الفصل السابع عشر

5 2 0
                                    

- أمجد، أمجد قوم يا حبيبي
فتح أمجد عيناه على صوت والدته الحاني
- صباح الخير يا ماما
- صباح النور يا عين ماما، يلا يا حبيبي ها تتأخر على الشغل
- حاضر يا ماما صحيت أهو
- طيب يا حبيبي أنا ها أجهز لك الفطار

خرجت الأم من الغرفة بينما نهض أمجد من الفراش وهو في حالة غضب، يجب أن ينتهي هذا الأمر في أقرب فرصة، يجب أن يجتهد بشكلٍ أكبر من ذلك ويجب أن ينجز المهمة بشكل أسرع، ذلك الوغد إنه يستمر دائمًا في تهديده بأهلة، ثم لمعت في عينيه فكرة شيطانية، إذا كان ذلك الحقير يهدده بأهله، فبالتأكيد هو يملكُ شيئًا يستطيع تهديده به، تلك المخطوطة التي بها مكان الكنز.
****
استيقظت أسيل في اليوم التالي مع سارة وذهبتا إلى العمل معًا، ما إن دخلت أسيل المكتب مع سارة حتى نهض أمجد واتجه إليها بسرعة وقال:
- حمد لله ع السلامه يا أسيل وحشتيني
- ابتسمت أسيل ابتسامة مزيفة وقالت: تسلم يا أمجد والله
جلس الجميع واتفقوا على أن اليوم ستخرج لين مع أمجد مع الفوج، خرج أمجد مع لين بالفعل بينما بقيت سارة وأسيل في المكتب وظلا يتحدثان، بعد مدة سمعا طرق على الباب ودلف حازم بابتسامة قائلًا: ازيك يا أسيل حمد لله ع السلامه
- الله يسلمك يا حازم انت الي عامل إيه ؟
- أنا كويس، بقولك وقت الغدا جه ها ناكل مع بعض زي زمان بقى
- تمام موافقه، أُمال فين عمر
- في المكتب ها أروح أجيبه ونيجي نشوف ها نطلب إيه
- نظرت أسيل إلى سارة الجالسه ويبدو عليها الحزن لتجنب حازم الحديث معها وقالت: لا يا حازم خليك انت شوف انت وسارة ها تأكلوا إيه و أنا رايحه الحمام وها أعدي على عمر معايا
لم تنتظر أسيل موافقة من حازم بل خرجت بسرعة قبل أن يرفض، فجلس حازم وقال لسارة:
- تحبي تاكلي إيه ؟
نظرت سارة إلى حازم بغضب وقالت: الحمد لله كويسه
- تنهد حازم وقال: آه معلش نسيت اسلم عليكِ، ازيك
- قالت سارة ببرود: لا لا عادي
- لم يدر حازم ما يقول وكذلك لم تتكلم سارة، فنهضت وقالت: اطلب لي على مزاجك أنا رايحه أتصل بآدم
نهضت سارة وخرجت خارج المكتب فتنهد حازم بضيق، ولكنه كان مصمم أنه لن يعترف لسارة مرة أُخرى حتى تعترف له هي بذلك.
****

كان آدم يقطع الصالة ذهابًا وإيابًا، لقد انتهى يوم عمل أسيل، ولقد تأخرت، نظر آدم في ساعته، ثم نظر نحو الباب مرة أُخرى، ظل يفرك يده، هل يتصل بسارة؟ لا يمكن، ولكن ماذا إن لم تكن معها، وماذا إن كانت معها، لا يمكن أن يظهر بمظهر الغبي الذي خسر الرهان؛ قاطع تفكير آدم فجأة صوت طرقات الباب، فركض نحوه بلهفة حتى هو لم يدركها.

طرقت أسيل الباب وبعد برهة فتح لها آدم، وكان يبدو عليه القلق:
- ابتسمت أسيل وقالت وهي تدخل إلى الداخل: أهلًا بالخسران
- قال آدم وهو يحاول إغاظتها: صدقي أحلى خسارة خسرتها في حياتي
- نظرت إليه أسيل بابتسامة وقالت: أُمال مش باين عليك إنك فرحان وباين إنك متضايق ليه؟
- قال آدم وهو يخفي غيظه، ده أنا متضايق علشان جيتي مش أكتر
نظرت له أسيل بابتسامة وقالت في نفسها
"مش ها يتغير الكبر الي فيه ده أبدًا"
تخطته أسيل واتجهت إلى غرفتها لتجد مقبض الباب مكسور، دفعت الباب وما إن فعلت حتى شهقت؛ سمع آدم صوتها فأتجه إليها بسرعة وقال بقلق: فيه إيه انت كويسه؟
نظرت إليه أسيل بعمق وتعجب، منذ متى وهو يشعر بالقلق عليها، ثم أشارت إلى الغرفة، نظر آدم إلى الغرفة ليجد النافذة مفتوحة وقد تعلقت فيها الأغطية والأرض مليئة بالزجاج المهشم.
- أنا ما فتحتش الأوضه من ساعتها قال آدم
- مش مشكله أنا اتخضيت بس
كادت أسيل أن تدخل ولكن آدم أمسك بيدها بها قائلًا:
- رايحه فين من غير حاجه في رجلك؟
زادت دهشة أسيل من اسلوب آدم، هل من المعقول أن تكون سارة على حق؟
ذهب آدم وأحضر خفًا له ودخل به إلى الغرفة ليجمع الزجاج، فذهبت أسيل هي الأخرى وأحضرت خفها ودخلت إلى الغرفة وبدأت تجمع الزجاج مع آدم
- انت كنتِ ها تنطي من الشباك بجد؟ باغتها آدم بسؤاله
- ضحكت أسيل وقالت: أنا شجاعه بس مش للدرجه دي، أنا كنت عيزاك تنزل تستناني انت تحت وأقوم أنا نازله من هنا بس ما لحقتش
- نظر إليها آدم بتمعن ثم قال: وبتبوظي الخطه ليه مش يمكن تحتاجيها تاني
- قالت أسيل بتحدٍ: لا ما انت مش ها تحبسني تاني، أصلًا أنا رجعت الشغل
- نهض آدم من مكانه ثم اقترب منها وقال بخبث: انت فكرك كنت ها تفلتي مني بعملتك السوده دي
- نظرت أسيل إليه بتحدٍ وقالت: قولت لك إن أنا عايزه أخرج
- تقومي تعملي كده؟
- أيوه علشان تبطل تتحداني، قالت أسيل بسرعة
لم يتكلم آدم ولكنه عاد لجمع الزجاج وهو يقول بابتسامة وبصوت خفيض:
- انت مش ناويه تجبيها معايا لبر.
****
نظر أمجد إلى البناية التي أمامه بترقب، لقد تأكد بنفسه من خروجهم من المنزل منذ قليل، حسنًا هو لم يقم بسرقة منازلٍ من قبل ولكن حتى وإن أتت الشرطة لن يجدو أي شيء قد سُرق وهُم بالطبع لن يحاكموه بسبب قطعةٍ من الورق، صعد أمجد إلى الشُقة ثم قام ببعض الأدوات التي معه بفتح الباب، دلف إلى الداخل؛ بدأ أمجد يبحثُ في كل مكان حتى وجد الورقة بالفعل، كانت الورقة تبدو قديمة ومهترئة، ولكن أمجد لم يتردد للحظة في مد يده للإمساك بها؛ فجأة انقطع التيار الكهربائي ثم شعر أمجد بهواء باردٍ خلف ظهره.
****

انتهى آدم من جمع الزجاج، ثم بدأت أسيل بكنس الغرفة بأكملها حتى تتخلص من قطع الزجاج الصغيرة؛ انتهت أسيل ثم خرجت وقالت لآدم:
- الساعه بقت ٨ مش معقول ها أعمل أكل دلوقت أنا ها أطلب من بره
- نظر إليها آدم الجالس على الأريكة وقال: تمام
طلبت أسيل الطعام ثم جلست على الأريكة أمام آدم، لم تدر ماذا تقول لا يبدو أن العلاقة بينهما تسمحُ لها بتجاذب أطراف حديث طبيعي، فقالت:
- أنكل توفيق قال إنه بيدور على حل لحكاية اللعنه
- آه، قال آدم بلا مبالة
- تجاهلت أسيل برودته وقالت: عارف أنا يمكن بدأت حكاية اللعنه دي من أقل من سنه لكن بالنسبه ليا من ساعتها و أنا حاسه إن أنا عايشه في كابوس، انت ازاي عشت كل ده و انت عارف، وعرفت امتى أصلًا؟
- نظر إليها آدم بتمعن قليلًا ثم قال: لما كان عندي ٦ سنين أمي وأبويا انتحروا
شهقت أسيل ولكن آدم لم يكترث لها وأكمل:
- ساعتها كان جدي معايا مكنتش فاهم هما انتحروا ليه، أنا بس كنت عارف إن أنا معدش ليا غير سارة وجدو، مكنتش عارف أي حاجه لحد ما وصلت ٢٠ سنه وزيي زي أي شاب في سني حبيت بنت، حبيتها أوي وهي كمان حبتني، وكنت مبسوط أوي، لحد ما صحيت على الكابوس البشع الي بنواجهه لما بنقع في الحب، ساعتها اضطر جدو يقولي على كل حاجه وطبعًا لأنها كانت بتتعرض لنفس الي بتعرض له أنا، قولت أقولها وفكرت بقى إن أنا ها أكسب وها تجري عليا وتقولي حبنا أقوى من كل حاجه و أنا ها أحبك زي ما انت وها نواجه سوى كل ده، لكن أنا كنت غبي.
ابتسم آدم بسخرية وقال:
- مشت، مشت ومش بهدوء أو بحزن، جرحتني ودمرتني، مش عارف هو كان حب مراهقة ولا كانت بتتسلى بيا ولا حبنا مكنش قوي لدرجة أنه يقف في وش مشاكلي دي، من ساعتها و أنا عايش لسارة وبس
- قالت أسيل: طيب لو اللعنه اتفكت، مش ها تحب تاني؟
- ضحك آدم بسخرية وقال: ما أعتقدش فيه بنت تقدر تحرك مشاعري، أنا عشت طول عمري و أنا بتعلم ازاي أوقف مشاعري ناحية أي حد
- قالت أسيل بترقب: و.. وما فكرتش تسيب نفسك؟
- ابتسم آدم ساخرًا وقال: وافرضي اللعنه ما اتفكتش
- حازم بيحب سارة رغم كل الي بيشوفه، مش يمكن انت كمان تلاقي واحده تحبك رغم كل حاجه؟
- ابتسم آدم  وقال: و انت لو الموضوع انتهى ها تعملي إيه ؟
- ابتسمت أسيل بمرارة وقالت: ولا أي حاجه ها أدور على شقه مفروشه تانيه وها أروح أقعد فيها وها أشتغل وأكمل حياتي، أنا أصلًا عايشه لوحدي من زمان، بشتغل عند أُستاذ علي من أول ما اتخرجت، وقبل ما أتخرج كان هو بيصرف عليا هو كان صاحب بابا الوحيد.
ثم تنهدت وقالت بحرقه:
- أنا أصلًا مش مصدقه أن هو يعمل فيا كده
- طيب مش ناويه تحبي وترتبطي؟ قال آدم باستفهام
- ضحكت أسيل بشدة فتعجب منها آدم وقال: هو سؤال بيضحك أوي كده؟
- لا خالص بس أصل أنا عمر ما حد حبني ولا عمري حبيت حد فمش هاجي أحب بعد كل ده، أنا زي ما انت قولت كده ما أتحبش، حتى أمجد على فكره، اكتشفت إن أنا ما حبتهوش بجد
- يا شيخه؟
- أيوه، الحب الي بجد مش سهل يموت، أنا لحد دلوقت بعيط في أوضتي على فكرة أن عمو علي عايز يقتلني علشان الفلوس، أنا أول ما عرفت إن أمجد كده أنا كرهته، بيتهيقلي ده مش حب
- هو انت مفروض تبقي لسه بتحبي واحد عايز يقتلك عادي؟ قال بتعجب
- لا، بس أنا حتى ما اتوجعتش عليه، حسيت أنه عادي، ما انهرتش وقولت ما توقعتهاش منه، أنا بس كنت فاكره إن أنا بحبه لأنه أول حد في حياتي يقول لي بحبك
ظل آدم ينظر إلى أسيل قليلًا ثم أزاح بصره بسرعة وقال:
- أصلًا ده عايز يقتلك أنا مش عارف انت ازاي ماسكه نفسك عنه ومش عايزه تموتيه
- ضحكت أسيل بسخرية وقالت: أعرف واحد كده زقني قدام عربيه وكان عايز يقتلني وفشل، قام جه ضرب عليا نار وفشل برضه، تفتكر أعمل فيه إيه ده؟
- أدار آدم وجهه ثم قال: و مش تعرفي أسبابه
- إيه أسبابه تفتكر
- نظر نحوها بترقب وقال: مش يمكن عنده استعداد يموت حتى نفسه علشان خاطر أخته !!!
- ابتسمت أسيل بحزن وقالت: محظوظه سارة ياريت كان عندي حد يحبني زي ما انت بتحبها كده، أنا كمان بحبها أوي
وقبل أن يتكلم آدم سمعا صوت جرس الباب فنهضت أسيل لتفتح ولكنها فوجئت بآدم يوقفها ويقول: رايحه فين أنا ها أفتح.
****

ضربات قلبه تزداد بشدة، العرق يتصبب من جبينه كالشلال، هل لأنه أمسك بتلك الورقة سوف تبدأ الأشباح بمطاردته، ولكن لا، ليس عليه أن يكون ضعيفًا، نظر أمجد خلفه بسرعة ليجد يقف نفسه أمام ذلك الرجل، ظهرت ابتسامة الرجل القذرة من خلف ضوء الكشاف الذي يحمله، تنهد أمجد براحة كبيرة وقد بدت جميع مخاوفه قد انتهت؛ اتجه الرجل الي المقبس ثم فتح النور، اقترب منه بخطوات باردة وقال:
- أوعى تكون فاكر إني مش واخد بالي إنك مراقبني، يلا، وانت رايح تصيع أنا كنت راجع
- ضغط أمجد على أسنانه بغضبٍ وقال: مش عيب على سنك يا عم، على العموم الورقه الحلوه دي هتفضل معايا، لحد ما الي بنعمله يخلص
- ومالو، قال الرجل بلا مبالاة، لكن ممنوع إنك تفتحها
- ضحك أمجد بسخرية  وقال: وإيه الي منعه بقى
- أديك شوفت الرعب الي كنت فيه بمجرد ما تفتحها هتبدأ تشوف الحاجات الي بنشوفها أنا وأسيل
- وأنا إيه الي يخليني أصدقك؟ قال أمجد بهجوم، ما تنساش إنك راجل كبير في السن وبسهولة أنا أقدر أموتك
- ابتسم الرجل بشرٍ وقال: سيبك من العبط ده، خد الورقة وأنا مش ها أمنعك تفتحها ما فيهاش سر هي، بس واجه الي هيحصلك
تملك أمجد الغضب ولكنه لم يستطع فعل أي شيء، في النهاية هو لا يريد أن ينتهي به المطاف برؤية تلك الأشباح الملعونة.
وضع أمجد يداه بالورقة في جيبه وقال:
- على العموم هي معايا، فكر تهددني بأهلي وورقتك الجميلة دي هتكون في ايد أسيل وطبعًا ها أعرفها كل حاجه.
****

نهضت أسيل من النوم وهي تتثاءب، خرجت خارج الغرفة ودلفت إلى الحمام وعندما خرجت لوت شفتيها بضيق عندما تذكرت أنها يجب أن تُكمل تمثيليتها الغبية مع آدم وتتظاهر بأنها تحت تأثير سحر سارة؛ دلفت أسيل إلى غرفة آدم ورأته مستغرق في النوم حاولت أسيل إيقاظه مرارًا ولكن بلا جدوى ففكرت في فكرة ثم ابتسمت، خرجت من الغرفة ثم عادت إليه مع كأس ماء بارد وهي تقول بمرح:
- والله لأوريك يا آدم أنا ها آخد حق كل كلمه وحشه قولتهالي
أمسكت أسيل بالكأس ووقفت أمام آدم ثم وفجأة رمت الماء في وجهه، انتفض آدم من النوم ونهض يصرخ:
- في إيه ؟
ولكنه تفاجئ بأسيل تقف أمامه وتضحك من قلبها
- نظر إليها آدم بضيق وقال: انت غبية؟
- توقفت أسيل عن الضحك وقالت: انت فاكرني ها أصحيك زي كل يوم ولا إيه؟ الصحاب بيصحوا بعض كده أصلًا
- ترك آدم فراشه بغضب ووقف أمامها وقال: على فكره شكلك مش ناويه تجبيها لبر معايا
- نظرت له أسيل بابتسامه وتحدٍ وقالت: على فك..
ولكنها لم تكمل كلمتها عندما سمعت طرقًا على باب المنزل، نظرت أسيل لآدم بتساؤل، فذهب آدم إلى باب الشقة، نظر إلى الطارق من خلال الفُتحة المخصصة، ثم نظر إلى أسيل بدهشة وقال بصوتٍ خفيض، ده أمجد، وضعت أسيل يدها على فمها من المفاجئة ثم أدخلت آدم إلى غرفتها وأغلقت عليه، رأى آدم مقبض الباب المكسور فأمسكه بيده حتى لا ينفتح الباب؛ عادت أسيل إلى أمجد وفتحت الباب وقالت بتعجب:

- أمجد؟
- ازيك يا أسيل، قال بابتسامة
- ازيك، قالت أسيل بتوتر
- إيه مش ها تقوليلي اتفضل؟
- ها، آه اتفضل
- ما تقلقيش مش ها أطول أنا ها أخدك وننزل
- نظرت أسيل إليه بارتباك ثم قالت: ننزل؟
دلف أمجد إلى الداخل ثم جلس على الأريكة وجلست أسيل وقالت:
- أنا مش فاهمة حاجه هننزل فين؟
- أنا آسف الأول إن أنا جيت لك دلوقت بس أصل حبيت ابدأ اليوم من أوله
- قالت أسيل بارتباك: يوم إيه مش فاهمه؟
- صراحه.. صراحه كده انت وحشتيني أنا مش قادر على بعدك عني
- نظرت أسيل له بتوتر وقالت: كان ممكن تيجي على العصر حتى مش الصبح كده
- قولت لك عايز ألحق اليوم من أوله
- مش فاهمه برضه؟
- يا ستي النهاردة العيد القومي للمدينة هنا وهما عاملين مهرجان ضخم بيستقطبوا فيه السياح وكمان المدينة كلها متزينه وكله خارج
- أيوه بس، بس أنا تعبانه وكمان لسه صاحيه
- يا ستي مش ها نقف كتير ها أقعدك، آخر اليوم فيه ألعاب نارية
لم تدر أسيل ما تقول له
- يلا قومي البسي بسرعه لأن الوقت ها يعدي
- أيوه بس أنا لسه ما فطرتش؟
- كويس علشان نفطر بره
- نظرت أسيل له بابتسامه مهزومه وقالت: طيب أنا ها أقوم ألبس
نهضت أسيل وهي مرتبكة وخائفة من أن يرى أمجد آدم
- أسيل، قال أمجد
- التفتت له أسيل وقالت: أيوه
- ما تنسيش تلبسي أبيض
- أومأت له أسيل وقالت بصوت عالٍ: حاضر ها ألبس أبيض.
وقف آدم خلف الحائط جوار الباب وهو يقول:
- خلاص سمعت يا غبيه.
****

وقف حازم أمام هاتفه النقال وهو يُفكر، هل يتصلُ بها، حسنًا لن يحدث أي شيء لو قام بدعوتها، ما هذا التفكير هل يتصل بها ليخبرها مرحبًا سارة فلتخرجي معي، وضع حازم يده فوق رأسه بضيق، لا يمكنه أن يفعل هذا، فلتتماسك يا حازم، إذا كان لا يريد الاعتراف لها مرة أُخرى، فليس من حقه أن يوترها الآن.
****

فتحت أسيل الغرفة ودخلت وأغلقت الباب فهمس آدم بغضب:
- انت ازاي تدخليه البيت و انت لوحدك مفروض؟
- قالت أسيل بهمس هي الأخرى: أعمل إيه يعني؟
- يعني إيه تعملي إيه؟ خليه يستناكِ تحت، قال آدم بضيق
- جدو توفيق هو الي قالي أجاريه
- لا والله؟ هو انت كده بتجاريه، ولو مسك ايدك بقى هتسيبه وتقوليلي بجاريه، قال آدم بنبرة غيرة واضحة
- نظرت إليه أسيل بتعجب وقالت: فيه إيه يا آدم مالك، وبعدين سبني بقى علشان ما اتأخرش عليه
- و انت مش قادره ترفضي تنزلي معاه؟
- ردت أسيل بهمس: أعمل إيه يعني أنا أصلًا ناسيه إن النهارده العيد القومي
ساد الصمت قليلًا ثم قالت أسيل: أنا ها ألبس ازاي كده
- قال آدم بغضب: أعملك إيه ؟
- هشش وطي صوتك ها تفضحنا
- ألبسي و أنا ها أديكِ ظهري
- نظرت له أسيل بصدمة وقالت: لا يا راجل
- قال بسخرية: ها نعمل إيه يعني؟
تنهدت أسيل بضيق ثم أمسكت بكتف آدم ووضعته على الجانب الآخر من الغرفة، ثم أحضرت المقعد الخاص بالتسريحة ووضعته خلف الباب ثم اتجهت إلى آدم وقالت: لو دورت وشك لحد ما أقولك ها أنفخك
نظر آدم لأسيل بتعجب ثم تذكر أن سارة قد أخبرته أن أسيل وهي تحت تأثير سحر الحب، لم تكن تعلم أن أمجد يحبها أصلًا أو أنها على علاقة به، ثم تذكر أيضًا أنها قالت أن جدها طلب أن تجاريه، أمسك آدم أسيل من ذراعها وقال بصدمة: انت فوقتِ
- نظرت له أسيل بتوتر وقالت: فوقت ازاي يعني؟
- ما تستهبليش؟
- نظرت أسيل إلى الباب بقلق وقالت باستسلام: فوقت
- قال آدم بغضب: كنت متأكد، من امتى؟
- نظرت له أسيل وقالت: من اليوم الي رحت فيه المستشفى
صُدم آدم وترك ذراعها وكاد أن يتلكم عندما سمع طرقًا على الباب
- أسيل، أسيل انت كويسه؟
- رفعت أسيل صوتها وهي تجري إلى مقبض الباب وتمسكه:
- أيوه يا أمجد معلش أصل الفستان بس بظبطه
- طيب بسرعة علشان ما نتأخرش
- حاضر أهو
نظرت أسيل إلى آدم الذي مازال ينظر لها بصدمة وأشارت له أن يدير وجهه، فعل آدم مثل ما قالت ثم أخرجت أسيل فستانا أبيض رقيق وارتده لكنها لم تستطع أن تغلق السحاب الخلفي، أسرعت أسيل خطاها إلى آدم وقالت بعفوية:
- آدم اقفلي السوسته
نظر إليها آدم نظرات لم تفهمها أسيل فاعتقدت أنه لا يرغب بذلك فقالت بغباء: خلاص ها أروح لأمجد يعملها
أولته أسيل ظهرها وكادت أن تذهب عندما شعرت به يسحبها إلى الخلف بقوة..
- انت اتجننتِ، أمجد مين الي يقفل إيه ؟ قال آدم بغضب
- معرفش خرجت عفويه، ما أخدتش بالي، قالت أسيل بسرعة
أمسك آدم بالسحّاب ليغلقه، فتغلغل عبير أسيل إلى أنفه فأغمض عيناه وهو يستنشقه بقوة ثم أفاق على صوت أسيل..
- شكرًا
- قال آدم: معاكِ رقمي؟
- لا
ذهب آدم إلى هاتفها الملقى على الفراش، بينما ذهبت هي لتمشط شعرها أمام المرآة
اتجه آدم إليها وهمس:
- أنا سجلت رقمي أول ما تنزلي ابعتيلي رساله تقوليلي انت فين وخليكي معايا لحد ما توصلي
- قالت أسيل بسرعة: حاضر، أمسكت الهاتف، ووضعته في حقيبتها وقبل أن تخرج قالت بسرعة: الفستان ده شكله حلو؟ أصل مش بحبه وما عنديش أبيض غيره
- تفحصها آدم من فوقها حتى أخمص قدميها وقبل أن يتكلم وضعت أسيل يدها على فمه قائلة: خلاص قبل ما تقول كلام زي السم شكلي وحش عارفه.
دفعته أسيل إلى جوار الباب ثم فتحت الباب وخرجت، سمع آدم أمجد وهي تغلق الباب يقول لها:
- إيه القمر ده؟ الفستان حلو أوي عليكِ.
تنهد آدم بضيق لا يدري لماذا، هو أيضًا كان سيقول أن الثوب قد بدا جميلًا عليها ولكنها لم تعطه أي فرصة.

خرجت أسيل مع أمجد ثم أرسلت لآدم الموقع كما طلب منها. توقف أمجد أمام مكان الكرنفال وترجلت أسيل من السيارة، اتجه أمجد إلى موقف السيارات وصف سيارته ثم عاد إلى أسيل ودخلا إلى الداخل وسط الحشد، وصل آدم إلى المكان بعد أن صف سيارته بعيدًا ثم ترجل منها ودخل إلى الداخل ولكنه لم يدري أين هم، ارسل آدم رسالة إلى أسيل يسألها أين هي، استقبلت أسيل الرساله ثم أمسكت هاتفها لترد عليه..

- مين عمال يبعتلك يا أسيل؟ قال أمجد
- ها.. لا يا أمجد دي سارة بس بتطمن عليا
أرسلت أسيل رساله إلى آدم
« أنا في مطعم....»
ذهب آدم إلى مكان المطعم ورأى أسيل وأمجد جالسان بالداخل، ظل آدم بالخارج يراقبهما وهو يشعر بضيق لا يفسر سببه.

حجيم الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن