسها بجانب وجهه يهمس بجوار مسامعها متحدياً :-" أنت مجرد كاذبة فاشلة "
اخذت نفس عميق ولم تتحرك إنش واحد ..ثابته شامخه رافضه ان يدرك اي تفاعل منها معه ...مسيطرة تماما على ردت فعل غريزيه تجعل هدير قلبها يتعالي في قربه ...بأن يثور جسدها صارخ باحتياج ...مطالب بقرب يشفي جراح الافتراق ..
ردت فعلها الباردة ...جمدته علي وضعه لدقائق طويلة مخرجه كل مشاعره السلبية المرتعبه لتطفو علي السطح هل يمكن ...حقاً ان تكرهه ديالا يوما ان تكتفي منه ...ان يفقدها وتستطيع الفراق عنه...لقد ظن أركان انه ضمنها الي الابد بجانبه ..انه مهمها استمر في ضلاله وغيه سيعود اليها معتذاراً فتفتح ذراعيها متسامحه ..أن يجور عليها كما يلاعبه هوى نفسه ..فتحويه وتربت عليه كأم حنونه .. تحايل ابنها العاق..كيف ومتى فلتت منه خيوط ديالا ليصبح الان خيوط فقدها تلتف حول عنقه خانقه إياه ...مردياه قتيلاً ..إعتدل أخيراً دون ان ينبث بحرف واحد مكمل في طريقه بصمت الى ان وصل لبيت صغير خشبي مغلق بباب ضيق يعلوه قفل حديد يبدو انه ركب حديثاً ..ترك يدها اخيرا سامح لها بأن تتحرك مستكشفه المكان ... التقطت بعينيها سريعاً قناة المياة الضحلة التى تحوى قارب خشبي صغير ...يقع امام ذلك الكوخ ... يحيطه من كل مكان نفس النباتات الطويلة مشكلة أحراش مخيفه ..رائحه اليود الصارخه والتى ملأت انفاسها ..مع صوت الرياح الآتية بالترافق مع لطم امواج البحر القريب الذى يبدو في أشد لحظات جنونه ..ولتكمل الصورة المرعبة جمالاً ..كانت شمس المغيب ترتفع لتختفي هناك في الغسق تاركه خلفها ليلة مظلمة لن ينير فيها القمر ...وقبل ان تأخد ديالا موقف صارخه وآمره اياه ان يعيدها كانت يده تمتد بغشومية معتاده يجذبها ليدخلها الكوخ ودون مقدمات يسندها على الحائط ..ملتصق فيها مشكل جسدها اللين الطرى في جذعه الصلب مانحه متعه لم يجربها قط مع سواها ...شفتيه هبطت سريعا كاتمة تلك الصرخه المعترضة منها ..كانت تقاومة تزيد جنون فيزيد تهور ..!
تصاعد سباب عنيف مكتوم من تحت شفتيه ..فلم يبالي مغمض عينيه مستمتع جدا حد الالم اللذيذ بما يحصل عليه منها ...سكنت ديالا للحظات فقط ويدها ترتفع تستند علي كتفيه جعله اياه يسترخى مستسلم بين ذراعيها التى تحاوطه ...مسلم اياها رايته ..وبدون مقدمات شعر بنار حارقه تمسك في شفته السفلى ... زمجره عنيفه خرجت من حلقه وشفته السفلي منغرسة بين أسنانها غير قادر علي الحركة مجبر لتثبيت جسدها اكثر كان يقول بهمهمه غير مفهومة:-" أتركينى يا غبيه"
هزت رأسها برفض ليزيده الالم فوق وجع أسنانها المنغرسة تكلمت بصوت خرج من حلقها إستطاع أن يفهمه بصعوبة :-" ليس قبل أن تتعهد بعدم الاقتراب منى ..وإعادتى لأبي "
همهم بشفتيه العليا المتاحه فقط :-" إحلمى ...سأقترب وأفعل كل ما أريده كزوج وقت ما أريد"
زادت من الضغط بأسنانها...فشل عقله من الالم للحظات وسرعان ما وجد الحل عندما ترك يده تأخذ طريقها الطبيعي نحو ما بين كتفيها ...في ثوان كانت ديالا تشهق بعنف تاركه اياه يدها تتخبط محاوله ابعاد كفيه عن اجتياحها ..
سيطر على ما يشعر جيدا إثر أسنانها بينما يقول بصوت خشن :-" لمَ تركتينى حبيبتى أرجوكِ عودى لفعلها فالمقابل ممتع جدا يخدر عقلي دافع إليّ متعه خالصه "
يديها كانت تحاربه وهي تصرخ باختناق مرتبك:-" وقح وقح غوريلا أحمق "!
رحمها اخيراً ليترك ملامستها الحميمية ..يمسك بشعرها من الخلف ضامه في يده ليثبتها مكانها أنفاسها المتسارعة كانت تلفحه مذكرة اياه بطعم قربها أخيراً ...! لم يستطع أن يسيطر علي صوته المضطرب وهو يقول :-" لم أكن وقح في عينيك يوم أن سلمتينى نفسك ... ولم ترينى أحمق وأنتِ تدخلينى جنانك .. فكيف تستطيعى الان وبكل قسوة طردى منها "
حدقت فيه لدقائق وكأنها تستكشفه تضعه داخل ميزان حساس ومعادله رياضية صعبه ان فشلت في حلها ضاع امله معها ..ثم نطقت أخيرا بجفاء:-" لانى اكتشفت مدى غبائى أخبرتك أنت لا تستحق"
أخذ أركان نفس عميق قبل ان يقول بصبر :-" نعم أركان القديم لا يستحقك ...ولكن ذلك الغوريلا الواقف أمامك الان كيان مختلف تماماً ..مستعد أن يقدم علي أي شئ ويفعل كل شئ ...حتى ينال فرصته معك ..أنا تغيرت ديالا "
هزت رأسها وهي تقول بتهكم مرير :-" لا أحد يتغير يا أركان يقولون " الطبع غلب التطبع " وأنت طبعك هكذا تعود وتكمل علي جرحي ،علي إغماض عينيك عن نزيف قلبي ..فكيف آمنك مرة اخرى"؟!
قال بصوت أجش :-" أنا لا أطالب الا بفرصة أخرى ..نحن نستحقها ...قصتنا تستحقها !"
ظلت تنظر إليه بجمود متسلحه ومصره على ما تفعله ..على طريقها الصحيح لملاعبته ثم ما لبثت ان قالت :-" ان كنت تعرفنى صحيح أحببتنى بالفعل ..لكنت علمت أنى أمنح الكثير من الفرص في صمت .. أسخر نفسى أخبئى ألمى بداخلي .. اكتم وأكتم علك لتدرك غلطك من نفسك ...ثم وفجأة ودون مقدمات ..أطردك من حياتى الى الابد ..وأبدا لن أمنحك فرصة مجدداً "!
قال أركان علي الفور بغيظ :-" ولكن هذا ليس عدلاً ما تتفوهى به الغباء بعينه "
طرقعت ديالا بلسانها إستنكاراً وهي تقول :-" عدل ..أنت تتحدث عن الحق وأيضا الغباء هل تريد أن أعد لك كل أفعالك الغبية معى "
نفخ أركان بتعب ..ثم هز رأسه مدعي التفهم وقال :-" حسنا أنتِ محقه ..وكل ما تقوليه صحيح "؟!
ضيقت ديالا ما بين عينيها ثم قالت بحرص بطئ كمن يهادن طفل بطئ الفهم :-" حسنا .. كنت أعلم أنّ تلك الرأس الضخمة مؤكد تحتوى علي بعض بقايا عقل ...لتفهم موقفى ...فهل أعدتنى الان الى العجمى"
عقد أركان حاجبية بشدة وهو يسألها بتوجس :-" هل إتهمتينى بانى محدود الفكر للتو "
مطت شفتيها بالترافق مع رفع كتفيها باستسلام وقالت :-" تقريبا فعلت ..."
مد وجهه للأمام مدعى التفتح الفكرى وتقبل ما تقوله ثم قال :-" حسناً هذا يستدعي ان أخبرك ؛ بما أنى أحمق غبي غوريلا لا يحتوى عقل ضيفي أيضا همجى"
انكمشت علي نفسها وهي تقول :-" ماذا تعنى "
ترك شعرها أخبرها برفق مرتب على وجنتها بحنان ثم قال بهدوء شديد :-" يعنى أنكِ في بيت الطاعة حبيبتى "
شهقت ديالا بحركه شهيرة للتعبير عن عدم التصديق وهي تقول متخصره :-" بيت ماذا حضرتك ...هل انت في كامل قواك العقلية"
أصدر أركان صوت مستهزئ من حنجرته وقال :-" في الواقع أنا بدون عقل وأنتِ من أقررتى بهذا"
قالت ديالا بنبرة خافتة :-" أركان ما تفعله ليس مزحه بيت الطاعة وهذا الكلام المضحك يوجد في الافلام العربي القديمة المملة والروايات الرومانسية الحمقاء"
تركها أركان اخيرا من حصاره يتوجه الي أريكة جلديه عريضة مجهزه بعناية ..يجلس عليها بأريحية ثم شرع في خلع جاكته الصوفي متبَعه بقميصة وهو يقول بفتور :-"اولاً
" قد تنفع تلك الحركات القديمة المكرره في بعض الحالات مثلنا؟!" وثانيا لم تكن تلك نظرتك تماماً من قبل ..بل مثلك مثل اي فتاة أردتى منى ان أفعل معك تلك الحماقات ...وها انا افعل "
مع كل كلمة تخرج منه كانت عينينها تتوسع بإدراك إلى أن صرخت فيه بهمجية :-" هل فتحت هاتفي أركان وقرأت رسائلي ...هل تشك بى "
طرقع بلسانه بينما جسده يتمدد للوراء ثم قال ببرود :-" هونى على نفسك سيطق لك عرق ... بالصدفة البحته رأيتها لذا أمرتك ان كنت تتذكرى بوضع رقم سرى متحجج ان من الممكن ان يقع هاتفك في يد أحدهم كاشف أسرارك أو مطلع علي صورك "؟!
صمت لبرهه ثم قال بخفوت مميت :-" اليوم الذى أشك فيك سأكون قاتلك او مفرط فيك دون رجعه لن أنتظر أن اجد شئ ما ..."
همست ديالا بأختناق :/" ما تقوله لا يساعد أبدا .."
أجابها بفتور :-" هذا انا بالفعل ولن أتغير ... "
" كيف وأنت كنت تخبرنى للتو أنك تغيرت لأجلي"
صمت أركان لوقت ليس معلوم ...قبل أن ينطق بنبره باتره قاطعه لا تحمل الشك :-" أنتِ خارج اي معادله ..خارج حتى إطار نفسى ...لقد فهمًت الان ...موقعك الصحيح والتعبير الأدق الذى أستطيع إطلاقه عليك؟!"
لم تدرك أنها تقترب منه وهي تسأل بخفوت شديد :-" ماهو "
إرتفع حاجبي أركان بحنان وهو ينظر اليها :-" أنتِ كيان روحى الناقصه أحببتيني فاكتملت "
حدقت فيه بضعف دب فيها فجأة وشوق ممزوجاً بالخوف يملأن قلبها ..وكأنها عادت مراهقه صغيرة بل مجرد طفله تائهه تفتقد الحنان الدفء فتتلمسه من أول يد تمتد اليها ... كادت أن تهرع اليه تدفن تفسها بداخله متنازله عن خططه .. ملقيه بكل ما تحاول فعله في طَي النسيان لتتنعم فقط بدفئه ...
ولكن بدل عن كل هذا تراجعت لاخر مكان في الكوخ الضيق تجلس علي الارض ببطء رافعه ركبتيها نحو صدرها محيطه اياهم بذراعيها ثم قالت بجمود :-" لم تعد لدى تلك الثقه لاصدقك ... وما نفعله الان ضرب من الجنون "
نفخ أركان بضيق ثم قال بتجهم :-" قولي ما يحلو لك ...انت اتيتى الى هنا بإرادتك انا ليس احمق لأدرك هذا "
بهدوء عجيب أجابته :-" نعم فعلت ..ولكن هذا لا يعنى أن قد أسلمك بسهولة ؟!"
" ومن قال أنى أريد رفع راياتك بسهولة ...بالعكس الحرب معك ممتعه ..علي الاقل تعوضنا ما فاتنا ..من أول شهر زواج ولهذا أتيت بكِ الى هنا"
إبتسمت رغماً عنها ولم ترد "
فقال هو برفق:-" كلنا متعب للغاية وجسدى يئن بسبب ذلك الضرب الذى أخذته هل من الممكن ان تأتى لتجاورينى لنرتاح قليلاً"
رفعت ديالا وجهها سريعا وكأنها تذكرت مظهره هناك فانفجرت في ضحك عنيف متقطع جاعله اياه يتجهم بغضب ..."
هتف فيها بعنف قاطع ضحكتها ؛-كفي عن جنونك وتعالي الى هنا الليلة باردة "
هزت كتفيها بلا مبالاة ثم قالت :-" لن أفعل أرح نفسك "
وعودة لطبيعته قال بجفاء :-" اخبطى رأسك في أقرب حائط ... وتحملي نتيجة اختيارك"
أمال جانب فمها بامتعاض وهي تقول :- لا تحتاج لتذكيرى ان كل اختيارتى سيئه ..وأنت خير دليل مادى علي هذا "
لم يرد وقد إكتفى سحب غطاء كان جهزه منذ أن قرر أن يأتى بها الي هذا المكان المستأجر ...حين تحين الفرصة ... وبدون كلمة اضافيه أغلق عينيه وذهب سريعا في ثبات عميق ..أو هكذا كانت تتخيل .. ! تركها ترتجف برداً وخوفاً من صوت الأحراش الذى ارتفعت بهسيس مرعب؟!
...........................
بعد ساعتين ازاح أركان الغطاء على وجهه بإرهاق ..يعتدل بحرص حتى لا يصدر صوت العنيدة المكابرة لقد ظلت تقاوم النوم والخوف ...حتى استسلمت اخيراً ...وصل الى جسدها الذى القي علي الارض مال نحوها يدفن ذراعيه أسفلها ...موازن ثقل جسدها جيداً ...كان يرفعها الي صدره ويعتدل...همس بصوت مختنق قليلاً وهو يعود لتلك الأريكة ..وزنك ثقيل يا بطة "
تصلب برعب للحظات عندما مدت ذراعيها تلفهم حول عنقه مطلقه زفير ناعم وهي تدفن رأسها في صدره ببطء كان يجلس علي الأريكة مرة أخرى ...يريح جسده بهدوء شديد مريحها معه مدثرها جيدا بالغطاء حتى يمنح جسدها البارد الدفء اللازم ...إبتسم أركان أخيراً عندما دفعت ظهرها نحو جذعه تلتصق فيه طواعية وفوجنتها ترتاح علي ذراعه التى وضعها تحت رأسها يده الاخرى حاوطت خَصرها متمسك فيها رافض إفلاتها فترفع يدها لا إردياً لتتشابك أنامله مع أصابعها ... مطلقه أخيرا زفير ناعم متلمسه ومتنعمه براحتها الابدية معه ..
......................................
دخل مختار الغرفة بملامح قاتمة ...ينظر إلي رانيا بكره تعرف أنه لم يكن موجه اليها عندما قال كأنه يبصق الكلام من فمه:-" أين ذهب إبن الحوارى بأختك ...لن أكرر سؤالي ؛ أنصحك بأن تمنحينى إجابة شافيه والا خرجت عن هدوئي اخيراً ؛ وابلغت عنه الشرطة "
نظرت اليه رانيا بجمود أصبح لا ينفصل عنها معه ...ولم يظهر عليها أي أثر للخوف أو التفهم وهي تقول :-" ومنذ متى يهمك شأن ديالا ؛ ثم حجة الشرطة تلك لن تنطلي عليّ ..اذ انى أعرف بانه إختيار غير متاح ...والا كنت فعلته منذ أسبوع مضى ..."
رد مختار بجفاء وقال :-" ومالذى يمنع حدوثه ..إن لم أعرف اليوم أين يخفيها ؛ سأذهب الي هناك "
هزت رانيا كتفيها بلا مبالاة وقالت:-" وماذا قد تخبرهم ..إبنتى مختفيه مع زوجها ؛ في عطله أرادها كليهما "
قال مختار بخفوت شديد ونبرة مرعبة كانت تخيفها قديماً:-" ما الذى يعنيه هذا ..أنتِ كنت تعلمين من البداية وترفضين التحدث ؟!"
رفعت رانيا حاجبيها وهي تقول ببساطة :-" بالطبع أعرف ومن أول ساعة ..وأركان مشكور يجعلنى أتواصل معها يومياً "
لوهلة واحده مر شعور غريب في عينيى مختار المماثلة لعينى ديالا لا هي ؟! شعور هز رانيا هزاً رغماً عنها ... كان بريق أشبه بشئ منكسر ..وعندما تحدث أخيرا كان يتمتم بصوت أبعد من ان يكون نبرة لوالدها :-" علي الاقل أخبرينى ...أنها بخير ؛ بأن ذلك الغبي لا يعرضها لمزيد من الانتقام او كسر لآدميتها "
نظرت اليه رانيا بجمود محافظة تماما علي كل المشاعر. التى تمر بها ..لم يمر بطيفها أي أثر للتعاطف معه ..وهي تقول :-" لم يكسر أحد ديالا يوما الا انت بابا ...لم يدفعها دفعاً لتلجأ لأركان لتتحمل كل غبائه وما يفعله بها غيرك ...لذا أجدنى اليوم وبكل اسف وشعور بالمرارة أقر انها مع زوجها أفضل حالاً لقد وجدت الملجئ والامان الحقيقى .. إنسان يتقبلها كما هى يبذل كل ما لا يطيق فقط ليحافظ عليها بجانبه "
ألقي مختار نحوها نظرة متوتره وهو يقول :-" ما الذى تقوليه ...يا رانيا هل خُيِل لعقلك انى أكره إحداكن"
هزت رانيا رأسها بمرارة وفمها يسفر عن إبتسامة ساخرة وهى تقول :-" أنت لم تحب ديالا يوماً ...تلك هى الحقيقة الثابتة ..أما عنى انا كنت مجرد صلصال هش في يديك ..مجرد كيان باهت يتجاوب مع السيطرة ..نفسك التى تتلذذ بالقمع والتسلط ..أنا كنت فقط أسمح لك بالتحكم في مصيرى ..الان فقط أنا أدرك أنى دفعت ثمن هذا الدلال الخادع منك غالياً جداً "
" أنا لن أنجب بسببك .... لقد لجأت إليك لان هذا الفعل الطبيعي لكل فتاة لا تجد بها سند...أليس من المفترض ان تكون داعمى وسندى يا أبي"
الكلمات تطوف في عقله بعنف ..فتطعن قلبه بحده ماذا قد جنى خلال رحلة حياته كلها ..مال ! وضع اجتماعى راق ! وبعد صغيرتيه أين هو من كلا إبنتيه؟!
قاطعت رانيا أفكاره المتخبطه وهي تقول بصوت أجش :-" أعتقد أن كلينا اكتفي بابا ...لا لومك سيعيد ما كان ولا تعنيفك لى سيجعلنى أعود تلك الفتاة المذعورة الهشة التى تسلمك امرها ؟!"
لقد كان مختار غاضباً وضائعاً متوترا وهو يقول :-" أنتِ انسانه غبيه عديمة التفكير لن تصلحي لشئ يوماً ...لا تتعشمى في أكثر من تمرد أحمق ..كما فعلتى قبل ما يقارب ثلاث أعوام وسريعاً سوف تعودى الى ...الي والدك الذى يعرف مصلحتك جيدا "
تحركت رانيا أخيرا مدفوعة للخارج غير قادره علي تحمل المزيد من الكلام معه ... ولم تفكر مطلقاً وهي تقول بلهجة لاذعة :-" بعد حرمانى من رجلي الأوحد .. ومن أمومتى علي يديك..الموت أهون مليون مرة ان ألجأ اليك ..يؤسفنى ان أخبرك ..انك انت الاخر انتهيت بالنسبة لي كما انا أصبحت شبح لامرأة معطوبة "
تجاوزته ..اخيرا عابره باب الغرفة تاركه كلماتها معلقه ورائها في الهواء يتردد صداها في أذنيه فترهقه ملقيه بأثقال من جبال فوق كتفيه ..
...........................................................
كانت رانيا تفتح باب سيارته الخلفي ملقيه بحقيبتها باهمال وهي ترد بهدوء :-" لقد زاد الامر قليلاًعن حده الا تلاحظ هذا "
تثاءب أركان بكسل وهو يرد بصوت ناعس :-" لست انا من يزودها صدقينى بل جنون أختك لا أعلم ما الذى جرى لها وكأنى أتعامل مع إنسانه أخرى تماما لم أعرفها يوماً "
إمتعضت رانيا وهي تجيبه :-" الفتاة كانت مستسلمة ومسكينة ...أنت من دفعتها لهذا بصراحة يا أركان أنت أكثر من تستحق ما تفعله بك"
إعتدل أركان قليلاً فالت ذراعيه من تشبثه بها كما يفعل كل ليلة منذ اسبوع مضى ! ثم قال بصوت خافت مغتاظ :-" هل تشمتي في "
تنهدت رانيا وهي تفرك جبهتها بإرهاق ثم أخبرته :-" نعم أفعل ..."
عبس وهو يقول علي الطرف الاخر متجهماً :-" يدهشنى حقاً بجاحتك في الردود أنتِ وأختك ...ولكن علي كل حال انا من يستحق ان اصبحت بطريقة ما اتقبلك في حياتى بل للمصيبه الاكبر انى اتحدث معك وكأنك صديقة"
فتحت باب السيارة تستند عليه بسأم وقالت :-" انت لا تتقبلنى انا بل تحاول تصنع اللطف ..من أجل ديالا لا أكثر "
صمت للحظات قبل ان يقول بخشونة :-" حسنا ان كنا إنتهينا من هذا العرض ... ما الذى دفعك للاتصال بي تحديداً ..منذ الصباح "
علي الفور كانت رانيا ترد بعملية :-" اعلم ان ما تمر به انت وديالا وقت حساس جدا ولكن ...أيضا المطعم هو كل ما تبقي لديك لذا يجب ان تعود للتابع العمل بنفسك يا أركان يجب ان نجد حل لعودته كما كان وأكثر ... كما كنا تحدثنا قبل اختفائك"
تجهم وجه أركان وهو يترك الأريكة الذى يستخدمها كفراش للنوم ... ثم تحرك قليلاً نحو باب الكوخ يفتحه بحرص دافع نفسه للخارج وهو يقول :-" لا اعرف ...لن أعود لطلب أي شئ من ديالا الان..هي تستحق بعض الوقت منى "
جلست رانيا خلف المقود تزيح شعرها للوراء بحركة اعتيادية وهي تقول :-" والعمال المعتمدين عليك يستحقون أيضاً بعض الاهتمام منك ..لن نترك المكان ينهار لانك تواجه بعض المشاكل مع زوجتك "!
قال أركان بصوت مكتوم :-" ان كنت قد نسيتِ ...لقد مررت بحادث كاد ان يودى بحياتى ؛ ما امر به الان ليس بيدى او ديالا المتسببة فيه "
نفت رانيا سريعا :-" لم أقل هذا أبداً ..بل بفضل تحرك ديالا السريع نحن مازلنا نعافر لنستمر"
ساد الصمت ثقيل للحظات قبل ان يقول أركان بقهر :-" انا أنفقت كل ما تبقي لدى ...وآخر خيار هو تسريح بعض العمال حتى نستطيع التقليل من النفقات !"
بدا علي رانيا التردد وهي تقول :-" ولكن هذا ظُلم ولن يساعدنا فى شئ بينما انا انا ..اممم قد يكون لدى حل "
أحس أركان بالغصة تقف في حلقه وهو يسألها بخفوت :-"أخبرينى ما هو "؟!
سيطرت رانيا علي نفسها جيدا وهي تقول بهدوء :-" لدى بعض المال الخاص "
هتف أركان بحدة من بين شفتيه :-" لا ..أبدا فكرة مرفوضة تماماً"
لم تتراجع وهي تقول بقوة :-" اسمعنى لاخر الامر واحكم ...انا لن اساعدك في شئ بل اريد شراكه معك وخطه محكمه نمشى عليها بخطوات مرتبة ..وان نجح الامر سأفعل كيان مستقل لنفسى أنا أحتاج لهذا يا أركان بعد أن خسرت كل ما لدى ...أرجوك فكر في الامر وقدم لي ولكل العمال في المطعم تلك الخدمة ؟!"
عم صمت متحفز بينهم ...جاعلها تمر بقلق لم تحبه أبداً ...ثم قال أخيراً بجفاء :-" سأحاول ان أفكر في الامر ولكن ان حدث ...سيكون هناك عقود بيننا "
قالت بلهفه سريعة :-" بالطبع ..سيحدث"
قال أخيرا بقلة ذوق معتاده :-" انا لا أفهم ما الذى تحاولين إثباته ..ولكن لا تعتقدى ان ما تفعليه أمر بطولي يستحق الثناء"
كتمت غيظها وهي تقول بصوت مكتوم :-" انت على الرحب دائماً ..لا شكر علي واجب افعله لنفسى وأختى ..سيد أركان""
ابتسم على الطرف الاخر ابتسامة لم تراها وهو يقول بنبرة ذات مغزى :-" لقد تأخرتى كثيرا "
ابتسمت ببهوت متفهمه مقصده وهى تقول :-" جميعنا تأخرنا المهم ان ندرك هذا قبل فوات الاوان ؟"
هز رأسه موافقاً كاتم لسانه ان لا يتحفها بالمزيد مكرر علي عقله :-" انت تغيرت ...يجب ان تدعي بعض اللطف من اجلهم؟!"
همست رانيا تقطع صمته :-" دعنا لا نضيع الوقت . حاول ان تحل الامر بينكم سريعاً ..لتعود للعمل ونرى ما نستطيع فعله "
وافقها وهو يقول مؤكدا -" امنحينى يومين علي الأكثر "
وضعت المفتاح مشغله السيارة اخيراً وهي تقول " حسنا انتظرك وانا هناك ..أحاول العمل علي خطة ان نفذت باذن الله سيعود المطعم أفضل ما كان "
قال أركان بلطف فاشل :-" لا أصدق ..انى اتحدث معك من بين البشر بل وأتقبل ما تفعليه ...لم أظنك يوما امرأة يوجد من ورائها خير "
قالت متجنبه رأيه بمجاملة مماثلة :-" شكرا لك هذا لطف زائد "
هز كتفيه ثم قال بنبرة طبيعية هادئه يعود لحقيقته:- ورغم هذا مازلت لا أطيق النظر الى وجهك ...من يوم رؤيتى إياك وأنا لا أرى بكِ الا كل ما يثير غضبي "
لا مزيد من الصدمات منه ..بحق الله ما الذى تَرأه فيه أختها وكيف لها ان تحب جلف عديم الذوق مثله
" بك الخير يا أركان لولا كلامك الرقيق هذا لا اعرف كيف كنت لأكمل حياتى "
......................
أغلقت رانيا الهاتف أخيرا تتنفس بعنف سابة اياه ...حتى أركان رغم العلاقة الطيبة التى اصبحت تبنى بينهم علي خجل مازال من وقت لاخر يمنحها كلام جارح ..وغبي ربما ان ماتت أخيراً.. أو انهارات داخله أحد المصحات النفسية قد يرتاحوا جميعاً ألا يكفيها ذلك الالم الذى يغرز ويغور بداخلها صانعاً ممرات قاسية من الوجع لن يرممها شئ يوما
" أعرف تماما أنكِ ترفضى الحديث معى بشكل قاطع ..ولكنى لن أتنازل عن مقابلة منفردة معك "
شهقت رانيا بفزع وكادت ان تخبط ذلك السخيف الذى اقتحم نافذة سيارتها بشئ ما ..ولكنها عندما تبينت ملامحه عقدت حاجبيها ...بذهول شديد وهى تقول بتعجب :-" دكتور رامى ..ظننت ان الامر انتهي من أول جلسة عن اي فرصة وإنفراد تتحدث"
إعتدل رامى ..أخيراً بقامته الطويلة بأناقه ..ثم قال بصوت أكثر حزما :-" لا أحب الأحكام المطلقه أنتِ لم تعرفينى ..أنا أبدا لا أستسلم بسهولة .. ومقابلتنا الاولى كانت خاطئه تماما ..لذا الان انا مجرد رجل تعجبه امرأة ..وأتى ليتعرف عليها بعيد عن اى تحكمات للأهل "
رأى وجهها يشحب بطريقة موجعة ...الالم والمرارة كانت تطفر من عينيها العسليتين وكأنها تمر بطيف ذكرى ما ....بينما قالت من بين أنفاسها :-" لا بأس ...قد أتفهم تلك النبرة منك زوجى أيضا لا يستسلم بسهولة ولا يتنازل عن شئ يريده ..ولكن صدقنى الامر ليس مهما معى أنصحك بالابتعاد لانك مهما فعلت أبدا لن يفلح "
لم يمنحها رد على الفور بل ظل ينظر لها بطريقة غريبة متفحصه ..ثم ما لبث أن قال بحزم شديد :-" في الواقع أنتِ مطلقة ...اي ان هو مجرد طليق رجل اصبح غريب عنكِ لا يفيدك بشئ لتوقفي حياتك"!
قالت بخشونة شرسة:-" كيف تجرؤ ؟! ..اغرب من هنا أفهمتك أنا لا أريد شرح ولا صله بأحد"
أسرع رامى يقول وهو ينحنى مرة أخرى واضع كل كفيه علي النافذة المفتوحه :-" هل جرحتك لقب مطلقة في الواقع انا انظر للأمر بطريقة اخرى تماما ولا أجده عار ..ولا شئ يستدعى غضبك ...اللقب يمر في أذنى ليترجمه عقلي انك مجرد طرف مر بتجربة فاشلة ويحارب فقط .. ليحيا وسط مجتمع أحمق ...اللقب لا يعني لي أكثر ما هو يعبر عنه بالفعل رانيا ..أنت مجرد شخص يحتاج لفرصة مع من يناسبك فكرياً وحالة إجتماعية مثلي تماما"
عقدت رانيا حاجبيها وهي تحاول استيعاب ما يريده تحديداً منها ..ثم سألته ببرود:-" ما الذى تريده بالضبط دكتور رامى من هذا العرض الذى لم يبهرنى اطلاقاً؟!"
دوى صوته مسيطر وحازم قاطعاً وهو يقول :-" أحاول تفهمك ..لذا لن أحاسبك علي ذلك الاندفاع منك ..ولكن لنكن صريحين لقد أتيت لسببين ...كسب ودك وان لم افلح ...في هذا لن اتنازل عن معرفة سر ذلك الحديث عن عقمك"
كالسحر كان وجهها الصلب يتحول لكتله من الكئابة ...تكاد تنهار داخل السيارة ..وهي تقول بضعف شديد:-" من فضلك هذا يكفي ..إبتعد عن طريقي انا انا ..لا أحب الحديث عن هذا الامر "
مد رامى يده باصرار يمسك بمقود السيارة وهو يقول بصرامة :-" لن أسمح لكِ بالهروب مرتين ..أنا هنا والان لإشباع فضولى كطبيب ..اذ انكِ تتحدثى عن شئ لا يستوعبه عقلي طبياً ...لا شئ يدعي أنكِ كنت قادره علي الانجاب ومره واحده أصبحتى عقيم دون اسباب واضحه"
كانت هشة تماما وهو يفتح جرح أُغلِق مبكّر جدا علي قيحه ولم يحاول أحدهم دعمها أو مد يد العون ليجعلها تفجر كل مرارتها خسارتها إنكسارها ...نظرت اليه نظرة موجعه قد رآها في أعين الكثير من النساء الذى مروا عليه متشابهين مع حالتها ثم قالت أخيراً بتقطع :-" لا هناك اسباب ..انا من فعلت هذا بنفسى ..والطبيب قال ان الامل شبه منعدم ان لم اجرى جراحه قد تفقدنى أمومتى أيضا الى الابد"
رق صوت رامى وهو يقول بصوت متعاطف مخلوط بالمهنية :-" لا شئ بعيد عن رب العالمين ..يجب ان تفهمى هذا ..رحمته وسعت كل شئ...اما من الجانب الطبي يجب ان افهم ..كل ما حدث لانى علي ثقه ان هناك حل حتى وان كان على مدى طويل ؟!"
تحشرج صوتها وهي تسأله بنبرة قاربت التوسل :-" حقاً تتحدث "
ابتسم رامى بتشجيع وهو يقول بثقه :-" جربي بنفسك وثقي في من تلك الناحية بالنهاية لن تخسرى شئ"
هزت رأسها بشرود وهى تقول موافقه اياه ومؤكده :-" صحيح لن أخسر أكثر مما فقدته بالفعل !"
............................./...../.....
كان شارداً تماما وهو ينظر للنافذة التى مازالت مفتوحه بينهم ...لقد توقفت عن مراسلته ...بعد مقابلتهم الاخيرة ؛ وهو لم يحاول بالطبع مدرك تماما أنه قسى عليها بشكل مجحف .. كيف إستطاع أن يقاوم توسل رانيا ..أن يرد اليها كل المه دافعه الي داخل وتين قلبها بوحشية ..يعلم انها اردتها قتيلة ... جاعله اياها تفقد إيمانها .. املها ..ولكن الشئ المؤلم والمرير له ايضا انه اراد دفعها لليأس ربما اتهامه اياه بعدم حبه يوما ...قد يجد اليه صدى ويستطيع ان يمحيها بداخله ...ولكن كيف يستطيع ان يخرج عشق يجرى في عروقه كدهماء حاره صاخبه تبقيه على قيد الحياة ...!
رفع رأسه من التحديق بهاتفه متهكم من نفسه ..هذا علي اساس انه لم يعد كغر أحمق يسرق بعض النظرات اليها ..يذهب ليلاً أمام المطعم منتظر خروجها ... ثم يتبعها الى ان تصل الى منزلها ..لا هو لم يكن يراقبها ولكن شئ بداخله كان يحتاج ان يراها ...تأوه بألم صامت ..وتلك الحاجه الملحه تعود توجعه بعنف :.لم يتوقف ايان منذ ان قبلها عن تذكر طعم شفتيها بين شفتيه ..معنى ان يكون جسدها بين ذراعيه ..كيفية الشعور بكمياء الجسد المتناغم بينهم وكأن هناك شفره سرية خُلِقت بينهم ..وفقط لا يحتاجان الا للتلامس لتحل ببساطة مطلقة مفرقعات نارية من تلك المتعة الخالصة من ذلك الاحتراق الناري الذى لم يفجره سواه ...شعر بالعجز بالذنب وهو يدفن وجهه في كفيه متذكراً سارة الذى ربطها به واعدها بعدم التخلي عنها ابدا ...وهو يعجز حتى عن منحها مشاعر طبيعية بين أي خطيبين قد يكون يؤدى دوره جيدا تاركها تفعل ما تريد من نشر صور عن خروجاتهم ..تجهيزهم للزفاف عن الحديث بحراره عن مدى حبهم عن كيفية انه رجل جيد معها ...ولكنه يعرف الان جيدا وقد فاق من غفلته لن يستطيع منحها شئ الا عقل عنيد يصر ان لا يسلم راياته لرانيا !!؟
" يا الله هو لن يستطيع ظلمها ..ان يكسر تلك الفرحة التى تتحدث عنها طوال الوقت عن اقتراب موعد زفافهم ..هو مجبر على الإكمال ان كان على كل حال لن يستطيع ان يسمح لنفسه بالعودة لابنة الزينى ..لن يظلم سارة بالفراق عنها ..من يعلم قد تستطيع الحياة الزوجية التى يخطط لإقامتها ان تنسيه كل شئ ؟!"
" ولكن كيف وانت تحترق صارخاً ...فقط للمسها مرة اخيره ..لضمها لذراعيك ولو لدقائق قليلة "
الباب الذى فُتِح ببطء جعله يتنبه كليا وهو ينظر لسارة التى اقتربت منه تبتسم بنعومة تشير له بفرحة تتراقص في عينيها :-" لقد قال بابا ان مهندس الديكور سلمه الشقة اليوم .. وجاهزة لنمر عليها ونراها "
حاول أيان ان يبدى فرحه مشابهه ان يشعر بذلك الابتهاج ولكن لم يحتله الا الخواء والالم ... يذكر ان منزله القديم كان يشرف على كل شئ بنفسه متخيلها في كل ركن منه وقد نفذ تلك الخيالات جميعا كما لم يتوقع قط...! اما الان هو لم يذهب الى ذلك المكان الا مرتين وقد تولي ابوها كل شئ عنه ..فقط من اجل سعادة ابنته كما اخبره"
أشار بعد وقت بصعوبة :-" مبارك سارة "
بهتت ملامح سارة من ذلك البرود ..في ردت فعله ..متجنبه الم عميق ينحرها نحراً كانت تقول بارتباك :-" هل هناك شئ يزعجك ...لا تبدو سعيدا إطلاقاً بالخبر "
هز رأسه واضع تلك الابتسامة التى تعلم زيفها وهو يشير :-" ابدا بل انا سعيد جداً ... وأتوق احتراقاً لرؤية بيتناً"
حدقت فيه ..والالم المألوف يعتصر قلبها من جديد فتكابر وتعاند شعورها الداخلي بأنه لم يكن ابدا سعيد ..ولم يتواجد معها ابدا ...شارد دائما متهرب ..يبتعد تماما ويتجنب ان يلامسها يكتفي بحديث مقتضب رغم تأكيده المستمر ان رانيا صفحة وانتهت بأنه يطوق لفرصة ثانية يبنى بها حياة زوجية سليمة !
أشارت اخيرا ببهوت ..:-" إذن إتفقنا سنذهب ليلاً لنرى ما قد تحتاجه من تعديلات"
هز أيان رأسه بتفهم دون أن يرد .. قبل ان ..ينطلق هاتف مكتبه برنين أتى من غرفتها ..اخذت سارة نفس عميق ..وهي تذهب سريعا تجيب على المكالمة تاركه إياه لحربه ..
عادت بعد دقائق تخبر إياه " المدير يحتاجك في مكتبه يبدو ان الامر هام ..بما إن الباش مهندس شهاب في أجازة طويلة بسبب كسر ذراعة ..
أومأ أيان موافقاً وهو يقف من مكانه ساحب مذكرة وقلم اعتاد استخدامها مع المدير الشاب الذى يكبره بأعوام قليلة ... والذى قدم له هو تلك الفرصة الذهبية ليعمل في مجاله بعد ان رفضته الكثير من شركات البلد في بدء الامر بحجه ان حالته...غافلين على انه خريج افضل الجامعات في بريطانيا ..ثم قابل السيد مراون ..والذى كان وقتها مجرد شاب ترك له والده شركات خاسره توشك علي الانهيار يذكر وقتها انه عينه وشهاب والمهندس معتز .آامل فيهم مستقبل جيد يرفع من مكانه الشركة مرة اخرى وقد فعلو ....
ابتسم ايان مرغماً وهو يتذكر وجه شهاب المتورم وذراعه المعلقه على كتفه وهو يخبره ببرود شديد ساخراً " زوج الجنية اخرج الكائن الهمجى بداخله وحطمنى""
عندما غضب ايان منه وقتها مستنكر فعلته اخبره شهاب باغبي سبب كان يتوقعه:-" انا رأيتها حقاً بالصدفة ولكن ربما تلاعب بي فضولي قليلاً لأستمتع بجنون العاشقين الذى تلعبونه جميعاً"
وصل ايان الى باب مكتب مروان ..فاتح الباب اخيرا كما تعود ودلف الى الداخل ...
..............
بينما كانت سارة هناك تجلس على مكتبه بانهيار دمعها المتساقط يسابق بعضه ...أطرافها مخدره ريقها جاف سكين تنحرها نحر تمزق قلبها بسادية وعينيها تطوف ببساطة على رسائلهم التى لم تتوقف كما أوهمها !؟
العديد والعديد منها بعضها قاسية غير رحيمة وبعضها ضائعه معترفه بحب مازال ...والاخيرة منه كانت قبل دقائق فقط معتذره عن قبلة بينهم عن حاجه بداخله دفعته لضمها بين ذراعيه ..حتى وان كان يعتذر ..حتى وان كان كلامه جاف كالرصاص يخبرها عن تفسير ما لعلم النفس بأن فقط ما حدث كان اثر للتعود على بعضهم على تعرف شفرات كل من جسديهما ببعضهم على ان هذا يحدث بين اى مطلقين وقد يمتد الامر ان اتيحت الفرصة ؟!
وضعت سارة يدها علي قلبها علها تكبح ذلك الالم الذى يمزقها فتفشل تماما " رباااه ... انه يعترف ضمنيا. انه يشتاق اليها .. بربطها به جاعل الوصال بينهم مفتوح ..رغم كذبه بانه انتهي منها ان لا امل لهم معاً ... والاخرى ..تخبره بأنها سارة لن تستطيع الحصول عليه يوماً لن يمنحها قلبه ابداً"
عند هذا الحد كانت تكبح دمعها توقف دقات قلبها بأنفاس متسارعة ..تتغاضى عن كل شئ واهمه نفسها بدفاعه الباهت...انه لن يظلمها ان زواجه منها قائم انه يحبها هي سارة ...هو إعترف أنه يحبها حتى وان لم يسمعها هذا ابدا يكفي انه أسمع غريمتها بانه سيتزوجها هي يحبها هي ...ولن يقبل برجوع تلك العلقة الخائنه لحياته ابداً"
" من يظلم نفسه ..لا ينتظر من احدهم إنصافه..وهي كانت أكثر من تفعل ! "
..................:::////...............
لم تعرف ديالا لمَ أحست بالحاجة الماسة للاقتراب منه ...لضم رأسه بين ذراعيها للترتيب عليه بحنان تعودت ان تمحنه إياه ...وهي تراقب الألم يحدد معالم فمه ..بالقهر يظلل عينيه ..وبالتشتت والتخبط الذى يصدر من جسده المتوتر ...ابتلعت ريقها وهي تهبط بجانبه تجلس على ركبتيها لتجاور جلسته امام تلك البحيرة الضحله يسند رأسه على الجدار الخشبي في جلسه مستسلمة تماما ...يدها الناعمة كانت تحاوط وجهه بحنان وهي تسأله بخفوت :-" لماذا كل هذا الهم يا أركان ..كل مشكلة ولها حل "
اطلق زفره حاره ولم يعتدل من جلسته وهو يقول بجفاء:-" غريب هل عدتى لتهتمى بنا يؤلمنى او يقلقنى ...أربعون يوماً تحديدا انت تزيدى جنون فوق جنونك مزوّد كل همى "
قالت بقهر :-" لا تحاول ان تقلب الطاولة عليّ الان ...انا حاولت بكل استطاعتى ان اتفهم احتوى ..ولكن الامر وما فيه ان كل ما يحدث أصبح يفوق قدرتى "!
إعتدل أركان أخيراً ليجذبها حتى أصبحت جلستها بين ساقيه المفرودتين اطلق نفس حار ثم قال بصوت عميق :-" أنتِ من عودتينى علي هذا يا ديالا منذ معرفتى بك ... أخطأ فتسامحينى أضل طريقي فتقومينى ..أنتِ السبب بعد ان وعدتينى بحب أبدى لن ينتهي يوماً برابط مقدس يتغلب علي اي عواقب وظروف أو حتى ماديات ...انت من جعلتى من حبك لي أعمق من أن استطيع ان يحتويه قلبي ..أكبر من ان يستوعبه عقلي ...فلا تحاسبينى الان لما أفعله معك ..لا تستعجبي ان أفعل كل حماقة يرفضها العقل لأعيدك اليّ ...ولا تغضبي او تشعرى بعدم العدل لانى أشعر بأنكِ خنتى عهدى وكسرتينى عندما دفعتينى دفع ...لأتنازل عما كنت أحارب خلال ثلاث أعوام بأن لا أفعله ...أنتِ أذللتينى لرجل حطمنى في وقت ما يا ديالا "
تلاحقت أنفاسها ..وارتفع صوت خفقان قلبها تحت يده المستريحه هناك علي أضلعها .. وهى تدرك انها تمادت حقاً انها فعلت كل هذا قصداً ..ولكنها ابدا لم تكن تقصد إذلاله بل كل ما كانت تريده الامان ..ان تشعره بأنها ليست سهلة مضمونه يجرحها يتجنى عليها يزيد في استغلال مشاعرها ...وهو يعلم انها دائماً متاحه لا تغلق بابها أركان كان يجب ان يتعلم الدرس ...كان يجب ان يشعر بالخوف لفقدها ..حتى يعرف كيف يتعامل معها ..هي كانت تريد اثبات فقط بالامان معه بانه أبداً لن يتركها ...
صوتها الاجش خرج مختنق متهرب وهي تقول :-" وأنت أذللتنى بزواجك بأخرى يا أركان ولم أحاسبك عليه كسرتنى الكثير والكثير من المرات ..وتأتى الان لمحاسبتى علي ما فعلته بي "
يده أمسكت كتفيها بتشدد وقال بصوت متصلب:-" الاخرى أبدا لم تعنى لي شئ ...كنت أحاول أن أتهرب من سلطتك علي قلبي... كنت أعلم ان سمحت لنفسى بالاقتراب منك سأضيغ فيك ...وانا كنت أعانى يا ديالا جرحي من أبوك وكرامتى التى دهستها اختك كانت مازالت تنبض توجعنى ...لكن ابدا ابدا تلك الدلال لم تعنى لي شئ "
عضت على شفتيها تقاوم دموع الاختناق وهي تقول:-" أعرف لذا سامحتك ...وكنت علي يقين انك ستتركها ليس من أجلي ولكنك ببساطة لن تستطيع أن تكون معها "
هز رأسه مؤكداً:-" لا هي ولا غيرها...ولكنك كنتِ تنوى تركى فور خروجى من المشفي انا اذكر هذا "
احمر وجهها بطريقة مؤلمة وقالت بصوت مرتجف:-" كنت أتألم ما الذى كنت تريده منى ..القبول بك ومعك أخرى"
إنخفض وجهه نحو جبهتها يلمسها بشفتيه مثير رجفه في أوصالها وهو يقول :-" لم أكن أسمح لنفسى بجعل أخرى تشاركك بي ...انا ملكيه حصرية لكِ فقط"
عضت على شفتيها وهي تقول :-" كنت حاقده عليك باختيارك مالك ..ولكن بعد ان اتضحت الحقيقة مازلت حاقده عليك ولكن ليس بسبب هذا"
قال بصبر :-" بسبب ماذا اذن وانا سأفعل المستحيل لإصلاحه؛"
هزت رأسها برفض قاطع وهي تقول :-" لن يحدث ولن أخبرك يوماً"
يده امتدت يمسك ذقنها يحدق في عينيها العسليتين العازمتين فعلم ان الامر قضية منتهيه معها ومهما فعل لن تريحه أبدا "
أخذ نفس عميق مرتجف والحاجه بداخله تدفعه دفعاً لفعلها ... " أنا أحبك يا ديالا ....أحبك كما لم أحب أحد في حياتى قط.. قبل ثلاث سنوات أوهمت نفسى بأنى لم أفعل وقد كنت محقاً...اذ أننى لم أحبك بالقدر الكافي لأضحى بكل شئ واي شئ فقط لاصبح بقربك ... عندما وقعت عيني عليكِ هناك كنت أنازع ما بين رغبتى فى الابتعاد.. في رؤيتك صغيرة جدا مجرد طفله منعزله ..بقليل من المداعبة تصبح ضحكة حلوه ترتسم داخل عقلي مبهجه عالمى القاتم الخالي هناك ...ولكنى الان فقط أدرك بأنى لم أحبك كفتاة أعجبتنى "
لم تعلم انها كانت تبكى وتبكى ويديها تضعها بعنف فوق شفتيها كاتمة شهيق يحارب للخروج ضمها أركان اليه يده تتحرك فوق ظهرها مهدئ ... وهو يقول باختناق :-" أنا أحببتك كفكرة تغزو عقلي آسرة إياه ..أحببتك كوطن أجده فى عينيك ..انا أحبك يا حورية مكتفي بك عن العالم كله "
كانت تهمس بحرقه بين طيات قميصه :-" ما تقوله جيد جيد للغاية ولكن انا لماذا أبكى ...أركان"
أبعدها عن صدره يمسح عينيها بهدوء وهو يقول بابتسامة مستسلمة :-" أنتِ أصبحتِ نكدية بمبالغة ...ومثال جيد لاكتئاب..لقد بكيتى بالامس لأن مخزونك من الفريسكا نفذ"
لم يصلها المرح تماما وهي تقول بخفوت :-" انا جعلت منك عالم صغيريا أركان محراب لم يحتوى الا اياك لقد أحببتك لحد فقد نفسى لذا كان جرحي منك والمى علي مقدار عشقي؟!"
أغمض عينيه بقوة يصدر أنين متألم وهو يقول :-" ومازلتي تحبينى يا ديالا "
" نعم أحبك ..انا أحبك وسأحبك الى الابد "
قلبه كاد ينفجر داخل صدره أخيراً زافراً براحه وهو يسحبها اليه فمه يدور امام شفتيها وهو يقول بشوق يكاد ينفجر :-" ان قبلتك الان لن تغضبي ..لن تتهمينى ان أضعك في الفخ ..انا فقط أحتاج لهذا"
احمرت وجنتيها وهي تنظر اليه بعينين واسعتين ثم قالت ببساطة :-" أنا وقعت في الفخ وانتهى الامر .."
ارتفع حاجبيه بتعجب ولم يتأخر أبدا في استقبال عطيتها عندما سمح لفمه اخيراً أن يلتهم شفتيها ...لاهثاً يتنفس بصعوبة ..قلبه يدق بصخب.. دمائه الحاره تتدفق بجنون في أوردته استطاع ان يتعقل لثوان معدودة يرتفع ليرفعها معه دون ان يفلت تعانقهم .. يدفعها برفق لداخل الكوخ ..ذراعيها تحيط عنقه تقابل مشاعره المحمومه بتخبط وببراءة عاجزه عن مجاراته ...يديه التى تحاوط خَصرها افلتتها قليلاً ليغلق الباب خلفه جيداً ثم عاد ساعديه القويين يحاوط خَصرها دافعين بقميصها الرقيق بعيدا ...ملامسها بشوق ..لم يعلم حتى أركان انه كان يسطحها علي الارض الباردة ...بدل من الاريكه غائب تماما في غمرة عشقه في ادخالها عالمه ساحبها هذة المرة بالطريقة الصحيحة لتعرف معنى غرامه ولدقائق وربما ساعات ...أو حتى أيام لم يدركا الزمن الذى كان يتشربا فيه كلٍ منهما تفاصيل الاخر أخيرا بالطريقة الصحيح...
...............................
جلست ديالا منذ وقت تنظر اليه بحقد شديد سخطاً وغضباً وربما الان فقط خجلاً مدركة تماما أنها هذة المرة سلمته وهي اكثر من راغبة مازالت تذكر كيف انتهت تلك العاصفه بينهم ..لتجد نفسها بين ذراعيه متلحفه و مستترة حتى من نفسها ... لم يتعمد احراجها ولم ينطق بشئ الا كلمات مهدئة وترانيم عاشقة لم تتخيل يوماً أن تخرج من أركان!
بعدها إدعت النوم لينسحب من جانبها مدثرها جيدا بالغطاء ..ثم دخل الحمام الصغير للاستحمام سامحاً لها ببعض الوقت لتلملم مشاعرها المضطربة كل ما يحدث رغم انها " تحبه بطريقة ما " ولكنه جديد عليها يجعلها تشعر بالخجل ..يا الهى تمتمت بسخط " هل هي تحب هذا الشئ هل اصبحت قليلة ادب مثله ؟!"
صرفت تفكيرها سريعا وهو تقول بتعصب "أريد أن أعود للعجمى ..يا أركان يكفينا ما يحدث هنا "
إلتفت أركان اليها يتذكر حركاتها المتعثرة منذ أن خرجت من الحمام والان ارجعها لخجلها من علاقتهم الزوجية هو يدرك ان ديالا مازالت فتاة بريئة تحتاج للكثير من الوقت حتى تتعود علي ما يحدث من حياة طبيعية وهو لن ينوى ان يتركها بريئه ومصدومة عقب كل علاقة بينهم لوقت طويل ..غمز بوقاحه وهو يعيد وضع قميصه فوق جذعة وقال :-" لا ..هناك عامين متأخرين ..يجب ان أسددهم كاملين اليك حتى تكفي عن معايرتى بمناسبة وغير مناسبة "
لمعت عينيها بغضب حقيقى وهى تقر لنفسها بسبب غضبها منه بسخطها علي نفسها ...لقد أتت رانيا لها بهذا الجهاز منذ اسبوعين منذ ان تأخرت في موعدها الشهرى ...وهى أجلت الامر ...غير مصدقة إمكانية حدوثه ولكن تقلب حالتها النفسية ..النوم الذى اصبح يهاجمها بشكل يثير الريبة بالاضافة نهمها الشديد في الطعام ..وفِي ...رباه " لقد كانت نهمه تماماً وهى تتلمس طريقها الجديد مع أركان رائحته ..رائحته وحدها تخدرها دافعه اليها سكر غريب ..والان فقط فهمت لماذا ينتابها مزاج المدمنين هذا ..بالطبع ومن غير قطعة من الاحمق تكبر الان فى أحشائها ...
لوقت طويل لم تمنحه ديالا أي اهتمام للرد ...ظلت تنظر له بغيظ وهي تقضم أظافرها بتعصب ...
إقترب أركان وانحنى نحو جلستها يستند بكلا كفيه على قوائم المقعد الخشبي ..ثم ما لبث أن قال ببرود مستفز:-" أتعلمي لقد غيرت رأيي تماماً يا بطة ..غضبك ونكدك يعجبني أكثر من كلمة حب قد تنطقين بها "
وعلى الفور نشبت ديالا أظافرها بيده المستريحة فخدشت جلده بوحشيه وهى تقول صارخه؛-" توقف عن حماقتك ؛ أنت..أنت كائن رباااه.. لقد عجزت عن وصفك "
تأوه بخشونه وهو يزيح يدها برفق بعيداً عنه ثم قال :-" هوني على نفسك يا بطة ... لا تحتاجين للمزيد من ذكر تفردي "
أزاحته بحدة فتراجع خطوة كانت كفيلة بأن تجعلها تقفز من مقعدها وهي مستمرة في صراخها :" لا تدعوني بطة ...هذا اللقب يجعلني أجن ..وأنت تعلم "
وضع ذراعيه على صدره ثم مط شفتيه ببرود وقال :-" بالطبع أعرف لذا أستمر في إثارة جنونك"
صمت لبرهة ثم أردف بعدها باهتمام :-" والأن إن كنتِ اكتفيتِ من العرض ..فما سبب كل هذا الجنون منك"
لم تكن خطوتها محسوبة تماما بل كانت تشتعل حقداً منذ ان علمت بالخبر ..بتهور جلل رفعت قميصها تكشف عن بطنها ..وتخبط عليها بعنف وهي تقول بإستنكار :-" ألا تعرف ما الذي يجعلنى علي وشك إرتكاب جريمة ...منك لله يا إبن صفاء بسببك أنت لن أستطيع الذهاب الى جامعتي ... انظر يا احمق للتغير الذى حدث بجسدى ووزنى الذى زاد بسببك "
حدق فيها أركان ببلاهه للحظات ثم قال بغباء :-" ما به كرشك! بطتي ..هل هذه دعوة منك لتعويضي ..انا علي استعداد علي كل حال "
بهتت ملامح ديالا وهي تقول بذهول :-" أنا لديّ كرش "
إرتبك أركان ..وهو يقول بتردد:-" أممم عملياً نعم لديك ..ولكن لا تقلقي عزيزتى انه كرش صغير لاحظته منذ اول يوم معرفتي بك ...
عندما توحشت ملامحها تراجع قليلا ثم قال سريعاً:-" أنا أحب كرشك علي كل حال ..لا تنزعجى"
قفزت ديالا دون مقدمات متعلقه فوق كتفيه تصرخ فيه بعنف " أكرهك أكرهك أكرهك "
حاول يسيطر عليها مصدوم بردة فعلها وقال بتعجب :-" لقد كنت تحبينى منذ ساعات "
ردت بصوت كئيب "!والان أكرهك ...وأريد أريد هريسة ساخنه"
أمسك أركان بقبضتها محاولاً أن يعيد جسدها المتعلق فيه للأرض وقال ضاحكاً:-" تريدى ماذا ...هل جننت ..لقد أوشك الفجر علي الاذان"
عادت تضربة بقوة تبكى بنحيب مؤلم جعله يمتعض وهي تردد:-" أريد هريسة ساخنه وفِريسكا الان ..ومن العجمى تحديدا يا أركان "
قال ببرود شديد :-" إحلمى لن أقود السيارة مخاطر بك وبنفسى في منتصف اليل من اجل " طفاستك"
فغرت ديالا فمها بذهول ..وهي تهتف بحنق :-" إسحبها حالاً ..لا اسمح لك ..بإهانتى مرتين "
هز كتفيه بلا مبالاة وقال :-" وأنتِ إدخلي أرض الواقع قليلاً وعيشى معنى أن تكونى زوجة ترغب في شئ وأستخف به كأي زوج مصرى أصيل "
أطرقت ديالا برأسها مدعيه الضعف تشهق بصوت مكتوم ولم ترد ..مما جعله سريعا يندفع اليها يرفع وجهها يمسح دمعها بإبهاميه وهو يقول بصوت حار :-" كل هذا البكاء من اجل بضعة حلاوة ..انا اسف حبييتى وان كانت في اخر خط الصعيد سنذهب حالا لإحضارها"
لم تتبدل ملامحها إطلاقاً بل ظلت تنظر اليه نفس تلك النظره البائسة وكأنها بطريقة ما عادت فرخ بط مسكين يتلمس الدفء والحنان ...
........................
بعد ساعة ونصف كان أركان يترنح تقريبا من اثر النعاس وهو يتثائب بتعب من طريقه الطويل الذى قطعه من ملاحات الانفوشى لمدينة العجمى ...
نظر اليها وهو يقف امام محل الحلوى الشهير ... وقد أراحت الكرسى وذهبت في نوم عميق ..لا يدرك تماما ما سبب ذلك الجنون والتصرفات الغريبة عنها ..
صوت البائع اتاه مازحاً بلطف يقطعة من افكاره وهو يقول :-" طلبك جاهز يا أستاذ ..هل تريد الدفع الان..ام تريد منى فتح حساب باسمك ...وتدفع بنهاية التسع اشهر "
عقد أركان حاجبية وهو يقول بعدم فهم :-" ولماذا قد افتح حساب عندك ..او حتى آتي إليك لتسع أشهر "
ضحك الرجل بمحبه وهو يقول :-" لقد أحببت أعرض خدماتى قد يكون الاولاد لم يمهلوك حتى ..وقت وأنت تهبط الشارع مهرول الى هنا ..لتسحب بعض المال "
ضيق أركان ما بين عينيه ولم يصله ما يحاول الرجل قوله ما بال الجميع هل اصابهم عته ...أخرج المال من جيبه يضعه بأليه ..للرجل وقال :-" شكرا لخدماتك ...وحسن تصورك "
هز الرجل الخمسيني كتفيه وهو يقول ببشاشة :- لا شكر علي واجب...أنا أتعاطف معك ..وقد مر على مثلك عدد لا يعد ولا يحصى ...أذكر في احدى المرات ان رجل اتى مِن القاهرة حتى الاسكندرية فقط لان زوجته توحمت علي هريسة ساخنه مثل طلبك بالظبط ..أذكر جيدا انه استسلم واتى هنا خصيصاً لانها دخلت في حالة بكاء مصحوب بانهيار غير مبرر"
قطع الرجل حديثة ضاحكاً بقوة .."
بينما تسمر أركان مكانه عاجزاً عن الحركة لدقائق ينظر للرجل بذهول يخالطه الغباء وتدريجيا ..بدأ يستوعب شيئاً فشئ كلمات الرجل لتدخل الي عقله محلله اياه..
لم يشعر بنفسه حتى وهو يندفع للسيارة التى أجرها منذ اسبوع عندما اعاد لرانيا سيارتها .فاتح باب ديالا بعنف ملقي طلبها علي حجرها بعدم اهتمام ثم امسكها من كتفي ملابسها يهزها بحماقه ..فتحت عينيها تحدق فيه بذهول بينما هو فرحه غبية تتراقص في عينيه وتتناقض مع صوته الذى هتف بحرارة :-" هل خاطرتي بنا كل تلك المسافة ...لان ابن الكلب الذى ينمو بداخلك يشتهى هريسة "
...............................................
لحظات الضعف الانسانية ...لا نستطيع أن نقاومها نمنعها او حتى نخجل بها ...وهو الان يعترف بحرقة أن ضعفه بلغ المدى ...لقد قاوم ومازال ..ولكنه ببساطة ..تعب يريد هدنه من تلك الدوامة التى القي نفسه فيها بعناد....يعلم انه ليس من حقه أن يخاف .. وعده معها يجرحها وهو من كان يصر على عدم ظلمها ولكنه ببساطة لم يستطع ..أن يرد علي رسائلها ..أو حتى يذهب في موعده المفترض معها لرؤية مسكنهم المستقبلى شعر أيان بكل شئ يطبق علي صدره يخنقه يقتله ... وان كان ذهب اليها خطى معها لذلك المكان كان خر صريع في التو واللحظة فكيف يستطيع أن يكمل حياته وزواجه منها ....كل شئ أصبح بخفوت تدريجياً ...لتبقي حقيقة واحده تجرحه لصميمه ..بينما يخرج من سيارته التى ركنها علي الرصيف ...
كانت هي هناك تواجه البحر ..في مكانهم المعتاد ...شعرها الحر يرفرف حولها خالق لوحه تدريجية من الوجع ملامحها تعيسة متألمه ...حتى بعد ما أخبرها إياه رامى ...مازال حزنها الذى استوطن قلبها ...يقتلها .حتى وان صدق ما قاله ..حتى وان ظهرت لها فرصة أخيراً ؛ لأي شئ ستحاول ..وكيف تستطيع ان تتخيل نفسها مع أحد سواه بعد ان رفضها وهددها ! بل كيف لها بأن تستمر في محاولاتها المسميته لإرجاعه لتظلمه مرة أخرى بحالتها الجديدة ...ويأسها من إنجاب اطفال ..هي أعلم الناس بحاجته للأبوة ... مدت اناملها خلسه تمسح دمعها الهادئ... ثم تعود تضم يديها الى صدرها شاعره بالحيرة بالمرارة ، أغمضت رانيا عينيها تصر بعنف انها فقط أتت الي هنا لتمنح نفسها هدنة ؟!
بعد كل هذا الدمار الانفجار محاربته اياه بالكلام القاتل محاولته المستميته لتعويض كل من تجنت عليه يوما دون قَصد ...يجب ان تتوقف وتأخذ هدنه تعود لقواعدها ..من تلك النوة التى ضربت مرسى حياتها ...لتحصى كم الخسائر ولتعلم كيف تكون خطواتها القادمة !
لم تدرك اطلاقاً أن جسدها كان يترجف تحت. فستانها الذى يتطاير حول جذعها الرقيق الا عندما احاطت يدين فوق كتفيها تغطيها بمعطف جلدى طويل أجفلت للحظة وكادت ان تتراجع بذعر ..ولكن الوجه الخالى من المشاعر تماما والذى لم يحاول أن يبادلها أى كلام أو انفعال ..جعلها تصمت مدركه ان بطريقة ما ..هو يحتاج ان يعيد كل حساباته ونفس لحظة الضعف الذى انتابتها لتأتى الى هنا الان ..قد دفعته هو الاخر "
ضمت رانيا المعطف حولها تغمض عينيها الدامعتين ووجهها يعرف طريق الابتسامة الصادقة اخيراً وهي تتعرف على تلك الرائحه التى طالما حاوطتها مسحت الحزن عنها ..مانحه اياها دفء لم ولن تعرفه أبداً الا معه ..."
بينما هو يسترق النظر لوجهها الذى احتلته السكينة والخشوع أخيراً ... ليدرك بمرارة ان كل شئ معها مختلف ..بانه مهما حاول الهرب النكران العناد هي من تملك القلب وزمامه ..معها كل شئ بنكهة مختلفه ...معها هو الناقص الكامل حتى وان كانت جافية قاتلة ولم تستحق أي من عشقه ..
.................................
قراءة سعيدة
أنت تقرأ
همس الموج
Lãng mạnهمست اخيراً بصوت ضعيف لم يصله بالطبع ولكنه مؤكد شعر داخله بدوامة سحرها بتحرك شفتيها :"لو كنت أملك ان أنزع قلبي وأمنحه لك...لتثق بحبي ما ترددت...انا فضلتك عن جميع الخلق..فلم يعد من حقك ان تظن اني من الممكن ان أتراجع للوراء" وكأن حديثها وصل لتلابيب قل...