خفايا العالم الموازي (أسطورة من العالم الثاني) [مكتملة]

١٦

_ لم أكن أتصور أن تكونا دنيئين لتلك الدرجة ! أكنتما تظنان انكما نجوتما بالاختباء تحت الجثث؟؟ اتعلمان أنه من المفترض أن اعدمكما؟

تجمع الحشود في قاعة المحكمة ليتم محاكمة كلا من رافاييل و آرثر بعد اقتحامهما لغرفة محظور دخولوها و اعتداءهما على الحارس . جرت المحاكمة في توتر ، كان جوني حاظرا في القاعة الا انه لم يتكلم مع اي من آرثر أو رفاييل كان ينفذ تعليمات الملك و حسب في الواقع لقد تم اجراء عليه ما يسمى ب "غسيل مخ" فاصبح من الحاشية جل مهامه الطاعة و الاذعان حتى حين أراد آرثر و رافاييل التواصل معه كل ما فعله هو الانصراف لقد تصرف كأنه لا يعرفهما البتة هذا ما أثار حيرة رافاييل و آرثر...

بعد ساعة تقريبا تم إصدار الحكم عليهما.. 5 سنوات سجن مع أعمال شاقة.. لكن قبل فترة محاكمتهم بمدة قام الملك باستجوابهم عن ما اذا اطلعو على تلك الكتب في الحجرة وقتها لن يكون مصيرهم سوى الاعدام حتى أنه احظر لهم خبراء نفسيين ليعرفو أن كانو يكذبو ام لا و قام بصعقهم بالكهرباء و تعذبيهم كعقاب اولي و تهديد أن لم يقولو الحقيقة .. تركهم كذلك لبضعة أيام دون طعام أو شراب..

جُرّ الاثنين بالسلاسل في كلا من رسغيهما و قدميهما الى زنزانة قذرة و مظلمة .. تفوح منها رائحة القيئ و الدماء حتى أنهما كاد أن يغمى عليهما..

بدأ آرثر في النحيب و البكاء لم يكن بوسعه فعل اي شئ هذه المرة هو من كان سببا في مصيره..

رافاييل(بصوت أشبه بغصة في حلقه و هو يتكلم) :

_ ما نحن فيه الآن بسببك أيها الحقير.. أتعلم ماذا؟ لقد تخيلت أن يحدث لي أيّا كان في حياتي عدا أن أدخل السجن !
(آرثر  بصوت شبه مخنوق) : تأنيب ضميري يكفي لا احتاج لعتابك.

_ حتى جوني ! حتى جوني لم يعد يعرفنا ..
_ جوني؟ أنا أفتقده حقا.. حين يعود من المصحة النفسية ليراني و يطمئن على صحتي.. حين اعطاني تلك الاقراص المنومة ليجعلني افضل .. و حين اتى في عيد ميلادي..
لم يستطع آرثر إكمال حديثه إذ تشكلت في حلقه غصة تنذر ببكاء حار أعجزته عن الكلام.

_ أحببت.. لكنه رحل و نساني.. ثم لا شئ ترجع  القصيدة كما بدأت أحببت صديقي..

قال ذلك ثم أطرق وجهه للأسفل شعر كأنه يحمل أثقال الجبال من شجنه .

أنا حقيقي كاليل الذي مضى و الخوف من الغد الذي لم يأت بعد ...
أنا ظلال الماضي و صدمة الحاظر .
أنا وخزة الواقع ، و كذبة الحقيقة !
أنا جزء مما رحل .. و كل ماهو منتظر.

كانت الزنزانة مليئة بالجرذان و الحشرات .. نادى رافاييل على الحارس ليستفسره عن ذلك .

_ أنت هناك ! يوجد جرذان هنا .
_ و ماذا تريدني أن أفعل حيال ذلك؟
_ لابد أنك لم تفهم.. الزنزانة قذرة هنا للغاية
_ لهذا هي زنزانة اكنت تظنها فندق مثلا؟
_ استطيع التعامل مع القيئ و الدماء و لكن الجرذان؟ مستحيل بالكاد !
_ هذا شأنك انت السبب في كونك هنا .
_ حتى السجين يستحق الرحمة أيضا.. في النهاية كلنا بشر و الخطئ من سماتنا .

نظر الحارس نظرة استحقار لرافاييل لكنها ممزوجة ببعض من الشفقة.. صمت قليلا ثم قال :
_ و حينما نخطئ لا بد من العقاب ..
_ أعلم ذلك ف الكل يجب عليه دفع الثمن عاجلا أم آجلا لكن.. الرأفة ايضا ضرورية فالإنسان لابد أن يأنبه ضميره لا تنسى انك كنت سيئا يوما ما ايضا.

صمت الحارس هذه المرة مطولا ..ظل رافاييل ينظر في عينيه مباشرة.
_ ماذا ؟اكنت تظن اني سأشفق عليك؟
_ كلا و لكن اردت ان تجرب معنى أن تكون في وضع ك الذي أنا فيه .
_ يبدو أنك لا تفهم ايها الشاب نحن مبرمجون فقط لاطاعة أوامر الملك .
_ لكني لم اطلب منك أن تطيع اوامري كل ما طلبته هو ان تفعل شيئا بالجرذان و اعتقد ان هذا حقي لن تحب الامر ان جربته صدقني.
_ اهكذا يكون أسلوب حديثك دوما يا فتى؟
_ على الاقل لا اتفوه بالترهات.
_ حسنا ايا يكن سأحظر لك سما للفئران اوشيئا من هذا القبيل..
_ شكرا...

_ رافاييل.. كيف كيف تمكنت من هذا؟
_ انه ما يسمى بالتلاعب جعلت كل الوسائل و الحيل ضده فاقتنع و لم يكن امامه سوى الخضوع.. يجب أن تقدم حججا عقلية و منطقية التي ستجعله رغما عنه يفكر بها و يرى انها صواب..