الفصل الخامس عشر

4 2 0
                                    

فتحت أسيل عينيها ببطئ وتعب لتجد ضوء الشمس قد غزى الغرفة وهي نائمة بملابسها على طرف الفراش، نهضت أسيل ببطئ وهي تشعر بألمٍ في رأسها، شعرت بالقلق من ما حدث ليلة أمس فنهضت واتجهت ناحية المرحاض، غسلت أسيل وجهها، ونظرت إلى المرآة كان وجهها شاحب ويبدو عليها الإرهاق، خرجت من المرحاض ثم دلفت إلى غرفتها، أخذت حقيبتها وغادرت المنزل.


كانت سارة جالسة في المكتب تتحدث مع لين عندما دخل أمجد إلى المكتب..
- انت ازاي ما تقوليليش أن أسيل فاقت وروحت؟  وجه أمجد حديثه لسارة
- نظرت سارة إليه ببرود وقالت: والله الموضوع حصل بليل، وبعدين انت عرفت منين؟
- هدأ أمجد قليلًا وقال: سمعت حازم وعمر تحت، طيب هي ها تيجي النهارده؟
- أكيد لا، أنا لسه أخدالها أجازه من أُستاذ علي تلت أيام
تنهد أمجد وجلس على المكتب وهو يشعر بالضيق، لا يدري كيف يتصرف، الوقت يمضي وأسيل تبتعد عنه يومًا بعد يوم.
****

فتح آدم عيناه على ضوء النهار وهو يشعر بالعطش، نهض وخرج من الغرفة متجهًا إلى المطبخ، تناول آدم بعض الماء ثم جلب لنفسه شطيرة، نظر إلى غرفة أسيل ليجدها مغلقة، لم يلقي بالًا لها وعاد إلى غرفته.
****

خرجت أسيل من المشفى بعد أن طمأنها الطبيب أنها بخير، نظرت في ساعة هاتفها لتجدها الثانية عشر ظهرًا، شعرت أسيل بالجوع فأخذت سيارة أجرة إلى مطعمها المعتاد؛ جلست داخل المطعم وهي تفكر بكل ما يحدث معها، تشعر أنها لعبة للجميع، أمجد وآدم وحتى سارة وإن كانت حسنة النية إلا أنها تتلاعب بها بكل سهولة، وذلك المدعو آدم يضايقها كثيرًا، وضعت أسيل معلقة الطعام في فمها بغضب، إذا كان ذلك الأحمق يكرهها إلى هذه الدرجة لماذا أنقذها إذًا؟ لو أنها فقط لا تتحول إلى تلك الشخصية الضعيفة لم تكن لتتركه، ولكن تلك الفتاة الغبية دائمًا ما يُبكيها ويضايقها.
****


نظر آدم إلى الساعة التي أشارت إلى الواحدة ظهرًا، خرج من غرفته ونظر إلى غرفة أسيل التي مازالت مغلقة، تذكر آدم حديث سارة عن أسيل وحالتها الصحية فشعر بقليل من القلق، تردد قليلًا ولكنه قام بطرق الباب في النهاية و انتظر قليلًا ولكنها لم تفتح، شعر آدم بالقلق أكثر فطرق الباب ثانية وقال: افتحي عايزك
ولكن أحدًا لم يجيبه، أمسك آدم بمقبض الباب وفتحه ولكنه تفاجئ من أن الغرفة فارغة.
****

أخذت أسيل تتناول الطعام بغضب حتى انتهت منه فطلبت عصير، كانت تتنظر أن تتحول شخصيتها فتذهب إلى آدم لأنها لا تطيق أن تذهب وتراه الآن، ظلت أسيل قرابة الساعة بالمطعم ولكنها لم تتحول، تعجبت أسيل من الأمر، لماذا تأخرت هذه المرة؟
نهضت أسيل وخرجت من المطعم ولم تدر ماذا تفعل فذهبت إلى أحد المقاعد في أحد الحدائق العامة وجلست عليه وهي مازالت تفكر في تحكمات الجميع بها و أنها ضعيفة أمامهم، ظلت أسيل قرابة الساعة أيضًا ولكنها لم تفقد الوعي بعد، "ايعقل؟" قالت أسيل في نفسها وهي لا تصدق هل انكسر سحر سارة؟
****

كان آدم جالس بقلق وهو لا يدري أين ذهبت تلك الفتاة، سارة لا تدري، وأمجد ذهب مع لين مع الفوج السياحي، أين تُراها ذهبت، لا يستطيع حتى أن يغادر المنزل خوفًا من أن تعود في أي وقت، نظر آدم إلى الساعة التي أصبحت الرابعة، كاد علقه أن ينفجر حينما سمع جرس الباب، نهض بسرعة وفتح ليجدها أمامه.

فتح لها آدم الباب ثم أمسكها من كتفها بغضب وسحبها إلى الداخل أغلق الباب بعنف وهو يقول: كنت فين
- دفعت أسيل يده عنها وقالت: و انت مالك؟
- يعني إيه أنا مالي؟
- نظرت إليه أسيل بسخرية وقالت: يعني انت مالك يهمك في إيه ؟
- قال آدم بغضب:  يهمني في إنك ممكن تموتينا في أي وقت وخطر علينا
- ضحكت أسيل بشدة وقالت: لا يا شيخ؟ صدق عندك حق، ثم ازدادت حدة نبرتها وقالت: أنا كمان خايفه على نفسي بس الفرق بيني وبينكم إن أنا الوحيدة الي خايفه على نفسي، مش سارة أنا للأسف علشان حد تاني يخاف عليا غيري
- قال آدم بقسوة: كويس إنك عارف نفسك و أن حياتك مش مهمه عند حد
- ابتسمت أسيل بسخرية وألم وقالت: حقك تقول كده ما أنا رخيصه أوي عندكم واحد خدعني إنه بيحبني علشان يقتلني وياخد فلوس والتاني اضطريت أتجوزه علشان ما يقتلنيش، صفقت أسيل ببطئ وقالت ساخرة: الله عليا بجد قد إيه إنسانه محظوظه
- قال آدم ببرود: وليه ما تقوليش إنك ما تتحبيش؟
- أومأت أسيل برأسها: عندك حق يمكن أنا ما اتحبتش من حد، لكن أنا بحب نفسي وبخاف على نفسي وبهتم بنفسي، قلقان أوي عايز تعرف رحت فين؟ رحت المستشفى أطمن على نفسي بعد لما تعبت وأغم عليا بليل و أنا مفطوره من العياط بسببك، اقتربت منه أسيل وقالت بحزم: انت لو عيطتني تاني و أنا تحت تأثير السحر  مش ها أرحمك، قلت لك خليك طيب معايا بس مافيش فايده
- علشان بكرهك، قال آدم باندفاع
- نظرت له أسيل بتحدٍ وقالت: القلوب عند بعضها
- قال آدم بحزم: أنا مش مستغني عن نفسي ولا عن جدي وأختي، لو عليكِ انت في داهيه لكن للأسف مربوطين بيكِ، ما فيش خروج من البيت تاني لوحدك، عايزه تروحي حته قوليلي
- نظرت أسيل له بغضب وقالت: على أساس لو قلت تعال خدني المستشفى ها يهمك
- أدار آدم وجهه وقال: هو ما يهمنيش بس ها أوديكِ أي زفت لحد ما نخلص من الحكايه دي
رمقته أسيل باحتقار وسارت نحو غرفتها ولكنها عادت إليه قائلة:
- أنقذتني من الحادثه ليه؟
- نظر إليها آدم بحيرة ولم يدر بما يجيبها فهو نفسه لا يعلم لماذا اندفع لينقذها: علشان خاطر سارة
- سارة؟
- آه علشان خاطر ما تزعلش عليكِ، أُمال ها يكون علشان مين علشان خاطرك انت
هزت أسيل رأسها وذهبت من أمامه إلى غرفتها، جلست أسيل على الفراش وهي تفكر، تشعر بالغيظ منه ولكن هذه ليست الطريقة المثلى لمضايقته فهو دائما ما ينتصر عليها في المشدات الكلامية، نظرت أسيل إلى الساعة، هي لم تتحول بعد إذًا انكسر سحر سارة كما كانت تظن، شعرت أسيل بالسعادة فلقد تحررت أخيرًا، الآن يمكنها الانتقام منه ومن أمجد الحقير، الآن سوف تنتبه إلى حياتها أخيرًا؛ شعرت أسيل وكأنها عادت إلى روحها وكأن طاقة الكون كله قد بُثت فيها، نهضت أسيل بتحدٍ من على الفراش وهي تقول: لما نشوف يا آدم أنا أتحب ولا ما أتحبش، مش انت بتلعب بيا من زمان جه دوري أنا في اللعب؛ اتجهت أسيل إلى خزانة ملابسها وأخرجت منها ملابس أنيقة وارتدها ثم اتجهت إلى المرآة ووقفت تمشط شعرها وتضع مساحيق التجميل ثم خرجت من الغرفة.

كان آدم جالس على الأريكة يجري مكالمة لأحد المطاعم ليطلب الطعام عندما وجد أسيل تحضنه من الخلف وتقول: معقول تطلب أكل يا دومي و أنا هنا، أغلق آدم الخط واستدار إليها بغضب وهو يقول: مية مرة أقولك ما تعمليش ك..
توقف آدم عن الحديث عندما رأى ما ترتديه أسيل، نقل عيناه بين ثيابها و وجهها المزين بمستحضرات التجميل وقال وهو يبعد وجهه عنها:
- انت كده ها تخليني أحبك يعني؟
ذهبت أسيل ووقف أمامه وقالت: إيه الفستان وحش؟
لم يرد آدم فأردفت أسيل وهي تتصنع الحزن: أنا آسفه يا آدم، أنا آسفه إن أنا جبت سيرة حازم كده قدامك وضايقتك، هو صحيح أنا ما قولتش حاجه وصحيح انت اضايقت من غير سبب، لكن أنا كان مفروض أشوف إيه بيضايقك وما أعملهوش، وكان مفروض ما أزعلش منك لما قولت إنك مش بتغير عليا لأن أنا عارفه إنك مش بتحبني، بس أنا مش ها أستسلم يا آدم خلي بالك، إحنا أصلًا اتجوزنا وخلاص، اقتربت أسيل منه و انحنت أمامه ناحية وجهه ونظرت إليه بتحدٍ وقالت: ما فيش قدامك خيار يا إما تحبني يا إما، ابتعدت أسيل عنه وقالت بمرح: نبقى صحاب وتخرجني يوم الجمعه
نظر آدم إليها بانهزام وقال: يعني مش ها أخلص منك
- لا للأسف حاليا لا، ها اخترت إيه ؟
- النهارده أصلًا لسه الإثنين، قال آدم باستسلام
- ابتسمت أسيل بخبث وقالت: حلو يبقى اخترت نبقى صحاب كفك بقى
نظر إليها آدم بتعجب من تغير شخصيتها ولكنها أمسكت بيده ورفعتها ثم ضربت كفها بكفه وقالت: يلا اطلب لي أكل معاك
تنهد آدم بملل ثم أمسك بهاتفه واتصل بالمطعم ليطلب وجبة أُخرى لها
- أنا ها أقوم أفتح التلفزيون نشوف فيلم نتفرج عليه، قالت أسيل
- لم يرد عليها آدم فقالت: انت ساكت ليه كده؟
- ها أقول أي يعني؟
- ضحكت أسيل وقالت: مالك خايف ولا إيه هو أنا ها أعضك
- قال آدم بضيق: لا مستغرب من تغيرك ده بس
- ضحكت أسيل بصوت عالٍ وقالت: لا أصل يأست منك وتعبت صراحه من الجري وراك، أنا آه لسه بحبك، لكن مش ها أجبرك على حاجه، أطرقت رأسها وقالت بحزن، خصوصًا إن أنا كل مرة بطلع أنا الخسرانه و أنا الي بتجرح
- شعر آدم بالحزن في صوتها فقال بتسرع: أ.. يعني مين عالم أنا بس محتاج وقت علشان أقدر أحب تاني
- نظرت أسيل له بتعجب وقالت: تاني؟
- أغلق آدم عيناه بندم على ما قال متسرعًا ولكن لا مفر الآن :
- أيوه أنا.. أنا كنت في علاقة حب فاشله زمان ومش عايز أحب تاني
- ظلت أسيل تنظر إليه بدهشة قليلًا ثم قالت: فهمت، ثم باغتته بسؤال: آدم أنا نسيت أشكرك على إنك أنقذتني من العربيه
- العفو، قال آدم بهدوء
- أُمال انت أنقذتني ليه؟
- انت سألتِ السؤال ده من شويه، قال آدم
- امتى؟ مش فاكره! أنا فاكره آخر حاجه إن أنا دخلت الأوضه بليل وصحيت دلوقت، هو أنا عملت حاجه و أنا ناسيه؟
- ها.. آه ده انت روحتِ المستشفى وكده وجيتِ
- معقول نسيت كل ده؟ ده أنا حالتي بتدهور أوي
- قال آدم بارتباك: آه أوي
- و انت بقى قولت لي انت أنقذتني ليه؟
- آه، قال آدم وهو يحاول التهرب من سؤالها
- بس أنا مش فاكره، قولي تاني معلش
- أدار آدم وجهه الجانب الآخر وقال: ما انت احتمال تنسي تاني
- لا لا، إن شاء الله مش ها أنسى المرة دي بس انت قولي
- خلل آدم يده بين شعره بتوتر وقال: مش معقول ها أسيبك تموتي يعني، ده شيء بديهي
- ابتسمت أسيل ابتسامة مزيفة وقالت في نفسها "كنت عارفه إنك ها تغير كلامك" ونهضت من مكانها واحتضنت آدم بشدة وقالت:
- شكرًا
- أبعدها آدم عنه وقال: إحنا مش قولنا..
- قالت أسيل بسرعة: عارفه ده حضن صحاب عادي
نهضت أسيل وهي تقول: ها أروح أعمل حاجه نشربها جنب الأكل
أوقفها سؤال آدم المباغت: ما.. ما قولتليش الدكتور قالك إيه ؟
- تعجبت أسيل من سؤاله، ما الذي يهمه في هذا الأمر، قالت: هو أنا ما قولتلكش؟
- لا، نسيتِ
- كادت أسيل أنا تقول له ولكنها تذكرت أنها من المفترض أنها نست أنها ذهبت إلى المشفى أصلًا فقالت: ياريتك كنت سألتني وقتها لأن أنا للأسف نسيت، بس ما تقلقش أنا حاسه إن أنا كويسه.
****

كانت سارة جالسه في المكتب تنهي بعض الأوراق حين انفتح باب المكتب ودخل عمر
- إيه يابنتي ما جتيش الكافيتريا ليه علشان نتغدى الاستراحه بدأت من ربع ساعه
- بجد؟ ما أخدتش بالي خالص، قالت سارة
- طيب، قال عمر وهو يجلس، أنا ها أطلب بيتزا أطلب لك معايا؟
- تمام ماشي
اتصل عمر بالمطعم ثم أغلق الخط، نظرت إليه سارة ثم قالت بتردد: أُمال حازم فين؟
- لا ده خرج قالي ها أكل بره؟
- تعجبت سارة: إيه ده اشمعنى؟
- مش عارف والله، الواحد معدش عارفله
- اشمعنى؟
- ما تشغليش بالك، المهم أسيل عامله إيه ؟
****
تبكي بتأثر على نهاية الفيلم وهي تضع في فمها بعض حبات الفشار الذي أعدته، ألقى آدم عليها نظرة جانبية وقال باستهزاء:
- يخرب بيت التفاهه
- بادلته أسيل نظرة نارية وقالت: انت ما عندكش إحساس على فكرة
- هو لازم أعيط على فيلم عبيط علشان أبقى حساس؟
- لا طبعًا مش على الفيلم على المعاني الرومانسيه الي فيه
- لوى آدم شفتاه وقال: بلا رومانسيه بلا زفت
- قالت أسيل بعفويه: مش معنى إنك فشلت في علاقة يبقى كل الرومانسيه وحشه
- نظر إليها آدم بحدة وضيق ثم نهض وقال: أنا داخل الأوضه
- آدم أنا آسفه ما قصدتش، قالت أسيل
- قصدتي أو لا أنا داخل الأوضه
نهضت أسيل وأمسكت بكتفه لتوقفه وقالت: ما تبقاش قموص يا جدع
- نظر إليها آدم ثم قال: مش قموص ولا حاجه
- خلاص ها تدخل من دلوقت ليه؟ ده الساعة لسه ٦ تعال، تعال نشوف فيلم تاني
تنهد آدم بملل وهو يجلس ويقول في نفسه " طلعت لي منين دي بس يا ربي."
شاهدت أسيل وآدم فيلم آخر وفيلم آخر وتناولا العشاء وبعض الفشار مرة أُخرى، تثاءب آدم وقال: كفايه بقى أنا نعست
- قالت أسيل: صدق و أنا كمان
- نهض آدم وقال: أنا داخل أنام
- آدم، قالت أسيل بلهفة، ممكن أطلب منك طلب
- يا نعم، قال آدم بملل
- ممكن أنام معاك في الأوضه؟
- نعم؟
- تظاهرت أسيل بالبراءة وقالت: أصل انت عارف أنا بشوف حاجات غريبه كده وبخاف
- لا، قال آدم بحدة
- ها أنام على الأرض، قالت بتوسل
- لا
- علشان خاطري
- لا
- قالت أسيل بانفعال: لا بقى دي مش تصرفات صحاب دي
- قال آدم بغضب: انت عايزه إيه ؟
- يا سيدي بقولك بشوف عفاريت عايزه أنام جنبك بخاف، إيه هاكل منك حته؟
- وضع آدم يداه على عيناه وقام بفركهما، ثم تنهد باستسلام وقال: أنا ها أنام على السرير و انت ها تنامي على الكنبه
- فكرت أسيل قليلًا وقالت: موافقه
دخل كلاهما الغرفة بعد أن أحضرت أسيل من غرفتها وسادة وغطاء، ارتمى آدم على الفراش، وجلست أسيل على الأريكة ثم استلقت وأولت آدم ظهرها، ظل آدم ينظر إليها قليلًا، ثم أغمض عيناه هو الآخر، ولكن لم تمض بضع دقائق حتى فتح عيناه على صوت أسيل التي تقف أمامه مباشرة وتقول: أنا عطشانه
- عايزه إيه يعني؟
- مايه، قالت أسيل وهي تتصنع البراءة
- قال آدم ببديهية: ما تروحي تشربي
- خايفه
- قال آدم بتعجب: هو انت مش بتشوفي الحاجات دي من زمان أول مرة تكتشفي الخوف دلوقت؟
- لا ما كان حازم قالي إن دي تهيؤات بتحصله فكنت مطمنه شويه لكن طلعت مش تهيؤات
- و انت عرفتِ منين أنها مش تهيؤات؟
- أ.. مش عارفه أصل بخاف منها بجد.

نظر إليها آدم بنفاذ صبر وثم وقبل أن ينهض ارتمت أسيل بين يديه وقد تظاهرت بأنه قد أغشي عليها، سمعت أسيل صوت آدم يقول: أعمل فيكِ إيه ؟
ثم شعرت به يحملها ويضعها على الأريكة، جلس آدم على الفراش منتظرًا أن تفيق أسيل، وبالفعل بعد خمس دقائق فتحت أسيل عينيها وتظاهرت وكأن رأسها يؤلمها، ثم نظرت إلى آدم وقالت بغضب مصطنع: ما صدقت لقيت انت أقولك أنام هنا تقولي ماشي؟
- قال ببرود: أعمل إيه ما انت لازقه
ألقت إليه أسيل نظرة احتقار، ثم نهضت وفتحت باب الغرفة لتذهب ولكنها توقفت مكانها عندما رأت خارج الغرفة أمامها المرأة ولكن هذه المرة، وضعت أسيل  يدها أمام عينها في خوف، فهم آدم ما يحدث فنهض بسرعة وأغلق الباب ووقف أمامها، رفعت أسيل رأسها إليه فأدار آدم وجهه وقال: نامي هنا وما تفتحيش الباب أنا ها أروح أنام هناك
- قالت أسيل بصوت خفيض: أنا فايقه على فكرة دلوقت
- عارف، أتتها إجابته بسرعة
- غريبة يعني فكرتك ها تقوم ترميني ليها بره؟ قالت بتهكم
- والله لو عايزه ما عنديش مانع الباب قدامك، رد عليها بسخرية
نظر إليها آدم مطولًا ثم فتح الباب وخرج وأغلقه خلفه، نظرت أسيل لفراغه الذي ذهب منه بحيرة شديدة، متى يصبح هذا حَملًا وديعًا ومتى يتحول إلى شيطان شرير، وقفت أسيل تفكر وهي تقول:
- لا يا أسيل افتكري إهانته ليكِ و أنه قالك إنك ما تتحبيش مش ها ترجعي في خطتك يا أسيل
تلك الخطة الغبية التي أقسمت أسيل فيها أن تجعله يحبها ولكنها لم تدر أنها سوف تشعل نارًا سوف تحرق كليهما.
انفتح الباب فجأة لتجده أسيل يمد يده إليها بزجاجة ماء،
- نظرت إليه أسيل بدهشة، لقد تذكر أنها أخبرته أنها عطشى، ابتسمت أسيل بهدوء وقالت: شكرًا
لم يرد آدم عليها وخرج من الغرفة، نظرت أسيل إلى الباب بحزن وحيرة، لماذا تختلف أفعاله عن أقواله!

استيقظ آدم من النوم ونظر في الساعة ليجدها التاسعة صباحًا، خشيّ آدم أن تكون أسيل قد خرجت مثل أمس فنهض بسرعة واتجه إلى غرفته التي احتلتها أسيل، فتح آدم باب الغرفة بسرعة ليجد أسيل نائمة، تمعن آدم فيها قليلًا لقد كانت مختلفة أمس عن كل يوم، لا يدري كيف وما السبب ولكنه يشعر بهذا التغيير، لا يعلم لماذا يشعر أنها أصبحت عفوية أكثر؛ ارتطم شيء ما بالشارع فتململت أسيل في نومها فأغلق آدم باب الغرفة بسرعة.
فتحت أسيل عينيها ثم تثاءبت ونهضت ببطئ من على الفراش، ابتسمت أسيل وهي تفكر كيف ستضايق آدم اليوم، خرجت أسيل من الغرفة لتجد آدم جالس على الأريكة يعبث بهاتفه ويتناول شطيرة، اتجهت أسيل إليه وهي تقول: صباح الخير يا دوم
- "بدأنا" قال آدم لنفسه بملل
اقتربت أسيل من الأريكة ثم نظرت إلى الشطيرة بيد آدم، لمعت في رأسها فكرة، اقتربت أسيل من خلفه ثم قامت بأخذ قضمه من الشطيرة؛ نظر إليها آدم بسرعة فاصطدمت عيناه بعيني أسيل، ظل آدم يتأمل عينيها قليلًا، لقد كانت عيناها فاتنتان حقًا، شعر كلاهما بالارتباك، فابتعدت أسيل بسرعة بينما نهض آدم وقال لها بتلعثم: انت بتعملي إيه ؟
- أ.. أصل جعانه
- والله تقومي عامله كده أنا مش قلت
- صحاب والله، قالت أسيل بسرعة
نظر إليها آدم بحيرة بينما ركضت هي إلى المرحاض بسرعة.
****

كانت سارة في طريقها للذهاب إلى المصعد لتنزل إلى أسفل وتذهب مع الفوج بصحبة لين حين قالت لين: استني يا سارة ها أدخل الحمام وآجي
- طيب روحي
ظلت سارة تتلفت يمنة ويسرة، لم ترى حازم أبدًا يوم أمس ولا تدري لمَ اشتاقت له بشدة؟
سارت سارة حتى مكتب حازم ولكنها توقفت وقالت: انت بتعملي إيه يا غبيه
استدارت سارة لتذهب ولكنها فوجئت بحازم أمامها مباشرة، نظر إليها حازم بتعجب وقال: إيه ده انت بتعملي إيه هنا؟
- إيه ؟ لا ها أكون بعمل إيه يعني
- أيوه بتعملي إيه ؟ قال حازم بثقة
- قالت سارة بتوتر شديد: ب.. ده أنا كنت جايه عايزه أقولك إن أنا ولين خارجين مع الفوج فخلي عينك على أمجد
- ربع حازم يداه وقال: لا بجد؟
- ضحكت سارة بتوتر وقالت: آه أُمال إيه يعني و.. و انت عامل إيه بقى؟ قالت سارة باندفاع
- ابتسم حازم وقال: كويس تسلمي، بعد إذنك أدخل
تلاشت ابتسامة سارة من رد حازم الجافي، ثم أفسحت له الطريق فدخل إلى المكتب وأغلق الباب، شعرت سارة بالحرج والضيق في نفس الوقت من تصرف حازم ببرود معها وقالت لنفسها: يارتني ما جيت، غبيه.


حجيم الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن