الفصل الحادى عشر

4.9K 146 11
                                    

فى الصباح استيقظ قاسم نظر حوله يحاول يستوعب ما حدث وما سيحدث ظل يتذكر ما حدث بالأمس ومافعله بحبيبته التى وعدها بحياه جميله وهادئه ولكنه هدم كل ذلك بيده ..ظل يبحث عنها حوله رأى منظرها وهى تجلس على الأرض بجانب السرير ملحفه بالغطاء الابيض وكأنه كفن لها وتنظر أمامها بشرود تتذكر حياتها الماضيه وحياتها الان ...
اتجه ناحيتها وهو يعلم القادم يعلم بأنها أعطته فرصه لا يستحقها : زمرد
لم يستمع إلى رد وكأنه هواء
كرر حديثه : زمرد ردى عليا علشان خاطرى
ظل يهزها بيده ولكنها تنظر أمامها بشرود تام وهو يردد : لازم تسمعينى .. زمرد
نظرت له نظره جافه لم تنظر له من قبل ثم نطقت كلمه فقط: طلقنى
ظل يهز رأسه بهستريه ويقول : لا لا انتى مش هتسبينى اسمعينى ... اديلى فرصه اخيره لازم تسمعينى .. انتى مش هتسبينى
نظرت له ومازالت نظرة الجمود على وجههاورددت نفس كلمتها : طلقنى
نظر لها يحاول استعطافها فهى حياته كيف تتركه فى هذا البئر المظلم .. من سينتشله من هذا البئر غيرها من ...
ظل يردد وهو يحاوط كتفها : زمرد انتى مش هتسبينى أنا هموت لو سيبتينى متعمليش فيا كده انا غلطان والله أنا آسف سامحينى وادينى فرصه اخيره فرصه اخيره بس
ردت بقسوه : موت .. انت ديتك انك تموت علشان طول ما انت عايش هتفضل تموتنى كل مره كل يوم ملحقتش اعيش يومين مبسوطه .. ملحقتش اديك الامان .. ملحقتش احقق أحلامى معاك ..موت علشان انت طول ما انت عايش هتفضل تدمرنى
وكأنها أطلقت سهام فى قلبه فكلامها كان بمثابة رصاص يخترق قلبه الف مره .... فعلم حينئذا أنه فقدها بالفعل
أكملت حديثها : هتطلقنى علشان لو مطلقتنيش أنا الى هموتك بإيدى وهتخسرنى دنيا واخره
فرد بضعف : انتى فعلا هتموتينى بعدك عنى هيموتنى فعلا
قامت من مكانها ودخلت إلى الحمام ودفعت الباب من خلفها ...
جلس مكانها على الأرض وضع يده على رأسه وهو نادم وهو قلبه يحترق وهو يتذكر من جعله بهذه القسوه ..نزلت دمعه منه حارقه لقلبه وهو يتذكر والدته الراقصه المشهوره التى بسببها أصبح قاسم زير النساء والخمر وقسوة القلب
................................. ....................
خرجت من المرحاض بعد مده فقد استعادت فيها وعيها ... دخلت سريعا الى غرفة الملابس لملمت ملابسها فقط التى أتت بها من بيت أبيها ومتعلقات خاصه بها وتركت كل شىء خاص به ارتدت ملابسها وخرجت رأته جالس على الأرض فى حالة ندم وضعف لم تشهده على القاسم ......
لم تعتنى له وظلت فى طريقها إلا أن فتحت الباب فقام قاسم من مكانه سريعا ناحيتها وأمسك يدها : لا يا زمرد متسيبنبش أنا هحكيلك على كل حاجه أنا هعرفك أنا بقيت كده ليه اسمعينى
نظرت له زمرد ببرود: مش عايزه اسمع حاجه .. ميهمنيش انى اسمع حاجه عارف ليه لان مفيش مبرر يخلى شخص بالقسوه ديه مفيش اى مبرر يخلى شخص معندوش قلب للدرجه ديه وانا اكتفيت وانا بقولك ورقة طلاقى توصلى فى أقرب وقت مش عايزه اى حاجه تربطنى بيك
لم يستطع الرد بعد هذا الكلام فقط ظل ينظر فى عيونها لعله يرى اى نظره تمسك ولكن لم يرى غير قسوه ...
خرجت من باب الغرفه وهى تجر حقيبتها خلفها .. تجر خيبة أمالها به ظنت بأن الحياه ستبتسم مره اخرى ولكن اخطئت بالفعل ...
أما هو جلس مكانه نظر حوله نعم فهو أصبح وحيد فى البئر وسيظل فى هذا البئر إلا أن يموت
.......................  ............................................
ذهبت زمرد إلى بيت والدتها دقت على الباب وبداخلها حزن وقلق من ردت فعل أهلها فهى تحملت كثيرا من أجل الحب التى تكنه فى قلبها تجاهه ولكنه لم يقدر ذلك الحب ..
فتحت والدتها الباب فتفاجئت من منظر ابنتها وبجانبها تلك الحقيبه
اول ما رأتها زمرد ارتمت فى أحضانها لعلها ترتاح ظلت تبكى وتربت والدتها على ظهرها وهى تقول بقلق وحزن على حال ابنتها : مالك يا زمرد احكيلى يا بنتى متقلقنيش عليكى
فاقت زمرد من غيمة بكائها وقالت بصوت باكى : أنا هطلق يا ماما من قاسم
نظرت لها والدتها بصدمه ثم استفاقت وقالت لها : ادخلى يابنتى نتكلم بس
دخلت زمرد مع والدتها وقالت : أنا هطلق يا ماما مش هقدر اكمل مش هقدر
والدتها : طب فهمينى يابنتى فهمينى ايه إلى حصل
ترددت زمرد فى قول ما حدث معها ولكنها قالت : مش مرتاحه معاه يا ماما مش مرتاحه
والدتها بتعجب : ازاى مش مرتاحه يابنتى هو ده سبب اكيد فيه حاجه حصلت احكيلى يا قلب امك احكيلى يا بنتى متوجعيش قلبى عليكى
قالت زمرد بتعب : ماما ارجوكى افهمينى أنا من يوم ما اتجوزت مرتحتش يا ماما مرتحتش فى كل حاجه مكنتش ديه الحياه الى أنا رسماها لنفسى مش هى ديه الحياه الى كنت بحكيلك دايما  أن اعملها
بكت والدتها على حالتها تلك فبالتاكيد حدثت اشياء تجعلها تشعر بذلك الشعور احتضنتها والدتها بحنان وهى تربط على ظهرها وتقول : متخافيش يا حبيبتى طول ما ابوكى وانا موجودين متخافيش من اى حاجه والى انتى عايزاه هنعملوا ليكى يا حبيبتى
... تعالى ادخلك اوضتك ترتاحى شويه لغاية ما ابوكى يجى ونشوف الموضوع ده
اصطحبتها والدتها إلى غرفتها وضعتها على السرير واغلقت الانوار وخرجت .....
عندما خرجت والدتها فتحت عينها ولم تستطع تمالك نفسها وظلت تبكى فهى كانت تحبه بقوه ومازالت تحبه فهو حبيبها الاول التى من رأته حتى تعلق قلبها به بشده ..
تبكى أيضا على استسلامها له طوال المده فقد جعلته يتمكن منها .. كل يوم كانت تعطى له فرصه كل صباح كانت تعطيه فرصه من أجل اليوم من أجل بناء حياه معه فى كنفه .
... ..      ..........................................................
يجلس فى غرفته يدخن بشراسه فمنذ خروجها من هذا البيت وهو بهذه الحاله .. فى يده بأن يذهب ويأخذها عنوه ولكنه لا يريد إجبارها ككل مره فحالتها تلك لم تسمح بالمزيد من الوجع فهو الآن مازال على أمل بأن تسامحه بأن تسمعه وتتفهمه فلا يريد إهدار هذا الأمل .
سمع صوت صديقه وهو ينادى من الاسفل ... اتجه إلى خارج الباب نظر لصديقه ثم قال : عايز ايه
نظر له كريم ولحالته فقال : جاى اطمن عليك
فرد قاسم ببرود : واطمنت
كريم بحزن : لا متطمنتش حالتك مش كويسه يا صاحبى
ابتسم قاسم باستهزاء : من امته وانا حالتى كويسه هاه أنا طول عمرى عايش فى نار وعذاب حياتى نار ومماتى نار بردوا هفضل عايش كده بموت فى اليوم مية مره .. هفضل تعيس ثم غير نبرته لحزن : بس هى الى كنت معاها بدأت احس انى عايش أن فيه حاجه حلوه فى يومى ... أن فى حياتى شخص نقى ونضيف بدل القذاره إلى انا عايش فيها طول عمرى من يوم ما فتحت عينى على الدنيا وانا عايش فى قذاره ..
صعد كريم السلالم سريعا ووقف أمامه وهو يقول : هى مشيت
قاسم بحزن : مشيت يا كريم كلامك كان صح فعلا انى هندم وندمت ندم عمرى انى محفظتش عليها من اول يوم دخلت فيه البيت هنا لا بالعكس أنا عملت اوحش حاجه ممكن يعملها الواحد مع مراته أنا الى ضيعتها بإيدى
حزن كريم على صاحبه فهو اكتر شخص يعلم ماضيه ويعلم حاله فقال : طب روحلها واحكيلها كل حاجه احكيلها يمكن تفهمك يمكن تديك فرصه تصلح غلطك
ضحك باستهزاء : تصدق أنا بقيت خايف اخد فرصه تانيه لضيعها
كريم : لا متقولش كده انت هتاخد فرصه وهتصلح كل الى حصل وهتعيش حياه تستحقها من زمان يا صاحبى ... فوق كده ومتستلمش الحياه ديه مش عايزه غير الانسان الى يعافر فيها بإيده وسنانه علشان متودش عليك
تنهد قاسم بتعب من حياته المؤلمه وقال : هحاول يا صاحبى اتمسك فى اخر امل انى اعيش انسان سوى زى كل الناس
ربطت كريم على كتفه وقال : وانا معاك فى أى حاجه يا صاحبى
ومن ثم احتضن قاسم بحنان اخوى .. فقاسم صديقه منذ الطفوله عاصر معه كل اوجاعه وآلامه ويعلم حاله ولكنه دائما كان يحاول أن يجعله يخرج من دائرته الموجعه ولكنه فشل ولكن لم يستسلم وظل بجانبه فى كل خطوه يخطيها ..

كفى عذابك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن