الفصل السادس عشر

5 3 0
                                    

انتهت أسيل من تناول الفطور ثم نظرت إلى غرفة آدم وهي تشعر بالضجر، دخلت أسيل الغرفة ونظرت إلى الجالس على الفراش يعبث بالهاتف وقالت: ما تيجي نخرج
- نخرج نروح فين انت عبيطه؟ قال آدم باستهزاء
- تذمرت أسيل بطفولة غير مصطنعة وقالت: أي حته أنا مش بحب الحبسه دي
- لا
- يعني إيه لا؟ خلاص ها أخرج لوحدي
- نهض آدم وأمسك بيدها يوقفها وقال بغضب: هو إيه ده إلى تخرجي لوحدك انت اتهبلتِ؟
- نفضت أسيل يده ثم قالت بغضب: بطل اسلوبك الزباله ده معايا
نظر آدم لأسيل بتعجب متى أصحبت أكثر عنفًا وهي تحت تأثير السحر
- رد عليا
- قال آدم بتحدٍ: مافيش خروج يعني مافيش خروج والي عندك اعمليه وما تزوديش معايا علشان ما أوركيش اسلوبي الزباله بجد
- انتفخ وجه أسيل من الغضب وقالت: يعني هي عافيه؟
- آه عافيه، قال بنبرة مستفزة
- تمام، انت الي اخترت
- ضحك آدم بسخرية وقال: ها تعملي إيه يعني
- وقفت أسيل أمام آدم بتحدٍ وقالت: ها تشوف
ذهبت أسيل من أمام آدم الذي كان متعجب من تغير طريقة أسيل، ولكن قبل أن تصل أسيل إلى غرفتها تذكرت أنها يجب أن تكون ضعيفة الشخصية أمامه
"يلاهوي ها يكشفني"
ركضت أسيل إلى آدم واقتحمت الغرفة، فزع آدم عندما فعلت هذا فجأة وقال: إيه فيه إيه ؟
- رسمت أسيل ملامح البراءة والحزن على وجهها وقالت: أنا آسفه إن أنا زعقتلك يا دومي
- ضحك آدم باستهزاء على تصرفها ولكنه قال: أيوه كده اتعدلي
- زيفت أسيل ابتسامة وجهها وقالت: أنا برضه أقدر أزعلك، اقتربت أسيل منه بسرعة وعانقته وطبعت قبله على خده قائلة: ما تزعلش بقى خلاص
- أبعدها آدم عنه برفق وقال بتوتر حاول أن يكتمه: خلاص مش زعلان
ابتسمت أسيل بسعادة وخرجت من الغرفة وعلى وجهها نظرات السخرية من آدم، بينما كان هو في الغرفة يضع يده على صدره الذي بدأ يخفق، تلك الكارثة كلما اقتربت منه تجعله يضطرب ويبدو أن الأمر لم يعد مسليًا بعد الآن.

كانت أسيل في الغرفة تفكر كيف يمكنها أن تخرج من المنزل، لا تحب العناد وتشعر بالفعل بالضيق الشديد من المنزل ومن اسلوب آدم؛ نظرت أسيل إلى النافذة وهي تفكر ثم نهضت وأخرجت رأسها من النافذة
"يا ترى لو نزلت من هنا ها أموت؟"
تأكدت أسيل أنها بالفعل سوف تموت لو فعلت هذا ولكنها بالطبع ستكون هناك فرصة بديلة أُخرى، لمعت عينا أسيل عندما أتتها هذه الفكرة، نهضت أسيل وارتدت ملابسها، ثم أمسكت بأغطية الفراش وظلت تعقدها معًا وربطتهم في مقبض النافذة وألقتهم خارجًا، نظرت أسيل خارجًا
"والله دورين بس ممكن ما يحصليش حاجه، بس بلاش عبط"
خرجت أسيل من الغرفة واتجهت إلى غرفة آدم وقالت: على فكره أنا عايزه أخرج يا بني آدم انت مش من حقك تمنعني
- نظر لها آدم بتمعن وقال: فوقتِ؟
- قالت بتحدٍ: أيوه فوقت وعايزه أخرج
- طيب بما إنك فوقتِ بقى فانت عارفه إنك ممنوع تخرجي
- لوحدي، ممنوع أخرج لوحدي وده القرار الي انت أخدته مع نفسك، أنا مش محبوسه، قالت أسيل
- لا محبوسه
- لا مش محبوسه ومش من حق حد يحبسني، يا إما تيجي معايا يا إما تسبني أروح لوحدي
- نهض آدم ووقف أمامها وقال: هو انت فاكره نفسك قاعده في بيتكم، انت خطر علينا
- هو علشاني خطر عليكم أتحبس؟ بعدين أنا خطر على نفسي أنا كمان وبرضه من حقي أعيش
نظر إليها آدم بتمعن ولم يرد
- أوكي
ذهبت أسيل ووقفت أمام باب غرفتها ثم فتحته ونظرت إلى النافذة والغطاء المربوط بها وقالت بتحدٍ: أنا ها أوريك
أمسكت مفتاح الغرفة في يدها ثم وقفت بالداخل وصرخت: آدم
سمع آدم صوتها تنادي فظن أنه هناك شيء ما، نهض بسرعة فوجدها تقف عند الباب وقالت بصوت عالٍ: أنا ها أنط من الشباك
قبل أن يستوعب آدم ما قالت كانت أسيل بالداخل وقد أغلقت على نفسها، اتجه آدم ناحية الباب وهو لا يصدق، ضرب آدم الباب بيده قائلًا بعصبية: افتحي
- جاءه صوتها من بعيد تقول: أنا خلاص نازله
- بقولك افتحي
- مش ها أفتح
ضرب آدم الباب بعنف، سوف تتأذى تلك الحمقاء العنيدة، اتجه آدم إلى باب المنزل وأخرج المفاتيح بسرعة وفتحه واتجه إلى أسفل، سمعت أسيل صوت طرقة باب المنزل فعلمت أنه خرج، ابتسمت أسيل واتجهت إلى باب غرفتها لتخرج من باب المنزل ولكنها قبل أن تفعل وجدت المرأة فيروز وقد ظهرت أمامها، تراجعت أسيل للخلف وهي تشعر بالخوف فهي وحدها في المنزل، ابتسمت المرأة ببشاعة لها، أخذت أسيل تتراجع والمرأة تقترب.
وصل آدم تحت النافذة ليجد الأغطية المعقودة تصل قبل الأرض بقليل، تلك الحمقاء القصيرة لن تطال الأرض وستسقط بالتأكيد، حاول آدم سحب الأغطية ولكنه لم ينجح، وقف  بالأسفل وهو في حالة اضطراب ثم وفجأة سمع صوت تهشم شيء بالأعلى.
ظلت أسيل تتراجع حتى اصطدمت بالمزهرية على الكومود جوار الفراش، اصطدمت أسيل بالحائط فمدت المرأة يدها ووضعتها على معصم أسيل، شعرت أسيل وكان نارًا قد لامست يدها، فصرخت بشدة.
سمع آدم صوت صرخة أسيل فعلم أن هناك شيء ما يحدث، ركض آدم إلى أعلى ودخل المنزل، حاول أن يفتح الباب وهو يقول:
- افتحي
ولكن لم يأته سوى صراخ أسيل المتكرر، فبدأ آدم في محاولة كسر الباب.
ما إن وضعت المرأة يدها على أسيل حتى بدأ المكان حول أسيل يتحول إلى مكان آخر مظلم، وجدت أسيل أمامها، نفسها والمرأة تتجه إليها، ثم وضعت يدها داخل صدرها وأخرجت قلبها شعرت أسيل بألم في قلبها فعلًا وبدأت تصرخ عندما أمسكت المرأة رأس أسيل وفصلته عن جسدها، ازداد صراخ أسيل التي كانت ترى هذا المشهد أمامها.
كسر آدم الباب ودلف إلى الغرفة ليجد أسيل تقف جوار السرير تنظر إلى اللا مكان وتصرخ، أسرع إليها آدم وأمسكها وهزها بعنف قائلًا: فوقي، فوقي
لم تستجب أسيل إلى آدم، لم يدري ماذا يفعل حاول أن يأخذها ولكن قدمها لم تتحرك، مازالت  تصرخ وآدم يشاهدها بقلة حيلة، ركض آدم إلى المطبخ وجلب طبق فخار ثم وقف أمام أسيل وضرب الطبق بأقصى قوةٍ لديه على الأرض؛ فتحت أسيل عينيها وقد عادت إلى وعيها ونظرت لآدم بإنهاك، وقبل أن تسقط التقطتها يد آدم، حملها آدم خارج الغرفة ووضعها على الأرض بالخارج، كان العرق يتصبب منها و تتنفس بصعوبة، وضع آدم يده حول وجهها وقال: اهدي، اتنفسي براحه، كلميني هنا
نظرت إليه أسيل بتعب وقالت: بشع
- هو إيه ده الي بشع، قال آدم بحنو
- الي حصل
- طيب خلاص خلص، اهدي
بدأت أسيل تهدأ قليلًا ثم نظرت إلى يدها موضع ما أمسكته المرأة لتجده قد ترك أثرًا أحمر اللون، شهقت أسيل ونظرت إلى آدم الذي قال بسرعة: إيه ده؟
- قالت أسيل ببكاء: مسكتني..  مسكتني هنا
- أمسك آدم بيد أسيل يتفحصها ثم قال: إحنا لازم نروح لجدو
أخذت أسيل تبكي بخوف وآدم يحاول تهدئتها ولكن دون جدوى، كانت أول مرة يراها منهارة هكذا، لم يشعر آدم بنفسه سوى وهو يحاوطها بين ذراعيه ويربت على شعرها وهو يقول:
- اهدي
تمسكت أسيل بآدم ودفنت رأسها في صدره وهي تبكي وترتجف.
****


بدأ توفيق يتفحص يد أسيل ثم قال: الموضوع بدأ يتقدم معاكِ
- يعني إيه ؟ قالت أسيل بخوف
- اسمعي يا أسيل انت الوحيده من السبعه الي قبلك الي وصلتِ للمرحله دي، أو من الي أنا كنت حاضرهم يعني
- يعني إيه ؟
- يعني اللعنه بتسيطر عليكِ تمامًا كل يوم أكتر
- نزلت الدموع من عيني أسيل وقالت: يعني إيه ؟ أنا بتعذب، محدش حاسس بيا، أنا معنتش قادره أتحمل
تنهد آدم بحزن وهو ينظر ناحية أسيل، ثم نقل بصره إلى توفيق الذي قال:
- اسمعي يابنتي أنا ها أعمل عليكِ تعويذة حمايه
- إيه دي يا جدو؟ قال آدم
- دي تعويذه مش ها تخليكِ تشوفيها خالص
- قالت أسيل بلهفه: وما عملتهاش عليا في الأول ليه؟
- تنهد توفيق وقال: هي ليها شوية آثار جانبيه
- آثار؟ قال آدم، زي إيه ؟
- يعني في الوقت الي كنتِ ها تشوفيها فيه ها يجيلك وجع في البطن
- وجع؟ قالت أسيل
- وجع شديد ها تتحملي؟
- قالت أسيل بلهفه ها أتحمل
- كمان التعويذه دي مش ها تستمر غير شهر واحد بس
- شهر؟ بس؟
- للأسف
- ضحكت أسيل بسخرية وقالت: يعني إيه لازمتها بقى
- أنا بحاول  ألاقي  حل
- تنهدت أسيل بتعب وقالت: أنا تعبت
نهض توفيق وجلس جوارها وحاوطها بين ذراعيه وهو يقول: معلش يا بنتي اتحملي شويه، أنا واثق إننا ها نلاقي حل
- أخرج توفيق أسيل من حضنه وقال: مستعده؟
- مستعده، قالت أسيل
- طيب، تعال يا آدم
- آجي فين؟
- تعال امسكها
- يمسكني؟ ليه انت ها تعمل فيا إيه ؟ قالت أسيل برعب
- يا ستي ده بس علشان ما تتحركيش
نظرت أسيل بشك إلى توفيق، بينما نظر توفيق إلى آدم الذي نهض واتجه نحو أسيل وجلس إلى جوارها، نظرت إليه أسيل برعب وكأنها تسأله هل يعلم ماذا سوف يفعل توفيق ولكنه أومأ لها بالنفي؛ طلب توفيق من أسيل أن تغمض عينيها ثم وضع أصابعه على جبهة أسيل وبدأ يتكلم ببعض الكلمات الغير مفهومة، بدأت أسيل تشعر بألم خفيف في رأسها، ثم بدأ الألم يشتد قليلًا، أخذت أسيل تضغط على يد آدم الذي يمسك بها، نظر آدم إليها وهي تغلق عينيها بشدة، بدأ ضغط أسيل على يده يشتد وبدأت تتنفس بصعوبة، كانت تتألم ولكنها تحملت، قال توفيق آخر كلماته ثم توقف، ارتخت يدا أسيل وسقط رأسها على كتف آدم مغشيًا عليها.
****

كان حازم على وشك أن يستقل سيارته عندما أتت له فتاة تسأله على الطريق، أرشدها حازم ثم شكرته الفتاة، وعندما كانت على وشك المغادرة تعثرت فاستندت على حازم، رأت ذلك المشهد سارة التي كانت قد غادرت الشركة لتوها، نظرت الفتاة إلى حازم بابتسامة ثم شكرته مرة أُخرى، ألقى حازم نظرة نحو باب الشركة ليجد سارة تقف، ابتسم حازم ثم نظر إلى الفتاة وقال لها: لا ولا حاجه
ذهبت الفتاة وتركت حازم بينما نظرت سارة إليه بضيق وقد بدت عليها الغيرة الشديدة، اتجهت سارة نحوه وقالت بغضب: ازيك يا حازم انت لسه هنا، غريبه
- قال حازم بابتسامة باردة: كنت مروح أهو، بعد إذنك
نظرت إليه سارة بغضب ثم أمسكت بيدها باب السيارة قبل أن يغلقه حازم وقالت: انت بتعاملني كده ليه؟
ابتسم حازم بسخرية ثم ترجل من السيارة مرة أُخرى وقال: انت عايزه إيه ؟
- قالت سارة بتوتر: عاملني كويس
- أنا مش فاهم والله اتعامل معاكِ كويس ولا أبعد عنك خالص
- تذكرت سارة تلك الكلمات الغبية التي خرجت منها مسبقًا فقالت: أنا.. أنا ما قصدتش تبعد عني بمعنى إنك كل ما تشوفني تهرب يعني، خلينا، ترددت سارة قليلًا وهي تقول، خلينا زمايل على الأقل اضحك في وشي كده زي السنيوره دي
- ضحك حازم بشدة وقال: والله يا آنسه سارة أنا مش لعبه في ايدك ولا تحت أمرك، ابعد عني لا معلش اضحك في وشي، إحنا بجد زمايل يا آنسه سارة، ولو على احساسك بالذنب ف أنا أحب أطمنك خالص الحاجات الي بشوفها بدأت تقل جدًا.
- تبدلت ملامح سارة إلى الحزن ولكنها رسمت ابتسامة على وجهها وقالت: كويس والله فرحتني، عقبال ما تخف خالص، يلا بقى ما أعطلكش باي
ذهبت سارة من أمامه وقد بدا أنها تألمت مما سمعته، ضرب حازم على السيارة بغضب لم يعد يعلم كيف يتعامل معها، كيف له أن يجعلها تعترف له، حتى رغم معرفته بحبها له مثل ما يحبها لا يستطيع أن يكون معها، لقد اتعبته بالفعل، لقد اتعبته.
****


أفاقت أسيل لتجد نفسها نائمة على الأريكة في منزل توفيق، نهضت أسيل بضعف ونظرت لتوفيق وآدم الجالسان أمامها، نظر إليها توفيق وقال: حمد لله على السلامه
- الله يسلمك، قالت أسيل
سمع توفيق صوت سارة بالخارج ثم دخلت سارة إلى الغرفة لتجد أسيل وآدم، فرحت سارة برؤيتهم واتجهت إلى أسيل تعانقها
- كده يا ندله، من يوم المستشفى ما أشوفكيش وأخوكِ حابسني في البيت
- نظرت سارة إلى أسيل وقالت: معلش يا سيلا حقك عليا
- مالك يا سارة؟ قالت أسيل بعد ما شعرت أن سارة بها خطب ما
- لا مافيش بعدين أحكيلك، قالت سارة بصوت خفيض
- نظر آدم إلى سارة وقال: حلو أوي دخولك عليها على طول ولا كإن أنا قاعد كده
- ابتسمت سارة واتجهت إلى آدم وعانقته، ثم جدها ثم قالت: بعد اذنكم أروح أوضتي لأن تعبانه
- أمسكت أسيل بيد سارة وقالت: سارة أنا عايزه أبات معاكِ النهارده وبكره تكلمي علي تقولي له إنك مش ها تروحي ونقضي اليوم سوا ونبقى نروح الشغل يوم الخميس سوا، إحنا بقالنا كتير ما قعدناش مع بعض وأهو أحسن من حبستي في البيت
نظر آدم بتعجب إلى أسيل، أليس من المفترض أنها تحبه الآن أم أنها لم تدخل في الحالة بعد، تلك الفتاة أصحبت مريبة
- ماشي موافقه طبعًا، قالت سارة بسعادة
- اشطه، استعدي النهارده ها نطلب بيتزا وسهرتنا صباحي
- قالت سارة بحماس: و انت يا آدم اقعد معانا
- لا، صرخت أسيل، يقعد فين ده ما صدق أنه خلص مني وعايز يقعد في البيت بهدوء
- رفع آدم حاجباه وابتسم بسخرية وقال: والله ده حقيقي، ده أنا حتى ها أفرح أوي إن أنا ها أتخلص من احتلال البيت يومين
- اوكي، استمتع في البيت لوحدك و أنا ها أقعد هنا مع سوسو وعمو توفيق العسل، قالت أسيل بنبرة مستفزة
- ضحك توفيق وقال: وماله
نظرت أسيل إلى آدم بابتسامه شامته ورفعت له حاجبيها وأشارت له بيدها أن الى اللقاء، نظر إليها آدم بغل ثم قال:
- ماشي لما تبقي تتحولي بقى وتقعدي تجري وتقولي آدم عايزه آدم ما تبقيش ترني عليا آجي أخدك
ذهبت أسيل ووقفت أمامه وقالت بتحدٍ: لا ما تخافش مش ها يحصل
بادل آدم أسيل النظرات وقد ازدادت الشكوك داخله عنها ثم قال: باي يا جدو
- إيه ده و أنا مافيش باي يا سارة؟
- باي يا سارة
- و أنا مافيش باي يا أسيل، قالت أسيل باستهزاء وبطريقة مضحكة
- ضحك آدم بسخرية وقال: ها أبقى أقولك في التليفون و انت مكلماني بتعيطي وعيزاني آجي أخدك
نظرت له اسيل بغل وهو يذهب وقالت في نفسها: ده بعدك، بينما كان توفيق وسارة يراقبان بصمت وهما يتبادلان النظرات ويبتسمان.
****


دخل آدم إلى المنزل وهو يشعر بالارتياح أخيرًا فلقد تخلص من تلك المزعجة، ألقى آدم بجسده المتعب على الأريكة ثم نظر في الساعة وقال: دلوقت نشوف ها تتحملي قد إيه من غير ما تكلميني، أخرج هاتفه وقام بإغلاقه وهو يقول بتحدٍ: وريني ها توصليلي ازاي.
نهض آدم ودلف إلى المرحاض ثم خرج وتناول الطعام وظل جالس يشاهد التلفاز وهو يراقب الساعة، وعندما تأخر الوقت نهض ليذهب إلى النوم وقبل أن يغلق باب غرفته ظن في نفسه أنها ربما تأت وهو نائم ولن يسمع الباب فأبقى آدم الباب مفتوحًا؛ ظل يتحرك في الفراش مدة من الوقت ولكن هيهات إنه لا يستطيع النوم، ولا يمكنه إنكار أنه يفكر بها، نهض بغضب وهو يقول: فيه إيه ؟
لم يكن آدم يريد الاعتراف لنفسه ولو بنسبة بسيطة أنه افتقدها، ظل يحاول النوم إلى أن غفا في النهاية.
****

- بس جدعه يا أسيل قدرتي تصبري من غير ما تتصلي بآدم، قالت سارة والتي كانت تظن أن أسيل مازالت تحت تأثير سحرها
- انتبهت أسيل لما قالت فردت عليها: ها.. آه يعني عيب عليكِ
- على فكرة يا أسيل آدم يمكن يبان إنه بيعاملك بجفاء بس هو في الحقيقه طيب أوي
- يبان ؟ قولي هو بيعاملني بجفاء فعلًا، قالت أسيل بسخرية
- بس والله طيب عارفه لو اتعاملتِ معاه عادي ها تحبيه، قالت سارة بهدوء
- أحبه؟ وبعدين قولي لو هو اتعامل معايا عادي
- طيب و انت بتستقبلي معاملته ازاي؟
- نظرت إليها أسيل بتعجب وقالت: ازاي؟
- يعني انت بتزعقي فيه
- ما علشان هو بيزعق فيا، قالت أسيل بانفعال
- علشان انت ما اتكلمتيش معاه بهدوء قبل كده، قالت سارة بثقة
- لا، حتى لما كنت في الحاله وبتعامل معاه بحب كان بيحرجني بالكلام
- أطرقت سارة برأسها ثم قالت: صدقيني يا أسيل آدم مش وحش

شردت أسيل قليلًا وتذكرته عندما احتضها وخبأ عينيها من فيروز، وعندما أعطاها زجاجة الماء، وعندما كسر الباب عندما كانت تصرخ واعتنى بها
- إيه رحتي فين؟
- قالت أسيل: سيبك منه هو أصلًا  بيكرهني
- تؤ، آدم لو كره حد يا أسيل مش بيعرف يبص في وشه
- يا شيخه يعني ما كانش عايز يقتلني مثلًا؟
- ده كان زمان يا أسيل، لو كان آدم بيكرهك ما كانش أنقذك من الحادثه أنا عارفه أخويا
تذكرت أسيل عندما كانت على الطريق من قبل ودفعها آدم للسياره وعندما أراد قتلها، ولكنها تذكرت ذلك الحادث وكيف حماها يومها، لو كان يريد قتلها لتركها فعلًا.
****

استيقظ آدم في الصباح الباكر وهو يشعر بالخمول والنعس، ولكنه وما إن فتح عينيه لم يستطع أن يغلقهما مرة أُخرى، أمسك بهاتفه وقام بفتحه معتقدًا أنه سيجد مكالمات ورسائل من أسيل ولكنه لم يجد، شعر آدم بالضيق ثم تذكر أن أسيل حتى الآن لا تملك رقم هاتفه أصلًا ولكن حتى لو كان هذا صحيح كانت سوف تتكلم من عند سارة، نهض واتجه إلى المرحاض ثم خرج ونظر إلى غرفتها، تنهد بضيق لقد اعتاد وجودها حقًا ولكنه أقنع نفسه أنه يشعر بالضيق لأنه خسر رهان ولم تتصل به، تلك المزعجة، تبًا، لقد افتقد وجودها بالفعل.

حجيم الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن