مارس- ١٩٧٠ ميلادية.
أحبها، لقد أحبها حقًا بصدق؛ مُنذ أن فتح مراد عيناهُ على الدنيا، لم يعرف سوى حُبها، كان دائمًا ما يرى الغضب في عينيها عندما كان يقول آبائهم أن فيروز لمراد مهما طال الزمن، ولكنه ظنّ أنها تفعل هذا لأنها مازالت صغيرة، لم يتوقع أن يستمر هذا، وعلى الرغم من علمه بأنها تزوجته فقط من أجل ماله، إلا أنه مازال يحبها، إذا كان ماله هو سببُ بقائها معه إذًا فليكُن، فلتبقى بجواره فقط حتى ولو لم تحبه.
ضغط مراد بيده على رأسه بِأسىً، لقد علم بأنها تكرههُ ولكنه، لم يتوقع أن يصل الأمرُ بها إلى الخيانة؛ لقد سمح لها أن تجرح قلبه ومشاعره، ولكنه لن يسمح لها بأن تجرح كرامتهُ، يُقسم أنه سوف ينتقم منها.
نهض مراد من مكانه، ثم سار في خطوات بطيئة عبر طُرقات القصر الهادئ، ظل يسير حتى وقف قبالة بابٍ يبدو عليه القِدم على عكس باقي الأبواب المجاورة، مد مراد يده نحو الباب بحرصٍ وهو يتأكد من عدم وجود أي شخص هنا، فتح الباب ثم دخل إلى تلك الغرفة المظلمة، أشعل مصباحًا صغيرًا لم يكن ضوئه يصل إلا لبعض الأمتار البسيطة، جلس على الأرض في مُنتصف دائرة قد رسمها ببعض الرماد؛ فتح كتاب السحر الذي أمامه، يذكر مراد جيدًا متى وجد هذا الكتاب، لقد كانت فرحته به عارمة عندما علم السبيل للانتقام من فيروز أخيرًا، ولكنه لم يدري أن العبث بالسحر لا يجلب الخير، وردُ الشر بالشر ليس فضلية، إذا كانت قد خانته فهو لا يختلف شيئًا عنها، بل ربما أسوأ، أخذ يتمتم ببعض الكلمات، بدأ الرماد حول مراد بالاشتعال، وهو مازال يُتمتم بكلماته، سيقتُلها، سيقتُلها هي وابنتها وذلك الوغد الذي خانته معه، سيقتل هذا النسل الخائن كله؛ سيُنهي وجودهم إلى الأبد.
بعد أن أنهى مراد ما يقوم به، ابتسم بخبث، لم يتبقى سوى دماء تلك الخائنة لتُفتح البوابة.
دلف مراد إلى غرفة فيروز والتي كانت جالسة تُداعب صغيرتها، ابتسم بخداعٍ وقال:
- مش هتنام بقى؟
- ابتسمت فيروز بدورها هي الأُخرى وقالت: ها أنيمها أهو
جلس مراد إلى جوارها وظل يطالعهما بحزن دفين، لماذا يا فيروز، لماذا.
أغلقت تلك الصغيرة عينيها ببطئ بينما كانت تهُزها فيروز برفق؛ تركت فيروز الفتاة على الفراش، ثم نظرت نحو مراد وأشارت له فخرجا من الغرفة معًا؛ سار كليهما يتحدثان في أمورٍ غير مهمة، حتى وصلا نحو حديقة القصر، توقف مراد ونظر إلى فيروز بخُبث وقال:
- عاوز أخدك لمكان
- مكان؟ فين؟ قالت فيروز بهدوء
- مكان بره القصر، بس قريب هنا في أول الغابة، مش هياخد مننا وقت خالص
أمسك مراد بيد فيروز ليسحبها خلفه ولكنها أوقفته، قالت له بنبرةٍ قد تغيرت من الهدوء للسخرية:
- اوعى تكون فاكر إني غبيه يا مراد، تفتكر أنا مش عارفه إنك بدلت كل ثروتك بعملات الذهب وحطيتها في القبو الي في الغابة؟
- تبدلت نظرات مراد للكره والغل وقال: لا عارف، علشان كده أنا رايح معاكِ دلوقت هناك، مش هو ده الي انت عيزاه؟
- ضحكت فيروز بشرٍ وقالت: أيوه، بس إحنا أصلًا مش محتاجين نروح، الي انت ما تعرفهوش إن خالد بالفعل هناك
- ابتسم مراد بهدوء وقال: لا عارف، وهو ده المطلوب، وانت هتيجي معايا دلوقت هناك.
أمسك مراد فيروز بشدة ثم سحبها خلفه وهو يركض بسرعة، كُل ما يحتاجه فقط هو وجودها، وجودها في نفس المكان مع الشخص الذي تحبه هو المفتاح لفتح البوابة وموتهم، ما لا تعلمه تلك الغبية أنه هو من قاد خالد للذهاب إلى هناك بنفسه، وإذا كان محظوظًا فإنه مقيدٌ بالداخل الآن، كما أمر خادمه بأن يفعل.
سار مراد بفيروز حتى وصل عند حدود الغابة؛ عندها ابتسمت فيروز بخبث، لقد وصل لموته؛ سحبت فيروز يدها من يد مراد، ثم وبحركة مباغتةٍ أخرجت سكينًا من جيبها، وقبل أن يدرك مراد ما يحدث كانت قد طعنته ليسقط على الأرض.
نظر مراد نحوها بصدمة، لم يتوقع منها هذا بالفعل، ولكنه ابتسم بألم، تلك الضربة الضعيفة، لا يمكنها أن تقتله بها.
أنت تقرأ
حجيم الحب
Romanceبعد أن كانت تعيش حياة هادئة، وجدت أسيل نفسها في مواجهة مواقف مرعبة لا تفهمها، في الوقت الذي تزامن مع إحياء أحدهم لعنة قديمة قد سارت على أجدادها، لم تكن تعلم أن بوقوعها في الحب فقط يمكنها أن تفتح بوابة اللعنة والتي ستتسبب في قتل كل من يحمل دماء أجداد...